العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    الشيلي ترغب في تعزيز علاقاتها مع المغرب في ميدان البحث العلمي    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    هذه أحوال الطقس لهذا اليوم الأحد بالمملكة    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أما آن الأوان لتحرير سبتة ومليلية ؟
نشر في تطاوين يوم 24 - 01 - 2011


بقلم :محسن الندوي*
تقديم
تقع مدينة سبتة البالغ مساحتها حوالي 28 كيلومترا مربعا في أقصى شمالي المغرب على البحر الأبيض المتوسط وقد تعاقب على احتلالها البرتغاليون عام 1415 يليهم الإسبان عام 1580.
أما مليلية الواقعة في الشمال الشرقي للمغرب، فتديرها إسبانيا منذ عام 1497.
وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1992 تتمتع بصيغة للحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني عام 1995وهي صيغة لا تتضمن إقامة برلمان مستقل، بل جمعية ثم مجلسا للحكومة ورئيسا، ويحمل النواب ال25 في الجمعية صفة مستشارين.
وتبلُغ مساحة مدينة سبتة 20 كلم مربّع، ويصل تعداد سكانها إلى 74 ألف نسمة بينهم 30 ألف مغربي، فيما تبلغ مساحة مليلية 12،5 كلم مربع وسكانها 57 ألف نسمة، بينهم 20 ألف مغربي.
المبحث الاول – نظرة الى التاريخ: حتى لا ننسى
المطلب الاول - سبتة ومليلية : جذور الصراع والاحتلال
تعتبر مدينتا سبتة ومليلية إحدى مخلفات المجابهة بين العالم الإسلامي وأوربا في فترة الحروب الصليبية في القرن الخامس عشر الميلاد ي، والتي كان البحر المتوسط مسرحا لها ، فمنذ وقت طويل ارتبط مصير المدينتين بالمضيق البحري العام الذي يربط المتوسط بالمحيط الأطلسي. وقد دفعت مدينة سبتة طوال مرحلة المواجهة بين أوربا والعالم الإسلامي من خلال الحملات الصليبية ثمن موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي جعلها بوابة العالم الإسلامي للزحف على أوربا ، ومنفذ الصليبيين لإحكام السيطرة على أراضي الإسلام ، ولعل أوربا كانت تتطلع إلى احتلال هذا الثغر الإسلامي وتحويله إلى قلعة ضد تمدد أطراف العالم الإسلامي نحو القارة العجوز ، وهي تستعيد ذكرى عبور الفاتح " طارق بن زياد " منه نحو الأندلس في عام 711م. وتعود بداية سقوط المدينتين تحت الإحتلال الأوربي إلى تضعضع إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي حين بدأ الخلاف يدب بين أمراء المسلمين في الأندلس" وصاح فوق كل غصن ديك " بتعبير لسان الدين بن الخطيب في وصف حالة هذا التهارج والإقتتال بين الأمراء ، فانتهز زعماء قشتالة - إسبانيا حاليا - والبرتغال الفرصة للقضاء على الوجود الإسلامي في هذه البقاع الإسلامية ، فيما سمي بحروب الإسترداد ،وكانت غرناطة آخر هذه القلاع التي سقطت عام 1492م . والمعروف تاريخيا أنه بعد سقوط الأندلس ، أطلق بابا الفاتيكان يد إسبانيا في الساحل المتوسطي للمغرب ، والبرتغال في الساحل الأطلسي. ففي حين سقطت سبتة في يد البرتغاليين عام 1415م ، بقيت مليلية تقاوم جيوش الإسبان حتى سقطت عام 1497م ، في إطار خطة عامة للإسبان والبرتغاليين لمحاصرة أقاليم الغرب الإسلامي واحتلال أراضيه ، ومن تم تحويلها إلى النصرانية عملا بوصية الملكة " إزابيلا " الكاثوليكية المذهب، والتي نصت على ضرورة قيام الكاثوليك بغزو بلاد المغرب وتحويل المسلمين المغاربة إلى الدين النصراني. وظلت سبتة تحت الإحتلال البرتغالي في يد الإسبان عام 1735م، فدخلت تحت التاج الإسباني ولم تخرج إلى اليوم. وقد حاول المغاربة في القرون التالية لاحتلال المدينتين استعادتهما من قبضة الغزو الصليبي النصراني، ولكن دون جدوى.
المطلب الثاني - محاولات تحرير سبتة:
منذ احتلال المدينتين لم يعترف السلاطين المغاربة بتبعية المدينتين للإسبان واعتبروها جزءًا لا يتجزأ من المغرب يجب استعادته؛ ولذلك حاول المغاربة في القرون التالية لاحتلال المدينتين استعادتهما من قبضة الإسبان، وكان أبرز هذه المحاولات محاولة السلطان إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، حيث حاصر المسلمون في هذه الفترة مدينة سبتة ولم يُقدَّر لهم أن يفتحوها، وكذلك محاولة السلطان محمد بن عبد الله عام 1774م، محاصرة مدينة مليلة، ولم يفلح المسلمون في تخليصها من يد الإسبان. كما بذل سكان المدينتين من المسلمين جهودًا كبيرةً للتمرد على واقع الاحتلال في نهايات القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، وبين عامي 1921م، و1926م، قاد البطل المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة ضد الإسبان في الشمال المغربي، لكن إسبانيا تصدت لها بالتحالف مع دول أوروبية أخرى بعد أن أشعلت ثورته شرارة الجهاد في المدينتين، وحاول الجنرال فرانكو دغدغة المشاعر القومية لسكان سبتة
ومليلية لدعمه في حربه ضد حكومة الجبهة الشعبية، إذ وعدهم بمنحهم الاستقلال إذا ما تولى السلطة في إسبانيا، واستطاع بذلك تجنيد الآلاف منهم في الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م، دون أن يفي بوعده لهم، وهكذا ظل هذان الثغران المسلمان يدفعان ثمن موقعهماالجغرافي على الواجهة بين أوروبا وإفريقيا.
المبحث الثاني – نظرة الى الواقع : تشبّث اسبانيا بالاحتلال
المطلب الاول - اسبانيا وتغيير معالم سبتة ومليلية المحتلتين:
تعمل إسبانيا على جعل معالم المدينتين أكثر انسجاما مع الجو الإسباني، وتعمد إلى انتهاج أساليب عديدة، عن طريق الترغيب مرة بإغراء الشباب المغاربة من أهالي سبتة ومليلية لحمل الجنسية الإسبانية مقابل الاستفادة من منح التجنس وتسهيلات أخرى كالحصول على عمل والإعفاء من الضرائب التجارية.أو بالترهيب مرة أخرى عبر التضييق ومنع بناء المساجد أو فتح الكتاتيب القرآنية.وقد أطلقت إسبانيا أعمال تسييج للمنطقة الفاصلة بين مليلية ومدينة الناظور المغربية عام 1998 بشريط مزدوج من الأسلاك الشائكة بارتفاع يصل إلى أربعة أمتار وطول ستة كيلومترات، وهو مجهز بأحدث وسائل المراقبة التكنولوجية بتمويل أوروبي إسباني. ويعد الثاني من نوعه بعد السياج المزدوج الذي أقيم على الحدود بين سبتة والمغرب، لتتحول نقطة الحدود المسماة باب سبتة بين سبتة والمغرب منذ بداية التسعينيات إلى حدود جغرافية الاتحاد الأوروبي مع المغرب. وتلفت الزائر إلى المنطقة تلك اللوحة الكبيرة التي كتب عليها "أهلا بكم في الاتحاد الأوروبي".
المطلب الثاني - اسبانيا والتشبّث بسبتة ومليلية المحتلتين:
بعد ان جدّدت حكومات المغرب المتعاقبة دعوتها باستعادة سبتة ومليلية المحتلتين، حيث دعا الوزير الأول في الحكومة الحالية عباس الفاسي في شهر ماي الماضي، إسبانيا إلى الحوار من أجل إنهاء احتلال سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما، وذلكم خلال تقديمه حصيلة العمل الحكومي أمام مجلس النواب، "ندعو الصديقة إسبانيا إلى الحوار مع المغرب من أجل إنهاء احتلال هاتين المدينتين المغربيتين والجزر السليبة المجاورة لهما،وفق منظور مستقبلي".وأوضح أنه يتعين أن يأخذ هذا المنظور "بعين الاعتبار المصالح المشتركة للبلدين والحقائق الاستراتيجية والجيو -سياسية الجديدة، التي تجعل تجاهل حق المغرب في استرجاعها ، لا يساير روح العصر، وعلاقات حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية بين المملكتين المغربية والإسبانية".
ردت اسبانيا في الحال على تصريح الوزير الاول المغربي ، حيث كرّرت الحكومة الإسبانية بعد تصريح الوزير الاول المغربي بيوم واحد تأكيد "سيادتها" على مدينتي سبتة ومليلية في شمال المغرب. وقد أكدت ماريا تيريزا فرنانديز دو لا فيغا نائبة رئيس الحكومة الإسبانية للإذاعة الوطنية أن "السيادة والطابع الإسباني لسبتة ومليلية ليسا مطروحين للنقاش في أي شكل من الأشكال"، وأن المغرب الذي "نقيم معه علاقة جيدة، يعرف هذا الموقف."
وبدوره قال مصدر دبلوماسي إسباني لوكالة الصحافة الفرنسية إن "موقف المغرب بشأن سبتة ومليلية ليس جديدا" مؤكدا أن إسبانيا "لن تغير أيضا موقفها" في هذه القضية.هذا وقد أفادت الصحف الصادرة اخيرا بسبتة ومليلية المحتلتين أن الحكومتين المستقلتين ستتقدمان خلال الأيام القليلة القادمة بطلب رسمي الى هيئة الاتحاد الأوروبي للانضمام اليها،وبالتالي إنهاء وضعهما الاستثنائي والخاص الممتد على مدى حوالي قرن ونصف.
وحسب بعض المحللين السياسيين والمتخصصين في العلاقات الدولية والقانون الدولي فإنه في حالة موافقة الاتحاد الأوروبي على طلب الانضمام،فإنه سيفرض على المغرب رسم الحدود التجارية مع مدينتي سبتة ومليلية، وجعل المعبرين الحدوديين باب سبتة وبني أنصار نقطتي عبور قانونيتين للبضائع والسلع والمنتوجات العابرة في الاتجاهين معا، الأمر الذي سيعارضه المغرب بلا أدنى شك، لأنه يعتبر مسألة رسم الحدود بين سبتة ومليلية المحتلتين والمغرب يكتسي طابعا سياسيا وينم عن خلفية اقتصادية وتجارية محضة، حيث سيقوي في حالة قبول طلب الانضمام موقع الثغرين المحتلين داخل الاتحاد الأوروبي.
المبحث الثالث– اقتراحات وحلول استرجاع سبتة ومليلية المحتلتين:
اولا - تفعيل اقتراح خلية التفكير:
طيلة العقدين الماضيين ظلت الحكومات الإسبانية التي جاءت في مرحلة الديمقراطية بعد انتهاء عهد الجنرال فرانسيسكو فرانكو ترفض الاعتراف بمغربية سبتة ومليلية؛ إذ بالرغم من زوال نظام فرانكو الذي قاد سياسة استعمارية ضد المغرب ، فإن موضوع المدينتين بقي من اختصاص المؤسسة العسكرية كخط أحمر لا يجوز للحكومات المتعاقبة الاقتراب منه ، أو إعادة النظر فيه. وفي العام 1985 اقتنع المغرب بأن موضوع المدينتين يمكن أن يؤدي يوما ما إلى نزاع عسكري، فبادر الملك الراحل الحسن الثاني إلى اقتراح إنشاء"خلية للتفكير" بين الرباط ومدريد للبحث في حل وسط للنزاع بشكل متفق عليه بين الجانبين، وإيجاد صيغة متفاهم عليها لحكم المدينتين بشكل مشترك، لكن الحكومة الإسبانية آنذاك رفضت الاقتراح، ولم يعد الملك إلى إثارة الموضوع مجدداً بعد ذلك. وفي العام 2002 أثار العاهل المغربي الحالي محمد السادس قضية المدينتين مجدداً ، بعد فترة صمت طويلة في عهد والده، ونظرا لحساسية الموقف تراجع المغرب فيما بعد عن إثارة الموضوع لتعلق الموقف الإسباني منه بقضية الصحراء.
من جهة أخرى، تراهن الرباط على دعم إسبانيا في حل النزاع عبر منح الصحراويين حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية يقول المحللون: إنه قد يكون قريباً مما هو معمول به في الأقاليم التي تتمتع بحكم ذاتي في إسبانيا، مثل كاتالونيا والباسك. إضافة إلى أن المغرب يسعى إلى اجتذاب رؤوس الأموال الإسبانية في إطار مساعيه لتحديث اقتصاده وتشجيع الاستثمار في أفق إنشاء منطقة التبادل الحر بينه وبين الاتحاد الأوروبي في عام 2010، هذا إضافة إلى وجود جالية مغربية كبيرة في إسبانيا تتجاوز المليون شخص بين مقيم بطريقة قانونية ومقيم كمهاجر سري، تُعدّ الجالية الثانية في البلاد بعد المهاجرين المنحدرين من أمريكا اللاتينية، ويخشى المغرب أن ينعكس أي توتر في العلاقات على هذه الجالية مما يلقي عليه عبئاً إضافياً هو في غنى عنه.
ثانيا – تفعيل الدبلوماسية البرلمانية:
تلعب الدبلوماسية البرلمانية دورا أساسيا ومكملا للدبلوماسية الرسمية وذلك من خلال من الاستفادة من نفس التوجهات السياسية بين الأحزاب المغربية مع نظيراتها الاسبانية للضغط في اتجاه المطالبة بأحقية تحرير سبتة ومليلية والجزر المجاورة، ولذلك ينبغي على الدبلوماسية البرلمانية المغربية ان تصبح اكثر فاعلية واكثر دينامية ونشاط بدعوة فرق برلمانية اسبانية الى المغرب والجلوس معها ومحاولة اقناعها باحقية المغرب باسترجاع ثغوره المحتلة،وبانه ان الاوان لتحريرها او على الاقل التحدث والتطرق لهذا الموضوع الهام موضوع استكمال المغرب لوحدته الترابية.
وفي هذا الاتجاه، جدّد الاتحاد البرلماني العربي اخيرا التأكيد على "مساندته التامة والشاملة" للجهود التي تبذلها المملكة المغربية، من أجل استرجاع المدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.
وطالب البرلمانيون العرب، في البيان الختامي للدورة السادسة للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي، التي انعقدت، خلال شهر يونيو 2010، بعمان، الحكومة الإسبانية "بالشروع في مفاوضات مباشرة مع الحكومة المغربية لحل هذه القضية سلميا".
ثالثا- تفعيل الدبلوماسية الشعبية:
وذلك عن طريق تواصل جمعيات المجتمع المدني المغربي مع المجتمع المدني الاسباني ومحاولات اقناعه باحقية المغرب في استرجاع ثغوره المحتلة او بالاحتجاجات الحضارية على زيارة لاي مسؤول اسباني الى سبتة فقبيل الزيارة الاسبانية لسبتة من قبل الملك خوان كارلوس بادرت مجموعة من الجمعيات المدنية بكل من الناظور وتطوان(شمال المغرب) وسبتة ومليلية إلى التنسيق فيما بينها للتنديد بالخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الإسبانية، ونظمت وقفة احتجاجية أمام قنصلية إسبانيا في تطوان أكدت فيها أن المدينتين المحتلتين مدينتان مغربيتان، وطالبت السلطات في مدريد بفتح حوار جدي حول مستقبلهما إلى جانب الجزر المغربية المجاورة لهما، على غرار ما حصل حول هونغ كونغ بين بريطانيا والصين، بالاضافة الى ان المنظمات الحقوقية المغربية ينبغي ان تلعب دورا هاما في اثارة الراي العام العالمي حول هذه القضية الهامة قضية احتلال سبتة ومليلية والجزر المجاورة، بالاضافة الى اننا نقترح تاسيس منظمة مغربية تعنى بالدفاع عن تحرير الثغور المغربية المحتلة ، كما يمكن جمع توقيعات من داخل سبتة ومليلية والجزر المجاورة من اهلنا المغاربة هناك لرفضهم الاحتلال الاسباني الواقع عليهم وتسليم توقيعاتهم الى هيئة الامم المتحدة.
رابعا – تفعيل الدبلوماسية الثقافية:
وذلك عن طريق تفعيل دور الكتّاب والمثقفين والاعلاميين من خلال كتاباتهم ومنابرهم ومؤلفاتهم في نشر واثارة هذه القضية الهامة ، ولكن للاسف نجد قلة الكتب والمنشورات بالمغرب التي تعمل على اثارة الموضوع من خلال كتابات تدافع عن تحرير سبتة ومليلية والجزر المجاورة، بينما نجد بين الفينة والاخرى مبادرات من كتّاب ومثقفين اسبان يذكرون بمغربية سبتة ومليلية ومثال على ذلك فقد صدرمنذ سنوات قليلة كتاب جديد للدبلوماسي الإسباني المتقاعد ماكسيمو كاخال تحت عنوان "سبتة ومليلية أوليفنسا وجبل طارق .. أين تنتهي إسبانيا" وذلك رغم معارضة عدد من القوى السياسية والسلطات المحلية الإسبانية بالمدينتين المغربيتين السليبتين.
وبالرغم من أن هذا المؤلف أثار جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية الاسبانية فإنه استفاد مع ذلك من دعم مالي من وزارة التربية والثقافة الإسبانية من خلال الإدارة العامة للكتاب والأرشيفات والخزانات بلغت قيمته 850 4 يورو.وكانت السلطات المحلية الإسبانية بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين قد طلبت من دار النشر "القرن 21 سيغلو 21" أن تؤجل إصدار هذا الكتاب الذي عرض للبيع في المدن الإسبانية الرئيسية وعلى رأسها مدريد.
ويقول ماكسيمو كاخال الكاتب العام السابق في السياسة الخارجية الإسبانية والمستشار في السياسة الخارجية في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني حاليا في الكتاب الذي يقع في 303 صفحة إن على إسبانيا أن تعيد النظر بطريقة جذرية في موقفها من "قضية مدينتي سبتة ومليلية وما تبقى من تواجدها على السواحل المغربية " مذكرا بالاقتراح المغربي بإحداث خلية للتفكير ،مضيفا أن الوجود الإسباني بسبتة ومليلية والجزر المجاورة يشكل " انتهاكا متواصلا للوحدة الترابية للبلد الجار وتناقضا سافرا مع الخطاب الإسباني حول مستعمرة جبل طارق البريطانية".وقد دعا مؤلف الكتاب مدريد إلى الشروع "في تفكير مشترك مع الرباط .. يتناول كل جوانب القضية بدون استثناء قصد التوصل إلى حلول معقولة ومقبولة من طرف البلدين ولكن دون مساومة من الجانب الأسباني، كيفما كانت الآليات والآجال، على مغربية المدينتين المحتلتين".
ولا يعد كتاب ماكسيمو كاخال الكتاب الإسباني الوحيد الذي اعترف بمغربية مدينتي سبتة ومليلية والجزر المجاورة لهما ودعا إلى إرجاعهما إلى المغرب، فقد تطرق الى الموضوع الأكاديميان إينريكي كاراباثا وماكسيم دي سانتوس في كتابهما الصادر العام 1993 تحت عنوان "مليلية وسبتة.. آخر المستعمرات" اللذان يؤكدان أن "إسبانيا ما زالت متشبثة في تحد لقوانين المنطق والتاريخ والجغرافيا بثلاثة وثلاثين كلم مربع على الساحل المتوسطي المغربي" من أصل أزيد من 500 كلم.ويعتبر هذان الجامعيان أن تشبث إسبانيا بوجود عسكري وسياسي في سبتة ومليلية وسلسلة من الصخور والجزر الصغيرة يقوم على حجج أمنية ل"تبرير تسلح مكثف وزيادة تأثيرها السياسي داخل مراكز القرار والسلطة" ويدعوان بالتالي إلى "تصفية استعمار الثغرين كإجراء عادل من وجهة نظر ديموقراطية ومناهضة للاستعمار ويؤيدان في نفس الوقت "إعادة سبتة ومليلية والصخور والجزر الصغيرة المتاخمة". كما وقف الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني في بداية القرن العشرين على رأس الحركة المناهضة للاستعمار ودعا النائب الاشتراكي إينداليسيو برييتو سنة 1918 في البرلمان إلى سحب الجيش الإسباني من التراب المغربي بالرغم من التوقيع على معاهدة الحماية.
وشدد الحزب الشيوعي الإسباني منذ تأسيسه سنة 1924 على انسحاب الأسبان من سبتة ومليلية. وفي سنة 1975 حدد موقفه في "النقطة 30 من برنامجه الانتخابي" والتي تؤيد إعادة المدينتين إلى المغرب.
وقد دافع لويس خيمينيس باسكيث مرشح الحزب الشيوعي الإسباني في مليلية للانتخابات العامة في 15 يونيو 1975 خلال الحملة الانتخابية على فكرة إعادة المدينتين إلى المغرب. وفي 1986، طالب زعيم تحالف اليسار خيراردو إيغليسياس إسبانيا بفتح مفاوضات مع المغرب حول تصفية
الاستعمار بالمدينتين.
وفي كتابه الأخير "آخر حرب مع المغرب.. سبتة ومليلية" الصادر سنة 1983، اقترح الصحافي دومينغو ديل بينو في بداية الثمانينات إقامة فترة انتقالية ل"أندورا مغربية" بسيادة مشتركة في مدينة سبتة بين العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس الأول والعاهل المغربي الراحل الملك الراحل الحسن الثاني وخلق إدارة مشتركة مغربية إسبانية في المدينة.
بل إن عضوا في "جمعية سبتة ومليلية الإسبانيتين" وهو مانويل ليريا إي أورتيث دي ساراشو اعترف في كتابه "سبتة ومليلية وسط السجال" الصادر سنة 1991 أن المغرب لا بد وأن يجد في تشريع الأمم المتحدة أساسا قانونيا لمطالبه، مؤكدا أن عودة المغرب إلى "الحياة الدولية" في نهاية الحماية تميزت بتبني موقف يطالب باسترجاع ثغوره في مواجهة قوى الحماية وهو ما مثل "سلوكا منطقيا".
من جهته يدافع الأكاديمي أنخيل باليستيروس وهو خبير في القانون الدولي في كتابه "النزاع السياسي الخارجي لإسبانيا" الصادر سنة 1998 عن كون المطالب المغربية تتقوى كذلك انطلاقا من فلسفة المغرب العربي الكبير مشيرا إلى أن "معاهدة طنجة" الموقعة في شهر أبريل نيسان سنة 1958 تدعو إلى التضامن المغاربي الكامل من أجل وضع حد لكل أشكال الاستعمار في المغرب العربي.
خامسا – خيار المقاومة المشروعة وفقا مبدأ ما أخذ بالقوّة لا يستردّ الاّ بالقوة :
ان حل سبتة ومليلية والجزر المجاورة لا يمكن ان يتم الا بما قاله السلطان محمد الثالث عام 1760 عندما تفقد سبتة عن قرب واستنتج مناعتها فقال " لا مطمح فيها الا بالجد" نعم هو الجد الكفيل بتحرير سبتة ومليلية بالمقاومة المشروعة على غرار فلسطين والعراق ..هذه المقاومة المشروعة لطرد الاحتلال التي تقرها المواثيق الدولية ذات الصلة ، وفقا لمقولة "ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة".
وذلكم بناء على قرار الامم المتحدة رقم 3103 الصادر عن الدورة 28 للجمعية العامة للامم المتحدة عام 1973 ينص على :
1- ان نضال الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية في سبيل تحقيق حقها في تقرير المصير والاستقلال، هو نضال شرعي، ويتفق تماماً مع مبادئ القانون الدولي،
2- ان أي محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة، ولاعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وللاعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولاعلان منح البلاد والشعوب المستعمرة استقلالها، وتشكل خطراً على السلام والأمن الدوليين،
3- ان النزاعات المسلحة التي تنطوي على نضال الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية، يجب النظر إليها باعتبارها نزاعات دولية مسلحة بالمعنى الوارد في اتفاقية جنيف لسنة 1949 والوضع القانوني المعد لتطبيقه على المحاربين في اتفاقية جنيف (1949) وفي المستندات الدولية الأخرى التي تنطبق على الأشخاص الملتزمين في نضال مسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية.
*باحث في الشوؤن السياسية والعلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.