بعد مرور حوالي 7 أشهر على تعيينه من طرف جلالة الملك، قبلت جنوب إفريقيا أخيرا اعتماد الدبلوماسي المغربي السابقى يوسف العمراني، سفيرا فوق العادة للمغرب ببريتوريا. ووفق مصادر دبلوماسية، فإن وزارة الخارجية المغربية قد توصلت يوم الأربعاء الماضي برسالة رسمية من طرف وزارة الخارجية الجنوب إفريقية تؤكد فيها موافقة بريتوريا. جليد الخلاف يستمر في الذوبان بين الرباطوبريتوريا وتأتي موافقة بريتوريا على اعتماد العمراني كسفير للمغرب بجنوب إفريقيا لتؤكد استمرار التقارب بين البلدين، الذي بدأ أواخر سنة 2017، حين التقى جلالة الملك بأبيدجان الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما، بعد قطيعة دبلوماسية دامت 14 سنة نتيجة اختلاف الرؤى بشأن قضية الصحراء المغربية. واتفق قائدا البلدين، خلال اللقاء، على العمل سويا، يدا في يد، من أجل التوجه نحو مستقبل واعد، لاسيما وأن المغرب وجنوب إفريقيا يشكلان قطبين هامين للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، كل من جهته، بأقصى شمال وأقصى جنوب القارة. كما اتفقا على الحفاظ على اتصال مباشر والانطلاق ضمن شراكة اقتصادية وسياسية خصبة، من أجل بناء علاقات قوية ودائمة ومستقرة، وبالتالي تجاوز الوضعية التي ميزت العلاقات الثنائية لعدة عقود. ومن المنتظر أن تشهد العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا تطورا نوعيا في ظل السياسة الإفريقية الجديدة التي بدأ ينتهجها المغرب منذ سنوات قليلة وأنهى من خلالها سياسة “الكرسي الفارغ” التي تنتهجها المملكة منذ سنوات في بعض دول القارة الإفريقية ومنظمات القارة الإقليمية. الخبير في العلاقات الدولية موساوي العجلاوي اعتبر في تصريح لموقع القناة الثانية أن هذا التقارب بين المغرب وجنوب إفريقيا يرجع إلى التغير الإستراتيجي في العلاقات بين دول الاتحاد الإفريقي، مؤكدا أن السلطات في جنوب إفريقيا لم يعد لها إمكانية تجاهل المغرب بعدما عاد لمنظمة الاتحاد الافريقي وبعد أن أصبح ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، الأمر الذي يمثل إغراءً لرجال الأعمال في تلك البلاد في العديد من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، ضمنها المالية والتأمين والنقل الجوي والتكنولوجيا الجديدة للإعلام. الخبير المغربي أوضح أنه لا ينبغي وضع انتظارات على المدى القريب، خصوصا من طرف جنوب إفريقيا، التي تعد ثاني أكبر داعم لجبهة البوليساريو بعد الجزائر. ” يجب أن نفهم أن المغرب لم يعد يطرح هذا المشكل، وبدأ يستأنف علاقاته مع دول مثل تانزانيا وإثيوبيا وزامبيا، بالرغم من مواقف هذه الدول المعادية للوحدة الترابية، وذلك فقط من أجل أن يكون هناك حضور قوي وإسماع الصوت المغربي. قد يكون هناك تحول في مواقف هذه الدول، ولكن ليس الآن،” يضيف نفس المتحدث. وتعتبر جنوب إفريقيا، بعد الجزائر، أهم مؤيد لجبهة البوليساريو داخل القارة الإفريقية، وسبق للمغرب في السنوات الأخيرة أن أحدث اختراقات غير مسبوقة في جبهة الدول الداعمة للجبهة، وضمنها نيجيريا ورواندا وإثيوبيا، بيد أن وصول حملته الدبلوماسية الجريئة الآن إلى بريتوريا قد يحقق به أكبر اختراق على الإطلاق في هذا الاتجاه باعتبارها طالما كانت تعد أقوى الدول المؤيدة لجبهة بوليساريو بعد الجزائر. ويرجع توتر العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا إلى سنة 2004، عقب اعتراف الأخيرة بجبهة البوليساريو، مما أدى إلى سحب المغرب سفيره من بريتوريا احتجاجًا على ذلك، ليدخل البلدين في فترة قطيعة دامت أكثر من 14 سنة. العمراني .. مسار دبلوماسي يوسف العمراني، الذي كان قد تم تعيينه من طرف جلالة الملك كسفير للمغرب بجنوب إفريقيا يوم 20 غشت الماضي، سيملأ موقعا كان شاغرا لمدة أربعة عشر سنة تقريبا. وليست هذه المرة الأولى التي يتولى فيها يوسف العمراني منصب سفير بل تم تعيينه في العام 1992 قنصلا عاما للمملكة المغربية في برشلونة، وسفيرا لدى جمهورية كولومبيا. كما تقلد نفس المنصب لدى كل من جمهورية الشيلي، وجمهورية المكسيك. يتحرك العمراني المولود سنة 1953، في مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية المباشرة متأبطا إجازة في العلوم الاقتصادية من جامعة محمد الخامس بالرباط ودبلوما في التدبير من معهد الإدارة في بوسطن بالولايات المتحدة، إذ شحذ معارفه بخبرة عملية في المجال بعد التحاقه بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ومن ثم اشتغاله ملحقا بديوان وزير الشؤون الخارجية والتعاون، قبل أن يلتحق كموظف دولي بالمركز الإسلامي لتنمية التجارة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وبعد سنوات من التدرج الوظيفي، التحق العمراني بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون سنة 2003، ليتم تعيينه كاتبا عاما إلى غاية انتخابه أمينا عاما للاتحاد من أجل المتوسط في يوليو 2011 خلال اجتماع لكبار مسؤولي هذه المنظمة في برشلونة مقر المؤسسة. وكان التعويل الأوروبي على العمراني كبيرا لتطبيق مشاريع التعاون بين حكومات البلدان ال15 الموجودة على ضفتي المتوسط وال28 بلدا المكونة للاتحاد، ومواكبة الإصلاحات ولتطوير المشاريع الأورو متوسطية والتحركات في جنوب المتوسط في العديد من القطاعات التي تحظى باهتمام خاص كالشباب، وبخاصة من خلال مشروع المكتب المتوسطي للشبيبة والمجتمع المدني، والتنمية الاقتصادية، والطاقات المتجددة، والحماية المدنية. ولم يستمر العمراني طويلا أمينا عاما للاتحاد بعدما تم اختياره وزيرا منتدبا للخارجية في حكومة بنكيران. ورغم المدة القصيرة التي قضاها في الإتحاد، فقد كان يعمل العمراني أثناء ولايته القصيرة على إحياء مشاريع الإتحاد الكبرى وإعادة التفكير مليا في سياساته وأهدافه باعتبار هذه المؤسسة أداة أساسية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. وبعد خروجه من صفوف الحكومة بعد انسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية واصطفافه في المعارضة عام 2013، تم تكليف يوسف العمراني بمهمة بالقصر الملكي، إلى حين تعيينه سفيرا ببريتوريا. المصدر : موقع القناة الثانية 2M