قال إبراهيم الصافي، دكتور في العلوم السياسية، إن "سياسات ومخططات كل الدول تبعثرت في غفلة من العالم، وبدون سابق إنذار، وخيم الرعب على أقوى الاقتصاديات، فقط بعد شهور من تفشي وباء كورونا المستجد القادم من الصين". وأضاف الصافي أن "هذا العدو المجهري تمكّن من إحداث اضطرابات صحية وسياسية واجتماعية واقتصادية مسّت كل سكان الأرض تقريبا، بل الأكثر من ذلك عرى هشاشة التكتلات الإقليمية واستبعادها للمنظومة الصحية عن أولوياتها". وأوضح الباحث، في مقالة له تحت عنوان "17 إجراء لمواجهة الصدمة الاقتصادية والاجتماعية لتفشي كورونا في إفريقيا"، أن "تفشي هذا الوباء أظهر ثغرات واسعة في الأنظمة الصحية لمجموعة من الدول، بالخصوص منها البلدان الإفريقية التي تعاني في مجملها من هشاشة البنية التحتية الصحية". ولفتت الورقة إلى أن "أسوأ تمظهر لخطر هذا الوباء يتجلى في شل الحركة الاقتصادية والاجتماعية في هذه البلدان، وهو ما يستدعي تكاثف جهود القارة الإفريقية لمواجهة هذه الآثار السلبية، تجنبا لما قد تسفر عنه من زعزعة للاستقرار". وتابع الباحث ذاته: "في هذا السياق، تقدم الملك محمد السادس برؤية إستراتيجية إلى قادة الدول الإفريقية، تهدف إلى إرساء إطار عملياتي لمواكبة هذه البلدان في مختلف مراحل تدبيرها لتفشي فيروس كورونا المستجد، ومواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة"، وزاد: "تتطلب النجاعة الفعالة للتخفيف من الآثار السلبية لأزمة وباء كورونا على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا توفر مبدأين أساسيين، وهما الشفافية، أي إخبار الدول الإفريقية لمواطنيها بكل وضوح بالتأثير المتوقع للجائحة، أما الثاني فهو الحرص على تقديم الاستشارة والنصح لصانعي السياسات العمومية في هذه البلدان". وأوردت المقالة: "تحقيقا لهذه الغاية، أعد الاتحاد الإفريقي دراسة علمية تحت عنوان "أثر كورونا المستجد على الاقتصاد الإفريقي"، تضمنت خلاصات عملية لحزمة من الإجراءات التي تتطلب اتخاذها لمواكبة تدبير الجائحة، بالإضافة إلى إجراءات للنهوض بالقارة الإفريقية ما بعد الجائحة، حتى تكون على استعداد لكل المخاطر المحتملة في المستقبل". وتوصي الدراسة، وفق الباحث، ب"التحقق بشكل منهجي من جميع الحالات الموبوءة من أجل ضمان الكشف المبكر عن تفشي العدوى، وتأمين الحجر الصحي لجميع الحالات المصابة في المستشفيات أو المنازل وداخل حدود الدول، والاستمرار في تقديم المعطيات والإحصاءات الصحية عن تطور الحالة الوبائية والعمل مع منظمة الصحة العالمية والمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ومراجعة ميزانيات الدول الإفريقية من أجل إعطاء الأولوية للإنفاق على أنظمة الرعاية الصحية". وتردف الوثيقة: "يجب إنشاء صندوق الطوارئ للرفع من الحماية الاجتماعية، والرفع من حجم تمويل دعم البحوث الطبية والصحية، وتوفير الدعم المالي المنظم والولوج إلى قاعدة البيانات للتتبع السريع لحالات الإصابة بالوباء، وتعزيز المشاركة الشفافة للمعلومات مع المواطنين". كما توصي الدراسة ب"النظر في الاقتراض من صناديق الطوارئ في السوق المالية الدولية لدعم الإنفاق، إذ إن سعر الفائدة التجاري منخفض حاليًا، واتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية لدعم المقاولات والمقاولات الصغرى والمتوسطة والأفراد كاستجابة فورية لتوقف الوظائف المؤقتة". ويتعين على القارة الإفريقية، وفق المصدر عينه، تحويل جائحة "كورونا" المستجد إلى فرصة للتحول الإنتاجي من أجل خلق اقتصاديات قوية قادرة على الصمود أمام الصدمات الخارجية وتحقيق التنمية المستدامة لشعوبها؛ وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات ما بعد الجائحة التي أوصت بها هذه الدراسة الدول الإفريقية، منها تنويع اقتصادياتها. ينضاف إلى ذلك، تبعا للورقة، زيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز سلاسل القيمة الغذائية لتلبية الاستهلاك المحلي والقاري، ثم استكمال التوقيع والتصديق على الوكالة الإفريقية للأدوية، وإنشاء طرق مبتكرة للإنفاق على الصحة، وحشد الموارد المحلية الكافية للصحة لتمكين النظم الصحية من تلبية احتياجات الخدمات الصحية، وتسخير الثورة الرقمية لتحويل الاقتصاديات الأفريقية لتحقيق أهداف أجندة 2063 ومعالجة ظاهرة بطالة الشباب، وإتاحة الفرصة لتنفيذ تدابير الوقاية عن بعد.