حميش يفتح باب الحرب مع الفنانين من قبة البرلمان والتعاضدية والائتلاف يواجهونه بصرامة خلفت تصريحات وزير الثقافة بمجلس المستشارين حول دعم تعاضدية الفنانين وتطبيق التغطية الصحية لهم وتنظيم هذه الفئة سخطا عارما وردود فعل قوية في أوساط الفنانين المغاربة، بسبب ما اعتبره البعض "تحقيرا للفنانين". وتحدى رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين ورئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون وزير الثقافة أن يكشف عن أسماء الفنانين الذين يدعي أن الوزارة تكفلت بعلاجهم. وانتقد رئيس التعاضدية المغربية للفنانين، محمد قاوتي، ما صرح به وزير الثقافة، بنسالم حميش خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء بأن وزارته تنتظر التوصل بالقانون الأساسي للتعاضدية ولوائح المنخرطين بها، واصفا مثل هذه التصريحات بأنها "كذب وبهتان". واستغرب الرئيس المنتدب للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، حسن النفالي، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، إنكار الوزير توفر الوزارة على لوائح المنخرطين والقانون الأساسي للتعاضدية، مشددا على أن وزارة الثقافة تتوفر على الملف الكامل موجود لدى المكلفة بالجمعيات الثقافية والفنية بالوزارة، فاطمة العسري، مبرزا أن مبرر الوزير هذا لا يستند على أي أساس، وإنما يحاول أن يحجب به ما وصفه ب "غياب التنسيق داخل الوزارة". بالمقابل اعتبر رئيس التعاضدية أن "قضية لوائح المنخرطين لا علاقة لها بالدعم، فضلا على أن الوزير لم يسبق له أن طلب ولا مرة واحدة الحصول على قوائم الفنانين، مضيفا أنها على كل حال موجودة لدى مصالح الوزارة، إذا كان الوزير يتحدث عن وزارة الثقافة كما نعرفها، أما إذا كان يتحدث عن وزارة أخرى خالصة فهذا موضوع آخر" يستطرد قاوتي بالقول. وقال بنسالم حميش في معرض جوابه على سؤال حول التغطية الصحية للفنانين، إن وزارة المالية رفضت تحويل مبلغ 2 مليون درهم لدعم الجانب الصحي للفنانين، بسبب الصيغة التي تمت مراسلتها بها من طرف وزارته. وبعد أن تعذر الحصول على منحة الدعم، يقول الوزير، فإنه اضطر إلى مراسلة الوزير الأول لمنح تعويض مالي لهذا الجانب يقدر بأربعة ملايين درهم برسم سنتي 2009 و2010، ووافق الوزير الأول على هذا المطلب منذ متم مارس من هذه السنة، إلا أن الوزارة لم تتوصل لحد الآن بهذه المنحة. وعزا وزير الثقافة التأخر في صرف المنحة المخصصة لدعم التعاضدية إلى عدم توفر الوزارة على قانونها الأساسي ولوائح المنخرطين بها. هذا التصريح قول مردود عليه، بحسب مسؤولي التعاضدية والائتلاف، اللذين اندهشا لمثل هذا القول بالرغم من أن التعاضدية تقدم كل سنة، إلى الجهات المختصة بالمراقبة المالية، وهي وزارتا التشغيل والاقتصاد والمالية، ملفها كاملا بما فيه حصيلة السنة المالية. ولا يتوقف الاستغراب عند هذا الحد، فإذا كانت الوزارة بحسب قولهما لا تتوفر على ملف التعاضدية فعلى أي أساس كانت تمنح لها الدعم في عهد الوزيرين محمد الأشعري وثريان جبران. وأحس كثير من الفنانين بالمغرب بنوع من الاحتقار من كلام وزير الثقافة الذي أعلن أن بعض الفنانين لا يتوفرون حتى على مبلغ الانخراط في التعاضدية المغربية للفنانين الذي لا يتعدى 700 درهم، وأن الوزارة عبرت عن استعدادها للتكفل بدفع واجب انخراطهم. وليس هذا فحسب وإنما تتكفل الوزارة أيضا، حسب الوزير، بالمرضى والمصابين بالوهن الصحي في إطار نوع من الحياء والتستر. وانتاب إحساس بالغبن كل من سمع هذا الكلام، كما لو أن الفنانين المغاربة يستجدون الوزارة أو يلتمسون منها التصدق عليهم، والحال، يقول النفالي، أنه إذا كانت فئات أخرى تقتطع نسبة 5 في المائة من أجورهم لفائدة التعاضديات، الشيء الذي يؤدي حسابيا إلى أنهم يدفعون ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف درهم سنويا، فإن الأمر يختلف عند الفنانين، الذي يؤدون 700 درهم فقط كواجب الانخراط السنوي، والفرق للوصول إلى المبلغ المذكور تؤديه الدولة عنهم في شخص وزارتي الثقافة والاتصال، أما أن يتبجح الوزير بدفع واجب انخراط بعض الفنانين فذلك "كذب وافتراء". وأوضح محمد قاوتي أن ما يدعيه الوزير تقدمه الدولة كدعم تكميلي لميزانية التعاضدية، ولا يمكن لأي شخص أن يزعم أنه يتصدق به علينا. مشيرا إلى أن الوزير عليه "أن يخجل من إطلاق مثل هذا الكلام على عواهنه، وعليه أن يستحيي من الكذب على ممثلي الأمة". واستشاط رئيس التعاضدية غضبا من قول الوزير المكلف بالثقافة تحمل مصاريف الفنانين المرضى، وأكد أن التعاضدية أنفقت خلال سنة 2009 فقط ما يقارب من 2.2 مليون درهم في هذا الجانب، وإذا كان الوزير صادقا فعليه أن يعلن عن لائحة الذين استفادوا من ذلك، والدليل على عكس قوله أن الوزارة قدمت مساعدة مالية لا تتجاوز 20 ألف درهم فقط لفائدة الفنانة نادية أيوب خلال فترة مرضها، وكانت مساهمة في الحفل الذي أقيم تضامنا معها في محنتها. ويضيف حسن النفالي أنه، باستثناء الأمراض المكلفة جدا، التي يتكلف جلالة الملك بأصحابها، فإن الوزارة لا تتكفل بأي فنان أصيب بمرض، بل التعاضدية هي من يقوم بذلك، مطالبا في نفس الوقت الوزير بالكشف عن لائحة بأسماء الفنانين الذين تكلفت بهم وزارته. وفي الوقت الذي أكد بنسالم حميش أن بطاقة الفنان أصبحت معقلنة، خلافا لما سبق، فكل بطاقة لا تحمل توقيع الوزير تعتبر لاغية وغير صالحة، مشيرا إلى أن الوزارة أبلغت مختلف القنصليات والسفارات باعتماد البطائق التي تحمل توقيع الوزير وليس سواه. تساءل كل من محمد قاوتي وحسن النفالي عن موقع البطائق التي تحمل توقيع سلفه في الوزارة ثريا جبران، هل يسري عليها نفس الشيء. وخلص النفالي إلى أنه منذ وصول بنسالم حميش إلى وزارة الثقافة وجهت له رسائل في موضوع الدعم الممنوح للتعاضدية لم تتلق منه لحد الآن أي جواب، مستغربا كيف يوافق الوزير الأول على دعم الفنانين ويمتنع وزير المالية عن صرف هذا التعويض اللهم إذا كانت الحكومة الحالية غير منسجمة. فيما اعتبر قاوتي بأن الوزير كان عليه أن يتحلى بالشجاعة الكافية والابتعاد عن الدرس السفسطائي، ويعلن مسؤوليته المباشرة، هو ومساعدوه الأقربون، في سوء تدبير موضوع الدعم الممنوح للتعاضدية المغربية للفنانين. مشددا على أن التعاضدية أنشأت قبل استوزاره وستبقى بعد ذهابه من الوزارة.