"الرئاسة لم تعد موحدة، الرئاسة تقدم استقالتها"، عبارة اختزلت الشرخ التنظيمي، الذي أصاب الفدرالية الديمقراطية للشغل.. إذ لم يتوصل المشاركون في الشوط الثاني من الدورة الأولى للمجلس الوطني، إلى حدود الثانية والنصف صباحا، أمس الاثنين، بمقر هيئة المحامين بالدارالبيضاء، إلى صيغة متوافق عليها لانتخاب مكتب مركزي، من 15 عضوا، إذ اضطروا إلى الإبقاء على مجلسهم مفتوحا، للمرة الثانية، إلى 22 يناير الجاري. وتواصل مسلسل الشد والجذب داخل وخارج القاعة، التي تحولت إلى حلبة للمصارعة الكلامية خلال أزيد من 12 ساعة، تبادل خلالها بعض أعضاء المجلس عبارات السب والشتم والاتهامات، ساهمت في انفلات الأعصاب، وصل الأمر حد التشابك بالأيدي في بعض الحالات، وترديد شعارات يتهم فيها الفيدراليون بعضهم البعض، واتهام "جهات خارجية" بمعاداة الفدرالية، من قبيل "المخزن سير فحالك، الفدرالية ما شي ديالك". وتدخل عبد المجيد بوبكري، رئيس المؤتمر الثالث، بعد التعثرات المتكررة لأشغال المجلس الوطني، مخبرا الأعضاء أن اجتماع لجنة الرئاسة، الذي عقد الثلاثاء الماضي، خلص إلى أن التوافق أصبح غير ممكن. وواصل الرئيس قائلا "كانت لنا اجتماعات ماراطونية في مدينة الرباط، ولم نتوصل إلى حل"، ووجه خطابه إلى المتنافسين حول منصب الكاتب الوطني، قائلا "وجودكما معنا في لقاء الدارالبيضاء ما معناه؟ كان عنده تفسير معين، اعتقدنا أننا حسمنا مع الطرفين". وأضاف بوبكري قائلا "الطرفان ما باغينش المصلحة ديال المنظمة، هناك خلفيات كلشي داير مقترحات لصحابو، وكلشي داير حسابو، ما بغاوش يساعدونا". وتناول الكلمة بعد بوبكري، عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام السابق، قائلا "من المؤسف جدا أننا نعيش هذه اللحظات المؤلمة، التي تعطي صورة عكس ما كنا نعطيه للرأي العام، ما كنتش باغي نتدخل لكن أخي بوبكري فرض علي التدخل، كان من الخطأ استشارتنا في بعض الأشياء، لكن بوبكري وصل إلى اتهام من كان يساعد على بلورة أفكار معينة لبلوغ الحل، كنا نحاول أن نجمع لا أن نفرق، وإذا كان هذا اتهام، فمن المصلحة أن أعلن استقالتي من المجلس الوطني، للحفاظ على هذه المنظمة"، قبل أن يحاول حوالي عشرة أفراد، جلهم من قطاع الفلاحة، ثنيه عن تقديم استقالته، فيما ردد البعض أن "الاستقالة مقبولة، وزمن الأموي انتهى"، في إشارة إلى ما قام به محمد نوبير الأموي، خلال محطة تنظيمية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حين أعلن عن استقالته لكن الحاضرين، في جو من البكاء والنحيب، ضغطوا عليه لسحبها. وتناول الكلمة، بعد العزوزي، عبد المجيد بوبكري، رئيس المؤتمر، قائلا "أسحب ما قلته، وأعتذر للأخ العزوزي، كما أرفض أن أصنف في أي خانة". وشهدت الجلسة حوالي 7 توقفات كبرى، استغلتها لجنة الرئاسة لمحاولة التوفيق بين التصورين المهيمنين، لكن دون جدوى، وبلغ الخلاف أشده بين الحاضرين، خاصة ممثلي قطاع الفلاحة، بقيادة عبد السلام خيرات، الذين تشبثوا بمقترح الرئاسة، الذي يراعي التمثيلية والحساسيات في 5 مقاعد، والتصويت السري والترشيح الحر في 10 مقاعد أخرى لتشكيل المكتب المركزي، ورفضوا أي مقترح من القاعة. وبعد توصل الاتحاديين إلى توافق، برز مشكل تمثيلية اليسار (الاشتراكي الموحد واليسار الأخضر)، والمرأة، إذ توصلت الرئاسة إلى اتفاق لتمثيل المرأة، والحساسيات السياسية، وتمثيل القطاع الخاص، والنقابات الصغرى، يقضي بمنح مقعدين لتيار اليسار ككل، ومقعد للمرأة، وتمثيل باقي القطاعات على الشكل التالي: النقابة الوطنية للتعليم: 3 مقاعد، والنقابة الوطنية للعدل: مقعد واحد، والنقابة الوطنية للصحة العمومية: مقعد واحد، والنقابة الوطنية للمالية: مقعد واحد، والنقابة الوطنية للفوسفاط:مقعد واحد، والنقابة الوطنية للبريد والاتصالات: مقعد واحد، والنقابة الديمقراطية للفلاحة: مقعد واحد، والنقابة الوطنية للتخطيط: مقعد واحد، والنقابة الوطنية للجماعات المحلية: مقعد واحد، ومقعد واحد للقطاع الخاص. لكن هذا الحل لم يناسب الحزب الاشتراكي الموحد، الذي طالب بمنحه مقعدين، إضافة إلى حزب اليسار الأخضر، الذي طالب بمقعد في المكتب المركزي. وبعد توقفات متكررة، وتشنج للأعصاب وترديد عبارات من قبيل "عندكم رغبة لتهريب الفدرالية، والزمن بيننا"، و"باغين يبلوكيوا هاد الشي باش يديوه للحزب"، تدخل فاتحي قائلا "وصلنا إلى 98 في المائة من التوافق، الذي سيساهم في إنقاذ وحدة المنظمة، والتوجه بها نحو المستقبل، من يريد أن يوقف الأمر على 2 في المائة أو 10 في المائة، فهذا مسمار ندقه في وحدة المنظمة، وفي التوجه العام". وكانت أول دورة للمجلس الوطني للفدرالية انطلقت، الأحد قبل الماضي، في مقرها بشارع محمد الديوري بالدارالبيضاء، ولم تحسم في تشكيلة المكتب التنفيذي، وانتخاب الكاتب الوطني. يشار إلى أن الفدرالية الديمقراطية للشغل، المقربة من الاتحاد الاشتراكي، تأخرت في عقد الدورة الأولى للمجلس الوطني، الذي انتخب في المؤتمر الثالث، في بوزنيقة، أيام 26، و27، و28 نونبر الماضي، ويرجع التأخير إلى الخلاف حول منصب الكاتب الوطني.