اعتبر محمد قاوتي، رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين، أن القطاع الثقافي والفني بالمغرب هش في يومه، وعلى المستوى المالي، والتكوين، وعلى مستوى الوعي، خاصة أن الكثير من الفنانين لا يولون اهتماما كبيرا للجانب الصحي، ولا ينخرطون في التعاضدية، التي يمكن لها، على الأقل، صون كرامتهم. كما كشف قاوتي في هذا الحوار مع "المغربية"، بالأرقام عن عدد المنخرطين في التعاضدية، التي تأسست سنة 2007، وكيفية استفادة المنخرطين من خدمات هذه المؤسسة، التي كانت مطلبا نقابيا، طالما حلم الفنانون بتحقيقه. وأوضح قاوتي أن "التشويش، الذي يمارسه البعض لتعطيل عمل التعاضدية، لا أساس له من الصحة، ما دامت التعاضدية تخضع لمراقبة وضبط كبيرين، من طرف مسيريها، ومن طرف الجهات الداعمة، ومن يرغب في الاطلاع على حسابها، فليتفضل". ما هو الوضع الحالي للتعاضدية الوطنية للفنانين؟ - أكاد أقول إن الوضع عاد، فيه مواقع قوى، ومكان ضعف. التعاضدية مؤسسة مرتبطة بدعم الدولة، وهذا الدعم يتأثر بالظروف الماكرواقتصادية المحيطة به، وأقول إنه وضع عاد جدا، ويمكن أن أعطي بعض مؤشراته، فنحن على قرابة 4 آلاف مستفيد، وخلافا عن السنة الأولى، فالأعداد في تزايد, وبالنسبة للسنة الماضية ولهذه السنة، لم تحدث طفرة على مستوى المستفيدين. كم يبلغ عدد المنخرطين بالتعاضدية اليوم؟ - إلى غاية31 دجنبر 2011، بلغ عدد المنخرطين ألفا و58 منخرطا، و389 زوجا أو زوجة، و685 من الأطفال، والعدد الإجمالي هو ألفان و132 منخلرطا. وهذا العدد يكلف مالية مهمة في العلاج وفي التسيير، لأن هناك أطرا تشرف عليه، وهناك مصاريف مترتبة عن هذا التسيير. وفي ما يتعلق بالمالية العامة للتعاضدية، فنحن ليس لدينا حاليا رقم مضبوط، ولن يكون لدينا عجز بل تكافؤ، خلافا للسنوات الماضية التي كان فيها فائض، فكل السنوات ترتب عنها فائض في مالية التعاضدية، وتكافؤ هذه السنة راجع إلى أن وزارة الاتصال لم تف بوعدها كاملا، ولم تمكنا من 50 في المائة من الدعم المفروض أن تمنحه لنا. هل تجاوزت التعاضدية مشاكلها السابقة مع وزارة الثقافة بخصوص المنحة المخصصة لها، التي رفضها الوزير السابق؟ - فعلا، كانت هناك مواجهات بيننا وبين وزارة الثقافة بخصوص المنحة المخصصة للتعاضدية، لكن، بعد الحراك التعاضدي في ذلك الشأن، وبعد الانتباه إلى أخطاء أساسية ارتكبت في معالجة هذا الملف من طرف موظفي وزارة الثقافة، جرى الرجوع إلى جادة الصواب، ووقعنا اتفاقية جديدة مع الوزير السابق، فجرى صرف المنحة للتعاضدية، وجددنا الاتفاقية السنة الماضية، وسمحت لنا الاتفاقية الأولى بالحصول على الدعم، الذي كان ألغي بتاتا، وهو مليونا درهم، إضافة إلى دعم 2011. لكن، كان هناك إشكال في صرف المبالغ المتأخرة؟ - الإشكال كان تقنيا فحسب، فما دامت مشروعية الصرف موجودة، فالإشكالات الأخرى يجري التغلب عليها. وبناء على تلك المشروعية، وتفهم وزير الثقافة السابق للأمر، ووزير المالية لطبيعة الموضوع الحساسة، جرى إيجاد الحلول التقنية المناسبة، التي سمحت لوزارة الثقافة بصرف تلك المنحة دون إشكالات قانونية. لماذا تأخرت وزارة الاتصال في صرف باقي المنحة للتعاضدية؟ - ليس لدي جواب الآن، سأقوم بالاتصالات اللازمة من أجل استرجاع تلك المستحقات، التي التزمت وزارة الاتصال بصرفها للتعاضدية، ومراجعة اتفاقيتنا معها بهذا الخصوص. وقعت التعاضدية مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من الجهات، من بينها المستشفى العسكري بالرباط، فهل أصبحت تلك الاتفاقية سارية المفعول؟ - فعلا، إنها سارية المفعول، وتهم جميع المستشفيات العسكرية بالمغرب، يستفيد منها جميع المنخرطين في التعاضدية الوطنية للفنانين، مقابل أداء 10 في المائة فقط من كلفة العلاج، خلافا للمصحات الخاصة، التي يؤدي فيها المنخرط 20 في المائة من كلفة العلاج، بناء على التعريفة الوطنية المرجعية الموحدة (TNN) التي وضعتها وزارة الصحة لتضبط التعامل التجاري في القطاع. فالمستشفيات العسكرية تتعامل بهذه التعريفة، وهذه المستشفيات لها قيمة مضافة على مستوى التجهيزات والكفاءات الممتازة، التي تتوفر عليها، إضافة إلى خدماتها الجيدة. ألم تجد التعاضدية مشاكل في تدبير ملفاتها الصحية، خصوصا أن هناك بعض الفنانين لا يستطيعون أداء 10 أو 20 في المائة من تكلفة علاجهم؟ - القانون الأساسي يمنح لرئيس التعاضدية بعض الصلاحيات، التي يستعملها إذا لزم الأمر، لكنها صعبة، لأنه لا يمكن للتعاضدية أن تغطي مصاريف العلاج الكاملة لجميع المنخرطين. لا يمكن الاستجابة إلا لحالات استثنائية، وفعلا استجبنا إليها، ولا يمكنني ذكرها حفاظا لكرامة الناس، وغطينا مصاريف التطبيب والعلاج مائة في المائة. إنها حالات استثنائية وخاصة جدا. لكن، ألم يخلق هذا الاستثناء حساسيات بين الفنانين؟ - حين يتعرض أحد الفنانين لوعكة صحية خطيرة، أو يخضع لتصفية الكلي، فلا يمكن لنا رفض طلبه، كما لا يمكن للفنانين الآخرين، الذين ينعمون بصحة أحسن من الآخرين أن يحتجوا على ذلك، لأن الصحة هي أهم شيء لدى الإنسان. فيجب على الكل أن يطلب من الله الصحة والعافية، وليس المساواة أمام التعويضات. فتلك الحالات الاستثنائية نادرة جدا، ولا تتجاوز أربع حالات منذ تأسيس التعاضدية. رغم وجود التعاضدية، فما يسود هو خطاب الاستعطاف، وطلب الرعاية الملكية، هل لأن هذا الإطار يعجز عن التكفل بهم؟ - أولا، من يقوم بهذه المبادرات له الحق في ذلك، والحق في التبرك بالرعاية الملكية، ونحن لا نناقش هذا الأمر، لأن هناك حالات ربما عجزنا في التعامل معها، لأنها تطلبت زرع رئة أو كلي أو غيرهما، فميزانية تلك العملية أكثر من ميزانية التعاضدية ككل في سنة. نضم أصواتنا لهؤلاء المرضى شافاهم الله، لأن يستعطفوا جلالة الملك، وأن يمن عليهم برأفته، وعطفه، وحنانه. الطاغي في الوسط الفني هو لغة التباكي والشكوى دائما، مع العلم أن أوضاع بعضهم لا تستدعي كل ذلك، ولا تخول لهم أن يكونوا استثناء؟ - بدون تعليق. لماذا؟ - لأنه يغلبني الحياء أن أتحدث عن هذا، لأنه شيء معروف، كما لا أرغب في أن أدخل في سجال حول من يستحق ذلك، ومن لا يستحقه، ومن له عزة، ومن ليست لديه. الأمور واضحة ومعروفة، والقطاع الفني في المغرب "تبخره كميشة الجاوي". من يستحق الرعاية لا يطلبها، فهناك فنانون يشتغلون في الظل ويموتون في الظل؟ - أغتنم هذه الفرصة لأوجه نداء لهؤلاء الذين يشتغلون في الظل، ويمرضون في الظل، ويموتون في الظل والصمت، وأطلب منهم الانخراط في التعاضدية، لأن المشكل الكبير في القطاع الفني بالمغرب هو أن الفنانين لا يهتمون بتحمل مسؤولياتهم، فهذا الموضوع يظل هامشيا بالنسبة إلى العديد منهم، وينتظرون أن يلتفت إليهم رغم تهاونهم. فمن غير المعقول أن يظلوا خارج التعاضدية، مع العلم أن قيمة الانخراط فيها زهيدة جدا. ما هي قيمة الانخراط السنوي في التعاضدية؟ إنها أتفه قيمة في العالم، فهي 700 درهم للمنخرط في السنة، و500 درهم للزوج أو الزوجة، و300 درهم للطفل في السنة. بالمقابل فالملفات التي أتوفر عليها في حدود الدراسة المالية الحالية، التي سننتهي منها قبل 31 مارس الجاري، لكي نضع الدراسة المالية ل 2011، تبرز أن كل منخرط في التعاضدية يكلفنا قرابة 1000 درهم. هناك من يمرض كثيرا، وهناك من لا يمرض حفظه الله. فانخراط 700 درهم هو قيمة نزلة برد، أما ما يستفيد منه المنخرط فهو أكثر من ذلك، لأن الانخراط في التعاضدية فيه تأمين على صحته، وعلى صحة أبنائه وذويه. هل يستفيد من التعاضدية كل الفنانين الذين يشتغلون مع مؤسسات تكفل لهم التغطية الصحية؟ - القانون الداخلي الذي تبنيناه أخيرا واضح في هذا الاتجاه، فالمستفيدون من التعاضدية الوطنية للفنانين هم المنتسبون إليها فقط، ومن ينتمي إلى تعاضديات أخرى فلا يمكن له الاستفادة من تعاضدية الفنانين. فهناك فنانون مرتبطون بالإذاعة مثلا ، ولهم تعاضدية في الإذاعة، ولهذا فلا يمكن لهم الاستفادة من تعاضدية الفنانين. عدد المنخرطين في التعاضدية الوطنية للفنانين قليل مقارنة مع عدد الفنانين بالمغرب، فما سبب ذلك؟ - لا يوجد لدينا، بعد، وعي بموضوع الصحة والتأمين على الحياة والآفات، فالإنسان معرض لجميع الآفات، ويمكن له أن يخرج ولا يعود إلى بيته، فنحن ضعفاء إلى الغاية. الفنانون كثيرون بالمغرب ولكن أمرهم غير مضبوط، فمن غير المعقول أن يكون عددنا 2000 فقط، وكنت أعتقد أن منخرطي التعاضدية كان سيفوق 10 آلاف. لا توجد لحد الساعة دراسة دقيقة تحدد عدد الفنانين، ونوعيتهم، ومجالات اشتغالاتهم. نحن في التعاضدية حددنا على الأقل الانتماء إلى هذا القطاع في 11 مهنة، وحاولنا أن نلمس كل القطاعات المرتبطة بالفن والثقافة، بمن فيهم التقنيون والإداريون. إذن، المشكل هو مشكل جسم فني بالأساس، وليس مشكل تعاضدية؟ - طبعا، المشكل ليس مشكل تعاضدية، بل هو مشكل مؤسسات مؤطرة للفعل الثقافي والفني بالمغرب، مثل وزارة الثقافة، والاتصال، فهاتان الوزارتان مرتبطتان بشكل عضوي بالجسم الثقافي والفني، وربما توفر دراسة عن القطاع تؤول إلى هاتين الوزارتين بالدرجة الأولى، لتحددا الوعاء الذي يحوي الثقافة والفن. من هؤلاء الناس، وما هي فئاتهم العمرية، وما هي مجالات اشتغالهم، وهي دراسة علمية يمكن أن يتكلف بها مكتب دراسات متخصص. فالناس الذين يشتغلون على الفولكلور، مثلا، ليسوا ممثلين جميعهم في التعاضدية، فهناك جمعية في أكادير احتضنت هؤلاء الفنانين مشكورة، وتؤدي بدلا عنهم قيمة انخراطهم في التعاضدية. وهي جمعية تضم أطباء، ولديهم دراية كبيرة بالجانب الصحي وأهميته في حياة الإنسان. ما تقييمك لإنجازات التعاضدية منذ تأسيسها سنة 2007 إلى الآن؟ - عمل التعاضدية اليومي في صلب هدفها، فهي تعمل يوميا من أجل خدمة المنخرط، والمنخرط فقط، لأن من لم ينخرط فيها فلا علاقة له بها. التعاضدية لا تميز بين الفنانين، ولا تنظر إليهم بمقاييس معينة. فهناك حالات وردت على التعاضدية لأشخاص غير منخرطين، فبقينا مكتوفي الأيدي، بل كان هناك سلوك انتهازي من بعض الفنانين، الذين ينخرطون عندما يبرمجون إجراء عملية جراحية، أو حينما تكون زوجته حاملا في الشهر السادس. فهذه صورة كاريكاتورية، لكنها للأسف تعبر عن الواقع الذي نعيشه. لقد حاولنا محاربة هذه الحالة الانتهازية لدى بعض الفنانين على مستوى القانون الداخلي، فالمنخرط الجديد يجب أن يقضي 90 يوما في التعاضدية لكي يستفيد، وخلال تلك المدة لا يمكن له الاستفادة من خدماتها، حتى يثبت حسن نيته. ألم يكن للتعاضدية لقاء مع وزير الثقافة، مثل النقابات الأخرى؟ - سيكون لنا لقاء قريب مع وزير الثقافة، حينما نتوفر على الحصيلة المالية لهذه السنة، لأن علاقتنا بوزارة الثقافة هي علاقة تقنية، إذ سنطلعه على ما أنجزته التعاضدية، وعلى عدد المستفيدين من خدماتها، وعلى نوعية الأمراض التي مرت علينا، لأنها الداعم الرئيسي للتعاضدية. تحسن خدمات التعاضدية - سقف علاج الأسنان ارتفع من 2500 إلى 5000 درهم. - سقف العمليات أصبح غير محدد، وفي ما قبل كان لا يتجاوز 30 ألف درهم. - تصفية الكلي محددة ما بين 6000 و8000 درهم في الشهر. عدد المنخرطين بالسنوات السنوات: 2008 - 2009 - 2010 - 2011 المنخرطون: 422 - 791 - 997 - 1058 الأزواج: 188 - 312 - 370 - 389 الأطفال: 319 - 527 - 633 - 685 العدد الإجمالي: 929 - 1630 - 2000 - 2132 نوعية الأمراض التي تصيب الفنانين 1- مرض القلب والشرايين. 2- ارتفاع ضغط الدم. 3- السكري. 4- تصفية الكلي. 4- الأسنان، والأعين. إضافة إلى الأمراض الموسمية الأخرى، مثل نزلات البرد وغيرها من الأمراض العادية. أما الأمراض الخبيثة فقليلة جدا، ولو أن بعض الفنانين يموتون بسببها، لأنهم لا يكتشفونها بشكل مبكر.