في إطار تنزيل ديناميته السياسية، عقد المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية اجتماعه العادي يومه الاربعاء 12 فبراير 2025، برئاسة السيد محمد أوزين الأمين العام للحزب. وقد خصص هذا الاجتماع لبلورة مواقف ومقترحات الحزب في شأن أهم القضايا والملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية المطروحة في الساحة الوطنية، وكذا لتقييم الأداء التنظيمي والإشعاعي للحزب واتخاد التدابير المستقبلية ذات الصلة بهذا المسار. وبعد نقاش جاد ومعمق، خلص الاجتماع الى تأكيد ما يلي: أولا: يسجل الحزب باعتزاز التطورات النوعية في مسار تحصين الوحدة الترابية لبلادنا ويدعو إلى تسريع وتيرة تنزيل الأفق الجديد للدبلوماسية الموازية؛ في هذا الإطار، يستحضر الحزب بكل فخر واعتزاز النجاحات المتلاحقة للدبلوماسية الوطنية بقيادة جلالة الملك حفظه الله، بخصوص ملف وحدتنا الترابية في مختلف المحافل الاقليمية والجهوية والقارية والدولية، وفق رؤية استراتيجية أخرجت هذا النزاع المفتعل ضد مغربية الصحراء الراسخة والمحسومة من شروطه السياسوية المتجاوزة الى أفق تنموي وحدوي يؤسس لمغرب أطلسي يفتح المجال لرهانات جيوستراتيجية جديدة قاريا وعالميا، تشكل فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة محورا أساسيا لأفريقيا الجديدة الموحدة التي لا مكان فيها لدعاة الانفصال البائد ولأنظمة إقليمية لازالت تعيش على أوهام الحرب الباردة وتمديد أزمات بلدانها وشعوبها بفزاعة العداء المجاني والمصطنع ضد المملكة المغربية المعتزة بتوابثها وبجبهتها الداخلية المتراصة وبنموذجها الحقوقي والتنموي والديمقراطي الراسخ . وفي سياق هذا المسار الدبلوماسي المتميز، يجدد الحزب دعوته لتسريع وتيرة تنزيل التوجيهات الملكية في مجال تطوير أداء ورهانات الدبلوماسية الموازية بمختلف أبعادها البرلمانية والحزبية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية، بغية محاصرة المد الانفصالي الوهمي في مختلف المحافل والبلدان والمجتمعات التي لازالت تستهلك مغالطات خصوم وحدتنا الترابية.
ثانيا: يؤكد حزب الحركة الشعبية انتصاره الموصول لمغرب الحقوق المقترنة بالواجبات، ويسجل، من موقعه في المعارضة المسؤولة، دعمه لكل السياسات الناجعة بعيدا عن حساب التموقعات وأسلوب المزايدات، مؤكدا انخراطه الفعال في الدفاع عن حقوق الوطن المواطنات والمواطنين؛ في هذا السياق ، وهو يجدد التزامه الراسخ بممارسة المعارضة وفق المنظور الحركي البناء والمسؤول والمؤطر بعمق وطني صادق وتجذر شعبي أصيل، فإن حزب الحركة الشعبية الملقح بفطرته الوطنية القادمة من عمق مغربي عريق وبتاريخه السياسي والحقوقي العميق، يؤكد إيمانه الدائم أن حقوق الوطن والمجتمع فوق كل اعتبار وفوق كل الأيديولوجيات والحسابات السياسوية العابرة، معتزا برصيده التاريخي والمتواصل لإشاعة الحريات العامة وتحصين التعددية السياسية والنقابية والجمعوية واللغوية والثقافية والتأسيس لمغرب حقوق الإنسان بمختلف أجيالها . بناء على هذه المرجعيات وبهذا الأفق السياسي الجديد، تفاعل الحزب إيجابيا مع كل الإصلاحات ذات الطابع المؤسساتي والحقوقي والمجتمعي التي لمس فيها تفاعلا مع رهانات البديل المجتمعي الحركي، والتي ترجمت أبعاد وأهداف السياسات العامة للدولة الى سياسات عمومية سواء أنتجتها الحكومة أو الجماعات الترابية. وفي المقابل، وقف الحزب وسيظل ضد كل السياسات العمومية والتشريعات التي لا تخدم مصلحة الوطن والمجتمع ولا تصون كرامة وحقوق المواطنات والمواطنين المشروعة. بهذه الروح الإيجابية، تفاعل الحزب مع الإطار القانوني للاستثمار والقوانين المهيكلة لمنظومة الصحة ومنظومة الحماية الاجتماعية، مع تحفظات تستلزم مراعاة معيار الانصاف المجالي والاجتماعي في أليات التنزيل. بالمنهجية نفسها، تفاعل الحزب مع القانون التنظيمي للإضراب لكونه حاجة مجتمعية، ولأنه في مجمله تجاوب مع القناعة الحركية المبنية على أساس دستوري ينظم الحق وكيفية ممارسته، وفق ضوابط قانونية تقر التوازن المفروض بين حقوق الأجراء والمواطنين في ممارسة الإضراب أو التظاهر السلمي بمختلف أشكاله وكذا حقوق المشغل وحقوق المجتمع. ولأن الفلسفة المؤطرة للتشريع الحركي تخدم الوطن والمجتمع ولا تقارب التشريعات بإملاءات الموقع، ولا بنفس شعبوي متلون، وذلك من منطلق أن الحركة الشعبية تشرع للوطن وللمواطن بصدق القناعات وليس لخدمة أجندات ولا أيديولوجيات ولا فئات. وبالروح النقدية البناءة ذاتها، يسجل حزب الحركة الشعبية فشل الحكومة سياسيا وتواصليا في مباشرة إصلاحات حقوقية وسياسية ومجتمعية استراتيجية من قبيل عجزها الأكيد عن فتح حوار وطني ومؤسساتي موسع حول المستقبل القانوني لمدونة الأسرة تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المعلنة منذ شهر ونصف، وعجزها عن الوفاء بالتزامها بعرض مشروع متكامل لإصلاح مدونة الشغل، وتماطلها في عرض مشروع القانون المنظم للنقابات على البرلمان لضبط حكامتها التنظيمية والمالية، وفقدانها للشجاعة السياسية لتفعيل التزامها بإصلاح ملف التقاعد بعيدا عن جيوب وأعمار الأجراء والموظفين والمواطنات والمواطنين، وعجزها البين عن دمقرطة أسس الدولة الاجتماعية اجتماعيا ومجاليا وضمان تمويلها المستدام خارج بدعة الهوامش المالية والتمويلات المبتكرة واستنفاد العائدات الضريبية للمغاربة بمنطق تأجيل الأزمات بدل الاستثمارالمنتج والمستدام في التنمية الاجتماعية المنشودة . ثالثا: يدعو الحزب الحكومة إلى تعديل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والمجالية بغاية استراتيجية عنوانها تحصين السلم الاجتماعي؛ في هذا المجال، يسجل الحزب أن الحكومة لا تزال، بعد أقل من سنة ونصف على نهاية عمرها الافتراضي، بأعطابها البنيوية واختياراتها الاقتصادية والاجتماعية غير المؤطرة بأفق سياسي واضح، عاجزة عن تحصين السلم الاجتماعي وإبداع حلول لإقرار خيار الإنصاف المجالي والاجتماعي في برمجة الاستثمارات العمومية كمرتكز للنموذج التنموي الجديد المعطل في السياسات العمومية المنتهجة والقائمة على خيار تمديد وتأجيل الأزمات بمسكنات ظرفية تخدم المؤشرات الماكرواقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية والمجالية. إذ لا حلول حكومية ناجعة لتدبير أزمة الماء المتفاقمة، ولا حلول لبناء سياسة فلاحية جديدة تحدث القطيعة مع نموذج سياسي فلاحي معتمد، منذ ما يقرب عقدين، يصدر الماء والعملة الصعبة وعاجز عن توفير اكتفاء ذاتي غدائي للمغاربة بأسعار تراعي القدرة الشرائية للمواطنين وتعالج مشاكل الفلاحين والكسابة ومربي الماشية !! نموذج اقتصادي غير قادر على الحد من هشاشة الاقتصاد الوطني وحماية القدرة الشرائية للمواطنين من تغول شركات المحروقات وغلاء كل أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات، في ظل توسع منافذ الريع الاقتصادي وتمدد مؤشرات الفساد بمختلف أشكاله، وفي ظل سياسات حكومية تمدد الفوارق الاجتماعية والمجالية بعيدا عن استلهام الفلسفة الدستورية المؤطرة لخيار الجهوية المتقدمة والموسعة في إطار وحدة الوطن والتراب. وفي المسار النقدي الإيجابي نفسه، فإن حزب الحركة الشعبية يستغرب صمت الحكومة عن قراءة واستيعاب نتائج الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 بإنذاراتها الخطيرة ومؤشراتها الحمراء وفي صدارتها بلوغ سقف البطالة، بشكل غير مسبوق، معدل وطني بلغ 21,3%، وانخفاض مؤشرات الخصوبة والتنمية المجالية الى أدنى مستوياتها، وعجز بين للحكومة عن بناء سياسات عمومية تنصف الهوية الوطنية الموحدة في تنوعها، وفي صدارتها الهوية الأمازيغية التي تشكل عمق الأمة المغربية وعنوان تميزها الحضاري وانتمائها الجيوستراتيجي . رابعا: بخصوص الدينامية التنظيمية والإشعاعية للحزب، يدعو المكتب السياسي كافة الحركيات والحركيين الى مزيد من التعبئة لتنزيل البديل الحركي بعنوان الريادة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؛ في هذا المجال، وبخصوص الشأن الداخلي للحزب، وإذ ينوه المكتب السياسي بمنجزات الحزب سياسيا وتنظيميا منذ المؤتمر الوطني الرابع عشر، المتمثلة في انتظام اجتماعات هياكله التنفيذية والتقريرية، ونجاحه في صناعة الامتداد الافقي المجتمعي عبر روابطه المهنية والقطاعية، والدينامية النوعية المؤثرة لفريقيه بالبرلمان ومنظمتيه الموازيتين، معتمدا في ذلك على تمويله الذاتي المبني على انخراطات مناضلاته ومناضليه، في ريادة غير مسبوقة في المشهد الحزبي الوطني ، بشهادة تقارير المجلس الأعلى للحسابات، فإن المكتب السياسي يدعو كافة الحركيات والحركيين إلى مزيد من التعبئة والانخراط لاستكمال التنظيم الجهوي والإقليمي والمحلي وفق ضوابط وفلسفة النظام الأساسي للحزب، وإلى الحضور النوعي والمكثف في القافلة الجهوية للسنبلة التي سيعلن عن يرامجها ومواعيدها في الأفق القريب، بغاية استراتيجية تفتح الأفق لاستقطاب مزيد من الكفاءات المجتمعية والسياسية وتحضير الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بغية استعادة الحركة الشعبية لمكانتها المستحقة في ريادة المشهد السياسي الوطني وقيادة الشأن العام الوطني والترابي .