لم يسمح الوفد المغربي لعيسى حياتو، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بإتمام كلمته، التي أعلن خلالها أن المغرب سحب البساط من تحت أقدام جنوب إفريقيا وفاز بإجماع كل الأصوات بتنظيم نسخة كأس إفريقيا للأمم 2015، إذ انطلقت حناجر الوفد الوطني بترديد الشعار الوطني، على مسامع الحاضرين في قلب لومومباشي الكونغولية، ولفت انتباه مرتادي الفندق، الذي احتضن عملية التصويت، سيما أن الوفد المغربي ضم أكثر من مائة فرد، بين مسؤولي وموظفي الوزارة والجامعة والصحافيين. عشر ساعات جوا خصصت وزارة الشباب والرياضة، في سابقة من نوعها، طائرة خاصة لنقل الوفد المغربي في رحلة مباشرة من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء صوب مدينة لومومباشي الكونغولية، دامت أزيد من 10 ساعات، ويتقدم الوفد وزير الشباب والرياضة، منصف بلخياط، وعلي الفاسي الفهري، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، ونجوم المنتخب الوطني السابقين، أبرزهم بادو الزاكي، ومحمد التيمومي، وأحمد فرس، وخالد الأبيض، إضافة إلى حوالي 30 إعلاميا يمثلون مختلف المنابر الإعلامية المغربية، إلى جانب بعض الجماهير المغربية التي كان لها حظ المشاركة في هذه الرحلة، التي ستبقى تاريخية بكل المقاييس، خاصة أنها انتهت مظفرة بانتزاع شرف تنظيم نهائيات كأس إفريقيا 2015. التوتر سيد الموقف مع اقتراب لحظة دخول الوفد المغربي إلى قاعة العرض، بدا التوتر والترقب الكبير على محيا أعضاء لجنة دعم ملف الترشيح لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا لدورة2015، وكان منصف بلخياط متوترا وهو جالس بالقرب من الثلاثي الفائز بالكرة الذهبية الإفريقية (فرس والزاكي والتيمومي)، وهي الحالة ذاتها التي كان عليها علي الفاسي الفهري، الذي كان يخلو بنفسه بين الفينة والأخرى، في محاولة لضبط النفس والحفاظ على تركيزه وهدوئه قبل الشروع في عرض ملف الترشيح المغربي على لجنة "الكاف". التوتر مصدره غياب خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لأسباب مختلفة، ويتعلق الأمر بالمصري هاني أبو رضى، والسوداني مجدي شمس الدين، والطوغولي الجنرال ميميني، والنيجيري أداموس، والمالي دياكيتي، علما أن المغرب كان يعول على صوتي مصر والسودان للظفر بالتنظيم. عرض الملف المغربي كان مبرمجا أن يعرض الملف المغربي أولا قبل ملف جنوب إفريقيا، إلا أن مسؤولي الأخير رفضوا الأمر، وطالبوا بإجراء القرعة، وهو ما رضخت إليه الكونفدرالية الإفريقية، ليكون الوفد الجنوب إفريقي أول من ألقى العرض من طرف القنصل المعتمد بالكونغو الديمقراطية، فيكتور موديتشا، الذي ركز على نجاح بلاده بامتياز في تنظيم أول نسخة لكأس عالمية في القارة السمراء، معتبرا إياه معطى مهما يصب في مصلحة ملف بلاده، مشددا، في معرض حديثه لوسائل الإعلام بعد الانتهاء من تقديم العرض، على أن بلاده تعتز كثيرا بالنجاح التنظيمي، الذي حققته في مونديال 2010. وقدم علي الفاسي الفهري ومنصف بلخياط الملف المغربي أمام أنظار المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية للعبة، بحضور محمد التيمومي، وأحمد فرس، وبادو الزاكي، ومستشار رئيس الجامعة، كريم عالم، ورئيس ديوان الوزير، معاذ حجي، بعرض ثلاث أشرطة، ركز الأول على دعم الحكومة المغربية لملف ترشيح احتضان كأس إفريقيا للأمم وامتد أربع دقائق. أول الغيث..قطرة خرجت اللجنة المغربية من القاعة بعد عرض الملف المغربي، وأغلق الباب لمنح أعضاء لجنة التصويت الإفريقية فرصة القيام بواجبهم، وظل الجميع ينتظر النتيجة. قال حياتو، رئيس "الكاف"، إن عملية التصويت لن تستغرق أكثر من 10 دقائق، إلا أن الانتظار فاق نصف ساعة، وهي مدة مرت على الوفد المغربي طويلة جدا، وبدا التوتر واضحا على ملامح الجميع، رغم نبرة التفاؤل، التي أبداها المسؤولون المغاربة قبل إعلان النتيجة. وحده بادو الزاكي، عضو لجنة الدعم لملف الترشيح المغربي، ظل متفائلا، وراهن على أن المغرب سيفوز بالتنظيم سنة 2015، ونبرته الواثقة أدخلت الدفء إلى قلوب بعض أعضاء الوفد، الذين تحلقوا حوله يستمدون شيئا من ثقته في انتظار النتيجة الرسمية. فتح باب قاعة التصويت، التي امتلأت بأزيد من مائة شخص من أفراد الوفد المغربي، عكس وفد جنوب إفريقيا الذي لم يكن يتعدى 10 أفراد، رغم قرب المسافة بين الكونغو الديمقراطية وجنوب إفريقيا. وكانت بداية إعلان النتائج بأن زف عيسى حياتو بشرى تنظيم المغرب لنهائيات كأس أمم إفريقيا للفتيان 2013. الزاكي.."العراف" جال عيسى حياتو بنظره حول أفراد الوفد المغربي، راسما على محياه ابتسامة فسرها البعض بأنها عرفان للبلد الذي فاز فيه برئاسة الكاف، قبل حوالي ربع قرن، وقال إن المغرب هو من سينظم كأس إفريقيا 2015، ليطلق أعضاء الوفد المغربي حناجرهم بنغمات النشيد الوطني، بشكل جماعي وعفوي، وسط عناق الجميع. لم يتمالك سعيد بلخياط، أقدم عضو مغربي في الكاف، نفسه، وانهمرت الدموع من مقلتيه متأثرا بالفوز على جنوب إفريقيا، التي طالما وقفت حجر عثرة أمام المغرب، كان آخرها انتزاعها لتنظيم مونديال 2010 على حساب بلادنا. توجه بعض أفراد الوفد المغربي إلى الزاكي لسؤاله كيف عرف أن المغرب هو من سينتزع شرف التنظيم، فرد مبتسما "الأمر بسيط جدا. لست عرافا، كل ما في الأمر أن قوة الملف المغربي حسمت الموضوع، وهذا ما كنا نراهن عليه، لأن ذلك مستمد من البنيات التحتية المهمة، التي يتوفر عليها المغرب، وطموح الشعب المغربي في تنظيم كأس إفريقيا 2015، والدعم الحكومي المقدم لهذا الملف، ثم العرض الذي قدم من طرف الوزير بلخياط ورئيس الجامعة علي الفاسي الفهري. كان واضحا أن الواقع الجديد من بنيات تحتية وتغيير في السياسة المتبعة، دليل على قدرة المغرب على إنجاح تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، ولا عذر للكاف في عدم منح بلد له باع طويل في كرة القدم على المستوى القاري تنظيم أمم إفريقيا 2015". العمراني: أنا مواطن مغربي سعيد أكد هشام العمراني، الكاتب العام للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، في تصريح ل"المغربية" أن الملف المغربي كان قويا ولمس فيه أعضاء المكتب التنفيذي للكاف تعبئة كبيرة من طرف جميع مكونات المغرب، حكومة وشعبا وجامعة كرة القدم، رغبة في تنظيم هذه التظاهرة القارية، رغم قوة الملف الجنوب إفريقي، الذي خرج حديثا من تجربة على المستوى الدولي بتنظيمه لكأس العالم الماضي، وهي تجربة تكللت بالنجاح. وعبر العمراني، بصفته مواطنا مغربيا، عن فرحته الكبيرة بهذا الإنجاز، مؤكدا أن الكرة المغربية تسير بخطى ثابتة نحو العودة إلى التألق من جديد، مشيرا إلى أن المغرب يملك كل المقومات لإنجاح نسخة كأس إفريقيا التي سيحتضنها. بلخياط: فرصة للتتويج باللقب أكد منصف بلخياط، وزير الشباب والرياضة، أن تنظيم كأس إفريقيا للأمم فرصة للمنتخب الوطني للفوز بكأس إفريقيا للأمم، التي غابت عن المغرب منذ 1976، وهو أيضا اللقب القاري الوحيد لأسود الأطلس. وأضاف بلخياط أن تنظيم كأس إفريقيا للفتيان سنة 2013 يساير توجه الوزارة والجامعة في استراتيجيتها المتعلقة بالاهتمام بالفئات الصغرى. وأكد أن الملف المغربي كان قويا ويتلاءم مع احتياجات الجامعة المغربية، وأن المغرب جاء إلى لومومباشي للفوز بتنظيم كأس إفريقيا 2015، رغم المنافسة الشديدة من جنوب إفريقيا، موضحا أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لمست إرادة شعبية وحكومية قوية لإنجاح التظاهرة، سواء من حيث البنيات التحتية أوالجماهيرية، وكذا الشعبية التي تحظى بها رياضة كرة القدم في المغرب، وهو ما تأكد من خلال الانخراط الكلي للمواطنين المغاربة في الحملة الداعمة للملف المغربي. علي الفهري: إنجاز كل المغاربة اعتبر علي الفاسي الفهري، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الفوز باحتضان تنظيم كأس إفريقيا للأمم للكبار سنة 2015 وكأس إفريقيا للفتيان سنة 2013، تتويجا لجميع المواطنين المغاربة، بفضل المنظور التنموي الذي تسير وفقه المملكة، منذ سنوات من العمل والتشييد، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأضاف أن الجامعة والوزارة عرفتا كيفية استثمار هذه المعطيات بفضل الرغبة الأكيدة للمغاربة في احتضان هذه التظاهرة القارية بشكل معقلن واحترافي. وأكد الفهري أن الطريقة الاحترافية، التي قدم بها المغرب ملفه، جعلته يتفوق على جنوب إفريقيا، علما أن الأخيرة خرجت للتو من تجربة تنظيم كأس العالم 2010، موضحا أن الملف المغربي كان مقنعا وأنه حصل على رضى أعضاء المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وقال " المغرب ينتمي إلى إفريقيا وعلى هذا الأساس ستعمل الجامعة من أجل التألق قاريا سواء من ناحية تنظيم التظاهرات الكبرى، أو من حيث التتويج في المنافسات الكروية، لأنها قنطرة العبور نحو التألق الدولي". وعبر الفهري عن تفاؤله بنجاح المغرب في احتضان هذه التظاهرة القارية، التي من المنتظر أن تكون بمثابة حفل للقارة السمراء، مشيرا إلى أن تنظيم كأس إفريقيا للأمم للفتيان يعد مهما لكرة القدم الوطنية، بحكم أنه يتماشى مع الاستراتيجية العامة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووزارة الشباب والرياضة، المتمثلة في النهوض بالفئات الصغرى لتحقيق تنمية شاملة على جميع الفئات، وتكوين منتخبات قوية قادرة على مقارعة المنتخبات القارية، ومن ثمة الانتقال إلى مرحلة أكثر أهمية، من خلال جعل المنتخب الوطني يحظى بسمعة عالمية.