شكلت المناورة التدريبية الميدانية، التي نظمها الهلال الأحمر المغربي في منطقة عين السبع، بالدارالبيضاء، خلال الأيام الماضية، استعدادا لكوارث يمكن أن تحل بالمدينة في أي وقت..فرصة أخرى لعدد من المراقبين للشأن المحلي، لإعادة طرح مجموعة من الأسئلة حول مدى تفكير المكاتب المسيرة للمدن في تخصيص ميزانية قارة للكوارث والأحداث المفاجئة، كما هو معمول به في باقي المدن بالبلدان المتقدمة، خاصة ألا أحد يمكنه أن يتكهن بعواقب هذه الكوارث، وأثارها السلبية على المواطنين. وكانت هذه القضية طرحت بشدة، بعد الحريق الذي تعرضت له شركة روزامور، في منطقة ليساسفة، بالدارالبيضاء، في أبريل 2008، وأيضا بعد زلزال مدينة الحسيمة، ونواحيها، سنة 2004، إذ ارتفعت أصوات عدد من المتبعين، منددة بغياب أي ميزانية خاصة بالكوارث، سواء من قبل المجالس البلدية، أو المجالس الجهوية، من شأنها أن تخفف بعضا من معاناة المواطنين، الذين يكونون ضحايا هذه الكوارث. ويرى بعض المنتخبين البيضاويين أنه ليس هناك أي ميزانية خاصة بالحوادث المفاجئة، أو الكوارث الطبيعية، في المجالس الثلاثة للدارالبيضاء (العمالة، والبلدية، والجهة) وأن هذه القضية، رغم أهيمتها، لم تطرح ضمن جدول أعمال هذه المجالس، سواء في نسختها القديمة أو الحديثة. وأكد مستشار جماعي، رفض على ذكر اسمه، أن قضية تخصيص مبلغ مالي لفائدة المعوزين أو المشردين من الكوارث الطبيعية، كالفيضانات، أو انهيار المنازل، مسألة غير معترف بها في المجالس المنتخبة للمدينة، موضحا أن هذا الأمر لا يتعلق، فقط، بالنسبة للدارالبيضاء، بل يسري على عدد من المدن الأخرى، إذ ما زالت فكرة تخصيص اعتمادات مالية للكوارث في عدد من المجالس المنتخبة مغيبة، معتبرا أن الأمر ليس تقصيرا في عمل هذه المجالس، بل لأن الميزانية، التي تخصصها السلطات الوصية لهذه المجالس، يصرف جزء كبير منها لأداء أجور الموظفين، ما يجعل من المستحيل على أي مجلس تخصيص أي مبلغ إضافي للكوارث، التي يمكن أن تحدث في أي وقت، الأمر الذي يجعل تدخل الحكومة أمرا مسلما به، أثناء وقوع أي كارثة. فميزانية الدارالبيضاء، حسب بعض المنتخبين، التي تعد من أهم الميزانيات وطنيا، تصرف الحصة الكبرى منها لفائدة الموظفين، ما يجعل أي مكتب مسير للمدينة عاجزا عن تخصيص اعتمادات لكوارث قد تحل بها. لكن، هذا لا يعني الاستسلام للأمر الواقع، لأن من مهام أي مسؤول البحث عن موارد مالية جديدة، والاجتهاد في فتح قنوات أخرى، بعيدا عما تضخه الدولة في خزينة المدن، بإحداث شراكات مع القطاع الخاص، لأن الاعتماد على الميزانية المخصصة من طرف الوزارة الوصية للمدن لن يفي بالغرض، سواء على مستوى إنجاز المشاريع، أو ادخار أموال لصرفها في "وقت الحزة"، أو عملا بالمثل: الدرهم الأبيض ينفع في اليوم الأسود.