قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بفاس، الاثنين الماضي، ب 10 سنوات حبسا نافذا في حق الحارس السابق بسجن عين عائشة (أ.ت)، الذي توبع في الملف الجنائي رقم 275/2010 بتهمة محاولة القتل العمد وذلك في حق مد ير مؤسسة سجنية توجد بإقليم تاونات، بعدما أطلق عليه رصاصة من سلاحه المهني لحظة زيارة المدير لمكان عمله بأحد أبراج السجن. وتعود ملابسات الحادث إلى أواخر نونبر الماضي، حين عمد حارس سجن عين عائشة بتاونات، الذي كان مكلفا بالحراسة في برجه الجنوبي، ليلة الحادث، إلى إطلاق رصاصة مطاطية من بندقية الحراسة على (ع.س) مدير هذه المؤسسة السجنية حينما كان يقوم بزيارة روتينية لمرافق وأبراج السجن لتفقد سير العمل، وما إذا كان أحد الموظفين أو الحراس قد غلبه النوم أو تهاون في القيام بواجبه المهني. وقد أدى إطلاق الرصاصة على مدير السجن إلى إصابته بجروح بليغة على مستوى الجهة اليسرى لبطنه، نقل على إثرها على عجل إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس قصد تلقي العلاج، وكانت أجريت للضحية عملية جراحية لاستخراج الرصاصة وأجزائها التي استقرت داخل أحشائه حيث تماثل للعلاج، فيما جرى اعتقال حارس السجن الذي استسلم لعناصر مركز الدرك الملكي لعين عائشة، التي يوجد مقرها غير بعيد عن السجن، التي كانت قد انتقلت إلى موقع الحادث بمجرد إخبارها بهذا الاعتداء. وعرفت جلسة النطق بالحكم في حق حارس السجن، الذي مثل في حالة اعتقال، حضور جميع شهود القضية وكلهم من موظفي وحراس السجن، الذين استحضروا تفاصيل هذا الاعتداء، حيث أكد رئيس المركز، في شهادته، أنه كان، ليلة وقوع الحادث، برفقة المدير في زيارة تفقدية لبرج الحراسة الذي يوجد به حارس السجن، ولدى عودته (الشاهد) إلى مكتبه قصد أخذ مصباح كهربائي لمساعدتهما على الرؤية في جولتهما لبعض المرافق الضعيفة الإضاءة بالسجن، استبقه مدير المؤسسة إلى أحد أبراج المراقبة، قبل أن يسمع رئيس المركز السجني صوت إطلاق الرصاص، فأسرع نحو البرج ليجد المدير مضرجا في دمائه، فطالب من الحارس أن يكف عن إطلاق رصاصة أخرى على المدير بحكم أن إصابته بليغة وقد يفارق الحياة، وخاصة أن بندقية المهاجم كانت ما زالت مطعمة بثلاث رصاصات أخرى، كل رصاصة تتكون من ثماني جزيئات، وقد يستعملها المعتدي للإجهاز على المدير. شاهد آخر في القضية، وهو موظف بالسجن أيضا، تحدث أمام هيئة الحكم على أنه هرول نحو موقع إطلاق الرصاص ولدى وصوله فوجئ بمدير السجن ملطخا بالدماء في غيبوبة وممددا على الأرض، كما سمع حارس البرج يخاطب رئيس المركز، الذي كان أول من وصل إلى موقع الاعتداء، سمعه يخاطبه: "شكون هدا جا عندي في هاد الليل"، زاعما بأنه يجهل هوية الضحية، وهو الأمر الذي حاول الجاني التشبث به خلال وقوفه أمام هيئة الحكم، حيث برر إطلاقه للرصاصة على مديره بأنه شك في أن شخصا غريبا هاجمه بالبرج وأن ذلك من شأنه أن يشكل خطرا عليه وعلى المؤسسة السجنية ككل. ورد رئيس هيئة الحكم على حارس السجن على أن القانون لا يخول له إطلاق الرصاص مباشرة على "هدفه" ولو كان في حالة خطر، حيث يقتضي الأمر أن تكون الرصاصة الأولى إنذارية، قبل إطلاق الرصاصة الثانية مباشرة نحو الهدف، وخاطب القاضي المتهم "يجب أن تطبق القانون مهما يكن، القرطاسة الأولى في الهوا والثانية فين مشات، إلى تبعناك ستمحي الكل في ليلة واحدة". إلى ذلك، طالب محامي الضحية، بعد أن أشار إلى وجود عداوة بين موكله والضنين، على اعتبار العقوبات التي اتخذها المدير في حقه بسبب إخلاله بواجبه المهني، بمتابعة المتهم بجناية محاولة القتل العمد وبتعويض قدره 100 ألف درهم. من جانبه، التمس دفاع المتهم استبعاد متابعة موكله بتهمة محاولة القتل العمد، والتمس البراءة في ذلك، مرتكزا في دفوعاته على أن موكله كان في حالة خطر لدى قيامه بواجبه المهني الحساس كحارس للسجن، حيث أطلق الرصاص على المدير معتقدا أن شخصا غريبا هاجمه ببرج المراقبة، خاصة أن السلم المؤدي إلى البرج لم تكن الرؤية فيه واضحة بالشكل المطلوب، حسب دفاع المتهم والمتهم ذاته.