هكذا يؤزم تصويت البرلمان الاوروبي ضد المغرب العلاقات الاسبانية المغربية. يبدو ان العلاقات المغربية الأوروبية الآن أمام امتحان صعب وعسير للمرة الثانية، فالمغرب لم يعد يثق في شركائه الأوروبيين التقليديين منذ تصويت محكمة العدل الأوروبية ضد الإتفاق الفلاحي في الأقاليم الجنوبية سنة 2015. وهو ما أثار حفيظة الرباط، مما تطلب من الأخيرة أن تقوم بتنويع شركاء دوليين جدد ممثلين في قوى دولية صاعدة كالصين والهند وروسيا. الآن صار واضحا أن الإتحاد الأوروبي لم يعد يتعامل كطرف محايد في ما يتعلق بالخلاف المغربي الإسباني حول سبتة، فقد صار من الواضع فعلا أن الرباط تسعى لاستخدام سلاح الهجرة كآلية ضغط على السلطات الإسبانية ووضعها أمام الأمر الواقع من أجل إجبارها على الجلوس على طاولة الحوار وبدء مفاوضات جديدة تتمثل في التوصل إلى صيغة توافقية حول قضية سبتة ومليلية المحتلتين من قبل السلطات الإسبانية. فقد تقدمت الأحزاب الإسبانية بمشاريع قرار تدين المغرب في البرلمان الأوروبي. وعلى الرغم من أن هذه المسودة جد طويلة، إلا أن أبرزها يتضمن أن المغرب تهاون بشكل كبير في مراقبة الحدود وشجع على هجرة القاصرين إلى مدينة سبتة، وهو ما يفسر تناقضا وضربا بعرض الحائط لجميع المواثيق الدولية والأممية الخاصة بحماية الطفولة، هذا في الوقت الذي يتهم فيه الرباط بالتسبب في أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد بسبب استقبال ابراهيم غالي زعيم البوليزاريو نحو الأراضي الإسبانية. البرلمان الأوروبي صادق على مشروع القرار الذي تقدمت به الأحزاب الإسبانية، خاصة تلك التي تعتبر مدينة سبتة مدينة خارجية للإتحاد الأوروبي وضمن حدودها، وهذا يعتبر صفعة كبيرة للعلاقات المغربية الأوروبية ووضعها في اختبار عسير، وذلك ردا على مطالبة السلطات المغربية باسترجاع سبتة ومليلية إلى حاضنة الوطن وترسيم الحدود البحرية بين البلدين. التصويت على مشروع هذا القرار، أثار استنكار بعض أعضاء نواب الإتحاد الأوروبي، كان على رأسهم طوماس زداسوفسكي الذي انتقد حكومة بيدرو سانشير بسبب إشراكها الإتحاد الأوروبي في أزمتها مع المغرب، واصفا الأمر بالمسار الخطير، معتبرا أن المناورة العقيمة لإسبانيا ستؤدي إلى التصعيد بدلا من أن تكون فرصة للحوار بين دولتين متجاورتين. وتنظر وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الإستراتيجية الإسبانية إلى المغرب مؤخرا بعين التوجس والريبة وتتهمه بالسعي لامتلاك أسلحة وراجمات صواريخ وغواصات قد تشكل تهديدا للأمن القومي الإسباني مستقبلا، وتسعى لإيهام الرأي العام بأن الرباط قد تشن هجوما عسكريا على سبتة ومليلية مستقبلا، وازداد هذا التوجس لدى الرأي العام الإسباني منذ انتقال القاعدة العسكرية الأمريكية روتا المتواجدة في إسبانيا إلى المغرب، خصوصا وأن هذا قد يساعد في تقوية الصناعات العسكرية في المغرب، مما يجعل منها قوة عسكرية قد تشكل نوعا من التوازن مع إسبانيا وهو ما يثير المخاوف لدى الأخيرة. كما تتهم وسائل الإعلام الإسبانية الرباط دائما بالسعي لخلق لوبي مغربي في الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسبانية، من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية والترافع حول قضية الصحراء المغربية، وهو ما تفنده الرباط.