كثيرة هي الأبجديات التي يتعلمها طالب العلم في الجامعة عند دراسته لمواد المناهج العلمية في البحث أو غيرها من الدروس التي تهتم بتربية وتلقين الطالب الباحث كيفية التعامل مع النصوص أثناء النقل وعزوها إلى أصحابها دون التصرف فيها، وهو منهج دأب عليه العلماء القدامى أمثال ابن حزم وابن رشد والقرطبي الأندلسي. هذا الأخير الذي كتب كتابه الضخم "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام" الذي يعتبر مرجع كل باحث في العقائد خصوصا المتخصص منه في ما أصبح يصطلح عليه اليوم ب"علم مقارنة الأديان" إلا أن المتصفح لها الكتاب قد يقف حائرا مستغربا أمام الكم الهائل من النصوص والعدد الكثير من الصفحات التي دونتها أنامل الأندلسي إمامنا القرطبي رحمه، دون إشارة منه إلى صاحب النقل. ولعل من النكت العجيبة التي حصلت لي مع هذا الكتاب وأنا أحول جمع ما أراه مناسبا لتهيئ أطروحتي في مقارنة الأديان حول علم من الأعلام المغمورين الإمام الخزرجي الأندلسي ت 519-582ه الذي كان له الشأن في التأسيس لعلم مقارنة الأديان إلى جانب ثلة من العلماء كابن حزم وغيرهم...فأكتشفت أن إمامنا القرطبي المعروف بالثقة والنزاهة والتحري في نقل المعلومة على حد تعبير أحد الكتاب في مقال له نشره بموقع "قصة الإسلام"تحت عنوان "الإمام القرطبي" الذي خصص له عنوانا مستقلا "أمانة القرطبي" قد نقل عن الإمام الخزرجي ما ينيف عن 30 صفحة دون إشارة منه إلى صاحب النص الإمام الخزرجي، الذي ظلت كتبه ومخطوطاته مبثوثة بين رفوف المكتبات، تنتظر من ينفض عنها غبار النسيان، ويعيد إليها قيمتها كمادة لا محيد لطالب العلم عن الرجوع إليها. وهنا لا بد من التنبيه إلى ضرورة الإطلاع على كتب هذا المجاهد القرطبي الفقيه والمحدث والمجاهد، الذي ظل يدافع عن الإسلام، ويصد عنه كيد المنصرين وهو أسيرا مدجنا بين ظهرانيهم.