أكدت الولاياتالمتحدة، أول أمس الثلاثاء، مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أبو يحيى الليبي، في غارة لطائرة دون طيار في باكستان، معتبرة ما جرى أقوى ضربة توجه إلى التنظيم، منذ مقتل أسامة بن لادن. أبو يحيى الليبي في خطاب سابق بثته قناة السحاب (خاص) ونقلت مصادر إعلامية عن المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، قوله إن "بوسع حكومتنا تأكيد مقتل الليبي"، ما يضع حدا لحملة طويلة من أجل القضاء على الليبي، الذي نجا من محاولات سابقة لاغتياله، وتمكن من الفرار من سجن أميركي في أفغانستان. ورفض المسؤولون تأكيد ملابسات مقتل الليبي، إلا أن السلطات في باكستان كانت قد أفادت عن وقوع غارة لطائرة أميركية بدون طيار، فجر الاثنين، على مجمع في وزيرستان الشمالية بالقرب من الحدود مع أفغانستان. وقال مسؤول أميركي آخر "إنها ضربة قوية"، مضيفا أن الليبي كان يتولى إدارة عمليات تنظيم القاعدة في باكستان ويشرف على العلاقات مع تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ومقره اليمن، الذي كان شن هجمات ضد أهداف أميركية. وتعذر على المسؤولين في وقت سابق التحديد ما إذا سقط ضحايا آخرون في الهجوم على الليبي، بعد أن أشارت تقارير سابقة إلى مقتل 15 شخصا في الغارة. فبعد 13 شهرا على مقتل أسامة بن لادن يشكل مقتل أبو يحيى الليبي مسؤول الماكينة الدعائية في القاعدة، ضربة قوية جدا لهذا التنظيم يمكن أن تؤدي إلى تفكك قيادته المركزية كما يرى خبراء أمريكيون. والليبي الذي قتل، أخيرا، بضربة من طائرة دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) كان يعتبر الرجل الثاني في هيكلية القاعدة بعد أيمن الظواهري، الذي خلف أسامة بن لادن، لكن الخبراء يقولون إن نفوذه يتجاوز مجرد تصنيفه رقميا. فقد كان الليبي الذي يحظى بشعبية لدى الجهاديين، يتمتع بصفة دينية لم يحظ بها القادة الآخرون، ولعب دور مسؤول الدعاية الملهم، الذي أبقى الشبكة الإرهابية متحدة. وقال خبير شؤون الإرهاب، جاريت براكمان، من جامعة داكوتا الشمالية لوكالة فرانس برس، إن "مقتل أبو يحيى الليبي يشكل ضربة مدمرة لقيادة القاعدة العليا، وعلى الأرجح لن تتمكن من النهوض منها". وأضاف "لم يبق أحد في القاعدة يجمع مثله بين الدراسات الدينية العليا والكاريزما الشخصية والقدرة على تحريك وتوجيه فروع القاعدة الإقليمية والحركة الأوسع عالميا". والظواهري (60 عاما) الجراح المصري معروف بقدراته التنظيمية الكبرى وحنكته، لكنه يفتقر إلى جاذبية أسامة بن لادن والآن خسر التنظيم نائبه البالغ من العمر 49 عاما. وقال براكمان "إن الليبي لم يكن ينظر له فقط بوقار وإنما كان محبوبا من قبل أتباعه"، مضيفا أن "أبو يحيى الليبي لم يقم فقط بإنارة درب القاعدة وإنما في عدة طرق ساهم في رسم النهج العقائدي للحركة العالمية". وعند فراره من سجن قاعدة باغرام الجوية الأميركية في أفغانستان عام 2005، أصبح الواعظ الديني الليبي، الذي درس الفقه الإسلامي في موريتانيا، قبل اعتداءات 11 سبتمبر نجما في دوائر الجهاديين بين ليلة وضحاها. وكلفه بن لادن بتقوية رسالة القاعدة عبر شبكة التنظيم الإرهابي الإعلامية "السحاب" وعمد الليبي إلى الحرص على أن الجيل المقبل من الجهاديين لن يبتعد عن خط قائده. وقال براكمان "بدون وجوده لتوجيه ناشطي القاعدة، فان التنظيم قد يبدأ بالأرجح بالتشتت"، متوقعا أن تؤدي أي ضربة أخرى إلى إنهاء قيادة القاعدة المركزية كما هي معروفة. وأضاف "كان الليبي أحد أبرز زعيمين متبقيين في نواة القاعدة". وتابع "إذا تم النيل من الظواهري قريبا فان قيادة القاعدة العليا ستتفكك وستنتقل الشعلة إلى تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، الذي يوجد مقره في اليمن ويعتبر أنشط فروع القاعدة.