تحتضن المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، منذ 30 أبريل الماضي، وإلى غاية 30 يونيو المقبل، معرضا كبيرا مخصصا لتراث الخط العربي، يبرز عراقة الخط والكتابة العربيين، ودورهما في عملية نقل المعرفة.نموذج من الزخرف بالحرف على الزليج- كرتوش ويقدم هذا المعرض، الأول من نوعه في المغرب، والمنظم من طرف مؤسسة الثقافة الإسلامية بإسبانيا ((FUNCI، بشراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، ووزارة الثقافة عبر مديرية التراث الثقافي، مخطوطات عربية، وكتبا، ونماذج من قطع أثرية وإثنولوجية مستقدمة من مختلف متاحف المغرب، ومصنفات نادرة، تبرز عراقة الخط والكتابة العربيين، ودورهما في عملية نقل المعرفة، وفي زخرفة المعمار وأدوات الاستعمال اليومي. ويتضمن هذا المعرض، المنظم تحت شعار " تحالف الحضارات"، والمقدم بأسلوب فني وبإخراج سينوغرافي رائع سهر على إنجازه فنان كاطلاني، كما ذكرت إينيس أليكسبورو، المنسقة العلمية للمعرض ل "المغربية"، سبعة مجسمات كبرى تعرض، عبر تيمات معينة التراث العربي الأندلسي، من خلال: الكتب والمخطوطات، والمواد الخزفية والمعدنية، والمسكوكات، والمطرزات، شاركت فيه خمسة متاحف مغربية، إلى جانب الذخائر النادرة، التي تتوفر عليها المكتبة الوطنية بالرباط. وأضافت منسقة المعرض أنه بعد النجاح، الذي حققه المعرض المتجول "حديقة الأندلس" عبر أرجاء المغرب سنة 2008، تعود مؤسسة الثقافة الإسلامية بإسبانيا، لتحط رحالها من جديد بالمغرب، عبر معرض جديد اختارت له عنوان "قلم وفن الكتاب"، لتكريم الازدهار والرقي الثقافي والعلمي والروحي للغرب الإسلامي، من خلال تقديم مجموعة من الأعمال، التي تبرز من ناحية أهمية تدوين المعارف ونقلها، ومن ناحية أخرى الرقي، الذي بلغته فنون الكتاب على مر القرون، لا سيما في بلاد المغرب والأندلس. يهدف معرض "قلم، فن الكتاب"، الذي يعد ثمرة تعاون بين إسبانيا والمغرب، بدعم من وزارة الشؤون الخارجية ووزارة الثقافة الإسبانيتين، إلى تكريم اليراع العربي في الغرب الإسلامي، ونشر بعض من مخزوناته الفريدة، وتعميمها للبرهنة على أن التبادل الفكري والعلمي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وبين بلادي الأندلس والمغرب، كان خصبا وغنيا. وفي هذا الإطار، ذكر شريف عبد الرحمان جاه، رئيس مؤسسة الثقافة الإسلامية، أن هذا المعرض "يستجيب لغرض مؤسسة الثقافة الإسلامية في إنماء مبدأ الاحترام، وفي تقريب الجمهور من هذه الثقافة الكونية، التي لا تنتمي منجزاتها إلى شعب معين أو إلى منطقة محددة من العالم، بل تعد إرثا للناس أجمعين". وأضاف عبد الرحمان جاه أن معرض "قلم، فن الكتاب" يسترجع جزءا من التراث المكتوب المذهل للأندلس والمغرب، عبر المخطوطات الفريدة والعجيبة بألوانها، ومجموعة من الإنجازات المتعلقة بعلم الفلك، والموسيقى، وعلم الرياضيات، والطب، والزراعة، والفلسفة، والتصوف، والفقه، ناهيك عن تقنيات تطوير الخط وتقنيات الكتابة وصناعة الكتاب. وحتى يتخذ المعرض طابعا حداثيا وحيا، أقام منظموه معرضا آخر بالموازاة معه لفنان مغربي يهتم بالخط، ولكنه ظل في الظل، وهو الفنان الحروفي الطاهر بوهلال، وورشات لجمع الكتب وترميمها وتسفيرها، وأخرى في فن الخط يشرف عليها الفنان محمد قرماد، إضافة إلى مجموعة من المحاضرات والأفلام الوثائقية، التي تعرف بمؤسسة الثقافة الإسلامية بإسبانيا، وبالمكتبة الوطنية بالمغرب وذخيرتها من المخطوطات، التي تبلغ حوالي 33 ألف مخطوط باللغة العربية. معرض "قلم، فن الكتاب" عبارة عن انعكاس لفلسفة ومهنية مؤسسة الثقافة الإسلامية، المنظمة الثقافية الدولية غير الحكومية، التي تأسست سنة 1982 بإسبانيا، من أجل تأسيس وتعميق الحوار الأوروبي – الإسلامي، عبر تنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية المهتمة بحوار الحضارات، وبعوائق التواصل، التي تؤرق المجتمعات. وتتكون هذه المؤسسة، التي يرأسها العالم الإسلامي شريف عبد الرحمان جاه، من مثقفين ومهنيين منتمين لميادين مختلفة، ما يضفي على أنشطتها وأعمالها صبغة التعددية في الاختصاصات، وتعتمد في مواردها المالية على مساهمات وهبات أعضائها، كما تستفيد من تمويل بعض المؤسسات الخاصة والرسمية. وتهدف مؤسسة الثقافة الإسلامية إلى إعطاء رؤية متوازنة وموضوعية عن الإسلام، قادرة على تحسيس الناس بأهمية الدور، الذي لعبه في تاريخ المجتمعات، تجاوزا للنظرة الانتقائية، والمقاربة الدونية، التي يتهم بها، منذ قرون، وإلى يومنا هذا. وتهتم هذه المؤسسة، أيضا، بمحاربة الميز العنصري والعداء للغير، وتعطي الأولوية للميادين الثقافية، والتربوية، والعلمية، والاجتماعية، بالاعتماد على برامج بيداغوجية وتواصلية، وهو ما أهلها، لتكون ضمن المجموعة الاسبانية "رابطة الحضارات"، المحدثة من طرف إسبانيا وتركيا، وتبنتها الأممالمتحدة. حصلت المؤسسة الإسلامية الثقافية على عدة جوائز في مناسبات عديدة، نذكر منها "جائزة الامتياز للمنصة الأوروبية" الممنوحة من طرف الاتحاد الأوروبي، و"الجائزة الدولية للأرشيف"، التي منحت لها تتويجا لمجهوداتها في سبيل حوار الحضارات، وأنشطتها المتعلقة بنشر الثقافة الإسلامية في أوروبا. إضافة إلى معرض "قلم، فن الكتاب"، الذي يحظى بدعم من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم الثقافة (اليونسكو)، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافة (الإيسيسكو)، سطرت المؤسسة الثقافية الإسلامية مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، مجموعة من الأنشطة، التي تهتم بالتراث الثقافي الإنساني الإسلامي. وبمناسبة المعرض أعدت المؤسسة الثقافية الإسلامية كتابا جميلا يضم معلومات وافية عن الذخائر والنفائس العربية الإسلامية باللغتين العربية والإسبانية، يباع بسعر 500 درهم للنسخة الواحدة.