كنت طفلاً متمرداً متعباً، وأعترف أننى قد أتعبت أهلى كثيراً، أمي و أبي رحمه الله كان يحكى عنى وعن شقاوتى كثيراً، وفي الحقيقة أن أمي أنها صبرت معي وأنا طفل فى العاشرة من عمري ، وصبرت كذلك وأنا شاب فى العشرين، وصبرت أكثر وأنا رجل في تاسعة والعشريين ، ولكن صحتها لم تسعفها لكي تصبر علىّ وأنا طفل فى الأربعين! ولأننى طفل متمرد فإننى لم أكن أحب النصيحة، صحيح أننى حين كبرت قليلاً وتزوجت وانجبت طفلة صغيرة فهمت ما معنى حب الوليدين لأطفالهم وأن ذلك شكل من أشكال الخفة والشغب الطفولة لا يليق، وأن النصيحة الأباء تفيد كثيراً، خصوصاً حينما بدأت بتجربتي في العمل اكتشفت تلك النصائح التي كان يوصيني بها أبي رحمه الله قد استفدت منها أكثر مما كنت أتوقع ، ولكن ما زال فى قلبي شىء تجاه أن أطمح أن أكون ناصحا لابنتي الصغيرة ، نعم.. لا أحب أن أرى نفسى فى موضع الناصح، صحيح أننى أضطر لذلك، ولكن لو جعلتم الاختار لي أن أصعد الى منبر النصيحة . لذلك أعتبرهذا مقال الذي اكتبه بحبر قلمي وبكل أحاسيسي وأشعر بأني كأب محروم من فلدة كبذه وأوجه هذا المقال الى ابنتي ، وأقول فيها لها: لا تسمحي لأمك أن تخطف منك أحبابك ومن يحبونك وأن تفتخري وتعترفي بأن لك أسرة تفكر فيك كل دقيقة ، ولا تسمحي للخلافات التي كانت بيني وبين أمك أن تنغص علاقاتك الإنسانية وكراهيتك الى اتجاه أبوك ، وإياك أن تخسري أغلى ما ليدك في هذه الدنيا لمجرد خلاف بسيط ولا تستمعي للكلام الذي يكرهك في من يحبك ويخاف عليك ويهتم بك واسمك مرسوم في ذهنه لا ينسى أبدا . يبدأ النقاش، ثم يبدأ الخلاف، ثم يبدأ الصراخ، ثم الشجار، ثم ينصرف كل واحد وفى قلبه نقطة سوداء، وتتوالى الأيام، ونقاش بعد نقاش حتى توغر كراهية الصدور، وتزداد مساحة السواد فى القلوب، ونرى الأصدقاء فى قطيعة، والإخوة فى هم وغم، بسبب مواضيع كل واحد فيهم يملك فيها جزءا من الحقيقة، ولا أحد يملك الصواب المطلق الخطيء في انسان مكتوبة وان الخطيئة لا تولد معنا ولكن المجتمع يدفعنا اليها واسؤلو الضروف ولا تسألو الانسان .ولا أريد ان احرمك مني كما حرمت انا من أبي لكن ضروف هذه الحياة ضغطت على كل واحد منا فيجب ان تعلمي ان هذه الحياة بحر كثير امواج والخروج الى عالم النجاة ولا بدة ان تكون صراعات بين امواج . كل واحد يريد أن يثبت أنه هو الصواب، وأن الآخر هو الخطأ، وتستمر المشاحنات حتى يكره الأحباب بعضهم، وكل واحد ينتظر سير الأحداث لكي يكلم أخاه أو أخته أو صديقه أو صديقته ويقول له: «ماشي قلت ليك ما تتكلمش معى هذاك »! يقولها الانسان متعصبا ',وينفعل لنفسه من أحبابه، وكأننا فى معركة لا بد فيها من قاتل ومقتول، وكأننا نعيد مشهد قابيل وهابيل. نصيحة أوجهها لكل من يعيش مثل هذه الأحدات والصراعات الأسرية : رفقا بنفسي وبالناس، واعلم أن كل إنسان لا يعصم من يخطئ،