شكلت وجاهة الإصلاحات الديمقراطية التي انخرطت فيها المملكة٬ والتي مكنتها من أن تصبح "نموذجا للاستقرار" بالمنطقة٬ محور ندوة احتضنها مقر الكونغرس الأمريكي، أول أمس الثلاثاء، بواشنطن. وفي مداخلة لها خلال هذا اللقاء٬ أكدت أودرا غرانت٬ الباحثة في مجال العلوم السياسية لدى معهد الأبحاث (راند كوروبوريشن)٬ أن مسلسل الإصلاحات السياسية الذي أطلقه الملك الراحل الحسن الثاني في بداية تسعينيات القرن الماضي٬ والذي واصله صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ شكل مناعة للمملكة ضد كل أشكال اللا استقرار التي عرفتها المنطقة خلال "الربيع العربي". وأبرزت هذه الباحثة الأمريكية٬ التي اشتغلت على مواضيع تتعلق بدينامية الإسلام السياسي في شمال إفريقيا، وكذا على الديمقراطية والحكامة بإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط٬ أن الملكية بالمغرب٬ التي تعد من بين أعرق الملكيات في العالم٬ تتمتع بشرعية تاريخية تجعلها الضامن لاستمرارية واستقرار الدولة. وأشارت غرانت٬ خلال هذا اللقاء، الذي تميز بحضور العديد من مساعدي أعضاء الكونغرس الأمريكي٬ إلى أن مسلسل الإصلاحات المتواصل بالمغرب سبق المطالب التي ظهرت مع "الربيع العربي"٬ مبرزة في هذا السياق أن الملك محمد السادس حرص منذ اعتلائه عرش البلاد على إطلاق سلسلة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية المهمة٬ بدءا بإصلاح مدونة الأسرة٬ ثم اعتماد دستور ديمقراطي جديد٬ مرورا بالتجربة الرائدة لهيئة الإنصاف والمصالحة التي وضعت حدا لماضي انتهاكات حقوق الإنسان. ومن جهته٬ سجل بيتر فام٬ مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا٬ التابع لمجموعة التفكير الأمريكية أطلانتيك كاونسيل٬ أن الدستور المغربي الجديد، الذي جرى التصديق عليه خلال صيف السنة الماضية٬ يندرج في إطار مسلسل إصلاحي ديمقراطي طويل الأمد٬ مؤكدا في هذا الصدد أن العديد من المشاكل التي كانت الأصل في اندلاع احتجاجات شعبية بالمنطقة جرى التطرق لها والبحث عن حلول لها بالمغرب قبل حلول "الربيع العربي". وتطرق في هذا الإطار إلى هيئة الإنصاف والمصالحة٬ وإصلاح مدونة الأسرة التي مكنت من النهوض بأوضاع المرأة٬ وكذا المكتسبات التي حملتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مجال محاربة الفقر والتهميش الاجتماعي٬ إضافة إلى إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من أجل تعزيز احترام ثقافة حقوق الإنسان في المملكة. وبخصوص الدستور المغربي٬ لاحظ فام أن هذا القانون الأسمى جرت المصادقة عليه في أعقاب مسلسل ديمقراطي شفاف٬ مؤكدا أن الأمر يتعلق بأحد النصوص الدستورية النادرة في المنطقة التي تعترف بالهوية الثقافية المتعددة للبلاد. أما ألكسي أرييف٬ المحللة المتخصصة في الشؤون الإفريقية لدى (كوغريسونال ريسيرتش سيرفيس)٬ وهي هيئة البحث والتحليل التابعة للكونغرس الأمريكي٬ فقد أبرزت٬ من جانبها٬ أن التدابير والمقتضيات التي حملها الدستور الجديد تعكس حجم التفاعل الجيد مع الطموحات الديمقراطية للشعب المغربي. ولاحظت أن هذه الإصلاحات الديمقراطية٬ التي أشادت بها الإدارة الأمريكية٬ تمثل "خطوة للأمام على درب تكريس طموحات وحقوق جميع المغاربة"٬ مذكرة، في هذا السياق، بجودة العلاقات القائمة بين المغرب والولايات المتحدة والتي تعود إلى زمن بعيد. وكان سفير المغرب بواشنطن، رشاد بوهلال٬ نوه في بداية هذا اللقاء٬ بالعلاقات التاريخية المتميزة القائمة بين الرباطوواشنطن٬ مستعرضا حصيلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش البلاد٬ إلى جانب الحوار الوطني الجاري حول إصلاح منظومة العدالة.