يضع العديد من المواطنين المراكشيين، هذه الأيام، أيديهم على قلوبهم، خوفا من أن يستمر مسلسل انهيار المنازل الطينية، الموجودة في المدينة العتيقة، وتتحول قبورا مفتوحة للقاطنين بهاخاصة تلك التي لم تعد قادرة على الصمود، بعد التساقطات المطرية المهمة على مدينة مراكش، وبزوغ أشعة الشمس الدافئة على جدار المنازل الطينية المشبعة بمياه الأمطار، ما ينذر بعودة مسلسل الانهيارات إلى الواجهة. وخلفت الانهيارات الأخيرة في عاصمة النخيل عددا من الضحايا، وشردت مجموعة من الأسر، وجدت نفسها في العراء، وفي مواجهة ظروف طقس قاسية. وتختلف طبيعة الخطر حسب وضعية المنازل والبيوت الآيلة للسقوط، إذ يقدر عدد المنازل المصنفة في دائرة الخطر المحدق، التي يجب العمل على هدمها في الحال، بحوالي 174 منزلا، موزعة على منطقتي جامع الفنا، وباب دكالة، ب 32 منزلا لكل منطقة، في حين، تضم منطقة باب تاغزوت 24 منزلا، ومنطقة باب الدباغ 38 منزلا، ومنطقة الباهية 30 منزلا. ويبلغ عدد المنازل الآيلة للسقوط، المصنفة في خانة الدور التي تستوجب الدعم والتدخل في أقرب الآجال، 119 منزلا، موزعة على مناطق باب اغمات، وباب تاغزوت، وباب دكالة، وجامع الفنا، التي تحظى بالنصيب الأكبر، بحوالي 45 منزلا، في حين، وصل عدد المنازل المهددة بالانهيار، المصنفة في خانة الدور والمنازل التي تستوجب دعما في آجال متوسطة، حوالي 61 منزلا، بالمقابل، صنف حوالي 19 منزلا آيلة للسقوط، لم تدخل منطقة الخطورة بعد، ضمن المنازل التي تستوجب الدعم في الآجال البعيدة. وبالنظر لطبيعة البناء بالمدينة العتيقة، وتقادم المنازل، التي مرت على بنائها قرون، وفي غياب الإصلاح والترميم، تحول العديد منها إلى قنابل موقوتة قابلة للانهيار على رؤوس قاطنيها، خصوصا أن العديد منها صدرت في حقها قرارات إدارية تقضي بالهدم، إلا أن الظروف الاجتماعية للأسر تحول دون تفعيل هذه القرارات، التي تصطدم بواقع هذه الأسر الفقيرة، التي تفتقد الإمكانيات المادية، قصد البحث عن منازل آمنة. وبعد وفاة سعيدة الطايفي، جراء انهيار منزل تقطنه ثلاث عائلات على وجه الكراء، بدرب فورة، في حي باب الخميس بالمدينة العتيقة، انطلقت سلسلة الانهيارات المتوالية للمنازل الطينية بالمدينة العتيقة خلال الأيام الأخيرة، كان آخرها بداية الأسبوع الجاري، بعد انهيار منزل بدرب العرصة، في حي سيدي أيوب، لم تصمد جدرانه المتداعية، التي جرى تثبيتها بأعمدة خشبية من طرف مصالح البلدية، ولم يخلف أي خسائر بشرية. ولعل ما يبعث على الخوف من تردي الوضع، ما تشهده مختلف أحياء المدينة العتيقة من انهيارات متتالية، حولت بعض الدروب والأحياء إلى أكوام من التربة والحجارة المتخلفة عن عملية الهدم، خصوصا بدرب سيدي لحسن أوعلي، بباب دكالة، وحي قبور الشهداء، الذي كاد أن يسبب انهيار ثلاث منازل فيه في كارثة إنسانية، بعد إنقاذ حياة العديد من المواطنين، إثر محاصرتهم بأطلال الجدار المنهارة. كما تسببت أشغال الحفر، الناتجة عن إعادة هيكلة شبكة الصرف الصحي، التي باشرتها الوكالة المستقلة للماء والكهرباء بالعديد من الأحياء الشعبية بالمدينة العتيقة، في إحداث شروخ وتصدعات في جدران وأساسات المنازل، وأدت إلى هدم حوالي سبعة منازل، أصبحت تشكل خطرا على أرواح الأسر، بدرب بوعلولو، في سيدي بنسليمان، بحضور لجنة مختلطة تضم مسؤولين من مقاطعة مراكشالمدينة وعمالة مراكش والوكالة المستقلة للماء والكهرباء. وما زال العديد من المنازل قابلا للانهيار في أي لحظة بسبب الأضرار، التي خلفتها عمليات الحفر العشوائية، وسبق للعديد من المواطنين المتضررين أن تقدموا بشكايات ضد الوكالة المستقلة للماء والكهرباء لتعويضهم عن الضرر، باعتبارها المؤسسة المسؤولة عن عملية إعادة الهيكلة.