تعتبر وفاة الرضع الخدج ثاني وفيات الأطفال، لأقل من 5 سنوات، على الصعيد الوطني، بعد أمراض الاختناق التنفسي لدى الرضع سعيد بنعمر رئيس قسم طب المواليد والإنعاش في مستشفى الأطفال ابن رشد في الدارالبيضاء(خاص) علما أن المغرب يشهد وفاة 27 طفلا في كل 100 ألف ولادة، من بين ما يزيد على 650 ألف ولادة سنويا، ما يحول فرحة الأسر باحتضان وليد جديد إلى نكبة. يعود سبب كثرة وفيات الخدج في المغرب إلى افتقار المؤسسات الصحية العمومية إلى أقسام طب وإنعاش المواليد الجدد، وإلى غياب حاضنات، أو ما يعرف ب"القرعة"، وإلى معدات لمراقبة التنفس والضغط الدموي والأوكسجين، إلى جانب ندرة المواد الطبية الضرورية، لإنقاذ الخدج والمواليد الجدد. يوميا، لا يجد ما بين 4 إلى 5 رضع جدد مكانا شاغرا يحتضنهم في قسم المواليد في مستشفى ابن رشد، أي 1825 طفلا لا يجدون لهم مكانا شاغرا سنويا، والأمر مشابه في مستشفى ابن سينا في الرباط، ما يرفع عدد الطلبات المرفوضة، طيلة السنة في المغرب، إلى 3 آلاف و650 رضيعا يجهل مصيرهم. عدد من هذه الوفيات يمكن تفاديها إن توفرت الحاضنات وأسرة الإنعاش الكافية لأعداد المواليد الجدد في وضعية صحية صعبة في المستشفيات. أمام هذا الواقع الصعب، تضطر عدد من الأسر المغربية إلى اعتماد طرق تقليدية للحفاظ على حياة مولودها الخديج، من قبيل وضعه في لفافة من الصوف أو القطن أو في ثوب أبيض قطني نظيف، داخل غرفة مظلمة تقل فيها درجة الحرارة عن 37 درجة مائوية. أزمة في المراكز الصحية الكبرى إذا كان سكان الدارالبيضاء، المدينة الأكبر في المغرب، يشكون الخصاص في مستشفياتهم العمومية من أقسام استقبال الخدج والمواليد الجدد في وضعية صحية حرجة، فحدث ولا حرج عن الوضع القائم في النقط الصحية في المدن الصغيرة والمناطق القروية أو الجبلية. في العاصمة الاقتصادية، يوجد 11 مستشفى عموميا، لا يتوفر أي واحد منه على قسم خاص بالمواليد الجدد، وبالتالي، فإنه يغيب جناح خاص بإنعاش الرضع، كما تغيب أقسام الحاضنات للرضع الخدج. شهادات رجال ونساء الصحة، من العاملين في المجال، أدلوا بشهاداتهم ل"المغربية"، وأكدوا أن هذه المعطيات الواقعية تربك العمل داخل قسم طب المواليد، في مستشفى الأطفال، التابع للمركز الجامعي ابن رشد، نتيجة الضغط الكبير المتولد عن تزايد الطلب على خدمات القسم من قبل باقي مستشفيات المدينة، ومن أخرى تقع خارج مدارها. والأمر الواقع أن هذا القسم مطالب بتغطية الاحتياجات الصحية للمواليد والخدج، الذين يوضعون في أقسام التوليد لمستشفى للامريم التابع للمركز الجامعي المذكور، بينما على أرض الواقع، يتوصل بطلبات من جميع المدن الواقعة جنوب الدارالبيضاء. هذا في الوقت الذي يصل عدد المواليد الجدد، المتكفل بهم في مستشفى ابن رشد، ما بين 700 إلى 800 مولود سنويا. الأمر نفسه يعانيه قسم المواليد الكائن في مستشفى الأطفال في المركز الجامعي ابن سينا في الرباط، حسب ما تحدث به أطباء اختصاصيون ل"المغربية"، لأنه يغطي احتياجات جميع المواليد الوافدين إليه من جميع مناطق النصف الشمالي من المملكة. وتعود أسباب رفض طلبات استشفاء هؤلاء الرضع إلى أن قسم المواليد في ابن رشد لا يتوفر سوى على 13 حاضنة، بينما يتلقى القسم، يوميا، ما بين 30 إلى 40 مولودا جديدا يوميا، 10 منهم يكونوا في حالة خطيرة، ويحتاجون إلى سرير للإنعاش. في ظل هذه المعطيات، يصعب إظهار الجهود، التي تبذل لإنقاذ المواليد الجدد، إذ تتزايد ممارسة الضغط المعنوي والمهني على العاملين في القسم، وتهدد سلامتهم الجسدية. وضعية صعبة لم ينف سعيد بن عمر، اختصاصي في طب وإنعاش المواليد الجدد، في لقاء مع "المغربية"، أن طب المواليد في المغرب يعيش وضعية صعبة جدا ومقلقة للاختصاصيين، ما يجعلهم متشبثين بضرورة تدارك التأخر الحاصل، لخفض وفيات المواليد الجدد، عبر إنشاء أقسام خاصة مجهزة داخل المستشفيات العمومية، وتكوين الموارد البشرية المؤهلة للعمل في إنعاش المواليد. وتحدث عن أن المغرب يعرف نوعين من طب المواليد، يتطوران بسرعتين مختلفتين: طب في القطاع الحر، مخصص للمرضى الذين يتوفرون على تغطية صحية على المرض، حيث يتلقون خدمات صحية مريحة، وطب عام مخصص للفقراء، يعرف العديد من المعاناة بسبب تجهيزاته غير المناسبة، أو غير المتوفرة بالمرة، تسكت مبكرا صراخ رضع يبحثون عن الحياة، وتسجل وسطهم العديد من الوفيات. وأوضح الاختصاصي نفسه، الذي يشغل، أيضا، رئيس قسم طب المواليد في مستشفى الأطفال بالمركز الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، أنه رغم توفر عدد كبير من الكفاءات البشرية في مجال التوليد وأطباء الأطفال والمولدات في المستشفيات العمومية، إلا أن البنيات الخاصة بالتوليد لا تتعدى 4 في المغرب، موزعة على الدارالبيضاء، والرباط، ومراكش، وفاس، تغطي طلبات 30 مليونا من السكان. وأمام هذه الوضعية، يضيف الاختصاصي نفسه، يصبح انشغال الأطباء وهاجسهم الوحيد هو تفريغ أسرة الإنعاش والحاضنات لاستقبال مواليد جدد، عبر الاتصال بالأسر لأخذ رضعهم، عوض التركيز على جودة التدخلات الطبية المقدمة، وإجراء بحوثات علمية وتكوين الأطباء. وباعتراف من الاختصاصيين، يؤثر الأمر على جودة التعليم العالي في ميدان الطب وتأطير الأطباء المقيمين، لانشغال الطبيب الأستاذ بإرضاء المريض وإسكات أصوات المحتجين، بعد رفض طلبات استشفاء رضعهم. وأوضح سعيد بنعمر أن عددا من وفيات المواليد الجدد يمكن تفاديها، من خلال توفير البنيات الصحية الاستقبالية للمواليد الجدد في أقسام التوليد، والعمل بالتقنيات التواصلية ما بين قسم التوليد وطب الأطفال، وبناء أقسام للمواليد الجدد على مقربة من أقسام التوليد. وأكد أن أقسام طب الأطفال في المستشفى العمومي لا تشكو ضعف الكفاءات، أو عجزها عن تتبع الجديد العلمي في المجال، إنما من غياب الإمكانات الطبية واللوجستيكية وقلة الموارد البشرية المتخصصة. وللخروج من هذه الأزمة، يجد الاختصاصي نفسه، ضرورة وضع استراتيجية وطنية لضمان متابعة المواليد الجدد المرضى، من يوم ولادتهم إلى حين بلوغهم سن التمدرس، لخفض احتمالات وقوعهم في الإعاقة، سيما لدى الفئات المعرضة لذلك، من الذين كانوا يشكون أمراضا بعد وضعهم. ويرى أنه يتحتم توفير أقسام طبية يعمل فيها اختصاصيون في طب وتخدير المواليد، يعملون على مدار الساعة، وتوفير قسم خاص بجراحة المواليد، وليس مقتسما بين باقي الأقسام الجراحية الأخرى، مع الحرص على العمل بفريق عمل منسجم، ألِف العمل في المجال، لما من شأن ذلك خفض عدد وفيات الرضع في المغرب. وتحدث سعيد بن عمر عن أنه حان الوقت للمغرب لإتمام مهمته، كما كان الشأن بالنسبة إلى اعتماد سياسية تلقيح الأطفال، التي مكن تعميمها على 90 في المائة من الأطفال، من محو الجذري والدفتيريا وشلل الأطفال. ما يجعل الحاجة ملحة لبناء قسم خاص بالمواليد الجدد خاص فقط بقسم ولادة لالة مريم، أو إنشاء قسم آخر خاص باستقبال المواليد الجدد القادمين من المستشفيات الأخرى بالدارالبيضاء. أدوية مفقودة عدد من الأدوية الطبية، الخاصة بعلاج وإنقاذ حياة الخدج والمواليد الجدد، غير متوفرة في الصيدليات المغربية، أو يصعب على الأسر الحصول عليها لكلفتها المرتفعة، ما يعيق تقديم التدخلات الطبية الضرورية في مستشفيات الأطفال، ويساهم في تسجيل مزيد من وفيات الرضع في المغرب. ومن ضمن هذه الوسائل العلاجية مادة "الكافيين"، رغم أهميتها القصوى لإنقاذ حياة الخدج في المغرب عبر تمكينهم من تنفس طبيعي، لضعف الطلب عليها، موازاة مع غلاء ثمنها. ويزيد من تفاقم الوضع أن هذه الأدوية غير متوفرة في المستشفيات العمومية، ما يضطر بعض الأطباء إلى الاجتهاد في توفيرها عبر توظيف علاقاتهم مع زملاء أو أقارب لهم يقطنون في الخارج، يجلبونها إليهم لدى زيارتهم المغرب. ورغم توفر الصيدليات على مادة "السورفاكتو"، الضرورية لمساعدة الخديج على التنفس، موازاة مع عدم اكتمال نمو جهازه التنفسي، إلا أن شريحة عريضة من أسر المواليد الجدد في المغرب، لا تستطيع الحصول عليها، تبعا لغلاء كلفتها، إذ أن جرعة واحدة منها تكلف قرابة 5 آلاف درهم، في الوقت الذي قد يحتاج الرضيع إلى أكثر من جرعة لاستعادة عملية تنفسه الطبيعية. المطلوب ممكن وزارة الصحة مطالبة بتوفير حاضنة لكل ألف مولود جديد، حسب المعايير المعمول بها دوليا، تبعا لما يشهده المغرب من أزيد من 600 ألف ولادة جديدة سنويا، مع احتساب الولادات التي تقع في البيوت والمصحات الخاصة، هذا في الوقت الذي يقدر الأطباء فيه حاجة قسم المواليد ما بين 25 إلى 50 حاضنة للاستجابة إلى الطلب المتزايد، تبعا إلى أن هناك حالات لمواليد يحتاجون إلى التدخل الطبي، لمدة زمنية تتراوح ما بين 24 ساعة إلى شهر، حسب الوضع الصحي لكل رضي. من هو الطفل الخديج؟ الخديج في اللغة هو المولود قبل أوانه، وإن كان تام الخلق. أما طبيا، فيختلف الأطباء في عدد الأسابيع التي يعتبر فيها المولود من الخدج. لكن تعريف منظمة الصحة العالمية، يقول إن الخديج هو المولود قبل 37 أسبوعا. وفي الحالات الاستثنائية، يمكن للخديج أن يتفادى السقوط في عدد من المضاعفات الصحية، إن توفرت له حضانة مناسبة، وفاق وزنه 750 غراما. أسباب الولادة المبكرة هناك أسباب متعلقة بالجنين نفسه، وأسباب متعلقة بالمشيمة أو الرحم أو أسباب خاصة بالأم. فبالنسبة إلى الأسباب المتعلقة بالجنين، فتشمل الحمل المتعدد أو "التوائم" أو التشوهات الوراثية أو أمراضا تسبب تجمع السوائل في جسم الجنين، بسبب أمراض مختلفة، مثل أمراض التمثيل الغذائي أو ما يعرف بالأمراض الاستقلابية. أما الأسباب الناتجة عن المشيمة، فتشمل المشيمة المتقدمة أو انفصال المشيمة المبكرة. وبخصوص الأسباب التي تصيب الأرحام، فتشمل الرحم ذا القرنين أو اتساع عنق الرحم المبكر. وتوجد أسباب أخرى لها علاقة بالأم، فتشمل، على سبيل المثال لا الحصر، تسمم الحمل والأمراض المزمنة التي تصيب الأم، مثل أمراض القلب والكلي، ومنها إدمان التدخين والمخدرات. وهناك أسباب أخرى كثيرة للولادة المبكرة، من قبيل انفجار الأغشية، التي حول الجنين أو زيادة كمية السائل الأمنيوسي. كما وجدت علاقة بين الولادة المبكرة وأمور كثيرة مثل انخفاض المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، ومثل الحمل المتتابع دون فترة راحة. ما هي الحاضنة؟ تعتبر الحاضنة وسيلة تستخدم في حالات الخطر الشديد للعناية بالخديج وتأمين الجو المناسب له. تعتبر الحاضنة حجرة خاصة مكيفة الهواء، تجري فيها تقديم جميع متطلبات الخديج عبر فتحات خاصة في جدار الحاضنة، تدخل عبرها الممرضة ذراعيها، وهي فتحات مجهزة بسدادات تنطبق على الذراعين بإحكام. لها نظام خاص للتحكم بالظروف البيئية داخلها، يجري فيها محرك كهربائي بسحب الهواء النقي من الخارج، تجري تنقيته من الجراثيم عبر تمريره في مرشحات بكتيرية، وبعد يندفع الهواء إلى منظومة تسخين تقوم الضابطات الحرارية بالتحكم بدرجة حرارتها، ليمر بعدها إلى مبخر مائي لإعطاء الهواء رطوبته المطلوبة، وإذا ما دعت الحالة يضاف الأوكسجين للهواء. الأمراض التي تصيب الخدج الجهاز الهضمي التعرض للالتهابات النزيف في الجيوب الدماغية أمراض العين والشبكية القلب الكبد مشاكل توقف التنفس أمراض الرئة