بقلم : محمد حسيكي الصوم ركن ديني من اركان الاسلام، أوجبه الله على المسلم السليم الصحة والعقل في شهر رمضان، ورفعه عن المجنون والصبي، ورخص فيه للمريض والمسافر، والمرأة من وقت الحيض، والنفاس . ويثبت الصوم في رمضان من رؤية الهلال، أو الإعلان عن رؤيته للعموم قصد العمل بأوقات الصيام . رؤية الهلال : شهر رمضان من الشهور القمرية في الدين الاسلامي، ينسب استهلاله الى الرؤية بالعين المجردة من مداره الفضائي وجهة المدار الضوئي، الذي يهم المسلمين من الرؤية . ويكون يوم الرؤية من التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وهو يوم التحام المدارين من الفضاء، ومنه تثبت الرؤية أو تتعذر على العين المجردة . شهر رمضان : يستقبل الساكنة في المغرب كباقي بلدان العالم الاسلامي حلول شهر رمضان بالفرحة العامة وتبادل المباركة بين الافراد من شهر الصوم . وعلى المستوى المدني من التاريخ الاسلامي، يجري الاعلان عن حلوله طوافا مدويا من ارجاء الأحياء الحضرية، بالتزمير من آلة المزمار، وصوت النفر من آلة النفار، الى جانب طرق الطبل بالمضرب، والانتشاء بالعلن عن شهر الصيام . ومن الوجهة الادارية، يعيد البلد مدار الساعة الى العمل بتوقيت غرينتش الموافق للتقويم القمري خلال شهر رمضان، كما يجري تغيير مواقيت العمل بالإدارات العمومية والشبه العمومية والخاصة من ايام الأسبوع، وتكتسي الساحات العمومية والأسواق التجارية وفضاءات المساجد، ألوانا من الأنوار الليلية، وأناقة من سكينة الاجواء بالفترات النهارية . وهكذا ترى الناس منشغلين بصومهم وخدماتهم نهارا، ومستأنسين بعبادتهم وراحتهم وتواصلهم ليلا، يعمهم حفل الفرح والطمأنينة طول الشهر الفضيل . وليلة القدر من الشهر تكون ليلة عبادة وسهر تعمر فيها الساكنة المساجد وتقديم الإطعام الى المساكين، كما تأخذ الاسر من ليل الأنوار الزاهية خرجات مع صغارها كحفل السنة بالساحات العمومية والفضاءات التاريخية لأخذ الصور التذكارية، واقتناء اللعب من مجسمات ومتحركات وملابس العيد، وادخال الفرحة على الصغار واحساسهم بالزمن الجميل من الحياة . رمضان وتمديد الطوارئ الصحية : اقترن صوم رمضان من عام 1441 هجرية بتمديد حالة الطوارئ الصحية، التي تجري على المجموعة الدولية، الناجمة عن انتشار وباء كورونا فيروس الخانق للأنفاس، والمؤدي للأرواح البشرية من انتشاره بمجموع بلدان العالم . ويصنف وباء كورونا من سجل منظمة الصحة العالمية بالوباء الجائحة، الذي اكتسح جل بلدان المنظمة العالمية إن لم تكن كلها، مرتبة من وقت الوباء ومرقمة بالخانة من تعداد الحالات المشمولة بالفحص وعدد الاصابات منها، والعلاجات المقدمة اليها، ونسبة المعافاة من الوباء، وبيان الاعداد من الوفيات . وتسهر كل الدول على إعطاء بيانات يومية عن متابعتها للأحوال الوبائية من بلدانها، تتقدم بها نشراتها الاخبارية، وانشغالاتها منه وطنيا ودوليا، كالاهتمام اليومي بالأحوال المناخية من فضائها . ويتضح من الأرقام أن البلدان المتقدمة ترتفع فيها الارقام لتقدم وسائل الكشف واهتمام الافراد بأوضاعهم الصحية، بينما بلدان أخرى ترى الارقام بها ضعيفة من ضعف الامكانيات لدى الفرد والمجتمع . وفي جل الاحوال فإن جهود منظمة الصحة العالمية في متابعة الوضع الدولي بالإرشاد والتوجيه، في التعامل مع الوباء بالساحة الدولية وعمل المصالح الطبية في مواجهة وتطورات انتشار الوباء ومستجداته، تستحق التقدير من خلال تكاثف الجهود في محاصرة الوباء داخل كل دولة بالمجتمع الدولي، وسد الثغرات التي يمكن أن يحدثها أي خرق في النظام الصحي للبلد، إن استهان بالوباء . أثر كورونا على العلاقات الدولية : أثر انتشار الوباء العالمي وتفشيه بالمحيط الدولي على العلاقات الدولية، من الوجهة الصحية والاقتصادية، إذ أضر باقتصاديات المؤسسات والدول والأفراد، وربما أعاد نمو الاقتصاد العالمي وما يدور في فلكه من النماء بالبلدان الفتية الى درجة الجزيء من العدد . وهكذا وضع الوباء سكان الارض تحت الحجر المنزلي من حالة الطوارئ الصحية، وعصف بالاقتصاد الدولي من أثره على أنشطة العنصر البشري . مما جعل العديد من البلدان ذات الثقل الاقتصادي الدولي تلتف فيما بينما لإعادة تنشيط الاقتصاد، متجاهلة تحذيرات منظمة الصحة العالمية، من انتكاسة العلاج عبر خرق الحجر الصحي، مما يفسح المجال للعودة المتسرعة للوباء، بينما البلدان الاقتصادية يقودها الضغط من التحملات الاجتماعية والدولية الى إعادة تشغيل الدورة الاقتصادية في ظل الطوارئ الصحية، خوفا من تفشي مجاعة ناجمة من مقاومة الوباء على حساب الاقتصاد . المغرب والتعبئة ضد وباء كورونا : في المغرب فرضت حالة الطوارئ الصحية بالمجتمع العمل بالحجر الصحي من البيوت، والامتناع عن الخروج الى الشارع العام الا برخصة عمل من المؤسسة المشغلة، أو برخصة ادارية من السلطة المحلية، لحاجة التموين الغذائي المحدود أو التطبيب من حالة الاستعجال. وإن خرق الفرد الحجر الصحي من التنقل من غير رخصة، أو التجول من غير كمامة أو حاجة، تعرضه للعقوبة المنصوص عليها في حالة الطوارئ . ومن وجهة المعاش اليومي فقد خصصت الدولة للفئات التي تضررت خدماتها من وباء كورونا، دعما ماليا من صندوق مواجهة كورونا فيروس الجائحة، يراعي التركيبة البشرية للأسر المتضررة بالعالم الحضري والقروي، فضلا عن الدعم المقدم للمقاولات المتوقفة جزئيا أو كليا عن العمل . وهذا يعني أن المغرب وضع امكانياته الاقتصادية من المالية العامة وطاقته البشرية لمواجهة الفيروس من الوجهة الصحية، عملا بالتدابير الوقائية والاجراءات الطبية، فضلا عن مد الدعم المادي لحاجيات الشغيلة المتوقفة من العمل والمقاولة من اجل الاستمرارية في العمل، وهو عبئ أزاح من الأذهان معدل النمو السنوي، في سبيل الحفاظ على صحة الأفراد من العدوى، وسلامة المجتمع من الوباء .