بين من يرى أنها خطوة نحو إسقاط الحكومة عن طريق ملتمس الرقابة وبين من وصفها بالخطوة التي تخفي فشلا سياسيا، تباينت المواقف إزاء ما أعلن عنه حزب الأصالة والمعاصرة عن عزمه استدعاء الوزير الأول عباس الفاسي إلى البرلمان لمحاسبته حول منجزات حكومته طبقا للالتزامات المعلن عنها في التصريح الحكومي. فالأصالة والمعاصرة يريد أن يركب على قرار سبق أن اتخذه الوزير الأول بنفسه، يقول امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، الذي أوضح في تصريح لالتجديد أن عباس الفاسي أعلن بنفسه في فبراير الماضي أنه سيتوجه إلى مجلس النواب في أبريل الجاري، قصد تقديم تصريح بالمنجزات التي حققتها حكومته، وأضاف الخليفة أن الحزب الأغلبي يريد اليوم على بعد أيام من افتتاح الدورة التشريعية أن يركب على القرار حتى يظهر وكأنه يمارس معارضة حقيقية، مؤكدا أن الأصالة والمعاصرة يخفي بذلك فشله البيّن في القيام بأي دور لمعارضة تعرف ما تريد. وحول ما إذا كان حزب الهمّة يريد الإطاحة بحكومة عباس الفاسي عن طريق ملتمس الرقابة، أكد الخليفة أن المعارضة في إشارة إلى الأصالة والمعاصرة- لا تملك الشجاعة السياسية من أجل تقديم ملتمس للرقابة. أما محمد ضريف، المحلل السياسي، فقد ربط قرار الأصالة والمعاصرة استدعاء الوزير الأول إلى البرلمان بكونه ما يزال يبحث عن دور لنفسه في المعارضة، فحزب الهمة- يقول ضريف- وعد بمعارضة جديدة، لكن خلال الفترة الماضية تبين أنه لا شيء تغير، ولم يقدم الصورة التي وعد بها. وهو إذ يقرر استدعاء الوزير الأول نسي أن هذه الآلية نفسها ليست جديدة، بل منصوص عليها في الدستور، زيادة على أن ما سيقوله الوزير الأول في البرلمان معروف مسبقا، واستبعد ضريف أن يقدم الأصالة والمعاصرة على تجميع أغلبية الأصوات لتقديم ملتمس الرقابة، إذ لو كان جديا في ذلك فإنه سيفعل دون الحاجة إلى استدعاء الوزير الأول إلى البرلمان. أكثر من ذلك، تدرك الأحزاب جميعها وضعية الوزير الأول، الذي ألمح أكثر من مرة أنه لا يقود حكومة منسجمة يقول ضريف ، بل يقود قطاعات حكومية موالية لأحزابها، وتساءل المتحدث ما إذا كان حزب الهمة سيجرؤ مثلا على أن يحاسب الوزير الأول عن قطاع التعليم الذي يرأسه قيادي في الأصالة والمعاصرة نفسه، وهو القطاع الذي يعج بالمشاكل، ووصل الحوار فيه بين الوزارة والنقابات إلى الباب المسدود نتيجة سياسة الوزير نفسه، مما أدى إلى إضرابات نقابية متكررة. بالرغم من ذلك، فإن خطوة البام الجديدة يكتنفها غموض واضح، هل يريد الهروب إلى الأمام عن طريق إحراج الحكومة بملتمس الرقابة لإخفاء عجزه عن القيام بمعارضة قوية؟، يقول ضريف إن الأصالة والمعاصرة مازال يبحث عن ذاته، ويلمح إلى أن خطوته المعلن عنها لا تتعدى أن تكون مزايدة سياسية فقط. ويربط مراقبون، في هذا السياق، الخطوة المذكورة بتصفية حسابات سياسية ناتجة عن الصراع الذي اشتعل بين الاستقلال وحزب الهمة على إثر تصريحات عباس الفاسي التي وصف فيها الأصالة والمعاصرة مرة بأنه تمت ترضيته في عدم تطبيق المادة 5 من قانون الأحزاب، ومرة أخرى بأنه لا يملك قراره الحزبي، ثم مهاجمة حميد شباط للحزب ذاته في قضية الخمر بفاس وأمور أخرى. وفي جميع الأحوال فإن الأصالة والمعاصرة حتى لو أراد تقديم ملتمس الرقابة فإن القيام بذلك في مجلس النواب يلزمه بتجميع الأغلبية المطلقة من أصوات النواب أي 163 صوتا، طبقا للمادة 76 من الدستور، وإذا فرضنا أن تجميع أصوات الأحرار والدستوري والحركة والشعبية والأصالة والمعاصرة سهلا عليه، فعدد أصواتهم لا يزيد عن 155 صوتا، ويبقى الحزب الأغلبي- كما وصفه الخليفة- في حاجة إلى 8 أصوات. أما إذا قرّر استدعاء الوزير الأول إلى مجلس المستشارين فإن المادة 77 تشترط ثلثي أصوات المجلس للموافقة على ملتمس الرقابة، ويبلغ عدد أصوات الفرق الأربعة ,150 وينقصهم عن الثلثين 30 صوتا. ويبقى لحزب الهمّة خيار ثان طبقا للمادة نفسها من الدستور وهي ملتمس توجيه التنبيه الذي يكون مقبولا إذا وافقت عليه الأغلبية المطلقة للأعضاء. التنبيه يوجه إلى الوزير الأول الذي يحضر إلى المجلس في أجل 6 أيام، ليعرض موقف الحكومة من التنبيه، ويناقش التصريح الحكومي من قبل الأعضاء دون تصويت.