فوزية طالوت المكناسي، صحافية وفاعلة جمعوية، صاحبة أول مجلة نسائية أصدرتها سنة 2005، لتكون لسان حال النساء المغربيات وصوتهن من أجل وضعية أرقى. تستعد اليوم لإسماع صوت الصانعات التقليديات المغربيات من خلال "عطور الشرق" والتي ستعبق في فضاءات قصر البديع، يوم 5 ماي، وناضلت وما زالت تناضل من أجل امرأة صانعة وسياسية واقتصادية وفاعلة في المجتمع بكل ثقلها الأنثوي. عن حدث "قفطان دار المعلمة"، وعن دورها في التأسيس لمجتمع حديث وديمقراطي بجنسيه، تتحدث فوزية طالوت في هذا الحوار. تنظمون يوم 5 ماي العرض الثاني لحدث " قفطان دار المعلمة"، ما هو الهدف بالضبط؟ - الهدف الأساسي هو إعطاء فرصة لسيدات مميزات، في ميدان الصناعة التقليدية، لإظهار ابتكاراتهن ومنتوجاتهن، في ميدان القفطان، واللباس التقليدي. خاصة أن لهن منتوجات تضاهي من ناحية الجودة والابتكار منتوجات أهم دور القفطان. ما ينقصهن هو التعريف بهذا المنتوج، وتقديمه في قالب جميل ومميز. وهكذا، جاءت فكرة تنظيم عرض قفطان دار المعلمة، واستعنا بخبرة دار الأزياء الراقية بباريس "ايريك تيبوش"، لمساعدتنا على رفع هذا التحدي، لأن الأمر يتطلب بعض الكفاءات. وهذه السنة، ننظم دورتنا الثانية، بعد أن أصبح العرض حدثا قائما بذاته، وقد اختيرت لهذه الدورة التي تقام بشراكة مع وزارة الثقافة، شعار "عطور الشرق"، وسيقدم العرض برقصات شرقية ساعدتنا في تشكيلها الراقصة المغربية المقيمة بفرنسا "ميا"، كما اختير قصر البديع، هذه المعلمة التاريخية فائقة الجمال لتكون مسرحا لهذا العرض، الذي سينطلق مع غروب الشمس، حتى نضيف جمالية الطبيعة والتاريخ، لجمالية إبداع النساء الصانعات التقليديات المغربيات. كيف تقيمين مهارات المشاركات من الصانعات المغربيات؟ وما هي إضافة شبكة الصانعات المغربيات لخبرتهن؟ - لكل الصانعات المغربيات أنامل ذهبية، وشهرتهن في ميدان الإبداع عالمية، ما ينقصهن هو التأطير والتعريف بهذه القدرات. ما أضافته شبكة الصانعات التقليديات "دار المعلمة" لعضواتها، هو التكوين والتأطير، والتعريف بالمنتوج، على الصعيد الوطني والدولي، فللشبكة عضوات لهن إرادة وشجاعة كبيرتان لتعزيز مكانتهن في المجتمع، والرفع من قدراتهن السوسيواقتصادية. الشبكة، أيضا، لم تكن لتنجح في مهمتها لولا عطف صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، التي شرفت الصانعات التقليديات المغربيات بترؤسها الفعلي لانطلاق عمل الشبكة في 30 ماي 2008 بمراكش، وكذلك افتتاح معرض دار المعلمة 2010، المنظم بمدينة سلا، بشراكة مع الاتحاد النسائي المغربي. اهتمامك بالمرأة وقضاياها ليس فقط فنيا كما نعلم، بل أيضا سياسيا، اجتماعيا واقتصاديا، وإعلاميا. ما هو تقييمك لكل التحولات، التي عرفتها قضية المرأة على المستوى الوطني أولا، وعلى المستوى العربي ثانيا؟ - اهتماماتي في ميدان قضايا المرأة كانت، ومنذ 2005، بعد المؤتمر العالمي للمرأة ل"بيجين"، خاصة في الميدان الاقتصادي. منذ هذا التاريخ، اخترت العمل في ميدان تقوية القدرات الاقتصادية للمرأة، لأني أومن بأن قوة المرأة في قوتها الاقتصادية، التي يمكن أن تساعدها في فرض وجودها في المجتمع بطريقة أكثر فاعلية، ومنها تصل إلى اهتماماتها الأخرى، اجتماعية، سياسية أو إعلامية كانت. لقد حقق المغرب، بقيادة جلالة الملك، قفزة مهمة في وضعية المرأة قانونيا، واقتصاديا، وكذلك علميا، لكن دورها السياسي ما زال خافتا، وهذا راجع، بالأساس، إلى إرادة الأحزاب السياسية، التي مازالت تعمل بمقاربة ذكورية، ولا تريد أن تتخلى عن امتيازاتها. لكن النساء قادمات، خاصة في إطار الدستور الجديد، الذي سن حق المساواة بين المرأة والرجل بطريقة لا لبس فيها. وبهذه المناسبة، أناشد كل الصانعات التقليديات أن يتقدمن، وبكثافة إلى انتخابات الغرف الصناعية، فلا يعقل والصناعة التقليدية هي خاصة نسائية أن يظل تمثيلهن في الغرف ضعيفا، بل غائبا. أما بالنسبة للعالم العربي، فلي صداقات وعلاقات جد وطيدة مع عدة نساء في جل الدول العربية، وكثير ما نناقش مسألة المساواة، ودون فخر، يمكن أن أقول أن وضعيتنا في المغرب قطعت أشواطا مهمة يمكن أن تشكل مثالا في عدة دول عربية، خاصة أننا حققنا كل هذا دون صدامات. أنت عضوة نشطة في أكثر من جمعية تهتم بالمرأة في مختلف الميادين. حدثينا عن خبراتك وتجاربك في هذا المجال؟ - إني أؤمن، كمواطنة أخذت فرصتها في التعليم، أن من واجبي العمل في الميدان الاجتماعي، حتى أساهم، ولو بقسط بسيط، في بناء صرح تنموي وتقدمي لوطني. لقد عملت في هيئات ومنظمات دولية عديدة، خاصة في ميدان دراسة وضعية المرأة، واشتغلت على النطاق المحلي والوطني وحصلت على خبرة مهمة حول واقع المرأة، كما أن تجربتي، كناشرة لأول مجلة نسائية مغربية "مجلة فرح"، جعلتني أفهم وأعايش عن قرب إشكاليات النهوض بوضعية المرأة، وفي هذا الصدد، قمت بعدة دراسات صحفية ميدانية سواء في المغرب، أو في عدة دول، توصلت فيها إلى أن اهتمامات المرأة هي الاهتمامات نفسها، في جل دول العالم، مع فارق مهم وضروري أخذه بعين الاعتبار، هو المحافظة على أصالتنا، ومكوناتنا الثقافية والحضارية والدينية. لي الشرف أن أكون عضوة مؤسسة لشبكة الصانعات التقليديات بالمغرب، ومنسقة لها. فقد ساعدت الرئيس المؤسس عبد الكريم عواد، الفاعل الجمعوي النشيط في المغرب، في إنجاز هذه التجربة الهائلة، وعملي حاليا مع عضوات الشبكة هو حصيلة تجربة أكثر من 15 سنة، في ميدان تقوية القدرات السوسيواقتصادية للمرأة. كما أنني عضوة مؤسسة لمجلس سيدات الأعمال العربيات، التابع للجامعة العربية، ونعمل في هذا الإطار من أجل تبادل الخبرات والشراكات بين المؤسسات النسائية. أما بالنسبة لشبكة صحافيات البحر الأبيض المتوسط، التي أعتز بأني عضوة مؤسسة لها، فكانت أول تجربة لي في ميدان تأسيس الشبكات، حيث قمنا بتأسيس هذه الشبكة بين 27 دولة أورومتوسطية، سنة 1995، بعد اتفاقية برشلونة، وأعطتني فرصة مهمة لكي أتعرف على صحافيات من عدة دول متوسطية، وأغنت تجربتي الصحفية بعملي الميداني في عدة دول أوروبية. حاليا أعيش تجربة خاصة وعملية، بعضويتي في الشبكة الدولية لوكالة العلاقات الصحفية PR NETWORK، هذه الشبكة ممثلة في 26 دولة في العالم، وتعد الوكالة التي أسيرها، الوكالة الوحيدة في العالم العربي وإفريقيا العضوة فيها. من هذا المنطلق، اقترحت على وكالات العلاقات الصحفية، إنجاز شبكة مماثلة في العالم العربي، وحاليا، نحن نشتغل مع مجموعة "ميديا حاتم" الدولية، على تأسيس شبكة وكالات العلاقات الصحفية بالعالم العربي، التي سيكون مقرها بالرياض بالمملكة العربية السعودية. ما دمت تهتمين بالمرأة على كافة المستويات، أي دور للأسرة في حياة فوزية طالوت المكناسي؟ وهل كان لهذه الأسرة تأثير في اختيار توجهاتك؟ - الأسرة هي عمادي ومرتكزي في حياتي الشخصية والعملية، أحمد الله أني تربيت في عائلة متدينة ومنفتحة. أبي هو قدوتي، فهو من رجال المقاومة السابقين، عرف باسم محمد المكناسي، وكان الرجل الثاني في منظمة محمد الزرقطوني، تربينا على حب الوطن، على الإخلاص في العمل، لدي مبادئ في حياتي وأدافع عنها، أما المرحومة أمي، فقد أعطتني معنى كبيرا للتضحية من أجل تربية الأطفال والأسرة، وتعلمت منها كيف أضحي من أجل تربية ابني "أيمن"، الذي هو قرة عيني. وبالفعل، لعبت أسرتي دورا كبيرا في اختيار توجهاتي، حيث تربيت وأنا أعتمد على نفسي، وأقول رأيي بكل حرية، وكنت مسؤولة عن اختياراتي وقراراتي. رشحت لجائزة نوبل للسلام في 2005، في إطار مشروع ألف امرأة للسلام، كما وقع اختيارك من بين 100 امرأة ساهمت في تطور العالم، من قبل مجلة ماري كلير الفرنسية، كيف عشت الأمر؟ وماذا يمكن أن تضيف مثل هذه الترشيحات لحياتك الخاصة، ولتجربتك المهنية؟ - جائزة نوبل للسلام هي جائزة مهمة جدا، بل من أهم الجوائز التي تعطى لكبار هذا العالم، فمن البديهي أن أكون مسرورة بهذا الخبر، وبالطبع، عشتها في انتظار وشوق، خاصة أن هذا المشروع أخذ في الاعتبار أن عدد النساء اللواتي نلن هذه الجائزة كان قليلا جدا، فكانت بالنسبة إلينا خطوة جريئة لنطالب بأن تمنح النساء فرص ترشيحهن لجوائز عالمية. أما اختياري من بين 100 امرأة ساهمت في تطوير العالم، فقد كان مغايرا ما دامت هذه المجلة رغم صيتها الدولي، تبقى في آخر المطاف مجلة نسائية، ليس لها الوقع نفسه، كجائزة السلام الدولية، لكن حينها كنت أبلغ 26 سنة من عمري، ومازلت في بداية مساري العملي، وجاء اختياري من منطلق أني أول مغربية تصدر مجلة نسائية وتجازف بإصدارها بتمويلها الخاص. أكيد لمثل هذه الترشيحات حافز كبير على المسار العملي والمهني لأي شخص، فهو اعتراف بالمجهودات، التي يقوم بها الشخص، وفي الوقت نفسه، مسؤولية وتكليف أكثر من تشريف، يعطي للشخص فرص للقاء بأفراد عدة من توجهات مختلفة، مما يثري معرفته وتجربته وكذلك شخصيته.