تواصلت نهاية الاسبوع على قدم وساق المشاورات الاولية بين مختلف القوى السياسية التونسية الممثلة في المجلس التاسيسي للتوصل الى اتفاق على مختلف ضوابط ومناصب المرحلة الانتقالية الثانية. ويتوقع ان تنتقل هذه المشاورات الاسبوع المقبل الى المرحلة الجدية. وقال المنصف المرزوقي زعيم المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار قومي) في مقابلة صحافية نشرت الاحد ان الحوار الدائر مع حزب النهضة الاسلامي وحزب التكتل الديموقراطي (يسار وسط) وهي ابرز قوى المشهد السياسي التونسي الجديد، يهدف الى الاتفاق "في شان خارطة الطريق الخاصة بالمرحلة القادمة وهي تتعلق بتنظيم السلطات العمومية وتحديد صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة ومدة عمل المجلس التاسيسي." واعتبر المرزوقي في حديث الى صحيفة "المغرب" ان "من الطبيعي ان تنال حركة النهضة منصب رئاسة الحكومة باعتبارها الفائز الاول في الانتخابات" وذلك بعد اعلان النهضة نيتها ترشيح امينها العام حمادي الجبالي للمنصب. ويتردد اسما منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر مع اسماء اخرى لتولي منصبي رئيس المجلس التاسيسي ورئيس الجمهورية الموقت، بيد ان المرزوقي قال "اننا غير مهتمين باي منصب شكلي (...) سنرى كيف يتم التوافق على الصلاحيات وعندها نقرر اختيارنا". ويؤشر هذا الكلام الى رغبة المرزوقي في تدعيم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال توليه هذا المنصب. وشدد المعارض التاريخي لنظام بن علي على وجوب ان يترك رئيس الوزراء المؤقت الباجي قائد السبسي و"الوجوه القديمة في الحكومة" المجال لغيرهم لخدمة تونس في المرحلة الانتقالية الجديدة، وذلك بعد الاشارة الى احتمال ترشيح قائد السبسي (84 عاما) لتولي رئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية الثانية منذ الثورة. واشار المرزوقي الى ان الحوار الذي بدأ ثنائيا "سيتواصل الاسبوع القادم بداية من يوم الاثنين بشكل ثلاثي" بين النهضة والمؤتمر والتكتل. وقال مصدر قريب من حركة النهضة الاحد لوكالة فرانس برس ان المشاورات "تكثفت في الساعات الاخيرة بين الاحزاب الثلاثة الرئيسية وهي مستمرة اليوم" رافضا كشف تفاصيلها "لان حسن سير التفاوض يتطلب التكتم، وحال الوصول الى اتفاق سيتم اعلانه". ويدعو حزب النهضة (90 مقعدا) الى تشكيل "حكومة ائتلاف وطني" ويؤيده في ذلك حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (30 مقعدا). في المقابل، يدعو حزب التكتل الديموقراطي من اجل العمل والحريات (يسار-21 مقعدا) الى "حكومة مصلحة وطنية". ودعا حزب التجديد (الشيوعي سابقا-5 مقاعد ضمن تحالف) الى "حكومة كفاءات وطنية من خارج الاحزاب". ويتجه الاخير الى تشكيل المعارضة في المرحلة المقبلة مع الحزب الديموقراطي التقدمي (وسط يسار-17 مقعدا) وحزب آفاق تونس (ليبرالي-5 مقاعد). وبعد انقضاء اجل الطعون في نتائج انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر، سيدعو الرئيس التونسي الموقت فؤاد المبزع المجلس التاسيسي المنتخب الى الاجتماع. ويتولى المجلس التاسيسي اختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام مؤقت لادارة الدولة كما يعين رئيسا مؤقتا جديدا خلفا للمبزع الذي كان اعلن انسحابه من العمل السياسي حال تسليم الرئاسة. وبعدها، يكلف الرئيس المؤقت الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الاطاحة بنظام بن علي. وتركز المنابر الاعلامية في تونس على منصبي رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وتطرح العديد من السيناريوات والتسريبات بشان الحقائب ومن قد يتولاها، ولكنها تكاد تمر مرور الكرام على ابرز مناصب المرحلة الانتقالية الثانية، اي رئيس المجلس التاسيسي. وسيجسد من يتولى هذا المنصب السلطة المطلقة على راس الدولة بحكم الشرعية الدستورية المنبثقة من ارادة الشعب عبر الانتخابات وتجسيده لهذه الشرعية في الفترة بين نظام انهار وآخر في صدد التشكل. من جهته، زار ابو جرة سلطاني رئيس "حركة السلم" الجزائرية تونس في الايام القليلة الماضية على راس وفد من الحركة، والتقى قادة الاحزاب الثلاثة راشد الغنوشي ومنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر "للتهنئة بنجاحهم وبحسن سير انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر"، بحسب ما افاد مصدر حزبي.