يتابع المغاربة من جديد نهائيات كأس العالم دون حضور المنتخب المغربي، الذي عجز عن تأمين بطاقة العبور إلى جنوب إفريقيا، بعدما رضي لنفسه أن يكون الحلقة الأضعف في المجموعة الإفريقية الأولى، في التصفيات النهائيةمكتفيا بالمركز الأخير خلف كل من الكاميرون، التي تصدرت المجموعة، والغابون، والطوغو، اللذين تمكنا من حضور كأس أمم إفريقيا بأنغولا، بينما غاب أسود الأطلس، أمام اندهاش الجميع، عن الموعد القاري في أنغولا. بدأ المنتخب المغربي مساره في التصفيات الأخيرة، بخسارة في عقر الدار أمام المنتخب الغابوني (1-2)، وهي نتيجة أسالت الكثير من المداد، خصوصا أن كثيرين اعتبروا الغابونيين بمثابة الحلقة الأضعف في هذه المجموعة. وبعد سلسلة من الانتقادات، رحل الأسود على ياوندي لملاقاة الكاميرون، وعادوا بتعادل ثمين، أعاد الثقة مجددا إلى النفوس، لكن الفرحة لم تكتمل، لأن المباراة الثالثة في الرباط أمام الطوغو، أثبتت، بشكل لا يدع مجالا للشك، أن العناصر الوطنية غير قادرة على فرض الذات أمام باقي المنافسين. ظل الأسود يتمسكون بالمصباح الأحمر، في الوقت الذي استعاد منتخب الكاميرون صحوته، وكشر عن أنيابه، مؤكدا أن الهزيمة في المباراة الأولى لم تكن سوى كبوة فرس. في المباراة الرابعة، انتقل المنتخب المغربي إلى لومي، واكتفى بنتيجة التعادل، التي لم تكن تسمن ولا تغني من جوع، رغم أن الجمهور المغربي ظل متمسكا بالأمل، وظل يؤمن بأن فوزا في قلب الغابون سيعيد خلط الأوراق من جديد، خصوصا أن آخر مباراة أمام الكاميرون ستجرى فوق التراب المغربي، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، بعد هزيمة مخجلة (1-3) في ليبروفيل، أعقبتها هزيمة أخرى بفاس (0-2) أمام الكاميرون في مباراة لن ينساها الجمهور المغربي بسهولة. يغيب المنتخب المغربي عن نهائيات المونديال، منذ دورة فرنسا 1998، عندما كان الفرنسي هنري ميشيل ناخبا وطنيا وقتها، وضم منتخب الأسود في تلك الفترة أسماء وازنة، عجز الجيل الجديد عن تعويضها، أبرزها نور الدين النيبت، ومصطفى حجي، وصلاح الدين بصير، واللائحة طويلة... وكان الفشل في التصفيات بمثابة "الضارة النافعة"، لأنه حمل تغييرات كثيرة على مستوى الهرم الكروي، وكانت البداية بابتعاد الجنرال حسني بن سليمان عن تسيير الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والدعوة إلى جمع عام لانتخاب مكتب جامعي جديد، وهي الخطوة التي حملت علي الفاسي الفهري إلى كرسي الرئاسة، فانتهى بذلك عهد، وأشرقت شمس عهد جديد، باستراتيجية مغايرة للتعامل مع الشأن الكروي الوطني، في مقدمتها مشروع إطلاق بطولة احترافية، وانطلاق عدد من الأوراش التي تهم العمل القاعدي، بفتح مراكز التكوين، واعتماد خطة لتكوين الأطر، والبحث عن مدرب كبير لقيادة المنتخب الأول. ونفى علي الفاسي الفهري، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التعاقد مع أي مدرب للإشراف على المنتخب الوطني الأول، مجددا التأكيد على أن اسم المدرب الجديد لأسود الأطلس سيجري الكشف عنه، قبل نهاية شهر يونيو الجاري، موضحا أن تعيين المدرب الجديد سيكون بمثابة الحلقة الأخيرة من مسلسل إعادة هيكلة الفرق الوطنية، كما أشار إلى أنه جرى صرف مبلغ 11 مليار سنتيم، خلال الموسم الكروي المنتهي، وأن المسيرة ما تزال متواصلة لإعادة هيكلة كرة القدم الوطنية، على أسس حديثة. وشرع الفاسي الفهري في استراتيجيته الجديدة الخاصة بمجال إعادة هيكلة المنتخبات الوطنية، بالتعاقد مع المدرب الهولندي بيم فربيك، لتولي مهمة المدير الرياضي للفرق الوطنية للشباب، فضلا عن تدريب المنتخب الوطني الأولمبي، المقبل على التصفيات الإفريقية المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية 2012. وأوضح الفاسي الفهري أن مشروع إعادة هيكلة الفرق الوطنية يتمحور حول ثلاثة أقطاب تحت إشراف رئيس الجامعة بنفسه، ومستشاره اللاعب والعميد السابق لأسود الأطلس نور الدين النيبت. ينتظر أن يكون المنتخب الوطني للكبار تحت مسؤولية الناخب الجديد لأسود الأطلس، فيما سيعهد بتسيير شؤون المديرية الرياضية للفرق الوطنية للشباب، إلى الهولندي بيم فربيك، وتتولى هذه المديرية أيضا الإشراف على خلية أحدثت أخيرا للتنقيب عن اللاعبين المغاربة (الأولمبيون وأقل من 19 و17 سنة)، الذين يمارسون في أوروبا، وتضم، فضلا عن الهولندي بيم فربيك، أربعة مدربين مغاربة، وهم حسن بنعبيشة، وعبد الله الإدريسي، ومحمد سهيل، ومصطفى الحداوي، مدرب منتخب اللاعبين المحليين. أما القطب الثالث فيتمثل في مديرية التكوين التي ستناط بها مهمة التكوين المستمر لفائدة تقنيي كرة القدم الوطنية، وتشكيل وتتبع الأقطاب الجهوية للامتياز والتنسيق مع العصب الجهوية، في أفق تنمية شبكة فعالة للتنقيب والتقييم المنتظم لأداء مراكز التكوين التابعة للأندية . وستكون هذه المديرية تحت الإشراف المباشر للفرنسي بيير مورلان، الذي نوه المكتب الجامعي بنوعية العمل الذي أنجزه، على أن يساعده في مهمته هذه عبد الرحمان السليماني، المدير التقني السابق للمنتخبات الوطنية.