ثامر الحجامي جرت في الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتخابات رئاسة الجمهورية, بعد صراع انتخابي بين الإصلاحيين والمحافظين, أسفرت عن فوز جبهة الإصلاحيين بفارق كبير في الأصوات, وبقاء الرئيس روحاني رئيسا للجمهورية لدورة ثانية, هي الأخيرة حسب الدستور الإيراني . قدم الإيرانيون مرشحين وناخبين خلال هذه الانتخابات, دروسا رائعة في الديمقراطية تدرس للعالم, لاسيما دول المنطقة المحيطة بإيران التي تكاد تخلو من انتخابات حقيقية, باستثناء العراق الذي عاش هذه التجربة منذ 12 عاما, والتي لازالت تبعد كل البعد عما نراه في إيران, من إدارة للعملية الانتخابية التي أعلنت نتائجها في نفس اليوم, بينما في العراق تستغرق أياما أو شهور, وكذلك البرامج الانتخابية للكيانات السياسية وطبيعة خيارات الناخب العراقي, الذي يهتم بالشخوص دون النظر للبرنامج الانتخابي, الذي يهتم فيه الناخب الإيراني . فرغم التصارع الانتخابي بين الطرفين المتنافسين, لم يصل الأمر الى التسقيط والتشهير والتنكيل, والاتهام بالعمالة أو الخيانة التبعية الى دول أجنبية, ولم يجير الطرف الماسك بالسلطة إمكانيات الدولة من اجل برامجه الانتخابية, فلا إعلام حكومي يتغنى بطرف على حساب طرف أخر, ولم تعطى أموال خزينة الدولة هبات للمقربين, ولم توزع سندات قطع لأراض تبين أنها وهمية من اجل الحصول على أصوات الناخبين, ولم يستغفل الفقراء بحصة تموينية تسد رمقهم وتستعطف أصواتهم, ولا سيارات تنقل الناخبين وتتوسل بهم للإدلاء بأصواتهم, ولا وعود بالتعيينات والمشاريع ولا دعايات كاذبة ولا أخبار مغرضة, بل كل ما يجري هو استعراض للانجازات, وطرح لبرامج انتخابية قابلة للتطبيق . يقابل كل ذلك جماهير واعية همها مصلحة الوطن وصلاح المجتمع, والإتيان بقادة قادرين على قيادة دفة الحكم, وتحقيق الأمن والاستقرار للبلاد بعيدا عن الصراعات والأزمات, يؤمنون بنظام الحكم والدستور ولا يزايدون عليه من اجل تحقيق مصالحهم الشخصية والآنية, وميزانهم البرنامج الانتخابي الذي تم طرحه ومدى تحقيقه على ارض الواقع, لذلك نرى الجماهير الإيرانية قد حددت خياراتها للمرحلة القادمة, واختارت محور الاعتدال الذي يتبناه الاصطلاحيون . ولو قرأنا الواقع السياسي العراقي, لوجدناه مشابها للقراءة المرحلية في السياسة الإيرانية, التي تتطلب محور الاعتدال والوسطية, وعدم الذهاب باتجاه محاور الصراع, وهي قراء مشابهة لما يتبناه المجلس الأعلى الإسلامي العراقي, بقيادة رئيسه السيد عمار الحكيم من أوجه عدة, فهل سيختار الناخب العراقي ما اختاره الناخب الإيراني, ويستفيد من دروس الماضي ومن التجربة الإيرانية, ذلك ما ستخبرنا عنه الانتخابات القادمة .