يرتقب أن يعقد، في الأسبوع الأخير من شتنبر المقبل، لقاء موسع بين جمعيات المرضى والأطباء والمسؤولين المباشرين عن صناديق التأمين الخاص والتعاضديات والصناديق الاجتماعية، إلى جانب ممثلي وزارة الصحة..للنقاش حول حق جميع المغاربة في الولوج إلى الخدمات الصحية، والوقوف عند الأسباب الحقيقة لتأخر تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة، بمن فيهم المصنفون ضمن الفئات الفقيرة، الذين لم يستطيعوا الاستفادة من نظام "الراميد". واعتبرت خلاصات مائدة مستديرة، حول موضوع "حق المغاربة في الصحة، بين الأخلاقيات والقانون"، نظمتها "جمعية كلي"، يوم الثلاثاء قبل المنصرم بالدارالبيضاء، أن الحكومة، بمختلف قطاعاتها الوزارية، مدعوة إلى تحمل مسؤوليتها للرفع من ميزانية وزارة الصحة، وإعادة النظر في طريقة تطبيق نظام التغطية الصحية، ليعمم على جميع المغاربة، دون حصرها على المنخرطين لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي، أو المستفيدين من نظام التأمين الخاص. وتميزت أشغال اللقاء بموضوعية في المناقشة، إذ نوهت أمال بورقية، رئيسة "جمعية كلي"، كثيرا، بالإيجابيات المحققة من خلال سن قانون 65.00 سنة 2005، المتعلق بنظام التغطية الصحية الإجبارية في المغرب، وتطبيق الإعفاء من البطاقة الخاصة بالأمراض طويلة المدى، سنة 2007، وتوسيع الإعفاء سنة 2008، إلى جانب توسيع لائحة العلاجات، التي يتحملها الصندوق الوطني للتأمين الاجتماعي، عام 2010. وتركز النقاش حول قصور الإنجازات المذكورة عن تحقيق حق ولوج جميع المرضى إلى العلاجات الطبية والاستشفائية، بسبب تأخر نظام "الراتمي"، لعدم وضوح المعايير المعتمدة في الإقرار بالفئة المستفيدة، وصعوبة تحديد المواطن الفقير من الميسور، لاستثناء بعض المرضى لمجرد توفرهم على منزل مسجل في المحافظة العقارية، أو توفرهم على حواسيب في بيوتهم، أو غيرها، بينما يظل مفهوم الغنى قاصرا ونسبيا، أمام التكاليف الباهظة لعلاج عدد من الأمراض الخطيرة. وقالت بورقية إن "المرضى والأطباء يعولون على اللقاء المقبل، وفي انتظار ذلك، فإنه حري بالجهات المسؤولة التفكير في توحيد طريقة العمل بين صناديق التعويض الصحي، للقضاء على تضارب المعايير المعتمدة في كل مؤسسة، يتيه معها المرضى والأطباء، إلى جانب التحلي بالشجاعة، للكشف عن المعيقات الحقيقية". وأجمع المشاركون في اللقاء، الذي أدارته بورقية، على ضرورة التضامن مع مطلب تعميم حق الصحة للجميع، بغض النظرعن المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أو الجغرافي، للمواطنين. واختتم اللقاء بسرد مجموعة من المطالب، أبرزها دعوة الوزارة الوصية على القطاع إلى صياغة ميثاق لحقوق المرضى، وتنظيم يوم دراسي في الموضوع، يلتقي فيه كل الفاعلين في الصحة، لتحسين وتنسيق الاستراتيجية وطرق العمل. والمطالبة بخلق تجمع بين جمعيات المرضى والأطباء والصيادلة، يكون على شاكلة رابطة لتبادل الآراء، للخروج بنتائج تحترم من لدن جميع الفاعلين في ميدان الصحة. وشدد المشاركون على مطالبة الوزارة والحكومة باعتماد تغطية صحية جديدة، تستحضر مبدأ تعميم الولوج للعلاج لجميع المواطنين، دون استثناء، إذ أن شريحة عريضة من الفئات الفقيرة لم تستفد بعد من نظام "الراميد"، محملين مسؤولية ذلك للحكومة، لضعف الميزانية المخصصة لهذا القطاع، التي لا تتعدى 5 في المائة من ميزانية الدولة، دون إسقاط المسؤولية عن وزارة الصحة، باعتبارها الجهة المسؤولة عن القطاع. وطالبت بورقية وزارة الصحة بتوفير جميع الإمكانات الضرورية لتطبيق سياستها، وإزالة الرسوم على الأدوية، ولعب دور الموحد والحكيم في القطاع، لتطبيق الإطار القانوني الموجود، وإعمال المراقبة لتنفيذه، وتوفير البنيات التحتية الضرورية، إلى جانب تحميل الأحزاب السياسية، وممثلي الشعب في قبة البرلمان، مسؤولية تراخيهم في الاهتمام بقطاع الصحة، وجهلهم بالكثير من تفاصيله، وعدم إيلائه الأولوية في برامجهم. ومن معيقات ضمان ولوج جميع المواطنين للعلاجات والتغطية الصحية الكاملة، من وجهة نظر بورقية، عدم توفر الأطباء أنفسهم على تغطية صحية، تضمن لهم أمانا صحيا واجتماعيا، إلى جانب الاستمرار في إلزام المرضى بأداء الثلث المتبقي، رغم عسرهم. ومن خلاصات اللقاء المطالبة بالتواصل بين الأطباء والمؤسسات التأمينية، الخاصة والعامة، إلى جانب الحث على منح المريض الحرية في اختيار طريقة علاجه واستشفائه، ودعوة جمعيات المرضى والأطباء إلى التوحد وتشكيل خلية للنقاش حول قضايا الصحة، والإجماع حولها، لتشكيل فكرة موحدة، يمكن أن تلعب قوة ضغط على متخذي القرار.