جاء في تقرير صدر مؤخرا عن مرصد "سبتة ومليلية" المحتلتين الإسباني مما وصفها ب"استراتيجيات هجينة" أن المغرب يمكن أن يستخدمها "للتأثير على الوضع الراهن لمدينتي سبتة ومليلية". وأوصى معدو التقرير الصادر تحت عنوان "مطالبات المغرب بسبتة ومليلية من منظور المنطقة الرمادية" السلطات الإسبانية ب"مراقبة النشاط المغربي"، ودعوا إلى أخذ "المنظور الهجين" بعين الاعتبار عند تحليل سياسة الرباط تجاه المدينتين، مستحضرين واقعة اقتحام سبتة من طرف آلاف المهاجرين في ماي الماضي واصفين إياها ب"جرس إنذار". ويرى مختصون أن التقارير الإسبانية التي تحذر من التحولات العميقة التي راكمتها الدبلوماسية المغربية في مجموعة من المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، تكمن أهميتها في كونها صادرة عن دوائر القرار الإسباني أو مراكز البحث والدراسات القريبة من الحكومة الإسبانية. ومن جهة أخرى يرى محللون أنه من الصعب الحديث الآن عن مطالب مغربية لاسترجاع مدينتي سبتة ومليلية وباقي الجزر المغربية، مؤكدين أن المغرب "لم يتنازل عنهما أبدا وتبقى المطالبة بهما مسألة وقت فقط" وبأنه "رفض أي تفاوض أو مقايضة بين المدينتين المحتلتين وقضية الصحراء التي تحاول إسبانيا فرضها عليه". ومن بين المؤشرات أيضا عدم استثناء سبتة ومليلية من الخطاب الرسمي المغربي في قضايا استكمال الوحدة الترابية رغم تبوؤ قضية الصحراء مركز الأولوية في الدبلوماسية المغربية، ورفض المغرب سياسة الأمر الواقع الذي تحاول إسبانيا فرضه فيما يتعلق بالحدود البحرية في المتوسط، خاصة بعد ما أثير مؤخرا بشأن أحواض ومزارع تربية الأسماك قرب مليلية. ومن جهته يرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات أنه "من الناحية المبدئية إذا كان المغرب يسعى إلى استرداد سبتة ومليلية فهو أمر طبيعي"، معتبرا أن "سعيه إلى استردادهما بوسائل غير عسكرية ولا تعتمد على القوة هو أسلوب حضاري ينم عن ترسخ في الرؤية الاستراتيجية". وتابع شيات حديثه مبرزا أن "المغرب لديه نزاعات حدودية متعددة لا يمكن فتح ملفاتها مرة واحدة"، مشيرا إلى "أنه قد تكون من بين استراتيجياته تغيير الموقف الإسباني من قضية الصحراء، وإن كانت إسبانيا تعتقد أن استعادته للصحراء ستجعله يفكر في استرجاع سبتة ومليلية". وبحسب المتحدث ذاته فإن "الوجود الحقيقي لسبتة ومليلية يرتبط بالمغرب أكثر من إسبانيا رغم محاولات مدريد أن تجعلها قضية أوروبية بدعم من الاتحاد الأوروبي"، معتبرا بأن "الإنعاش الذي تحاول إسبانيا أن تقوم به للمدينتين هو إنعاش ظرفي لن يخفي حقيقة وجودهما في محيطهما الجغرافي الممتد على مستوى المغرب".