أعلنت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات في تونس في وقت متأخر من مساء أمس الخميس فوز حزب حركة النهضة الإسلامي بمعظم مقاعد المجلس الوطني التأسيسي في الانتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي، وسط احتجاجات على إسقاط قوائم تابعة للعريضة الشعبية. وقال رئيس اللجنة كامل الجندوبي في مؤتمر صحفي إن حزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي سيكون أكبر حزب في المجلس التأسيسي بحصوله على 90 مقعدا في المجلس من أصل 217 (بنسبة 41.47% من المقاعد). وجاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي في المرتبة الثانية حيث حصل على 30 مقعدا (13.82%)، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر ثالثا ب21 مقعدا (9.68%). وقال الجندوبي إن قائمة “العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية” فازت ب19 مقعدا، غير أن هيئة الانتخابات العليا ألغت فوز ست قوائم تابعة للعريضة التي يقودها التونسي المقيم في لندن الهاشمي الحامدي لمخالفتها القانون الانتخابي. وقد شملت هذه القوائم دوائر تطاوين وصفاقس1 وجندوبة وقصرين وسيدي بوزيد وفرنسا2. وأعلن رئيس الهيئة أن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي حصل على 17 مقعدا، في حين نال القطب الديمقراطي الحداثي بقيادة أحمد إبراهيم خمسة مقاعد فقط. ويضم المجلس الوطني التأسيسي 49 امرأة، أي ما يعادل نسبة 24% من إجمالي الأعضاء في المجلس. وعلى إثر قرار الهيئة بإلغاء فوز قوائم “للعريضة الشعبية”، شهدت مدينة سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية أعمال عنف، حيث أقدم أكثر من ألفي شاب على تخريب مقر حزب النهضة وألقوا الحجارة على عناصر الأمن. وقد استخدمت قوات الشرطة القنابل المدمعة لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة بعد إعلان نتائج الانتخابات، وفقا لوزارة الداخلية وشهود عيان. وقال الكاتب والباحث السياسي خالد شوكات في تعليقه للجزيرة على قرار إلغاء فوز قوائم تابعة للعريضة، إن الهيئة العليا للانتخابات “ختمت عملها بلطخة سوداء على قميص أبيض”، مشيرا إلى أن الإلغاء كان يبنغي أن يصدر عن القضاء. وأعرب عن أسفه لأن الهيئة تحقق في الظروف التي تعلقت بالعريضة الشعبية دون الأحزاب الأخرى، حسب تعبيره. أما محمد عبو -وهو عضو في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية- فقال في مقابلة مع الجزيرة إن مصلحة البلاد يجب أن تبقى في الصدارة، مشيرا إلى أن الإلغاء جاء وفقا لمطالبة الكثير من التونسيين. وعن دخول حزبه إلى الحكومة، قال عبو إن المشاورات مع النهضة بدأت، ولكنه اعتبر أنه ليس هناك أي مشكلة إذا لم يكن الحزب جزءا من الحكومة. من جانبه أكد زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي بعد الفوز بالانتخابات أن تونس للجميع، وأن حقوق المرأة في البلاد ستكون مكفولة تحت حكم حزبه. وقد أعلن الأمين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي في وقت سابق أن حزبه رشحه لرئاسة الحكومة التونسية التي سيشكلها لاحقا، في حين سعى الحزب إلى طمأنة الداخل والخارج بشأن توجهاته ونواياه. ونقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن الجبالي قوله إن ترشيحه “أمر بديهي باعتبار أن الأمين العام للحزب الفائز بالأغلبية في كل الديمقراطيات في العالم يتولى رئاسة الحكومة”. وكشف الجبالي (62 عاما) في تصريحات لإذاعة “إكسبرس أف أم” التونسية الخاصة، أن الحركة “قررت منح نصف المقاعد التي حصلت عليها في المجلس التأسيسي لنساء ناشطات في الحركة محجبات وغير محجبات”. وأضاف أن النهضة سترشح لرئاسة الجمهورية الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوفي (66 عاما)، أو الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر (71 عاما)، وهما يساريان يوصفان بأنهما معتدلان.