أكد رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي خلال مشاركته في الدورة ال143 لجمعية الاتحاد البرلماني الدولي أن التياراتُ الشعبوية والمنغلقة، وجدت الأرضيةَ الخصبة لكي تَزْدهرَ وتنْتعِشَ، ووجدت النَّزعاتُ "السيادية" مبرراتٍ جديدة مغلوطة لتلميع خطاباتِها ودعواتِها الحمائية واسْتِنْبَاتِها في التفكير الجمعي للناس. وأضاف العلمي أن هذا "النمط من التفكير الذي بدأ يجدُ أنصارَه في الشمال كما في الجنوب، يَتَرَسَّخُ الشعور بالغُبْن والتهميش والإقصاء من جانب فئاتٍ عريضة من شعوب الأرض، وخاصة في الجنوب. فقد عمقت الجائحةُ من مظاهر الفقر، وأَثْقَلت كَاهِلَ النُّظُمِ والخدمات الصحية الهَشَّةِ أصلًا، وزَادَتِ الضَّغْطَ على الإنفاقِ العمومي المتواضع أصلًا". وأكد رئيس مجلس النواب أن ما زاد من حدةِ هذا الشعور، هو "تواضع بل وضعفُ، التضامن الدولي في مواجهة الجائحة خاصة مع شعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية، كما عايشنا ذلك في ما يخص التَّزَوُّدَ باللقاحات، وكما تؤكد ذلك نِسَبُ التلقيح في القارة الافريقية التي تنتمي إليها، ونؤكد على حق شعوبها في اللقاحات والأدوية". وأضاف "في عز الجائحة، كانت الحاجة إلى البرلمانات تتصدر الأولويات من أجل اعتماد التشريعات الملائمة للسياق، وتحصين الحقوق والحريات واعتماد الميزانيات الضرورية لتمويل الاقتصاد والترخيصِ بالإِنفاق في السياق الخاص. ويُعَلِّمنا التاريخُ منذ أثينا القديمة، أي منذ 25 قرنا أن النقاش العمومي والديموقراطي، حاجةٌ سياسيةٌ ومجتمعية". وتساءل العلمي، "أَو لمْ تكن الديموقراطيةُ التمثيليةُ التعددية هي المخْرجُ من الأزمات الحادة في مرحلة ما بعد الحرب الكونية الثانية ؟ أو ليست هي ما تبحث عنه سياسيا بعض شعوب الأرض اليوم التي تعاني في الحروب الداخلية والإرهاب ؟". وأشار العلمي أن "تميلُ بعض الأطروحات إلى التأكيد على أن الديموقراطية المؤسساتية التمثيلية، التي تجسدها البرلمانات بالتحديد، أُصِيبَتْ بالعَيَاء أو التَّرهُّل، فيما تزيد النَّزَعَاتُ المناهضةُ للديموقراطيةِ البرلمانية والمؤسساتية التمثيلية، من إرهاقها". وأكد على ضرورة "إعطاء النَّفَسِ الاستراتيجي للديموقراطية وأن تكونَ أعمالُ البرلمانات ذات جدوى ومردودية، ما دامت الديموقراطية هي الضمانة الأساسية في مواجهة الفوضى وهيمنة القوة". وخلص الطالبي العلمي إلى انه لا يجب إغفال "التَّمفصل العام بين الديموقراطية والتنمية، وضرورة التصدي للفقر. وإذا كان المواطنون والمواطنات يتطلعون إلى مردوديةِ الديموقراطيةِ والمؤسساتِ التمثيلية، فإن آليات جديدة للتضامن الدولي من أجل التنمية، وتحويل الرسَامِيل والتكنولوجيات الجديدة وتكنولوجيات الصحة من الشمال إلى الجنوب، باتت حاجة مُلِحَّة. فبالموازاة مع عولمة الاقتصاد، وعولمة الفكرة الديموقراطية، ينبغي تقاسم مردود الثروات وما توصلت إليه البشرية من تقدم تكنولوجي ومن مَعَارِف". وأن ذلك لن يكون مُتَاحًا ومتيسرًا ما لم يتم بناء الاستقرار وأساسا احترام سيادة الدول ووحدتنا الترابية وتقاليدها السياسية، ذات الجوهر الديموقراطي، بالطبع.