في انتظار أن تعلن، في وقت لاحق اليوم، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، النتائج النهائية والرسمية للانتخابات، التي شهدتها البلاد يوم الأحد الماضي، لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي، تظهر النتائج الأولية المعلن عنها على مستوى مراكز الفرز التابعة للدوائر الانتخابية، تقدم حركة النهضة الإسلامية بفارق كبير. ويأتي بعد النهضة في مرتبة متأخرة حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار وسط) بزعامة منصف المرزوقي، ثم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (يسار تقدمي)، بزعامة مصطفى بن جعفر، فيما خلقت المفاجأة، القائم المستقلة (العريضة الشعبية من اجل العدالة والتنمية) التي يتزعمها رجل الأعمال ذو التوجه الاسلامي، الهاشمي الحامدي، صاحب القناة الفضائية التلفزيونية (المستقلة)، التي تبث من لندن، حيث حصلت حتى الآن على 17 مقعدا في 23 دائرة انتخابية من بين 33 دائرة. وحسب الأرقام التي تعلن عنها تباعا المكاتب الفرعية لهيئة الانتخابات في الدوائر الانتخابية، ونشرتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، فقد حصلت حركة النهضة في 23 دائرة انتخابية على 57 مقعدا من بينها 9 مقاعد في الخارج، وحصل حزب المؤتمر من اجل الجمهورية على 20 مقعدا والعريضة الشعبية على 17 مقعدا والتكتل من أجل العمل والحريات على 12 مقعدا والحزب الديمقراطي التقدمي على 9 مقاعد. وكانت الهيئة المستقلة للانتخابات قد صرحت ليلة أمس انه سيتم اليوم الأربعاء الإعلان عن النتائج النهائية، مشيرة إلى أن التأخر يعود إلى البطء في عملية الفرز المتعلقة بعدد من الدوائر الكبيرة، خاصة في الولايات الأربعة التي تكون تونس الكبرى وتمثل ثقلا سكانيا وانتخابيا حاسما. غير أنه مع ذلك، فإن كل المؤشرات الأولية تظهر أن حركة النهضة هي التي سيكون لها أكبر عدد من المقاعد، والتي قدرها مسؤولون قياديون في الحزب بنحو 45 في المائة، الأمر الذي دفعهم إلى الشروع في مفاوضات مع القوى السياسية الأخرى. وتندرج هذه المشاورات التي شملت قادة الأحزاب الني حصلت على مرتبة متقدمة في النتائج الأولية، في مقدمتها التكتل الديمقراطي وحزب المؤتمر، في إطار التحضير للمرحلة الانتقالية الثانية، التي ستعرفها تونس بعد تكوين المجلس التأسيسي، والتي تتطلب تعيين رئيس مؤقت للجمهورية وتشكيل حكومة انتقالية لتدبير شؤون البلاد، قبل أن يتفرغ المجلس التأسيسي لصياغة دستور جديد لتونس. وفي سياق متصل، نقلت الصحف التونسية الصادرة اليوم، عن السيد مصطفى بن جعفر قوله إنه على استعداد لتولي منصب قيادي سامي في الدولة يرجح أن يكون منصب الرئيس المؤقت أو رئيس الحكومة. وقال بن جعفر إن المشاورات جارية مع مختلف الشركاء السياسيين، في انتظار الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات. وكان المسؤول القيادي في النهضة ومدير حملتها الانتخابية، عبد الحميد الجلاصي، قد أعلن مساء أمس للصحفيين، أن حزبه شرع في إجراء مشاورات مع الهيئات السياسية الأخرى في أفق الاتفاق على الترتيبات السياسية المتعلقة بالمرحلة القادمة، في مقدمتها تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرا إلى أن هذه المشاورات "لن تقصي أحدا". من جهة أخرى، أثار تقدم قائمة (العريضة الشعبية من اجل العدالة والتنمية) في النتائج الأولية جدلا حول مدى التزامها بما يعرف ب`"الصمت الانتخابي"، أي التوقف عن الدعاية الانتخابية، 24 ساعة قبل يوم الاقتراع، وهو ما لم يلتزم به صاحب هذه القائمة، حيث واصل الدعاية وحث الناخبين على التصويت على قوائم المرشحين التابعة له، من خلال القناة الفضائية التي يملكها ويديرها في لندن وتشاهد على نطاق واسع في تونس، خاصة في الأوساط الشعبية. وقد تقدم عدد من المحامين والمرشحين بطعون أمام الهيئة المستقلة والمحكمة الادارية تتعلق بخرق القانون الانتخابي بهدف الحصول على إسقاط هذه القوائم الفائزة.