جميل أن تنتفض المعارضة ضد حكومة بن كيران في تشكيلتها الجديدة، وأن تتوعدها بموسم سياسي ساخن .. ! كما يتحدث عنه قياديو الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، الذين ينوون تقديم ملتمس الرقابة، وفق مضمون الفصل 154 من دستور 2011، وذلك وفق ما تحضره هذه المعارضة، لتجاوز الهدنة الطويلة مع الفريق الحكومي، الذي لم يتمكن من الحفاظ على استقراره وتوازنه، حتى خروج الفريق الاستقلالي. ومن المؤكد، أن المغاربة يترقبون إقدام المعارضة على هذا الإجراء الدستوري، بعد توفرها على الخمس، الذي يؤهلها لذلك، من خلال ما يمتلكه الاتحاديون والاستقلاليون من رقم، متمثلا في عدد النواب المشكل لهذا الخمس والبالغ 98 نائبا، أما إذا ما انضمت باقي الأطراف المعارضة الأخرى، فسيكون برلماننا على موعد مع معركة دستورية، قد تعجل بسقوط الحكومة، أو تمكنها من تجاوز هذه المعركة، وتعزيز استقرارها، الذي تحتاج إليه لاستكمال تنفيذها لما تعتزم القيام به فيما تبقى من مدتها إلى حين الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما في ذلك، إشرافها على الانتخابات الجهوية والمحلية قبلها. ومن موقعنا كنقابة مستقلة للصحافيين المغاربة، نتطلع إلى هذه الأجواء، التي ستتبارى فيها المعارضة والأغلبية الحكومية الجديدة، في أفق انخراطها في الإصلاحات، وبرامج العمل، التي ينتظرها المغاربة، من أجل تجاوز معضلات الحاضر، التي لم يتمكن الوطن فيه من تجاوز المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، التي تفاقمت نسب مضاعفاتها الكارثية على الشرائح الأكثر فقرا وتهميشا. ويتساءل المغاربة، هل ستظهر المعارضة بنموذج ممارسة برلمانية جديدة، أم أنها لا تقوى إلا على استنساخ نماذج السلوك السياسي المتعارف عليها، والمدانة من قبل الجميع ..؟ أم أن هذه المعارضة قادرة على إحداث التغيير المطلوب من العمل الحكومي والبرلماني ؟ وهل الحكومة بالمقابل، وفي ظل الوافد الجديد، الذي سيعزز صفوفها بدماء جديدة، قد تصلح ما أفسده من غادروا التحالف الحكومي السابق ؟ وهل سينال هذا الوافد الجديد الحقائب الوزارية التي طلبها من الحزب الحاكم ؟. المثير في مكونات المعارضة هو عدم اتضاح أي تنسيق، بين حليفي المعارضة الأساسيين، الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال من جهة، وحزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري من جهة أخرى، وانفراد حزب "التراكتور" بتوعده التجمع الوطني للأحرار بمعارضة شرسة، دون أن يفصح نوابه عن طبيعة هذه المعارضة القوية، وكيف ستكون ممارستها في غياب التنسيق مع باقي أطراف المعارضة، وعدم طرح نفس الحزب لملامح تدبيره لمعارضته للأغلبية الحكومية الجديدة، ومن المحتمل أن يفتح الحوار مع حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال حول هذا الموضوع، خصوصا أن حزب الاستقلال، يمتلك في توجهه السياسي ما يساعده على التنسيق مع الأصالة والمعاصرة، وفي جميع الظروف، لا مفر لحزب الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري من البحث عن الصيغة الملائمة لتحقيق هذا التنسيق مع حزبي لشكر وشباط، لتحديد ملامح جبهة المعارضة البرلمانية لتوظيف آلياتها في مواجهة الأغلبية الجديدة، والاتفاق على شروط الإقدام على ملتمس الرقابة في وجه حكومة هذه الأغلبية. لن نعمق النقاش في هذه الرؤى الافتراضية حول ما سيكون عليه المشهد السياسي الوطني، في ظل الحكومة الجديدة، وتهديد المعارضة بتقديم ملتمس الرقابة لإسقاطها، التي لا شك أنها ستحضر نفسها لكل التطورات المرتقبة، وستوظف كل ما تملكه لمواجهة المعارضة، التي تهدد بإسقاطها، وأملنا كبير في أن يحتكم الطرفان إلى ما يجب أن يكون عليه الصراع الديمقراطي، من نبل أخلاقي، وحوار سياسي متحضر، كما يرغب فيه جميع المغاربة، الذين ملوا من خلال أكثر من تجربة برلمانية سيطرت عليها نماذج السلوك المنحرف والمأجور والمتخلف، ويتطلعون إلى ما هو أرقى وأفضل، في هذا المجال، وليس أمامنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا انتظار أطوار هذه المعركة السياسية الدستورية لمعرفة مدى نضج أو تأخر تجربتنا البرلمانية والحكومية، التي نتطلع أن تساعد على الانخراط في أجواء ما بلغته تجارب الدول الديمقراطية، في الجوار الأوربي والأمريكي والأسيوي، وذلك ليس بعزيز على المغاربة، الذين يرغبون جميعا في ارتقاء حياتنا البرلماني والسياسية إلى ما يوجد في أرقى التجارب العالمية، وسنكون في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، مثلنا في ذلك مثل باقي المغاربة، سنكون سعداء إذا ما تمكن فرسان المعارضة والحكومة من تحدينا، وإرغامنا على الإيمان بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس .. ! وأن فاعلينا في نموذجنا البرلماني الحكومي الجديد، قادرون على ذلك، مهما كانت التحديات والفرامل والمعوقات. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة