لم يسبق في تاريخ تصفيات كأسي إفريقيا والعالم لكرة القدم أن وجد المنتخب المغربي نفسه في وضعية جد محرجة مثل التي هو عليها الآن، ذلك أنه بعدما أقصي رسميا من المنافسة على بطاقة المجموعة الأولى المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا بطريقة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مهينة، فإنه ما يزال متمسكا بخيط الأمل في التأهل لنهائيات كأس الأمم الإفريقية في أنغولا ولو أن أمله في التأهل بات شبيها بأمل إبليس في دخول الجنة. ولئن كان مشوار إقصائيات كأس العالم طويلا وشاقا سواء تعلق الأمر بدورات 1970 بالمكسيك أو 1986 بالمكسيك أيضا أو1994 بالولايات المتحدة أو1998 بفرنسا، وهي الدورات التي شارك فيها المنتخب المغربي، فإن قرعة المجموعات المؤهلة لمونديال 2010 في جنوب إفريقيا ،شاءت أن تفرز ضمن المجموعة الأولى مواجهة قوية بين عملاقي القارة إلى أمد قريب منتخبا المغرب والكاميرون اللذان شاركا على التوالي أربع وخمس مرات في المونديال. وكان للمنتخبين معا شرف بلوغ دوري ثمن النهاية ( المغرب عام 1986) وربع النهاية( الكاميرون في 1990) فضلا عن كون هذه المجموعة الأولى هي الوحيدة التي تضم ثلاثة منتخبات سبق لها المشاركة في المونديال ( المغرب والكاميرون والطوغو ). في تصفيات مونديال 1994 ،كان على المنتخب المغربي تحقيق الفوز في آخر مباراة على منتخب زامبيا ،وتحقق النصر بفضل هدف عبد السلام الغريسي . وفي تصفيات مونديال 1998 بفرنسا ،كان أسود الأطلس بقيادة الفرنسي هنري مشيل في وضعية مريحة نسبيا، وكان أمامهم قبل إسدال الستار على المراحل التصفوية بدورة واحدة أكثر من خيار، لكنهم حسموا الموقف مبكرا بفوزهم في الدارالبيضاء على منتخب غانا العتيد بهدف اللاعب السطاتي خالد رغيب. وكان حظ الأسود عاثرا في تصفيات مونديال 2002 باليابان وكوريا الجنوبية . ففي الوقت الذي كانت نقطة واحدة تكفي المنتخب المغربي لتجسيد حلم التأهل لخامس مونديال جاءت خسارة الأسود في ملعب ليوبولد سيدار سنغور بدكار لتحول الحلم الوردي إلى كابوس مزعج وأقصي الأسود بفارق الأهداف ليكون « أسود الترانغا « من بين ممثلي القارة الخمسة في المونديال الأسيوي. وحينما وضعت القرعة المنتخبين المغربي والتونسي في مجموعة واحدة أطلق عليها وقتها «مجموعة الموت» لا لشيء إلا لكونها تضم بطل إفريقيا (تونس) ووصيفه (المغرب) في التصفيات المزدوجة لكأس إفريقيا للأمم بمصر ومونديال 2006 بألمانيا، كان متوقعا من البداية أن ينحصر التنافس بينهما على بطاقة المونديال الوحيدة . لكن المنتخب المغربي فوت الفرصة مرة أخرى ولم يكن أمامه في الجولة الأخيرة سوى خيار واحد، ألا وهو الانتصار على منتخب نسور قرطاج « في عقر الدار بملعب 7 نونبر برادس . بيد أن التعادل 2-2 كان كافيا ليتأهل المنتخب التونسي لمونديال ألمانيا ويغيب «أسود الأطلس «لثاني مرة على التوالي عن العرس الكروي العالمي. ورغم هذا الاقصاء فإن عزاء المنتخب المغربي كان كونه الفريق الوحيد في المجموعات الخمس الذي لم يخسر أي مباراة من العشرة التي خاضها في التصفيات ، على عكس تصفيات مونديال 2010 ، التي انفرد فيها بكونه الفريق الوحيد في مجموعته الذي لم يحقق أي انتصار . لكن هيهات هيهات أين نحن وعهد الزاكي وذلك الفريق الذي أعاد إلى الكرة المغربية توهجها وإشعاعها والسمعة الطيبة التي ظلت تتمتع بها في الاوساط الكروية العالمية بفضل روادها الافذاد على غرار الجوهرة السوداء العربي بنمبارك وعبد الرحمان بلمحجوب وحسن أقصبي ومصطفى البطاش وبعدهم جيل باموس وفرس وظلمي والتيمومي والزاكي والقائمة طويلة. الأدهي والأمر بالنسبة لتصفيات 2010 أن المنتتخب المغربي كان الحلقة الأضعف في المجموعة حيث بدأ المشوار بهزيمة في عقر الدار 2-1 أمام المنتخب الغابوني فأعقبتها هزيمة مذلة 3-1 في ليبروفيل وفلت من الهزيمة مرتين أمام منتخب الطوغو بتعادله معه ذهابا 0-0 وإيابا 1-1 .وتبقى نقطة الضوء الوحيدة في هذا المسار التعادل في ياوندي مع منتخب الكاميرون في مباراة كان الأقرب فيها للفوز . واعتبر خروج المنتخب المغربي رسميا من السباق على البطاقة المؤهلة لمونديال 2010 بعد هزيمته القاسية في ليبروفيل وصمة عار في جبين الكرة المغربية .كما اعتبرت المشاركة المغربية في هذه التصفيات، الأضعف والأسوأ في تاريخ الكرة المغربية ،منذ تصفيات مونديال 1962 بما في ذلك خروجه من تصفيات مونديال 1974 لكن إقصاءه وقتها كان راجعا إلى « فضائح التحكيم «. فباستثناء مباراة ياوندي كان الفريق المغربي شبيها بجسد بلا روح ،وكان لاعبوه عبارة عن جنود بدون أسلحة، وكرس مباراة بعد أخرى هناته وضعفه المعنوي والبدني وفشل في تحقيق أول فوز له، في اندحار غير مسبوق للكرة الوطنية. بيد أن الناخب الوطني حسن مومن ما زال متمسكا ببصيص من الأمل لإنقاذ ماء وجه الكرة المغربية وضمان التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم بأنغولا 2010 ويعتبر أن حظوظ «أسود الأطلس» ماتزال قائمة وسيدافعون عنها إلى آخر رمق رغم كثرة الغيابات في صفوف الفريق. ويؤمن مومن بأن المنتتخب المغربي لديه من الامكانيات مايؤهله للفوز يومه السبت بالمركب الرياضي بفاس على نظيره الكاميروني في المباراة التي ستجمعهما برسم الجولة السادسة والأخيرة ، والتي تكتسي أهمية قصوى على اعتبار أنها ستكون البوابة الأخيرة للتأهل إلى المونديال بالنسبة للمنتخب الكاميروني وكأس إفريقيا للأمم بالنسبة للمنتخب المغربي .إنها مباراة « لا تقبل القسمة على إثنين وأنه لابديل فيها عن الفوز بالنسبة للفريقين «. وتبدو مهمة منتتخب «الأسود غير المروضة « أهون إذ أن أمامها أكثر من خيار منها الفوز في فاس والحسم بصفة نهائية في أمر بطاقة التأهل والتعادل شريطة تعادل منتخب الغابون في لومي وفي أسوأ الحالات الهزيمة لكن هذه النتيجة تبقى رهينة بخسارة المنتخب الغابوني أمام نظيره الطوغولي. في المقابل لاخيار أمام المنتخب المغربي سوى الانتصار مع الانتظار أي انتظار هدية من أقدام اللاعبين الغابونيين لأنه في حالة فوز الطوغولين فإن الانتصار على المنتخب الكاميروني لن ينفع في شىء . وتوقع مومن أن منتخب « الأسود غير المروضة» سيخلق متاعب لمنتخب « أسود الأطلس» بالنظر إلى ما يتوفر عليه من لاعبين متمرسين ومنسجمين ويدركون جيدا أن من شأن الهزيمة أن تبعدهم عن تحقيق حلم بلوغ المونديال ، وبالتالي فإنهم سيسخرون جميع إمكانياته البشرية والتقنية للإبقاء على حظوظهم كاملة في التأهل للمونديال الجنوب إفريقي « . لكن مومن واثق من أن عناصر المنتخب الوطني عازمة على الفوز ولا شيء غير الفوز ، رغم أن معظمها من الشباب الذين يفتقرون إلى التجربة على الصعيد الدولي ، دون أن يخفي أن مما زاد من متاعبه كثرة الغيابات إما بسبب الإصابة أو الإنذارات ، أو الإعتذارات والتي كان آخرها عدم استجابة عبد السلام وادو وكمال الشافني ومبارك بوصوفة لدعوته وتقديمهم في آخر لحظة لثلاث شواهد طبية، رغم أنهم شاركوا الأسبوع الماضي مع فرقهم طيلة تسعين دقيقة . ومن جهته ، يرى الفرنسي بول لوغوين مدرب المنتخب الكاميروني ، أن مباراة السبت المقبل ستكون الأصعب في مشوار الاقصائيات «لأن الفريق المغربي لم يعد لديه ما يخسره « مؤكدا أن الخيار الوحيد لفريقه هو «الفوز في فاس دون انتظار أي هدية من منتخب الطوغو» . ويشاطر نجم المنتخب الكاميروني ونادي برشلونة الإسباني سابقا ونادي ميلانو حاليا صامويل إيطو مدربه الرأي بقوله « الحل الوحيد هو هزم المنتخب المغربي دون أن ننتظر هدية من منتخب الطوغو خاصة وأن سيناريو مباراة مصر مازال عالقا بالأذهان « حيث كان المنتخب الكاميروني قد أرغم على التعادل بميدانه لتؤول بطاقة التأهل لمونديال ألمانيا إلى منتخب كوت ديفوار وبالتالي فإن الكاميرونيين مازالوا يتذكرون بمرارة خروجهم من « المولد بلا حمص» ، وبالتالي فإنهم يحرصون أشد ما يكون الحرص على ألا يتكرر هذا الكابوس المزعج. والملفت للنظر أن المنتخب الكاميروني، الذي يعسكر حاليا بمدينة فارو البرتغالية، استعاد توازنه منذ تقلد الفرنسي لوغوين مهمة تدريبه خلفا للألماني أوتو بفيستر والحارس الدولي السابق توما نكونو ذلك أنه حقق معه ثلاثة انتصارات متتالية على منتخبي الغابون ( 2-0) و( 2-1 ) و الطوغو (3-0) علما بأنه كان قد انهزم في مباراته الأولى في أكرا أمام منتخب الطوغو 1-0 وتعادل في ياوندي مع المنتخب المغربي 0-0 . وباستقراء تاريخ المواجهات الكروية المغربية الكاميرونية التقى المنتخبان ثماني مرات فاز الكاميرونيون في أربع منها وتعادل الفريقان في الأربع الأخرى. يبقى وحده المنتخب الأولمبي الذي استطاع إقصاء نظيره الكاميروني في تصفيات الألعاب الأولمبية لبرشلونة 1992 ( 0-0 في ياوندي و2-0 في الدارالبيضاء). ويذكر أن المنتخب الكاميروني يتصدر ترتيب المجموعة الأولى برصيد 10 نقاط متقدما على المنتخبين الغابوني (9 نقاط) والطوغولي (5 نقاط)، فيما يحتل المنتخب المغربي المركز الرابع والأخير برصيد 3 نقاط فقط. سجل مباريات المنتخبين يعد اللقاء الذي سيجمع بين المنتخبين المغربي والكاميروني يومه السبت بفاس التاسع من نوعه منذ عام1982. ويذكر أن المنتخب المغربي لم يحقق أي فوز على نظيره الكاميروني خلال اللقاءات الثمانية التي أقيمت بينهما والتي تفوق منتخب «الأسود غير المروضة» في أربع منها فيما انتهت أربع بالتعادل . وفي مايلي جرد لمباريات المنتخبين : -15 نونبر1981 بالقنيطرة: المغرب - الكاميرون.: 0 2 (إقصائيات مونديال 1982). -29 نونبر1981 بياوندي : الكاميرون - المغرب :2 1 (إقصائيات مونديال 1982 - وقع هدف المنتخب المغربي مصطفى يغشى). 10 مارس1986 بالأسكندرية: المغرب - الكاميرون:1 1 (نهائيات كأس إفريقيا للأمم - وقع هدف المنتخب المغربي ميري كريمو). -23 مارس1988 بالدارالبيضاء : المغرب - الكاميرون :0 1 (نهائيات كأس إفريقيا للأمم ). -12 يناير1992 بدكار : المغرب - الكاميرون:0 1 (نهائيات كأس إفريقيا ). -7 نونبر1994 بالدارالبيضاء - المغرب - الكاميرون1-1(مباراة ودية - سجل هدف الفريق المغربي إدريس اللوماري). -15 نونبر2005 بكليرفونطين ( فرنسا) : المغرب - الكاميرون:0 0 (مباراة ودية). -7 يونيو2009 بياوندي - الكاميرون - المغرب: 0-0 (تصفيات مونديال2010) .