"الصراع السياسي داخل الاتحاد الاشتراكي انتقل إلى الفدرالية الديمقراطية للشغل، ولن نصل إلى حل.. الفدراليون يعجزون عن انتخاب قيادتهم بسبب الصراعات )خاص( سواء أخذنا مهلة 15 يوما أو شهر"، بهذا الحكم، اختزل عبد المجيد بوبكري، رئيس المؤتمر الثالث، الأزمة التنظيمية في الفدرالية الديمقراطية للشغل، المقربة من الاتحاد الاشتراكي، بعد تعثر الجولة الثالثة لأشغال المجلس الوطني، التي تجاوزت 25 ساعة. ولم يتوصل المشاركون في الشوط الثالث من الدورة الأولى للمجلس الوطني، إلى حدود التاسعة والنصف من صباح أمس الأحد، في مقرها بشارع محمد الديوري بالدارالبيضاء، إلى صيغة متوافق حولها لانتخاب مكتب مركزي، من 15 عضوا. وأعلنت النقابات الموالية لعبد الحميد فاتحي، المتنافس على منصب الكاتب الوطني، والتي تتشكل من التعليم، والصحة، والبريد والاتصالات، والعدل، والفوسفاط، والتخطيط، والثقافة، والسكك الحديدية، والموانئ، وبنك المغرب، وبعض أعضاء المجلس الوطني للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية، انسحابها من أشغال المجلس الوطني، معللة القرار هذا ب"انعدام الشرط الديمقراطي، وعدم احترام القانون الأساسي، وتوقيف مسطرة التصويت التي صادق عليها المجلس الوطني". وقررت هذه النقابات عقد مجالس وطنية استثنائية قريبا، للتداول في ما يجري داخل الفدرالية. وهدد ممثلو 19 قطاعا مواليا للكاتب الوطني السابق، عبد الرحمان العزوزي، هي الجماعات المحلية، والفلاحة، والأرصاد الجوية، والإسكان، والتكوين المهني، والمالية، والسكر، والصناعة التقليدية، والمكتب الوطني للكهرباء، والمكتب الوطني للنقل، وسيارات الأجرة، والسياحة، والتجهيز، والطاقة والمعادن، والصيد البحري، والإعلام السمعي، والتشغيل، والمكتب الوطني للماء، والشبيبة والرياضة، بالانسحاب ومقاطعة التصويت، متهمين "جهات نافذة" بالرغبة في "تفجير" الفدرالية، وأصروا على اللجوء إلى التوافق، ورددوا شعارات من قبيل "سوا اليوم سوا غدا، التوافق ولابد"، هذا عار هذا عار، باعونا للشكر"، في إشارة إلى إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي للحزب، فيما رد عليهم أنصار الفاتحي بالقول "إلى شعرتو بالهزيمة، اعطيو للمجلس الكلمة". وانقسمت قاعة أشغال المجلس الوطني، الذي حضره 193 عضوا من أصل 217، إلى قسمين، إذ رفعت مجموعة عبد السلام خيرات، عن قطاع الفلاحة، شعارات ضد الفاتحي، فيما رد الفاتحي قائلا "خلافات الاتحاد، ما عندنا مانديروا بيها في النقابة". وتواصل مسلسل الشد والجذب داخل وخارج القاعة، التي تحولت إلى حلبة للمصارعة الكلامية، تبادل خلالها بعض أعضاء المجلس عبارات السب والشتم والاتهامات، ساهمت في انفلات الأعصاب، ووصل الأمر حد التشابك بالأيدي في بعض الحالات، ورمي بعضهم البعض بالكراسي، وقلبت الطاولة، التي جلس عليها أعضاء الرئاسة، ورددت شعارات يتهم فيها الفدراليون بعضهم البعض، مع اتهام "جهات خارجية" بمعاداة الفدرالية، من قبيل "المخزن سير فحالك، الفدرالية ما شي ديالك". وتدخل بوبكري، رئيس المؤتمر الثالث، بعد التعثرات المتكررة لأشغال المجلس الوطني، محاولا تهدئة الأعصاب، ودعوة الفدراليين إلى ضبط النفس، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، خصوصا حين احتل موالون لخيرات منصة الرئاسة، محاولين عرقلة أشغال المجلس، وبعد انقسام واضح وسط أعضاء لجنة الرئاسة. واحتلت مجموعة خيرات المنصة، مطالبة بتأجيل أشغال المجلس الوطني، رغم أن جل الحاضرين في القاعة، الذين بلغ عددهم 102، موالون للفاتحي، طالبوا رئاسة المؤتمر باللجوء إلى المسطرة، التي صادق عليها أغلبية أعضاء المجلس الوطني، وهي التصويت. وشهدت الجلسة توقفات كثيرة، استغلتها لجنة الرئاسة لمحاولة التوفيق بين التصورين المهيمنين، لكن دون جدوى، وبلغ الخلاف أشده بين الحاضرين. وخلال اجتماع مصغر بين أنصار العزوزي، قال أحد المتدخلين "خلال اجتماعنا مع المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، قررنا أن العزوزي سيكون كاتبا وطنيا، فما هي الضمانات المقدمة لنا من الطرف الآخر كي يبقى العزوزي؟". وبعد استئناف الأشغال، أعطت لجنة الرئاسة الكلمة للعزوزي، الذي قال "نعطي فرصة ونؤجل، من أجل الوصول إلى توافق"، فيما أكد الفاتحي، في كلمته، أن "التوافق لم يعد قائما، وإن كنا قبلناه في السابق". وكانت أول دورة للمجلس الوطني للفدرالية انطلقت منذ حوالي شهرين، ولم تحسم في تشكيلة المكتب التنفيذي، وانتخاب الكاتب الوطني. يشار إلى أن الفدرالية الديمقراطية للشغل، المقربة من الاتحاد الاشتراكي، تأخرت في عقد الدورة الأولى للمجلس الوطني، الذي انتخب في المؤتمر الثالث، في بوزنيقة، أيام 26، و27، و28 نونبر الماضي، ويرجع التأخير إلى الخلاف حول منصب الكاتب الوطني.