تعد العلاقات المغربية-الكويتية مثالا يحتذى على الصعيد العربي، بالنظر إلى عمق أواصر التعاون المثمر والمتين الذي يربط البلدين الشقيقين، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في هذا الصدد٬ تشكل الزيارة الرسمية٬ التي سيقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لدولة الكويت مناسبة لتجديد التأكيد على عمق ومتانة التعاون القائم بين البلدين٬ ووفاء لنهج أصيل٬ يستمد قوته من روابط الأخوة والمحبة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين. وتندرج هذه الزيارة٬ في إطار حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على إعطاء العلاقات الثنائية٬ زخما جديدا أساسه٬ الشراكة الاقتصادية والتعاون المثمر الذي يستجيب لتطلعات الشعبين الشقيقين٬ ويساير المتغيرات التي يعرفها عالم اليوم٬ الموسوم بالتكتلات الإقليمية والجهوية. كما تشكل هذه الزيارة المهمة٬ فرصة سانحة لدفع عجلة التعاون الثنائي٬ خاصة في شقه الاقتصادي والاستثماري٬ بهدف إطلاع الفاعلين الاقتصاديين الكويتيين على فرص الاستثمار التي يتيحها الاقتصاد المغربي في شتى المجالات، وتفعيل شراكة اقتصادية تفتح آفاق تعاون أرحب لتلبية حاجيات التنمية المشتركة وخدمة مصالح البلدين الشقيقين، عبر منظور شمولي يرتكز على تبادل المنافع والمصالح٬ وفق توجيهات قائدي البلدين. بيد أن العلاقات بين البلدين٬ تميزت على مر التاريخ بالود والاحترام والتفاهم المتبادل٬ حيث كان للزيارة التاريخية للمغفور له الملك محمد الخامس للكويت عام 1960، وقع إيجابي في إرساء لبنتها الأولى على كافة الأصعدة. وتواصلت مسيرة التعاون بين البلدين٬ بشكل جلي في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه٬ وستصبح أكثر رسوخا في عهد جلالة الملك محمد السادس، الذي يعمل إلى جانب أخيه سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على إرساء دعائمها في وئام تام وتنسيق متبادل في كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. وكانت الزيارة٬ التي قام بها جلالة الملك محمد السادس للكويت سنة 2002، شكلت منعطفا مهما في علاقات البلدين٬ ورسمت آفاق تعاون متجدد وفي للأصول٬ ومتطلع بثقة إلى المستقبل. وأثمرت هذه الزيارة توقيع عدة اتفاقيات٬ تساهم بموجبها الكويت في تمويل عدد من المشاريع التنموية الكبرى بالمغرب٬ من قبيل الطرق السيارة٬ والبنيات التحتية٬ فضلا عن تعزيزها للتعاون في مجالات حيوية٬ مثل الفلاحة٬ والثروة السمكية٬ والإسكان والتعمير. وكان البلدان٬ في سياق سعيهما الحثيث لإعطاء زخم أكبر لهذه العلاقات وتفعيلها على كافة المستويات٬ وقعا في 28 يونيو٬2001 اتفاقا لإحداث لجنة عليا مشتركة٬ وفرت إطارا قانونيا منظما لتعاونهما٬ وشكلت منعطفا إيجابيا أثمر العديد من الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية المشتركة. وفي هذا الصدد٬ تكتسي المساهمة الوازنة والمهمة للمؤسسات التمويلية الكويتية٬ وعلى رأسها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية٬ في العديد من المشاريع الإنمائية في المغرب٬ مثالا ناجعا للشراكة الاقتصادية البينية. وبالموازاة مع تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي٬ يحرص البلدان باستمرار على تدعيم علاقتهما السياسية٬ وهو ما يبرز بإلحاح في مسلسل التشاور والتنسيق المستمر في المجال السياسي٬ استرشادا بالرؤى السديدة لقائدي البلدين٬ سواء في ما يتعلق بالقضايا الثنائية أو الإقليمية والدولية. كما يبرز التوافق السياسي بين البلدين٬ في موقف دولة الكويت المبدئي والداعم للوحدة الترابية للمملكة٬ وإشادتها بالجهود التي تبذلها المملكة في هذا الإطار من أجل البحث عن تسوية سياسية لقضية الصحراء المغربية. ولا تفتأ دولة الكويت في تثمين الخيار الإصلاحي الذي انخرط فيه المغرب بقيادة جلالة الملك٬ والتأكيد على الدور الذي يضطلع به جلالته في دعم التضامن العربي٬ ونصرة القضية الفلسطينية٬ من خلال رئاسته للجنة القدس٬ وجهوده الحثيثة في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية لهذه الحاضرة الفلسطينية. كما ينعكس انسجام مواقف البلدين٬ في المحافل الدولية وبشكل جلي٬ في ما يخص القضايا العربية والإسلامية، وتمسكهما بالشرعية الدولية من أجل استتباب السلم والأمن في مختلف مناطق العالم. ويبدو واضحا أن قائدي البلدين٬ تحذوهما إرادة راسخة في إذكاء حس التضامن والارتقاء بمستوى التعاون الثنائي إلى مستويات أرحب٬ بما يعود بالنفع على البلدين الصديقين ويحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.