تتواصل المشاورات بين مختلف الأطراف السياسية، خاصة بين الإسلاميين وأبرز أحزاب اليسار للتحضير للفترة الانتقالية الثانية في تونس، في حين عاد الهدوء إلى مدينة سيدي بوزيد، بعد اضطرابات أعقبت الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي. قطع أثاث أحرقت خلال أعمال العنف في سيدي بوزيد في 28 أكتوبر الجاري (أ ف ب) وأعلن حمادي الجبالي، الأمين العام لحزب النهضة ومرشحها لمنصب رئيس الحكومة الانتقالية الثانية، بدء "مشاورات أولية"، منذ الخميس الماضي، بين حزبه (90 مقعدا في المجلس التأسيسي) وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي- 30 مقعدا) والتكتل الديموقراطي من أجل العمل، والحريات (يسار-21 مقعدا)، في إطار مشاورات ستشمل العديد من الأحزاب الأخرى، للاتفاق على مختلف مؤسسات المرحلة الانتقالية الثانية. ورغم أن الاتفاق بين هذه القوى الثلاث الرئيسية في المشهد السياسي التونسي الجديد (141 مقعدا من 217)، يكاد يؤمن لها أغلبية الثلثين في المجلس، فإن مصادر حزبية أشارت إلى سعي حزب التكتل الحثيث إلى ضم قوتين يساريتين أخريين إلى الأغلبية ل"تعزيز موقع اليسار ولضمان أكبر قدر من الإجماع". والقوتان هما الحزب الديمقراطي التقدمي (17 مقعدا) وتحالف القطب الديمقراطي الحداثي حول حزب التجديد (الشيوعي سابقا - 5 مقاعد) أكبر الخاسرين في الانتخابات، اللذان أعلنا أنهما تحولا إلى المعارضة. من جهة أخرى، أشارت العديد من الصحف التونسية إلى تودد حزب النهضة لحزب العمال الشيوعي التونسي وللحزب الديمقراطي التقدمي والقوميين. وأكد زعيم النهضة، راشد الغنوشي، الجمعة الماضي، انفتاح حزبه على كل القوى التي ناضلت ضد الاستبداد، منذ أكثر من 50 عاما في تونس لبناء مؤسسات الدولة الجديدة على قاعدة "الوفاق". وقال في هذا الصدد "نسعى إلى إخواننا في الوطن، مهما كانت توجهاتهم، طالبين منهم المشاركة في كتابة الدستور وفي نظام ديمقراطي وفي حكومة ائتلاف وطني في إطار الوفاق". وأضاف "لا يجب أن نغفل جهاد من ناضلوا من أجل هذه الثورة وتداولوا على السجون، منذ الاستقلال (1956) من قوميين واشتراكيين ونقابيين وليبراليين وشيوعيين"، مشيرا إلى ما يعرف في تونس ب"وثائق وأرضية ائتلاف 18 اكتوبر2005". وهو تحالف واسع ضم أغلب القوى اليسارية والقومية والنقابية والشخصيات المناضلة ضد الاستبداد، في عهد زين العابدين بن علي، إضافة إلى الإسلاميين بعد تأكيد هؤلاء، خاصة موقفهم المؤيد لحقوق المراة ولإيمانهم بالدولة المدنية والديمقراطية وسيلة للوصول إلى الحكم. وبعد انقضاء أجل الطعون في نتائج انتخابات 23 أكتوبر، سيدعو الرئيس التونسي الموقت، فؤاد المبزع، المجلس التأسيسي المنتخب الى الاجتماع. ويتولى المجلس التأسيسي اختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام مؤقت لإدارة الدولة، كما يعين رئيسا مؤقتا جديدا محل المبزع، الذي كان أعلن، نهاية الأسبوع الماضي، انسحابه من العمل السياسي. وبعد ذلك، يكلف الرئيس الموقت الجديد من تتفق عليه الأغلبية في المجلس بتشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية، منذ الإطاحة بنظام بن علي. ويدعو حزب النهضة إلى تشكيل "حكومة ائتلاف وطني" ويؤيده في ذلك حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. في المقابل، يدعو حزب التكتل إلى "حكومة مصلحة وطنية" مع استبعاد "الأحزاب، التي تعاملت مع بن علي"، في حين يدعو حزب التجديد (الشيوعي سابقا) إلى "حكومة كفاءات وطنية من خارج الأحزاب". من جانب آخر، عاد الهدوء، أول أمس السبت، إلى مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب تونس)، التي كانت شهدت اضطرابات وأعمال تخريب لمقار عامة، خاصة عقب إعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي، مساء الخميس الماضي، في تونس. وأفاد مراسل وكالة فرانس برس أن الليلة كانت هادئة جدا واحترم حظر التجول الليلي، الذي أعلن إثر الاضطرابات ولم تسجل أي حوادث. وصباح، أول أمس السبت، وهو يوم السوق الأسبوعية في سيدي بوزيد، كانت الحركة طبيعية في المدينة، وفتحت المحالات التجارية والمقاهي أبوابها ونظمت حملات نظافة بمشاركة الأهالي لإزالة آثار أعمال العنف. ورغم ذلك، أصدر المسؤول المحلي للتعليم أمرا بإبقاء المعاهد الثانوية مغلقة "من باب الاحتياط"، حسب المصدر ذاته.