عزز دستور فاتح يوليوز 2011 موقع الأحزاب السياسية في الحياة العامة، من خلال تقوية دورها في تأهيل المشهد السياسي، وتخليق الحياة السياسية، بتحميلها مسؤولية تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام، والمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، كما ينص على ذلك الفصل 7 من الدستور الجديد. وفضلا عن ذلك، نص الدستور الجديد على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية. وفي الدساتير السابقة، كان دور الأحزاب السياسية يقتصر على تنظيم المواطنين وتمثيلهم، شأنها في ذلك شأن المنظمات النقابية والغرف المهنية والجماعات المحلية، كما نص على ذلك الفصل 3 من دستور سنة 1996، الذي كان أول وثيقة دستورية حظيت بشبه إجماع من طرف الهيئات السياسية المتحدرة من الحركة الوطنية. وشكل ذلك الدستور مقدمة لحكومة "التناوب التوافي"، سنة 1998، التي دخلت بموجبها المعارضة إلى تدبير الشأن العام. ويرى الباحثون في هذا التوجه الجديد لدور الأحزاب السياسية سعيا إلى إحداث قطيعة مع العلاقة المتوترة بين الأحزاب والسلطة، في مراحل الاحتقان السياسي. بنص الفصل 7 من الدستور الجديد على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية. وتؤسس الأحزاب وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون، كما يمنع نظام الحزب الوحيد، باعتباره نظاما غير مشروع. لا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان. ولا يجوز أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة. وتشترط الوثيقة الدستورية أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية. وأشار المشرع إلى قانون تنظيمي يحدد، في إطار مبادئ الفصل 7، القواعد المتعلقة، بصفة خاصة، بتأسيس الأحزاب السياسية، وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها. أما الفصل 9 من الدستور، فجعل حل الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية أو توقيفها من لدن السلطات العمومية لا يحصل إلا بمقتضى مقرر قضائي. وفي قانون الأحزاب، نص الباب الأول على أن الحزب السياسي هو تنظيم دائم، يتمتع بالشخصية المعنوية، ويؤسس بمقتضى اتفاق بين أشخاص طبيعيين، يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، ويتقاسمون المبادئ نفسها، قصد المشاركة في تدبير الشؤون العمومية بطرق ديمقراطية، ولغاية غير توزيع الأرباح. وفي موضوع الديمقراطية الداخلية، اشترط القانون أن ينظم الحزب السياسي ويسير بناء على مبادئ ديمقراطية، تسمح لجميع الأعضاء بالمشاركة الفعلية في إدارة مختلف أجهزته، إلا أن القانون بقي في مجال التعميم بخصوص نسبة مشاركة النساء والشباب في الأجهزة المسيرة للحزب.