ألقى الرئيس بوش يوم 10 إبريل الجاري خطابا حول الأوضاع في العراق،هذا نصه:"أسعدتم صباحا. قبل 15 شهرا أعلنت عن طفرة القوات (في العراق). وخلال الأسبوع الحالي قدّم الجنرال باتريوس والسفير كروكر للكونغرس بيانا مفصلا حول نتائجها.كان الهدف الفوري للطفرة في عدد القوات هو تقليص العنف الطائفي الذي هدد بسحق الحكومة في بغداد، واستعادة الأمن الأساسي للمدن العراقية، وطرد الإرهابيين من ملاذاتهم الآمنة. وكما أبلغ الجنرال باتريوس الكونغرس، فقد حققت القوات الأميركية والعراقية تقدما ملموسا في كل تلك المجالات. وفي حين لا يزال هناك عمل ينبغي القيام به، فقد تراجع العنف الطائفي تراجعا دراماتيكيا. كما انخفضت الوفيات بين المدنيين وفي صفوف العسكريين العراقيين. العديد من الأحياء التي كانت تسيطر عليها القاعدة تم تحريرها، فيما بات التعاون الذي يبديه العراقيون أقوى من أي وقت آخر في الماضي، فقد تزايد مقدار المعلومات التي يقدمها السكان وانضمت أعداد أكبر من العراقيين إلى قواتهم الأمنية وإلى حركة مناوئة للقاعدة يطلق عليها اسم "أبناء العراق".وقد ساعد التحسن في الوضع الأمني في تمهيد الطريق امام تطورات سياسية واقتصادية أتى على وصفها السفير كروكر. وهذه المكاسب تحظى بتغطية إعلامية أقل الا أنها تعتبر حيوية لمستقبل العراق. على المستوى المحلي، باشرت الأعمال التجارية باستئناف نشاطاتها وبدأت مجالس المحافظات تعقد اجتماعاتها. وعلى الصعيد الوطني هناك قدر كبير من العمل الذي ينبغي القيام به، بيد ان الحكومة العراقية اقرت موازنة وثلاثة قوانين أساسية. وبدأت الحكومة الوطنية في بغداد تتشاطر عائدات النفط مع المحافظات. كما أن الكثير من المؤشرات الإقتصادية في العراق، من إنتاج النفط الى التضخم، بدأت تسير في الإتجاه الصحيح.لكن تبقى تحديات خطيرة ومعقدة في العراق، من وجود تنظيم القاعدة الى النفوذ الهدام لإيران، إلى الحلول الوسط العسيرة المطلوبة لتحقيق المزيد من التقدم. غير أنه بسبب الطفرة حدث تحوّل استراتيجي أساسي. فقبل 15 شهرا كانت الحكومتان الأميركية والعراقية في موقع الدفاع، أما اليوم فإننا نمسك بزمام المبادرة. وقبل 15 شهرا، كان المتطرفون يزرعون بذور العنف الطائفي، أما اليوم فإن الكثير من المواطنين السنّة والشيعة من التيّار الوسطي يتصدون بفعالية للمتطرفين. وقبل 15 شهرا، كانت لدى القاعدة قواعد في العراق تستعملها لقتل قواتنا وترهيب أبناء الشعب العراقي. أما اليوم، فقد أجبرنا القاعدة على أن تكون هي في وضع دفاعي في العراق. ونحن بصدد العمل على توجيه ضربة معطلة لها. وقبل 15 شهرا كان الأميركيون متوجسين من احتمال الفشل في العراق، أما اليوم، وبفضل طفرة القوات، فقد جددنا وأحيينا فرص النجاح.وعلى أساس هذا الهدف، رفع الجنرال باتريوس والسفير كروكر توصيات بشأن المسار الى الأمام. وبعد إجراء مشاورات مستفيضة مع فريقي للأمن القومي، بمن في ذلك وزيرا الدفاع والخارجية وهيئة الأركان المشتركة، وافقت على قبول هذه التوصيات.التوصية التي يرجح أن تستأثر بأكبر قدر من الاهتمام هي مستويات القوات (في العراق). فقد أفادنا الجنرال باتريوس ان الظروف الأمنية تحسنّت بما يكفي لأن نسحب جميع الألوية الخمسة (التي كانت قد أرسلت للعراق ضمن الطفرة في عدد القوات) بنهاية يوليوز، ما يعني انه بحلول 31 يوليوز فان عدد الألوية القتالية الأميركية في العراق سينخفض بنسبة 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.وبعد ذلك، يقول الجنرال باتريوس انه سيحتاج لفترة لتوحيد قواته وتقييم مسألة كيف سيؤثر الوجود الأميركي المخفض على الظروف الميدانية وذلك قبل ان يرفع توصيات مدروسة حيال التخفيضات الإضافية في عدد القوات. وقد أبلغته انه سيمنح كل الوقت الذي يحتاجه.لقد أوحى البعض أن فترة التقييم تلك ستكون عملية "توقف مؤقت"، لكن هذا وصف مضلل لأن أيا من عملياتنا لن يجمد. عوضا عن ذلك، سيتم استعمال الأشهر القادمة لاستغلال الفرص التي أتاحتها طفرة القوات وسنواصل العمليات على جميع الأصعدة.إن جميع جهودنا ترمي الى هدف واضح وهو عراق حرّ، قادر على حماية شعبه ودعم نفسه إقتصاديا، وتولّي المسؤولية عن شؤونه السياسية. وما من أحد يريد أن يحقق هذا الهدف أكثر مما يريد العراقيون أنفسهم. وأولئك الذين يقولون إن السبيل لتشجيع إحراز تقدم إضافي هو الوقوف مكتوفي الأيدي وإجبار العراقيين على الدفاع عن أنفسهم هم مخطئون. فالعراقيون شعب فخور يتفهم جسامة التحديات التي يواجهونها وهم تواقون لمواجهتها. بيد انهم يعلمون انهم لا زالوا بحاجة لمساعدتنا إلى أن يتمكنوا من الوقوف بأنفسهم على أقدامهم. ومهمتنا في هذه الفترة المقبلة هي الوقوف صفا وحدا مع الحكومة العراقية وهي تتخذ قرارات عسيرة وتتحول الى تولي المسؤولية عن أمنها الخاص ومصيرها.وعليه، كيف سيبدو هذا التحول؟ في ميدان الأمن وبفضل التقدّم الملحوظ الذي أبلغ عنه الجنرال باتريوس الاسبوع الماضي، من الجلي أننا أصبحنا على المسار الصحيح. وفي الفترة المقبلة سنبقى في وضع هجومي ضد العدو. وفي هذا الوقت بالذات، تقوم القوات الخاصة الأميركية بشن عمليات متعددة في كل ليلة لغرض القبض على قادة القاعدة في العراق او القضاء عليهم. علاوة على ذلك، فان القوات العراقية وقوات التحالف تصعّد من عملياتها التقليدية ضد القاعدة في شمال العراق حيث يتواجد الإرهابيون بكثافة بعد دحرهم الى حد كبير من أواسط وغرب العراق. وقد بدأت حكومة رئيس الوزراء المالكي عمليات في البصرة وهي عمليات من شأنها ان توجه رسالة واضحة بأن عراقا حرا لن يتساهل بعد الآن حيال حالة الفوضى التي يشيعها المسلحون المتشددون المدعومون من قبل إيران.وفي الفترة المقبلة، سنتابع تدريب، وتقديم العتاد، ودعم قوات الأمن العراقية وسنواصل نقل مسؤوليات الأمن اليها وذلك في الوقت الذي تصبح فيه المحافظات جاهزة، وسنتتقل مع مرور الوقت لممارسة دور إشراف عام. ويتبين ان قوات الشرطة والجيش العراقيين أصبحت أكثر قدرة وهي تقود الكفاح لإشاعة الأمن في بلدها. ومع تولي العراقيين دورا أساسي في توفير الأمن، ستركز القوات الأميركية اهتماماتها بصورة أكبر على غارات مهدّفة ضد الإرهابيين والمتطرفين، فيما يتواصل تدريب القوات العراقية، وستكون (القوات الأميركية) موجودة لمساعدة قوات الأمن العراقية اذا اقتضت الحاجة ذلك.وعلى الجبهة الإقتصادية، يسير العراق قدما. فمع تنامي الإقتصاد العراقي، ترتفع عائدات النفط فيما يتسع الإنفاق على المشاريع الكبرى وبدأ دورنا الإقتصادي في العراق يتبدل. وبحسب الموازنة التي أقرها العراقيون مؤخرا فانهم سينفقون مبالغ أكثر مما ننفقه نحن على الإعمار في العراق بأكثر من عشرة أضعاف. كما أن التمويل الأميركي لمشاريع الإنشاءات الضخمة بدأ يقترب من الصفر. وستنخفض حصتنا من نفقات الأمن العراقية مع مباشرة العراقيين بدفع رواتب الغالبية العظمى من أفراد جيشهم وشرطتهم. وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال. وفي نهاية المطاف نتوقع من العراق أن يتحمل كامل أعباء هذه التكاليف. وفي الفترة المقبلة، سيبتعد الإقتصاد العراقي عن المساعدات الأميركية وسيعتمد على استثمارات خاصة، وسيقف على قدميه.وفي الميدان السياسي، شهد العراق تقدما من لأساس إلى أعلى، وذلك بعد أن بدأت قبائل وجماعات أخرى في المحافظات التي كافحت الإرهاب بالتحول الى إقامة بناها السياسية المحلية وتولي شؤونها الخاصة. والتقدم في المحافظات يقود الى تقدم في بغداد وذلك مع نزوع الزعماء العراقيين الى العمل سوية وتقاسم السلطات الى حد أكبر، وتوصلهم الى حلول وسط باسم بلادهم. والانتخابات المقبلة ستعزز هذا التقدم اذ ستوفر للعراقيين طريقة لتسوية خلافاتهم من خلال عملية سياسية بدلا من العنف. وينوي العراقيون إجراء انتخابات في المحافظات في وقت لاحق من هذا العام وستعقب هذه الإنتخابات انتخابات وطنية في العام 2009.وعلى الجبهة الدبلوماسية سيزيد العراق من تعاطيه مع دول العالم، وعلى العالم ان يزيد تعامله مع العراق. ومن أجل المساعدة في هذا المجهود، أشرت على السفير كروكر والجنرال باتريوس ان يزورا المملكة العربية السعودية في طريق عودتهما الى العراق. وأوعزت الى كبار دبلوماسيينا بأن يلتقوا بالمسؤولين في الأردن، ودولة الإمارات، وقطر والكويت ومصر. وفي كل من عواصم هذه البلدان سيطلعونهم على الوضع في العراق وسيحثون بلدانهم على فتح سفاراتها في بغداد، وزيادة دعمها العام للعراق. وستتبع ذلك زيارة الوزيرة رايس الى مؤتمر الجيران الموسع الثالث في مدينة الكويت ومؤتمر الميثاق الدولي الثاني مع العراق الذي سيلتئم في ستوكهولم.إن عراقا مستقرا وناجحا ومستقلا يصب في المصالح الإستراتيجية للدول العربية. وكل الذين يريدون السلام في الشرق الأوسط ينبغي ان يدعموا عراقا مستقرا وديمقراطيا. ونحن سنحثّ كل دول العالم على زيادة دعمها هذا العام.وعلى نظام الحكم في طهران أن يتخذ هو الآخر خيارا هنا. فبإمكانه ان يعيش بسلام مع جارته وان يتمتع بروابط اقتصادية وثقافية ودينية متينة معها. أو من ناحية ثانية يمكنه أن يواصل تسليح وتدريب وتمويل جماعات المليشيات غير المشروعة، التي تقوم بترهيب الشعب العراقي وتحويلهم إلى شعب معاد لإيران. واذا اختارت إيران الخيار الصحيح، ستشجع أميركا قيام علاقة سلمية بين إيران والعراق. واذا اختارت إيران الخيار الخاطئ، فإن أميركا ستعمل من أجل حماية مصالحنا وقواتنا وشركائنا العراقيين.وفي كل من هذه الجبهات والمجالات، الأمنية والإقتصادية والسياسية والدبلوماسية، ينبري العراقيون لتولي مسؤوليات أكبر من اجل خير شعبهم ومصير بلادهم. وفي جميع هذه الجبهات ستمارس أميركا دورا متزايد الدعم. وعملنا في العراق لا يزال يقتضي تضحيات من قبل كامل أمتنا، لا سيما من قبل عسكريينا ولفترة من الزمن. ومن أجل تخفيف الأعباء عن كاهل جنودنا وأفراد أسرهم أصدرت تعليماتي الى وزير الدفاع كي يخفض فترات الخدمة (في العراق) من 15 الى 12 شهرا بالنسبة لجميع الجنود في الخدمة الفعلية في منطقة عمليات القيادة الوسطى. وهذه التغييرات ستصبح نافذة وستطبق بالنسبة للجنود الذي ينشرون بعد 1 غشت. كما سنكفل ان وحدات جيشنا ستمضي ما فترته سنة على الأقل في الوطن لقاء كل سنة خدمة في الميدان. إن أمتنا مدينة بامتنان خاص الى جنودنا والى عائلاتهم التي ساندت هذه الخدمة المطولة. كما اننا نتوجه بشكر خاص الى كل الذين خدموا قضية الحرية في العراق.إن الضغوط على قوتنا حقيقية لكن هيئة الأركان المشتركة أكدّت لي ان قواتنا التي هي قوات من المتطوعين في الأساس هي قوية وتتصف بالمرونة بما يكفي كي تحارب وتكسب هذه الحرب على الإرهاب. إن الإتجاهات في العراق هي إيجابية. وقواتنا تريد الظفر. وتجنيد القوات والإحتفاظ بها ظلا قويان خلال فترة طفرة القوات في العراق. وأنا أومن بالتالي: إن أضمن طريقة لإحباط المعنويات وإضعاف القوة (العسكرية) تتمثل في الهزيمة في العراق.إن أحد عوامل ضمان أن جيشنا سيبقى جاهزا هو توفير الموارد التي يحتاجها وعلى وجه السرعة. وسيدرس الكونغرس قريبا طلبا حيويا وطارئا لتمويل الحرب. وسيتعين على أعضاء الكونغرس أن يقروا قانونا يوفر لقواتنا الأموال التي تحتاجها، ولا يقيد ايدي قادتنا العسكريين او يفرض جداول زمنية مصطنعة للإنسحاب. ويجب ان يتحلى هذا التشريع بالمسؤولية المالية. ويجب الا يتجاوز هذا الطلب المعقول الذي طلبته من الكونغرس قبل عدة أشهر باعتماد 108 بليون دولار. وإذا استوفى هذا التشريع كل هذه المتطلبات، فإنه سيكون بمثابة إظهار قوي للدعم الى قواتنا. واذا كان بخلاف ذلك فإني سأنقضه.إن البعض في واشنطن يجادلون بأن الحرب تكلف أموالا باهظة. ليس هناك من شك بأن تكاليف هذه الحرب عالية. لكن خلال نزاعات كبيرة أخرى في تاريخنا، كانت التكاليف النسبية حتى أعلى من ذلك. فكروا بالحرب الباردة. خلال إدارتي ترومان وآيزنهاور، ميزانيتنا الدفاعية ارتفعت إلى حوالي 13 بالمائة من مجمل اقتصادنا. وحتى خلال حكومة ريغان، عندما اتسع اقتصادنا اتساعا كبيرا، شكلت مع ذلك الميزانية الدفاعية حوالي 6 بالمائة من مجمل الناتج القومي. وقد أقر مواطنونا بأن حتمية وقف التوسع السوفياتي بررت هذه النفقات. واليوم، نحن نواجه عدوا ليس توسعيا في أهدافه فحسب، بل إنه هاجم فعلا وطننا، وهو ينوي أن يفعل ذلك مرة أخرى. ومع ذلك تشكل ميزانيتنا أكثر قليلا من 4 بالمائة من اقتصادنا، أقل من التزامنا في أي حد أثناء العقود الأربعة من الحرب الباردة. وهذا مع ذلك يشكل مبلغا كبيرا من المال، ولكنه جزء، جزء متواضع من ثروة البلاد، وهو يخبو عندما يقارن بكلفة هجوم إرهابي على شعبنا.يجب أن نكون قادرين على الموافقة على أن هذا عبء يستحق بأن يجري تحمله. ويجب أن نكون قادرين على الموافقة على أن مصلحتنا الوطنية تتطلب نجاح مهمتنا في العراق.العراق هو نقطة التقاء اثنين من أعظم التهديدات لأميركا في هذا القرن الجديد، القاعدة وإيران. إذا فشلنا هناك، فإن القاعدة ستدعي أنها حققت انتصارا دعائيا بنسبة هائلة، ويمكنها أن تكسب ملاذات آمنة في العراق تهاجم منها الولاياتالمتحدة، وأصدقاءنا وحلفاءنا. وإيران ستعمل على ملء الفراغ في العراق، وإخفاقنا سيشجع قادتها الراديكاليين ويلهب مطامعهم للسيطرة على المنطقة. وستنمو طالبان في أفغانستان والقاعدة في باكستان من حيث الثقة والجرأة. وسيستخلص المتطرفون القساة حول العالم نفس الدرس الخطر الذي استخلصوه من تراجعنا في الصومال وفيتنام. ومن شأن ذلك أن يضعف مركز بلدنا في العالم، ويؤدي إلى إصابات إنسانية هائلة، ويزيد من خطر وقوع هجوم إرهابي آخر على وطننا.من ناحية أخرى، إذا نجحنا في العراق بعد كل ما استثمرته القاعدة وإيران هناك، فسيكون ذلك ضربة تسدد إلى الحركة الإرهابية العالمية ونكسة قاسية لإيران. وهو سيظهر للعالم الذي يراقب الوضع بأن التيار العربي العام يرفض ايديولوجية القاعدة، وأن التيار الشيعي العام يرفض ايديولوجية نظام إيران الراديكالي. إنه سيعطي أميركا شريكا جديدا لديه اقتصاد نام ونظام سياسي ديمقراطي يعمل فيه الشيعة والسنة والأكراد معا من أجل خير بلدهم. وسيجعلنا هذا من كل هذه النواحي أقرب إلى تحقيق أهم هدف لدينا، وهو جعل الشعب الأميركي أكثر أمانا هنا في الداخل.وأود أن أقول كلمة لجنودنا ومدنيينا العاملين في العراق. لقد عملتم بمهارة لا تصدق وفي ظروف عصيبة. إن التحول الذي جعلتموه ممكنا في العراق هو إنجاز رائع في التاريخ الأميركي. وفي حين أن هذه الحرب صعبة إلا أنها ليست بلا نهاية. ونحن نتوقع بأنه بينما تستمر الظروف على الأرض في التحسن، فإنها ستمكننا من أن نواصل سياسة العودة بنجاح. وسيحل اليوم الذي يكون فيه العراق شريكا كفؤا للولايات المتحدة. وسيحل اليوم عندما يصبح العراق ديمقراطية مستقرة تساعد على مقاتلة أعدائنا المشتركين وتنمي مصالحنا المشتركة في الشرق الأوسط. وعندما يحل ذلك اليوم، ستعودون إلى الوطن معتزين بنجاحكم وبامتنان أمتكم جمعاء. فليبارككم الله." وقد سبق أن قال الرئيس بوش إن تحسن الأحوال الأمنية في العراق يعبر عن "تغير استراتيجي رئيسي" من شأنه التمهيد لاستمرار العراقيين في تحقيق تقدم سياسي واقتصادي وانتقال الولاياتالمتحدة إلى دور مساند في العراق.وأضاف بوش قوله "إن مهمتنا في الفترة القادمة هي الوقوف إلى جانب الحكومة العراقية أثناء اتخاذها الخيارات الصعبة وتحقيق انتقال مسؤولية أمنها ومصيرها إليها." وقال "إن من الواضح أننا ماضون في المسار الصحيح."وجاء إعلان بوش بعد يومين مثل خلالهما سفير الولاياتالمتحدة لدى العراق رايان كروكر وقائد قوات الائتلاف في العراق الجنرال ديفيد باتريوس أمام لجان مجلسي الشيوخ والنواب حيث أدليا بشهادات قالا فيها إنه تم على أثر البدء بتطبيق استراتيجية الطفرة في العراق في العام 2007 تحقيق تقدم "هش وقابل للزوال." وكانت الولاياتالمتحدة قد أرسلت إلى العراق 30,000 ألف جندي إضافي لمساعدة العراق في استعادة السيطرة على البلاد وتخليصها من المتطرفين وتمهيد السبيل أمام الإصلاحات السياسية وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.وأعلن بوش أنه سيتخذ إجراءاته بالنسبة للتوصيات التي قدمها كروكر وباتريوس، بما فيها سحب خمسة ألوية من القوات الأميركية بحلول 31 يوليوز، وهو تخفيض يشكل نسبة 25 بالمئة من عدد القوات الأميركية في العراق. وستتبع الانسحاب فترة تستمر 45 يوما يجري خلالها تعزيز وتقييم الوضع قبل تقديم مزيد من التوصيات.وقال بوش إن اضطلاع وحدات الشرطة والجيش العراقية بالمسؤولية ودور الصدارة في تزايد وإن الولاياتالمتحدة ستستمر في توفير التدريب والتجهيز والدعم لتمكينها من الحفاظ على بلادها ثم نقل مسؤوليات الأمن إلى المحافظات عندما تصبح مستعدة لذلك.أما سياسيا، فقال بوش إن العراق يشهد "تقدما من القاعدة ارتفاعا إلى أعلى" مع التقاء المسؤولين وشيوخ العشائر واتحادهم على بناء الحكومات المحلية، وذلك في الوقت الذي أقر فيه القادة القوميون ثلاثة قوانين إصلاحية جديدة وميزانية، وهم بسبيل الإعداد لجولة جديدة من انتخابات المحافظات والانتخابات القومية. وأضاف بوش أنه "بينما يتزايد تعاون القادة العراقيين في العمل، فإنهم يشتركون في السلطة ويتوصلون إلى الاتفاق والتوافق بالنيابة عن البلاد."وأشار بوش إلى أن العراق سائر على طريق التقدم الاقتصادي متيحا إمكانية تغيير آخر في دور أميركا في العراق. وأوضح أن تحسن الوضع الأمني قد سمح بنشوء أعمال تجارية جديدة، وأتاحت الإصلاحات أمام الحكومة القومية المركزية البدء بمشاركة المحافظات في عائدات النفط. وأضاف أن "اقتصاد العراق سيشهد في الفترة القادمة انخفاضا متزايدا في الاعتماد على المساعدات الأميركية واعتمادا متزايدا على الاستثمارات الخاصة وعلى نفسه."وحث بوش جيران العراق على الانضمام إلى الولاياتالمتحدة في حفز مزيد من التقدم، وأعلن أن كروكر وباتريوس سيزوران السعودية وأن الدبلوماسيين الأميركيين سيجتمعون بالمسؤولين في الأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت ومصر لحثهم على إعادة فتح سفاراتهم في بغداد.ونبّه بوش إلى أن وجود "عراق مستقر ناجح ومستقل هو في المصلحة الاستراتيجية للدول العربية وعلى كل أولئك الراغبين في السلام في الشرق الأوسط أن يدعموا قيام عراق مستقر ديمقراطي. ونحن سنحث كل الدول على زيادة دعمها هذا العام."إلا أن بوش أشار إلى أنه ما زالت هناك تحديات جدية ومعقدة بينها استمرار دور المليشيات التي تساندها إيران المجاورة.وقال بوش "إن أمام النظام في طهران أيضا خيارا ينبغي عليه أن يتخذه، وهو إما أن يعيش في سلام مع جيرانه ويتمتع بروابط اقتصادية وثقافية ودينية متينة، وإما أن يستمر في تسليح وتدريب وتمويل جماعات المليشيات غير القانونية التي ترهب الشعب العراقي وتحوله ضد إيران. وإذا اتخذت إيران الخيار السليم، فإن الولاياتالمتحدة ستشجع على قيام علاقات سلمية بين إيران والعراق. إما إذا أخطأت إيران الاختيار فإن أميركا ستعمل على حماية مصالحنا وقواتنا وشركائنا العراقيين." .وفي نفس الموضوع،قدم السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر والجنرال ديفيد باتريوس، قائد القوات العسكرية الأميركية في العراق، في الفترة بين 8 و9 إبريل الجاري، شهادات أمام أربع لجان في الكونغرس الأميركي تستهدف استعراض التقدم في مهمة التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة في العراق خلال الأشهر الستة الماضية.والغاية من جلسات الإستماع هذه هي إتاحة الفرصة للكونغرس لكي يحدّد أية مسارات عمل ينبغي على حكومة الولاياتالمتحدة أن تتبعها في الأشهر الستة القادمة في العراق، وما إذا كانت طفرة القوات الأميركية في العام الماضي قد أدت إلى إنجاز الأهداف التي رسمها الرئيس بوش لهذه الطفرة في حينه.واتفتتحت جلسات الاستماع يوم الثلاثاء 8 إبريل حينما عقدت لجنة القوات المسلحّة التابعة لمجلس الشيوخ جلسة صباحية تبعتها جلسة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية فيه بعد ظهر اليوم ذاته للاستماع إلى شهادات المسؤولين. أما لجنة القوات المسلحة ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب فقد عقدتا جلستي الإستماع إلى شهادتي الرجلين صباح وبعد ظهر الأربعاء 9 الجاري على التوالي.واحتلت هذه الجلسات حيزا هاما ومباشرا في الإنتخابات الرئاسية هذا العام التي ستجرى بعد سبعة أشهر. وعرفت حضور المتنافسون الثلاثة الرئيسيون على ترشيح حزبيهما السياسيين جلسات الاستماع مما أضفى قدرا أكبر من الإثارة. وهؤلاء هم السناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري المفترض، والسناتور هيلاري كلينتون ومنافسها السناتور باراك أوباما، المرشحان الديمقراطيان المتنافسان على ترشيح الحزب الديمقراطي لهما لانتخابات الرئاسة.ويذكر أن ماكين هو كبير الأعضاء الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة كما أن كلينتون عضو في هذه اللجنة. اما أوباما فهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية.وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية السناتور جو بايدن: "في شتنبر الماضي أدلى السفير كروكر والجنرال باتريوس بشهادتين حول وضع طفرة القوات (في العراق). وأبلغانا أن الطفرة ستبدأ بالإنحسار في الربيع – وأنهما سيأتيان الى هنا ليرفعا توصية الى الرئيس والكونغرس حول ما ينبغي ان تكون عليه الخطوة التالية."وأقرّ بايدن بأن مستوى العنف في العراق تراجع منذ بدء طفرة القوات البرية الأميركية في العام الماضي الا أن الوحدة السياسية التي كان من المقرر ان تشهدها الحكومة العراقية لم تبلغ المستوى الذي يرتضيه.وقال بايدن: "العراق ليس موجودا في فراغ. ففي كل يوم إضافي نبقى فيه على نفس هذه المستويات [من القوات] سيرتفع الثمن الذي ندفعه بصورة أكثر حدة – وهذا الثمن هو المخاطر التي تحدق بجنودنا، والضغوط التي تواجهها أسرهم واستنزاف خزينتنا والأثر على جهوزيتنا والضرر الذي قد يلحق بمكانتنا في العالم."وقد اضافت الطفرة خمسة الوية قتالية الى القوات الاميركية في العراق ما جعل مجموع القوات يبلغ 160 ألف جندي. وقد بدأ سحب بعض قوات الطفرة في كانون الأول/ديسمبر، 2007 ويتوقع ان يستقّر سحب القوات هذا في الصيف.وقد أفيد ان الرئيس بوش الذي سيطلعه على المستجدات كل من الجنرال باتريوس والسفير كروكر على انفراد سيلقي كلمة يتناول فيها العمليات العسكرية في العراق.وقال جون بينير، زعيم الأقلية (الجمهورية) في مجلس النواب: "إن الكونغرس يتحمل مسؤولية الإصغاء الى الشهادات وأن يسند افعالنا الى الحقائق لا الى التزام بإنسحاب يستند الى العقيدة بدلا من الحقائق."ومن ناحيتهه، ذكر السناتور الديمقراطي كارل ليفين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ انه لا يتوقع حدوث تغيير كبير ما لم يضمن مجلس الشيوخ أغلبية 60 صوتا لغرض تغيير السياسة.وتستمدّ صلاحية الكونغرس بالإشراف من خلال جلساته للاستماع الى الشهادات من السلطات الضمنية التي ينص عليها الدستور الأميركي، فضلا عن القوانين العامة وأعراف مجلسي الشيوخ والنواب. وطبقا لفريدريك كايزر من مصلحة الأبحاث في الكونغرس، فهذه "السلطات الضمنية هي جزء من النظام الأميركي للضوابط والتوازن."وهناك رأي طويل العهد في النظام السياسي الأميركي ان الكونغرس، الذي يمثل الفرع التشريعي للحكومة الأميركية، ينبغي ان يستعرض ويراجع روتينيا، وأن يراقب ويشرف على، عمليات ونشاطات الفروع الأخرى للحكومة وعلى وجه خاص السلطة التنفيذية التي يرأسها الرئيس وتضم العديد من الوزارات والهيئات الحكومية.وخلال العام تعقد لجان الكونغرس ولجان منبثقة عنها مئات جلسات الاستماع الى الشهادات. وتتلقى هذه اللجان العديد من الإفادات والتقارير التي تقع في آلاف الصفحات من مسؤولين حكوميين وكذلك من خبراء أكاديميين ومهنيين من خارج الحكومة.و أكد أرفع مسؤولين أميركيين، دبلوماسي وعسكري، في العراق أنه قد تم إحراز تقدم في العراق منذ بداية طفرة القوات الأميركية هناك في العام الماضي بإيعاز من الرئيس بوش. إلا أن توقفا مؤقتا في عملية خفض عديد هذه القوات هناك أصبح ضروريا من أجل تقييم الأثر البعيد الأمد لهذا الإجراء.وفي مؤتمر صحفي مطوّل عقداه يوم الخميس، 10 الجاري في العاصمة واشنطن، شدّد كل من السفير الأميركي لدى العراق وممثل الرئيس بوش الخاص فيه ريان كروكر، والجنرال ديفيد باتريوس، القائد العسكري لقوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة في العراق، على أن هناك عناصر سياسية وأمنية ذات دلالة يجب أخذها في الاعتبار كي تقرر الحكومة الأميركية سرعة الانسحاب وعدد القوات التي ستسحب من العراق.وتدعو الخطط الراهنة إلى سحب خمسة ألوية قتالية للجيش الأميركي وكتيبتين من قوات المارينز بحلول نهاية شهر يوليوز. وأشار باتريوس إلى أنه بعد سحب قوات الطفرة تلك، فإنه طلب من الرئيس بوش فترة 45 يوما لإجراء تقييم وتوحيد للقوات على أن تتبعها فترة أطول للمراجعة. وقد أعلن الرئيس بوش يوم 10 الجاري أنه سيوافق على توصيات كروكر وباتريوس مشيرا الى ان قوة ذات حجم لا بأس به ستبقى في العراق حتى بعد ان يتسلم رئيس أميركي جديد مقاليد الحكم في يناير القادم.ولم يبدّل الرئيس بوش نهجه حيال وضع القوات في العراق منذ العمليات العسكرية الأولى في العام 2003. وهو يقيم قراراته على توصيات قادته العسكريين ومسؤوليه المدنيين في العراق ممن يتخذون قرارتهم تبعا للظروف هناك.وقد عقدت أربع لجان في الكونغرس جلسات الإستماع تلك هذا الأسبوع وكان الهدف منها تقرير ما إذا كانت السياسات الأميركية تعمل على تحقيق الأهداف المنشودة، او، بخلاف ذلك، ما اذا كان ينبغي إحداث تغيير هام في المسار.وقال باتريوس يوم الخميس، 10 الجاري: "كما شرحنا على مدى اليومين الماضيين،... اننا في مسارنا المرسوم كي نعيد نشر أكثر من ربع قواتنا القتالية الميدانية، اي بواقع خمسة ألوية من أصل عشرين، وكتيبتي مارينز. وهذا الخفض الكبير هو الذي قادنا الى رفع توصية بإتاحة وقت لريثما تهدأ الأمور قليلا، ويقينا كي نجري تقييما في الفترة التي تبدأ الأمور فيها بالهدوء." وكرّر كروكر نقاطا هامة أدلى بها في شهاداته ومفادها أن العنف إجمالا تراجع في العراق الا أنه يبدو جليا ان إيران المجاورة لعبت دورا في تسليح وإعادة تسليح المتمردين. وأضاف ان الولاياتالمتحدة جاهزة لإجراء جولة جديدة من محادثات أمنية من ثلاثة أجزاء مع ممثلين إيرانيين فيما لو رغب العراقيون في اتخاذ خطوة من هذا القبيل. وقال: "الحكومة العراقية أدلت فعلا ببيان قبل أيام قالت فيه انها توّد عقد مثل تلك المحادثات."وأشار السفير لدى بغداد أيضا الى ان الولاياتالمتحدة تتفاوض حاليا حول اتفاقية بشأن "وضع القوات" مع حكومة العراق بخصوص استمرار المهمة هناك بعد انتهاء تفويض الأممالمتحدة بنهاية العام الحالي. واضاف: "(هذه الاتفاقية) بالطبع ستنطوي على عناصر محددة تخص العراق، لا سيما الصلاحيات والحمايات التي ستحتاجها قواتنا بعد انتهاء مفعول قرار مجلس الأمن بنهاية العام وهو القرار الذي ينص على تلك الصلاحيات."وجاء في تصريح كروكر يوم 10 الجاري: تتفاوض الولاياتالمتحدة كذلك حول اتفاقية أوسع حول الإطار الاستراتيجي ترسم حدود التعاون في مجالات أخرى – السياسي والإقتتصادي والدبلوماسي والعلمي والثقافي والأمني بين واشنطن وبغداد. وأضاف: "أتوقع انه خلال مسار هذه المحادثات التي ستجري على المستوى السياسي بدلا من الفني، ستنشأ فرصة للتركيز على توجّهات الزعامة العراقية في مجالي التنمية السياسية والإقتصادية."وقال كروكر أن إجراء انتخابات محلية في المحافظات العراقية في وقت لاحق من العام الحالي يعتبر حاسما في تعزيز نمو الديمقراطية والحكم التمثيلي للشعب العراقي. وأضاف ان احتمالات زيادة العنف في وقت الإنتخابات المرتقبة ليست سببا يبرر عدم إجرائها.وختم كلامه بالقول: "هذه الإنتخابات ستشكل خطوة بالغة الأهمية في تطور العراق السياسي وكما أن جولة انتخاب بمفردها لن تفضي الى مأسسة الديمقراطية، لكن سلسلة انتخابات ستفي بهذا الغرض." وفي ما يلي نص شهادة الجنرال ديفيد أتش. باتريوس، قائد قوات التحالف المتعدد الجنسيات في العراق، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ اليوم عن تقييمه للأوضاع في العراق بصورة عامة في الأشهر الستة الماضية:"حضرة رئيس اللجنة، حضرة نائب الرئيس، حضرات أعضاء اللجنة، شكرا للفرصة التي اتحتموها لي لكي أقدم لكم تحديثا للوضع الأمني في العراق ولكي أناقش التوصيات التي قدمتها مؤخرا لسلم هرم قيادتي.منذ أن مثلنا، السفير كروكر وأنا أمامكم قبل سبعة أشهر، كان هناك تقدم مهم ولكن غير مستوٍ في العراق. فمنذ شهر شتنبر، انخفضت مستويات العنف والوفيات بين المدنيين انخفاضا مهما. وقد سددت ضربات خطيرة إلى القاعدة في العراق وعدد من العناصر المتطرفة الأخرى، ونمت قدرات عناصر قوة الأمن العراقية، وكان هناك اشتراك ملحوظ من قبل عراقيين محليين في الأمن المحلي. ومع ذلك، لا يزال الوضع في بعض المناطق غير مرض ولا تزال هناك تحديات لا تحصى. أضف إلى ذلك، كما ذكّرتنا الأحداث خلال الأسبوعين الماضيين، وكما سبق لي أن حذرت تكرارا، فإن التقدم الذي تحقق منذ الربيع الماضي هش وقابل لأن يعكس.لكن مع ذلك، الأمن في العراق أفضل مما كان عندما قدمنا، السفير كروكر وأنا، تقريرينا اليكم في شتنبر، وهو أفضل بكثير مما كان عليه قبل 15 شهرا عندما كان العراق على شفير حرب أهلية واتخذ القرار بإرسال قوات أميركية إضافية إلى العراق.لقد أسهمت عدة عوامل في التقدم الذي تحقق. أولا، بالطبع كان هناك تأثير أعداد متزايدة من قوات التحالف والقوات العراقية. وتدركون جيدا الطفرة العسكرية الأميركية. ولكن ما هو معروف أقل، أن العراق قام أيضا بطفرة في عدد قواته، مضيفا أكثر من 100,000 جندي وشرطي إلى صفوف قواته الأمنية في العام 2007 ومضاعفا بصورة متدرجة قدرته على نشر واستخدام هذه القوات.وثمة عامل ثان هو استخدام قوات التحالف والقوات العراقية في القيام بعمليات ضد التمرد عبر البلاد، والانتشار معا لحماية الشعب العراقي، ومطاردة القاعدة في العراق، ومكافحة المجرمين والمليشيات المتطرفة، ورعاية المصالحة المحلية، والتمكين من حدوث تقدم سياسي واقتصادي.وثمة عامل مهم آخر هو التحول في مواقف عناصر معينة من السكان العراقيين. فمنذ "الصحوة" السنية الأولى أواخر العام 2006، رفضت المجتمعات السنية في العراق بصورة متزايدة العنف الذي تقوم به القاعدة بدون تمييز فضلا عن ايديولوجيتها المتطرفة. وقد أدركت هذه المجتمعات أيضا أنها لن تستطيع أن تشارك في خيرات العراق إذا لم تشارك في المعترك السياسي. ومع الوقت، حفزت " الصحوة " عشرات الآلاف من العراقيين – بعضهم متمردون سابقون – على المساهمة في الأمن المحلي تحت اسم "أبناء العراق." وبمساعدتهم، وبمطاردة القاعدة في العراق بلا هوادة، أمكن تخفيض التهديد الذي تشكله القاعدة في العراق تخفيضا كبيرا -- على الرغم من أنه لا يزال جوهريا وفتاكا.وقد أبرزت المواجهات الأخيرة في البصرة، بجنوب العراق، وفي بغداد، أهمية وقف إطلاق النار الذي أعلنه مقتدى الصدر في الخريف الماضي باعتباره عاملا آخر في تخفيف العنف بوجه عام. وفي الآونة الأخيرة، طبعا، أصبح بعض عناصر المليشيات ناشطا مرة أخرى. وعلى الرغم من أن أمرا بوقف إطلاق النار أصدره الصدر حل الموقف إلى حد ما، إلا أن اندلاع القتال أبرز أيضا الدور الهدام الذي لعبته إيران في تمويل، وتدريب، وتسليح وتوجيه ما تسمى ب "الجماعات الخاصة" وولد قلقا متجددا بشأن إيران في أذهان كثير من القادة العراقيين. وهذه الجماعات الخاصة، إذا لم يوضع حد لنشاطها ستشكل أكبر خطر طويل الأجل لقابلية قيام عراق ديمقراطي.وإذ نتطلع إلى المستقبل، ستكون مهمتنا مع شركائنا العراقيين البناء على التقدم الذي تحقق وتناول العديد من التحديات التي لا تزال قائمة. وأنا أعتقد بأننا نستطيع أن نفعل هذا بينما نستمر في تخفيض عديد القوات.طبيعة النزاعفي شتنبر، قمت بشرح الطبيعة الأساسية للنزاع في العراق على أنها تنافس بين مجتمعات عرقية وطائفية من أجل السلطة والموارد. وهذا التنافس مستمر، متأثرا تأثرا كبيرا بعناصر خارجية، وحله يبقى المفتاح لتحقيق استقرار طويل الأجل في العراق.هناك عناصر متعددة تدفع بالتنافس العراقي العرقي – الطائفي نحو العنف. ويشكل الإرهابيون، والمتمردون، والمليشيات المتطرفة، والعصابات الإجرامية كلهم تهديدات مهمة. ويرسل كبار قادة القاعدة، الذين ما زالوا ينظرون إلى العراق على أنه الجبهة المركزية في استراتيجيتهم العالمية، الأموال، والتوجيهات، والمقاتلين الأجانب إلى العراق. وتضاعف الأعمال التي تقوم بها دول مجاورة من التحديات التي يواجهها العراق. وقد اتخذت سورية بعض الخطوات لتخفيض تدفق المقاتلين الأجانب عير أراضيها، ولكن ليس بما يكفي لإقفال الشبكة الرئيسية التي تدعم القاعدة في العراق. وإيران زادت العنف اشتعالا بصورة تدميرية بشكل خاص، عن طريق دعمها المميت للجماعات الخاصة. وأخيرا، إن عدم توفر قدرة الحكومة العراقية بشكل كاف، وانعدام الثقة المستمر بين الطوائف، فضلا عن الفساد، تضيف كلها إلى مشاكل العراق.إن هذه التحديات، على الرغم من العنف الذي جرى في الأسابيع الأخيرة، والتنافس العرقي – الطائفي بين العراقيين في كثير من المجالات تجري الآن عبر النقاش بصرة أكثر وعبر العنف بصورة أقل. والحقيقة أن تصاعد العنف في بغداد وجنوب العراق في الآونة الأخيرة، جرت معالجته بصورة مؤقتة، على الأقل، من قبل معظم الأطراف التي ترى أن الطريقة العقلانية الحصيفة أمامها هي الحوار السياسي وليس قتال الشوارع. الوضع الحالي والتوجهاتكما ذكرت في البداية، فعلى الرغم من أن العراق يبقى بلدا يسوده العنف إلا أننا نرى تقدما في المجال الأمني. وكما توضح هذه الخريطة (رسم رقم 1) فإنه لمدة ستة أشهر، كانت الحوادث الأمنية في مستوى لم ير مثله منذ أوائل، الى، منتصف العام 2005، على الرغم من أن المستوى تصاعد في الأسابيع الأخيرة نتيجة العنف في البصرة وبغداد. إلا أن مستوى الحوادث أخذ يتدنى مرة أخرى، ولو أن الفترة القادمة ستكون حساسة.ولما كانت مهمتنا الأساسية أن نساعد على حماية السكان، فنحن نراقب عن كثب عدد المدنيين العراقيين الذين يقتلون بسبب العنف. وكما تبين هذه الخريطة (رسم رقم 2) فإن عدد الوفيات بين صفوف المدنيين انخفض خلال العام الماضي إلى مستوى لم يشاهد مثله منذ تفجير مسجد سامراء في فبراير عام 2006، الذي أطلق شرارة العنف الطائفي الذي مزق نسيج المجتمع العراقي عام 2006 وأوائل عام 2007. وهذه الخريطة تبين أيضا استخدامنا المتزايد للتقارير التي يقدمها العراقيون، ويعكس الخط الأعلى بيانات التحالف والبيانات العراقية، ويعكس الخط الأدنى البيانات التي يؤكدها التحالف فقط.وأيا كانت البيانات التي تستخدم، فإن الوفيات بين المدنيين نتيجة العنف قد انخفضت انخفاضا جوهريا، على الرغم من أنه من الواضح بأن مزيدا من العمل ينبغي القيام به. إن العنف العرقي – الطائفي هو مثار قلق بوجه خاص في العراق، حيث أنه بمثابة سرطان يستمر في الانتشار إذا ترك دون أن يوقف. وكما يبين المربع الذي في أسفل الخريطة إلى اليسار (رسم رقم 3) فإن عدد الوفيات نتيجة عنف عرقي – طائفي انخفض منذ أن أدلينا بإفادتينا في شتنبر الماضي. وثمة عامل كبير هو الانخفاض في العنف العرقي – الطائفي في بغداد، كما هو مبين في المربعات التي تصور العاصمة العراقية على مر الزمن. وبعض هذا الانخفاض راجع، على وجه التأكيد، إلى الاصطفاف الطائفي لبعض أحياء بغداد، إلا أن هذا مجرد تفسير جزئي حيث أن عددا لا يحصى من خطوط التصدع الطائفية والأحياء المختلطة العديدة لا يزال قائما في بغداد وأماكن أخرى. والحقيقة أن قوات التحالف والقوات العراقية ركزت على خطوط التصدع لتخفيض العنف وتمكين القادة السنة والشيعة من البدء بعملية الشفاء الطويلة في مجتمعاتهم المحلية.وكما تبين هذه الخريطة (رسم رقم 4) فعلى الرغم من أن عدد الهجمات التي تسلطت عليها الأضواء ازداد في مارس عندما زادت القاعدة من نشاطها، فإن المستوى الحالي لمثل هذه الهجمات يبقى دون ذروته التي سجلت قبل عام بكثير. إضافة إلى ذلك، بينما ساعدنا على تحسين الأمن وركزنا على شبكات العدو، رأينا انخفاضا في فعالية مثل هذه الهجمات. وبقي عدد الوفيات من جراء العنف العرقي – الطائفي، بوجه خاص، منخفضا نسبيا، مما يوضح عدم قدرة العدو حتى الآن على إعادة إشعال دورة العنف العرقي – الطائفي. وكان بروز المتطوعين العراقيين للمساعدة على تأمين مجتمعاتهم المحلية تطورا مهما. وكما تبين هذه الخريطة (رسم رقم 5)، فهناك الآن اكثر من 91,000 من "أبناء العراق" – شيعة وسنة –عاقدي العزم على مساعدة قوات التحالف والقوات العراقية على حماية أحيائهم وتأمين البنية التحتية والطرق. وقد ساهم هؤلاء المتطوعون مساهمة مهمة في مختلف المجالات، وفاق التوفير في السيارات التي لم تفقد نتيجة انخفاض العنف – ولا نقول الأرواح التي أنقذت والتي لا تقدر بثمن – كلفة عقودهم الشهرية بكثير.وساهم أبناء العراق أيضا في اكتشاف مخابىء متفجرات مستحدثة وأسلحة. وكما تبين هذه الخريطة (رسم رقم 6) فإننا في الحقيقة عثرنا على مخابىء أسلحة في العام 2008 أكثرمما عثرنا عليه في كامل في العام 2006. ونظرا إلى أهمية أبناء العراق، فإننا نعمل بصورة وثيقة مع الحكومة العراقية لنقلهم إلى قوات الأمن العراقية أو أشكال أخرى من التوظيف، وقد قبل أكثر من 21,000 عنصر منهم حتى الآن في الشرطة أو الجيش أو مناصب حكومية أخرى. وكانت هذه العملية بطيئة لكنها جارية، وسنستمر في مراقبتها بعناية.وتعترف القاعدة أيضا بأهمية أبناء العراق، وقد استهدفتهم عناصر القاعدة تكرارا. إلا أن هذه الهجمات، فضلا عن استخدام القاعدة للنساء والأطفال، والمقعدين كمتفجري قنابل انتحاريين – زاد من نفور الشعب العراقي من القاعدة. وقد خفضت المطاردة الشرسة للقاعدة في العراق، مع خسارة القاعدة في العراق للدعم المحلي في كثير من المناطق، من قدرتها، وأعدادها، وحريتها في الحركة تخفيضا كبيرا. وتبين هذه الخريطة (رسم رقم 7) التأثير الإجمالي للجهد المبذول ضد القاعدة في العراق وحلفائها المتمردين. وكما ترون، فإننا خفضنا تخفيضا كبيرا المناطق التي تتمتع فيها القاعدة في العراق بدعم وملاذ آمن، رغم أنه من الواضح بأن ما زال هناك الكثير الذي ينبغي عمله.ورغم تنويهي بالتقدم الحاصل، فإن تنظيم القاعدة في العراق لا يزال قادرا على شن هجمات فتاكة، ولذ يعين علينا مواصلة الضغط بلا هوادة على هذه المنظمة، وعلى الشبكات التي تساندها خارج العراق، وعلى تدفقات الموارد التي تديم بقاءها. هذا الرسم البياني (الصور رقم 8) يبين الاستراتيجية الشاملة التي نستخدمها نحن والعراقيون والوكالات المشتركة والشركاء الدوليون الآخرون لتجفيف الموارد التي تحتاج إليها القاعدة في العراق. وكما ترون، إن دحر القاعدة في العراق يتطلب ليس فقط الإجراءات التي تقوم بها الصفوة من قوات مكافحة الإرهاب، وإنما أيضا يتطلب عمليات كبرى تشنها قوات التحالف والقوات العراقية التقليدية، كما يتطلب مجهودات استخباراتية متطورة، والتوصل إلى مصالحة سياسية، وبرامج اقتصادية اجتماعية، ومبادرات عملياتية ومعلوماتية، ونشاطا دبلوماسيا مكثفا، وتوظيف مبادئ مكافحة التمرد في العمليات المتصلة بالمعتقلين والعديد من الإجراءات الأخرى. وفيما يتصل بهذا الجهد، أشيد بدعم الكونغرس لتوفير الأموال الإضافية للاستخبارات، والمراقبة والاستطلاع في الميزانية الإضافية المقبلة، لأن طلب الميزانية الإضافية يعد حيويا لنجاح عملياتنا في العراق وفي غيره من الأماكن.وفي الوقت الذي نقاتل فيه تنظيم القاعدة في العراق، يجب ألا يغيب عن بالنا بأن القيام بذلك لا يحد من فعالية مصدر رئيسي من مصادر عدم الاستقرار في العراق فحسب؛ وإنما أيضا يضعف منظمة ينظر إليها كبار قادة تنظيم القاعدة باعتبارها أداة لنشر نفوذهم وإثارة عدم الاستقرار الإقليمي. وقد دعا كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري باستمرار إلى استغلال الوضع في العراق، وقد رأينا أيضا القاعدة في العراق تشارك في أنشطة زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.وبتكاتف الجهود التي نبذلها مع قوات الأمن العراقية، فقد ركزنا أيضا على الجماعات الخاصة. وهذه العناصر يمولها ويدربها ويسلحها ويوجهها فيلق القدسالإيراني بمساعدة من حزب الله اللبناني. إنها هي الجماعات التي أطلقت الصواريخ وقذائف الهاون الإيرانية على مقر الحكومة العراقية منذ أسبوعين، مسببة خسائر في الأرواح البشرية البريئة والخوف والهلع داخل العاصمة، مما تطلب ردا من قبل قوات التحالف والحكومة العراقية. وقد أعرب الزعماء العراقيون وقادة التحالف عن رغبتهم مرارا وتكرارا في أن تلتزم إيران بالوعود التي قطعها الرئيس أحمدي نجاد وغيره من كبار الزعماء الإيرانيين بوقف دعمهم للجماعات الخاصة. بيد أن الأنشطة الشريرة التي يمارسها فيلق القدس تستمر، وقد بات القادة العراقيون يدركون مدى الخطر الذي تشكله هذه القوة على العراق. ويتعين علينا جميعا مراقبة التصرفات الإيرانية عن كثب خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، حين يظهرون نوع العلاقات التي ترجو إيران أن ترتبط بها مع جارتها وطبيعة مستقبل التورط الإيراني في العراق.وقد واصلت قوات الأمن العراقية تطورها منذ شهر شتنبر، وحولنا المسؤوليات الأمنية إلى القوات العراقية حسبما تسمح به قدراتها والظروف الراهنة على الأرض. وحاليا، كما هو مبين في (الصورة رقم 9)، تخضع نصف محافظات العراق ال18 للسيطرة العراقية الإقليمية. والعديد من هذه المحافظات — ليس فقط المحافظات الناجحة في المنطقة التي تخضع للحكومة الإقليمية الكردية، ولكن أيضا عدد من المحافظات الجنوبية – تسير الأمور فيها سيرا حسنا.وقد ظهرت تحديات في البعض الآخر، ومنها بالطبع، البصرة. ومع ذلك، ستستمر هذه العملية، ونحن نتوقع تحول محافظتي الأنبار والقادسية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وقد ازداد عديد القوات العراقية بشكل كبير منذ شتنبر، حيث أصبح عدد أعضاء قوات الأمن العراقية 540 ألف فرد. وارتفع عدد الكتائب القتالية القادرة على أخذ زمام المبادرة في العمليات، ولو أن ذلك يتم ببعض الدعم من قوات التحالف، إلى أكثر من 100 كتيبة (الصورة رقم 10).وأصبحت هذه الوحدات تتحمل نصيبا متزايدا من الأعباء، كما يتضح من حقيقة أن خسائر قوات الأمن العراقية في الآونة الأخيرة فاقت خسائرنا بثلاثة أضعاف. وسوف نجري، بالطبع، مراجعة لما بعد الحدث مع شركائنا العراقيين في أعقاب العمليات الأخيرة، حيث أنه تبين، في بعض الحالات، أن هناك بعض الوحدات وبعض القادة كانوا مقصرين، ونتيجة لذلك يمكن التخفيف من تقييماتنا. ورغم ذلك، فإن أداء العديد من الوحدات كان قويا، وخصوصا بعد أن ثبّتت أقدامها واكتسبت قدرا من الثقة، حيث أثبت بعض عناصر القوات العراقية بأنها مقتدرة جدا.وتمثلت دعامة التقدّم الذي تحقق في السنة الماضية في التحسينات التي شهدتها المؤسسات الأمنية العراقية. إذ مكنت قاعدة التدريب المتينة جدا التي تجري بإدارة عراقية قوات الأمن العراقية من النمو إلى ما يزيد عن 133 ألف جندي وعناصر الشرطة على مدى الأشهر ال 16 الماضية. ومن المتوقّع أن تتمكن قاعدة التدريب التي لا زالت في توسع مستمر من تخريج 50 ألف جندي عراقي و16 كتيبة جيش وعمليات خاصة خلال الفترة المتبقية من العام 2008، بالإضافة إلى أكثر من 23 ألف شرطي و8 كتائب شرطة تابعة للشرطة الوطنية.وبالإضافة إلى ذلك، تعكف الوزارات العراقية المولجة بشؤون الأمن على نحو مطرد على تحسين قدرتها على تطبيق الميزانيات الخاصة بها. وكما يوضح هذا الرسم البياني (صورة رقم 11) فقد أنفقت هذه الوزارات في عام 2007، كما في عام 2006، على قواتها أكثر مما قدمته الولاياتالمتحدة من خلال صندوق قوات الأمن العراقية. ونحن نتوقع أن تنفق ما يزيد عن 8 بليون دولار على الأمن هذا العام، و11 بليون دولار العام المقبل، وقد مكننا هذا التصور مؤخرا من تخفيض قيمة الاعتمادات التي طلبناها لقوات الأمن العراقية للعام المالي 2009 من 5.1 بليون دولار إلى 2.8 بليون دولار.ورغم التحسن الذي حققته قوات الأمن العراقية، إلا أنها ما زالت غير مستعدة بعد للدفاع عن العراق أو الحفاظ على الأمن في جميع أنحاء البلاد بمفردها. وتبرز العمليات الأخيرة التي جرت في البصرة التحسينات التي تمت في قدرة قوات الأمن العراقية على نشر أعداد كبيرة من الوحدات والإمدادات والبدائل خلال فترة زمنية قصيرة جدا؛ لكنها بالتأكيد لم تكن قادرة على نشر قوة تتكون من فيلق كامل من وحدات الجيش والشرطة في فترة قصيرة جدا منذ سنة. ومن ناحية أخرى، فإن العمليات الأخيرة أكّدت أيضا على أنه لا يزال هناك الكثير مما يتحتم القيام به في مجالات النقل والإمداد، وتمكين القوات، وتطوير الموظفين، والقيادة والضبط والإشراف.ونحن في الوقت ذاته نواصل مساعدة العراق من خلال برنامج الحكومة الأميركية للمبيعات العسكرية الخارجية. وحتى مارس 2008 كانت الحكومة العراقية قد ابتاعت أعتدة وخدمات عسكرية ذات منشأ أميركي بقيمة تزيد على بليوني دولار من خلال البرنامج المذكور. ومنذ شتنبر الماضي وبتشجيعكم لمنظمات هي جزء من عملية البرنامج، تحسن إيصال الأسلحة مع سعي نظام برنامج مبيعات الأسلحة لدعم مقتضيات عاجلة في زمن الحرب. وكنقطة متصلة بذلك، سأطلب من الكونغرس دراسة إعادة تمويل "البرنامج الدولي للتدريب والتعليم العسكري" الذي يدعم التعليم لضباط عسكريين عراقيين من الرتب الوسطى والرفيعة ولزعماء مدنيين، كما أنه عنصر هام في تنمية القادة الذين سيحتاجهم العراق مستقبلا. التحديات المقبلة:وفي حين شهد الوضع الأمني تحسّنا في العديد من المجالات وأصبحت قوات الأمن العراقية تتحمّل جزءا أكبر من العبء فان الوضع في العراق لا يزال في منتهى التعقيد وفي غاية التحدي. ويجوز ان يواجه العراق انبعاث القاعدة من جديد في العراق كما يمكن لجماعات شيعية أخرى ان تخرق أمر مقتدى الصدر بوقف اطلاق النار وأن تعاود العنف. اما الجهات الخارجية مثل إيران فيمكنها أن تذكي أوار العنف داخل العراق فيما يمكن لأعمال جارات أخرى للعراق أن تقوّض الوضع الأمني أيضا.ومن المفارقة انه يمكن أن تتأتّى تحديات أخرى نتيجة لتحسّن الوضع الأمني الذي وفر فرصا لإحراز تقدم سياسي واقتصادي وتحسين الخدمات على المستويات الوطنية والإقليمية والمحليّة. الا أن هذه التحسينات ولدّت توقعات بأن التقدم سوف يستمر. وفي الأشهر القادمة سيكون لزاما على زعماء العراق أن يعززوا طاقات الحكومة، وينفذّوا بنود المزازنة، ويقرّوا تشريعات أخرى، ويجروا انتخابات محلية (في المحافظات) وينظموا تعدادا للسكان، ويقرروا مصير مناطق متنازع عليها، ويعيدوا توطين لاجئين ومواطنين نازحين داخل البلاد. وهذه المهام ستمثّل تحديات لأية حكومة، ناهيك عن حكومة لا تزال في مرحلة تطور وضعتها الحرب على المحكّ.اما برنامج القائد للردّ الطارئ، وصندوق الردّ السريع لوزارة الخارجية الأميركية، وبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فهي تمكننا من مساعدة العراق على التعامل مع هذه التحديات. وتحقيقا لهذا الغرض فانني أتقدم منكم بطلب توفير مبالغ أضافية لبرنامج القائد للرد الطارئ بحلول يونيو التي طلب اعتمادها في الميزانية الإضافية. وسيكون لهذه المبالغ أثر هائل. وكما أسلفت فان الرواتب التي تدفع لتنظيم "أبناء العراق" وحدها تكلف أقل بكثير مما يتم توفيره من نفقات العربات التي لا نفقدها نتيجة للأمن المعزز في كافة البلدات المحلية. وما هو مشجع ان الحكومة العراقية خصصت لنا مؤخرا 300 مليون دولار لإدارة شؤون برنامج الرد الطارئ للقيام بمشاريع من أجل شعبها وفي نفس الوقت بناء طاقتها بالذات للقيام بذلك. وقد تعهدت الحكومة العراقية بمبلغ 163 مليون دولار لتولّي بصورة متدرّجة للوفاء بعقود "أبناء العراق"، إضافة الى مجموع 510 ملايين دولار لقروض مشاريع صغيرة، و196 مليونا ل"البرنامج المشترك للتدريب والتعليم وإعادة الدمج." وتعهدت حكومة العراق ايضا بتوفير المزيد من الأموال وهي تنفّذ بنود موازنتها التي تم إقرارها قبل شهرين. ومع ذلك من الأهمية البالغة بمكان ان تظل مواردنا متوفرة حتى حينما يتجاوز ما سيخصصه العراق من أموال مبالغنا. التوصيات:في الشهر الماضي رفعت الى سلّم القيادة العسكرية توصيات بخصوص المسار القادم في العراق.وخلال هذه العملية أشرت الى هدف الاحتفاظ بمكاسبنا الأمنية التي تحققت بجهد بالغ، والبناء على أسسها، في الوقت الذي نسحب قوات ليبلغ مجموعها 15 لواء قتاليا اي ما كانت عليه قبل طفرة القوات. وشدّدت على الحاجة لمواصلة العمل مع شركائنا العراقيين لإشاعة الأمن في اوساط السكان ونقل المسؤوليات الى العراقيين بالسرعة التي تتيحها الظروف، لكن دون تعريض المكتسبات الأمنية التي تحققت للخطر. وكما في شتنبر، ترتكز توصياتي على اعتبارات استراتيجية وعملياتية.والإعتبارات العملياتية تشمل الإقرار بما يلي:- الطفرة العسكرية أحرزت تقدّما لكن هذا التقدم يمكن أن يزول؛- عززت قوات الأمن العراقية قدراتها وإن لا يزال يتعين عليها تنميتها أكثر.- الإنتخابات المحلية في خريف هذا العام، وعودة اللاجئين والإفراج عن محتجزين وجهود تسوية النزاعات الحدودية في المحافظات، ومسائل المادة 140 – هذه ستتسم بتحد بالغ؛- تحويل "أبناء العراق" الى قوات الأمن العراقية، والمشاريع الأخرى ستتطلب وقتا ومراقبة حريصة؛- سحب عدد مفرط من القوات وعلى وجه السرعة يمكن أن يهدّد التقدم الذي تحقق في العام الماضي؛- وأداء المهام الضرورية في العراق سيقتضي وجود عدد كبير من القوات التقليدية، إضافة الى قوات عمليات خاصة وفرق مستشارين؛اما الإعتبارات الإستراتيجية فتشمل الإقرار بما يلي:- إن الضغوط على الجيش الأميركي لا سيما القوات البرية كانت ولا تزال جسيمة- إن عددا من التحديات الأمنية داخل العراق متصل بتهديدات هامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. - إن وجود دولة فاشلة في العراق سيكون له تداعيات خطيرة للكفاح الأعظم شأنا ضد القاعدة وللإستقرار في المنطقة، وللأزمة الإنسانية القائمة فعلا في العراق، ولمجهود التصدي لنفوذ إيراني خبيث.وبعد دراسة هذه العوامل أوصيت لسلم القيادة بأن نواصل سحب قوات الطفرة القتالية وأنه بعد سحب آخر لواء قتالي من الطفرة في يوليوز سنقوم بعملية توحيد وتقييم على مدى 45 يوما، على أن نبدأ في نهايتها عملية تقييم لفحص الظروف على الأرض، ومع مرور الوقت لتقرير متى يمكننا أن نرفع توصيات حيال تخفيضات أخرى في عديد القوات.وهذه العملية ستكون متواصلة تنفذ خلالها تخفيضات كما تسمح الظروف. وهذا النهج لا يتيح تأسيس جدول زمني محدد للإنسحاب. لكنه يوفر فعلا المرونة التي يحتاجها منا في الميدان للحفاظ على المكاسب الأمنية التي لا تزال هشّة والتي قاتلت قواتنا جاهدة، وضحّت بالكثير لتحقيقها.ومع اعتماد هذا النهج، فان الإنجازات الأمنية في العامين 2007 و2208 يمكن أن تشكل الركيزة لترسيخ متدرج لأمن مستدام في العراق. وهذا لا يعتبر هاما فقط ل27 مليون مواطن عراقي فحسب، بل أنه ذو أهمية لشعوب منطقة الخليج ولمواطني الولاياتالمتحدة وللمجتمع العالمي ايضا. ومن الجلي انه في مصلحتنا القومية ان نساعد العراق على الحؤول دون انبعاث القاعدة مجددا في قلب العالم العربي والمساعدة في مقاومة التحرشّات الإيرانية ضد سيادته وتفادي تجدد أعمال العنف الأثنية-الطائفية التي يمكن أن تتسرّب الى خارج حدود العراق وأن تفاقم أزمة اللاجئين الحالية. وينبغي أن نمكن العراق من توسيع دوره في الإقتصادات الإقليمية والعالمية. ملاحظات ختامية:في الختام أود أن أدلي بتعليقات مقتضبة حول الذين يخدمون أمتنا في العراق. لقد طلبنا قدرا كبيرا منهم ومن أسرهم. وهم قاموا بتضحيات هائلة. إن معرفتي الشخصية والحميمة بالضغوط التي يتعرضون لها وبالقوة العسكرية هناك ككل كانت عنصرا هاما في توصياتي.إن السلطة التشريعية (الكونغرس) والسلطة التنفيذية ومواطنينا أبدوا قدرا كبيرا من الدعم لقواتنا ولأحبّتهم، وجميعنا ممتنون لذلك. وما من شيء أكثر أهمية لمن تحيق بهم الأخطار من إدراكهم بأن بلادهم تثمّن تضحياتهم وتضحيات اسرهم. وفي الحقيقة، يجب ان يعتز جميع الأميركيين بالرجال والنساء الذين يخدمون أمتنا في العراق وببسالتهم ورباطة جأشهم ومرونتهم ومبادرتهم التي يظهرونها ويحلون بها يوما بعد يوم.وانه لأعظم شرف لي ان أكون جنديا إلى جانبهم.". وفي ما يلي نص الشهادة التي أدلى بها السفير الأميركي في العراق ريان سي.كروكر وممثل الرئيس بوش الخاص في تلك الدولة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي يوم 8 الجاري، والتي تضمنت تقييمه للوضع في العراق على جميع الصعد منذ شتنبر الماضي."السيد رئيس اللجنة، حضرة السناتور مكين، أعضاء اللجنة:يشرفني أن أمثل أمامكم لتقديم تقييمي للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق. عندما قدمنا أنا والجنرال باتريوس إفادتنا لكم في شهر شتنبر، قدمت حكمي الموزون في ما يتعلق بما إذا كانت أهدافنا في العراق ممكنة التحقيق – هل يمكن للعراق أن يتطور إلى بلد موحد ومستقر تحكمه حكومة منتخبة ديمقراطيا وتعمل في ظل حكم القانون؟ قلت في شهر شتنبر الماضي إن المسار المتراكم للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق يتجه نحو الأعلى، إلا أن خط انحدار ذلك الخط ليس سحيقا. وقد عززت التطورات خلال الأشهر السبعة الماضية إحساسي بوجود توجه إيجابي. ولا زالت هناك تحديات هائلة، كما أن التقدم ليس متكافئا وكثيرا ما يكون بطيئا إلى درجة تثير الإحباط، ولكن هناك تقدما. وستتطلب المحافظة على ذلك التقدم تصميما والتزاما أميركيا متواصلا. وما تم إنجازه بالغ الأهمية، ولكنه قابل للتلاشي. قبل خمس سنوات تمت إطاحة تمثال صدام حسين في بغداد. وقد تبخرت سعادة تلك اللحظة منذ وقت طويل. ولكن مع خروج العراق من العنف المدمر الذي شهده في العام 2006 وأوائل العام 2007 فإن هناك ما يدعو إلى المحافظة على هذا الالتزام والاستثمارات الهائلة التي قدمناها في كل من حياة شبابنا وشاباتنا الشجعان ومن مواردنا. اسمحوا لي أن أصف التطورات التي أبني عليها مثل هذا الحكم.المصالحة: السياسة الوطنية والمتعلقة بالمحافظات - التطور الأول على الصعيد الوطني يتمثل في شكل تشريع وتطور البرلمان العراقي. أصبنا بخيبة أمل في شهر شتنبر لأن العراق لم يسن بعض التشريعات الأساسية. إلا أن البرلمان العراقي قام خلال الأشهر العديدة الماضية بصياغة ومناقشة قوية، وفي حالات كثيرة بإقرار، تشريعات تتعلق بقضايا حيوية للمصالحة وبناء البلاد. وعمم قانون للتقاعد فوائد ومزايا للأفراد الذين حرموا في السابق منها بسبب خدمتهم في ظل النظام السابق. ويعكس قانون المساءلة والعدل (الإصلاح المتعلق باجتثاث حزب البعث)، الذي أقر بعد مناقشة طويلة تميزت في كثير من الأحيان بالجدل والنزاع، يعكس روحا قوية للمصالحة، كما هو الحال بالنسبة لقانون العفو الواسع الأثر.ويعدّ قانون سلطات المحافظات خطوة رئيسية إلى الأمام في تحديد العلاقة بين الحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات. وقد تطلب إقرار هذا القانون نقاشا حول الطبيعة الأساسية للدولة، وهو مماثل في تعقيده لنقاشنا الطويل والصعب حول حقوق الولايات (في الولاياتالمتحدة تاريخيا). كما دعا قانون سلطات المحافظات إلى إجراء انتخابات على مستوى المحافظات بحلول الأول من شهر أكتوبر 2008. وهناك قانون انتخابي قيد البحث حاليا، وسوف يحدد هذا القانون حدود ومعالم الانتخابات. وقد أعلنت جميع الأحزاب الرئيسية دعمها لهذه الانتخابات التي ستكون خطوة رئيسية إلى الأمام في التطور السياسي للعراق وستمهد الطريق للانتخابات الوطنية في أواخر العام 2009. وتعني موافقة البرلمان العراقي في شهر يناير على تغيير تصميم العلم العراقي أن العلم يرفرف الآن في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ عدة سنوات. ويضمن إقرار الميزانية للعام 2008، والتي تتضمن مبالغ قياسية من النفقات الرأسمالية، يضمن حصول الحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات على الموارد اللازمة للإنفاق العام. وقد تحقق كل ذلك منذ شهر شتنبر. وهذه القوانين ليست مثالية ويتوقف الكثير على الطريقة التي سيتم تنفيذها بها، ولكنها خطوات مهمة. كما أن من الأهمية بمكان التطور الذي شهده البرلمان العراقي كمؤسسة وطنية. وقد عانى المجلس في شهر شتنبر الماضي من نزاعات مستمرة وفي أحيان كثيرة مؤدية إلى شل الحركة حول القيادة والإجراءات. وهو يصارع ويعالج حاليا بنجاح قضايا معقدة ويتوصل إلى مبادلات وصفقات مبنية على تقديم التنازلات. ومع تحول النقاشات في البرلمان العراقي نحو كيفية حل المشاكل الصعبة بطريقة عملية، أصبحت السياسة العراقية أكثر مرونة وسلاسة.إسمحوا لي أيضا أن أتحدث عن الأمور غير الملموسة: المواقف بين السكان والأحاديث التي تدور بين الزعماء العراقيين. شكك أشخاص كثيرون خلال العامين 2006 و2007 في ما إذا كانت الكراهية بين العراقيين من مختلف الخلفيات الطائفية عميقة بحيث أن اندلاع حرب أهلية كان شيئا حتميا. وتواصل حركة الصحوة السنية في الأنبار، التي جابهت القاعدة بشجاعة كبيرة، تواصل المحافظة على السلام في المنطقة وعلى بقاء القاعدة خارجها. كما أن مدينة الفلوجة التي كانت في وقت من الأوقات رمزا للعنف والإرهاب، أصبحت الآن واحدة من أكثر مدن العراق أمنا. وتتمتع مدينتا النجف وكربلاء الشيعيتيان المقدستان بالأمن والازدهار المتزايد بعد الرفض الشعبي لنشاطات الميليشيات المتطرفة. وقد لعبت الزعامة الدينية الشيعية – المرجعيات – ومقرها النجف – دورا هادئا ولكنه دور مهم في دعم الاعتدال والمصالحة. وفي بغداد، يمكننا أن نرى أن العراقيين ليسوا منقسمين ضد بعضهم البعض على أساس الانتماء الطائفي. وقد حدّت التحسينات الأمنية خلال الأشهر الماضية من جو الشك والارتياب وأتاحت القيام بأعمال إنسانية تجاوزت الهويات الطائفية. عندما وصلتُ إلى بغداد قبل سنة، كانت أول زيارة أقوم بها إلى واحدة من مناطق المدينة زيارة حي الدورة ذي الأغلبية السنّية. وكانت قوات الطفرة قد بدأت لتوها التحرك إلى داخل الأحياء التي كانت ما زالت خاضعة لقبضة القاعدة. وكان السكان مرعوبين من المليشيات الشيعية المتطرفة. وفي نهاية فبراير، أي بعد أقل من سنة من ذلك، عبر آلاف الحجاج الشيعة الشوارع في طريقهم إلى كربلاء لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين. وخرج السكان السنة يقدمون الطعام والماء للحجاج أثناء مرورهم فيما انضم بعضهم إلى موكب الحجيج. لقد طغت أنباء الوضع في البصرة على ما عداها من أنباء العراق في الأسابيع الأخيرة. وأصبح من الصعب، مع لقطات الصور ومناظر العنف المتزايد والمسلحين الملثمين في الشوارع، رؤية كيفية مقارنة هذا الوضع مع الحديث عن التقدم في العراق. فما زال هناك الكثير مما ينبغي على الحكومة العراقية أن تفعله لفرض سيطرتها كاملة على شوارع البصرة والتخلص من جماعات المتطرفين والمجرمين والمليشيات المتحصنة هناك. وعندما ينظر إلى قرار العراق بمحاربة تلك الجماعات في البصرة من منظور أوسع، يتبين أن له أهمية كبرى. فقد برهنت الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية التي يتزعمها رئيس الوزراء (نوري) المالكي، أولا، على التزامها بالتخلص من المجرمين والمتطرفين، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية. ثانيا، تصدرت قوات الأمن العراقية تلك العمليات في البصرة وفي بلدات ومدن الجنوب الأخرى. وقد قامت عناصر من القوات البريطانية والأميركية بأدوار هامة، لكنها كانت أدوارا مساندة كما كان ينبغي لها أن تكون. وقد أدت عملية البصرة أيضا إلى زعزعة السياسات العراقية. إذ عاد رئيس الوزراء من البصرة إلى بغداد قبل وقت قصير من مغادرتي لها في طريقي إلى واشنطن – وهو واثق من صحة قراره ومصمم على تشديد الحرب ضد الجماعات غير المشروعة، لكنه مصمم أيضا على إلقاء نظرة متعمقة على الدروس المستقاة. وتلقى جهود الحكومة ضد عناصر المليشيات المتطرفة تأييدا سياسيا واسع النطاق مثلما اتضح ذلك من بيان صدر في 5 أبريل من الزعماء السياسيين العراقيين البارزين من سنة وشيعة وأكراد. في غضون ذلك لا يزال الاتجاه الصدري هو "الكرت الفرار" – كما لا يزال من غير المعروف ما إذا كان العراقيون يستطيعون أن يدقوا إسفينا بين عناصر ذلك التيار والجماعات الأخرى التي تدعمها إيران. فمن التطورات الخطيرة التي أعقبت عملية البصرة مباشرة ما بدا من عودة الوحدة بين الجماعات الخاصة وجيش المهدي. وقد شهدنا احتمال انهيار "تجميد" العمليات العسكرية الذي كان أعلنه جيش المهدي. إلا أن مقتدى الصدر أصدر في الوقت الذي كان فيه الوضع يزداد تكشفا بيانا تبرأ فيه من أي شخص يحمل "سلاحا ثقيلا" – مما يشير بصفة خاصة إلى أسلحة الجماعات الخاصة. ومن شأن ذلك البيان أن يوضح الفارق المميز بين التيار الصدري الذي ينبغي أن لا يشكل تهديدا للدولة العراقية وبين أعضاء "الجماعات الخاصة" الذين يشكلون مثل (هذا الخطر). إحدى النتائج التي أستخلصها من الأدلة على التقدم هي أن الاستراتيجية التي بدأت بالدفع بطفرة القوات هي استراتيجية ناجحة. ولكن ذلك لا يعني على أي حال أن الدعم الأميركي يجب أن يكون بلا نهاية، أو أن مستوى أو طبيعة تعاطينا لا ينبغي أن يبدآ بالانحسار مع الوقت. وفي هذا الإطار بالذات، بدأنا التفاوض حول العلاقة الثنائية بين العراق والولاياتالمتحدة. في غشت طالب الزعماء العراقيون الخمسة الرئيسيون بعلاقة طويلة الأمد مع الولاياتالمتحدة تتضمن تعاونا اقتصاديا، سياسيا، دبلوماسيا وأمنيا. وسيكون صلب هذه العلاقة هو إطار قانوني لوجود القوات الأميركية، إطار مماثل للأطر القانونية التي تحكم وجود القوات الأميركية في حوالي 80 بلدا في العالم.إن العراقيين ينظرون إلى التفاوض حول هذا الإطار على أنه تأكيد قوي لسيادة العراق – إذ أنه يضع العراق على قدم المساواة مع حلفاء الولاياتالمتحدة الآخرين ويزيل وصمة وضع الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، الذي تعمل بموجبه قوات التحالف حاليا. ومثل هذا الاتفاق هو في مصلحة العراق – ومصلحتنا. إن القوات الأميركية ستبقى في العراق إلى ما بعد 31 دجنبر، 2008، عندما ينتهي أجل قرار الأممالمتحدة الذي ينظم وجودها. وستحتاج قوات أخرى إلى تفويض وحماية أساسيين لكي تواصل عملياتها – وهذا الاتفاق سيوفر ذينك الترخيص والحماية. إن الاتفاق لن ينشىء قواعد دائمة في العراق، ونحن نتوقع بأنه يتنصل منها بصورة صريحة. ولن يحدد الاتفاق مستويات القوات، كما أنه لن يقيد يدي الحكومة (الأميركية) القادمة. هدفنا هو أن نضمن بأن الرئيس القادم سيصل إلى مكتبه بأساس راسخ يبني عليه قراراته السياسية، وذلك بالضبط ما سيفعله هذا الاتفاق. وسيبقى الكونغرس على اطلاع كلي بينما تستمر هذه المفاوضات في الأسابيع والأشهر القادمة.حضرة الرئيس، إن تحديات مهمة تبقى قائمة في العراق. وإن وجود حكومة أعيد تنشيطها ضروري لكل من التوازن السياسي ولتحسين تقديم خدمات للشعب العراقي. والتحديات لحكم القانون، وخصوصا للفساد، لا زالت كبيرة جدا. والحدود الداخلية المتنازع عليها – عملية المادة 140 – يجب حلها. وعودة اللاجئين والأشخاص المشردين محليا يجب أن تعالج. وحقوق المرأة والأقليات ينبغي أن تصان بصورة أفضل. والعراقيون واعون للتحديات التي يواجهونها، وهم يعملون على معالجتها.إن تقدم العراق السياسي لن يكون يسير بخط مستقيم. فالتطورات الإيجابية بوجه عام يمكن مع ذلك أن تكون لها نتائج غير متوقعة أو مخلة بالاستقرار. ثم إن قرار عقد انتخابات في المحافظات – وهي حيوية للتطور الديمقراطي للعراق وللاستقرار في الأمد الطويل – ستنتج أيضا توترات جديدة. ويعكس بعض العنف الذي شاهدناه مؤخرا في جنوب العراق بعض الديناميكيات المتغيرة ضمن المجتمع الشيعي بينما يتغير الإطار السياسي والأمني. ومثل نقاط الانعطاف هذه تؤكد هشاشة الوضع في العراق، ولكن سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن أي انفجار للعنف يسجل بداية انحدار حتمي.الاقتصاد وبناء الطاقةفي شتنبر ذكرت لكم أنه كان هناك بعض المكاسب في اقتصاد العراق وفي جهود البلاد لبناء طاقة لترجمة هذه المكاسب إلى حكم وخدمات أكثر فعالية. وقد بنى العراقيون على هذه المكاسب خلال الأشهر الماضية، كما هو واضح من انتعاش الأسواق عبر العراق وإعادة فتح أعمال كانت متوقفة منذ مدة طويلة. ووفقا لاستطلاع أجراه مركز المشاريع الخاصة الدولي في الشهر الماضي، فإن 78 بالمائة من أصحاب مؤسسات الأعمال العراقيين الذين جرى الاتصال بهم يتوقعون أن ينمو الاقتصاد العراقي نموا كبيرا خلال العامين القادمين. ومع تحسن الوضع الأمني وزيادة الإنفاق الحكومي، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو إجمالي الناتج القومي العراقي بنسبة 7 بالمائة بصورة حقيقية هذا العام، في حين تمت السيطرة على التضخم. ولا يزال الدينار العراقي قويا بينما بدأ المصرف المركزي في تخفيض معدلات الفائدة. وقد تم تخصيص مبلغ 13 بليون دولار في ميزانية العراق للعام 2008 لإعادة الإعمار، وستستثمر ميزانية إضافية بمبلغ 5 بلايين دولار هذا الصيف عائدات التصدير في بناء البنية الأساسية وتوفير الخدمات التي تمس حاجة العراق إليها. وسيفيد هذا الإنفاق الولاياتالمتحدة أيضا – فقد أعلن العراق مؤخرا قراره شراء 40 طائرة تجارية من الولاياتالمتحدة بتكلفة تبلغ نحو 5 بلايين دولار. وفي الوقت الذي اكتسب فيه العراق موارده المالية التي يحتاجها لعمليات البناء الأساسية عن طريق إنتاج النفط وتصديره، تحول اهتمامنا الأساسي إلى تطوير الإمكانيات والتأكيد على تطور ما بعد الحركة وذلك من خلال شبكة فرقنا الخاصة بإعادة إعمار المحافظات. فقد انتهى عهد مشاريع البنية التحتية التي تمولها الولاياتالمتحدة. فنحن نسعى إلى ضمان أن تعمل مساعدتنا من خلال المشاركة مع العراق في زيادة موارد العراق الخاصة. وقد عكفت فرقنا لإعادة إعمار المحافظات التي يبلغ عددها 25 العاملة في العراق على تحسين الحكم في المحافظات والحكم المحلي وخاصة بالنسبة لوضع الميزانيات وتطبيقها. وهي تساعد أيضا في إقامة الروابط الضرورية جدا بين حكومات المحافظات والحكومة الفدرالية. ولفرقنا لإعادة الإعمار دور كبير في بناء الطاقات، ولذلك نحن نعمل على ضمان استمرار حيويتها في الوقت الذي تتم فيه إعادة نشر قواتنا. وللمبالغ الضئيلة التي توزعها تلك الفرق بموجب مخصصات الاستجابة السريعة تأثير كبير في المجتمعات المحلية، ولذا فإن دعم الكونغرس هام كما هو هام بالنسبة للبرامج الحيوية في طلب الميزانية الإضافية للسنة المالية 2008 للحرب العالمية على الإرهاب. يتزايد استخدام العراق لموارده الخاصة بتمويل المشاريع والبرامج التي وضعناها نحن. وقد خصص مبلغ 200 مليون دولار لتمويل برنامج لتوفير التدريب المهني للمواطنين المحليين المهتمين الذين وقفوا معنا في بناء قوات الصحوة. وقد ساعد مستشارونا للمساعدة الفنية في تصميم الإجراءات الجديدة لنظام المشتريات لوزارة النفط العراقية. كذلك وضعنا المواصفات الفنية التي ستستخدمها شركة النفط العراقية التي تملكها الحكومة لبناء أرصفة ومنصات جديدة لتصدير النفط وخطوط أنابيب تحت الماء تقدر تكاليفها بأكثر من بليون دولار. وفي بغداد تقدمت البلدية خلال الشهور الثلاثة الماضية لتولي عقود عمالة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار كنا نحن نقوم بتمويلها بموجب برنامج استقرار المجتمع. الاقتصاد العراقي هش، شأنه في ذلك شأن الكثير من الأمور في العراق، مكاسبه قابلة للتعثر والانعكاس، والتحديات القائمة في المستقبل كبيرة. ولذا فإن العراق بحاجة إلى استمرار تحسن إمكانياته الحكومية والموافقة على قانون النفط على المستوى القومي للبلاد وإلى زيادة إنتاجه من الطاقة الكهربائية وتوزيعها وتحسين البيئة بالنسبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية وإيجاد الأعمال والوظائف للمدى القصير والطويل ومعالجة المشاكل الهيكلية والاقتصادية للنظام الزراعي الحيوي. ونحن بدعم من شركائنا الدوليين بما في ذلك الأممالمتحدة والبنك الدولي، سنساعد العراقيين في معالجة جدول الأعمال الحافل بالتحديات هذا. الحراك الديناميكي الإقليمي والدوليعملنا إلى جانب الطفرة الأمنية في العام الماضي على بدء طفرة دبلوماسية – انصبت على تعزيز نشاط الأممالمتحدة في العراق وترسيخ اتفاق الميثاق الدولي مع العراق وإنشاء عملية الجيران الموسعة التي تعمل بمثابة فريق اتصال لدعم العراق. وقد اغتنمت الأممالمتحدة فرصة تمديد الانتداب الممنوح لبعثة الأممالمتحدة للمساعدة في العراق لزيادة مدى نشاطها وحجم موظفيها. وتقوم بعثة الأممالمتحدة للمساعدة تحت قيادة نشيطة جديدة بدور هام في التحضير لانتخابات المحافظات وذلك عن طريق تقديم المساعدات الفنية لحل النزاعات القائمة حول الحدود المحلية. كذلك أعادت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين موظفيها الدوليين إلى العراق للمساعدة في عودة النازحين في الداخل واللاجئين. ويوفر الميثاق الدولي مع العراق إطارا يستمر خمس سنوات لإصلاح العراق اقتصاده وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي مقابل الإعفاء من عبء الدين المستحق من عهد صدام. ويجري الإعداد حاليا لعقد اجتماع لمجموعة الميثاق الدولي على المستوى الوزاري في السويد في الشهر القادم. وكانت 74 دولة ممثلة في اجتماع الميثاق الذي عقد في مصر في العام الماضي. ويدرك جيران العراق أيضا أن لهم مصلحة كبرى في مستقبل العراق. وقد استضافت تركيا في نوفمبر المؤتمر الثاني لجيران العراق، وستستضيف الكويت المؤتمر الثالث في وقت لاحق من هذا الشهر. ويضم المؤتمر بالإضافة إلى كل جيران العراق الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومجموعة الدول الثماني الصناعية. لم يكن التأييد من العواصم العربية قويا – ولذا يجب أن يتحسن من أجل مصلحة العراق ومصلحة المنطقة. وقد قوبل بالترحيب إعلان البحرين مؤخرا أنها ستعيد سفيرها إلى بغداد، وعلى الدول العربية الأخرى أن تحذو حذوها. صحيح أن العراق بلد متعدد القوميات لكنه أيضا عضو مؤسس للجامعة العربية وجزء لا يتجزأ من العالم العربي. وقد استضاف العراق في الشهر الماضي مؤتمرا لاتحاد البرلمانيين العرب جمع رؤساء المجالس النيابية والاستشارية العربية في العراق في أول اجتماع عربي هام هناك منذ العام 1990. ومن الجدير بالذكر أن الاجتماع عقد في إربيل في المنطقة الكردية، تحت العلم العراقي الذي أعيد تصميمه مؤخرا، حيث دلل المؤتمر على الازدهار الملحوظ والاستقرار اللذين تتمتع بهما المنطقة الكردية بحضور الحكومة الفدرالية. وأملنا أن يساعد هذا الحدث على مشاركة عربية أكثر نشاطا وفاعلية مع العراق ونتوقع أن تلقى جهود رئيس الوزراء [نوري] المالكي ضد المليشيات الشيعية المتطرفة في البصرة تأييدا عربيا. لقد أدى وجود حزب العمال الكردي الإرهابي في الجبال النائية عند الحدود التركية إلى قيام توتر بين تركيا والعراق وأدى إلى قيام تركيا بعملية عبر الحدود في شباط/فبراير، بما فيها دخول قوات برية تركية إلى العراق. وقد عملت حكومتا البلدين في الوقت ذاته على تنقية أجواء العلاقات بينهما وقام الرئيس (جلال) الطالباني بزيارة ناجحة إلى تركيا في مارس. سورية، من جهتها، تلعب دورا متناقضا. فقد شهدنا دلائل على قيامها بجهود لاعتراض بعض المقاتلين الأجانب الساعين إلى دخول العراق عبر أراضيها، لكنه ما زال هناك آخرون يعبرون حدود سورية التي تستضيف أيضا أفرادا يقومون بتمويل ودعم التمرد العراقي. وإيران ما زالت تقوض جهود الحكومة العراقية الرامية إلى إقامة دولة مستقرة آمنة وذلك عن طريق تمكين وتدريب عناصر المليشيا الإجرامية التي تقوم بأعمال العنف ضد قوات الأمن العراقية وقوات الائتلاف والمدنيين العراقيين. وقد تبين مدى تأثير إيران الضار بشكل مؤثر عندما اشتبكت عناصر المليشيا التي سلحتها ودربتها إيران مع قوات الحكومة العراقية في البصرة وبغداد. وكان الرئيس (بوش) عندما أعلن عن الطفرة قد تعهد بملاحقة شبكات القتل المدعومة من إيران في العراق وتدميرها. ونحن نعرف الآن أكثر من أي وقت مضى عن تلك الشبكات وعن فيلق القدس الذي تتبناه. ونحن نؤيد في الوقت ذاته قيام علاقات بناءة بين إيران والعراق ونشارك في عملية ثلاثية الأطراف لبحث الوضع الأمني في العراق. وقرار الخيار عائد لإيران الآن. التطلع إلى الأمامالسيد الرئيس، إن كل ما يتعلق بالعراق أمر صعب. وسيستمر الوضع صعبا طالما ظل العراقيون يكافحون لإصلاح الضرر الذي أحدثته جراح 35 سنة من حكم البعث الاستبدادي. غير أن الصعوبة لا تعني فقدان الأمل، وما العملية الاقتصادية والسياسية التي شهدتها الشهور القليلة الماضية سوى شاهد هام. غير أنه يجب عليّ أن أبين أن تلك المكاسب هشة ويمكن أن تزول. وقد استثمر الأميركيون وضحوا بالكثير في العراق من دم ومال، ومن حقهم أن يسألوا عن استحقاق ذلك وعن ما إذا كان قد آن الأوان لكي نتخلى ونترك العراقيين يدافعون عن أنفسهم. إن العراق يملك إمكانية التحول إلى ديمقراطية مستقرة آمنة متعددة الأعراق متعددة الطوائف في ظل حكم القانون. أما تحقيق تلك الإمكانية فعائد للشعب العراقي في نهاية المطاف. إلا أن دعمنا سيبقى أساسيا. وقد قلت في شتنبر إنني لا أستطيع أن أضمن النجاح في العراق. وهكذا ما زال الحال الآن على الرغم من أننا أصبحنا الآن أقرب إلى ذلك. وأنا ما زلت عند قناعتي بأن تغييرا أساسيا في تعاطينا الحالي في العراق سيؤدي إلى الفشل، ولذا يجب أن نكون صريحين مع أنفسنا بالنسبة لما سيعنيه الفشل. إن القاعدة متراجعة في العراق، لكنها لم تنهزم بعد. وقادة القاعدة يتربصون بأي فرصة يمكنهم استغلالها. وقد وصف أسامة بن لادن العراق بأنه "القاعدة المثالية"، وهذا يذكرنا بأن الهدف الأساسي للقاعدة هو أن ترسخ نفسها في العالم العربي. وكانت على وشك النجاح في العراق، ولذا لا يسعنا أن نمنحها فرصة ثانية. لن تكون القاعدة وحدها المستفيدة – فإيران قالت علنا إنها على استعداد لملء أي فراغ ينشأ في العراق، وتعود المليشيات الشيعية المتطرفة من ثم في تأكيد ذاتها. وقد شهدناها في البصرة وبغداد قبل أسبوعين. وفي كل هذا، الشعب العراقي هو الذي سيعاني على نطاق يتجاوز كل ما شهدناه حتى الآن. وقد يؤدي تصاعد العنف إلى جر الجيران إلى عواقب مدمرة للمنطقة والعالم. السيد الرئيس، على الرغم من الأهمية البالغة لأحداث العراق في السنوات الخمس الماضية، فإن العراقيين والأميركيين والعالم سيحكمون علينا في نهاية المطاف من خلال ما سيحدث وليس على أساس ما حدث. وسيكون ما نخلفه عندما نغادر في النهاية أهم من كيفية مقدمنا. إن نهجنا الحالي نهج صعب لكنه ناجح. فالتقدم حقيقي رغم هشاشته، وعلينا أن نبقى معه ونلازمه. سنستمر في الشهور القادمة في مساعدة العراق على اتخاذ مزيد من الخطوات نحو المصالحة والوفاق والتنمية الاقتصادية. وهذا يصبح على مر الوقت وبشكل متزايد عملية عراقية محضة كما ينبغي لها أن تكون. وستتركز جهودنا على زيادة تلاحم العراق واندماجه إقليميا ودوليا ومساعدة المؤسسات العراقية المحلية والقومية في تعزيز العملية السياسية وتوسيع النشاط الاقتصادي ودعم جهود الأممالمتحدة حينما يجري العراق انتخاباته المحلية قريبا من نهاية السنة. وستتطلب تلك الجهود التزاما مدنيا متزايدا ودعما مستمرا من الكونغرس والشعب الأميركي. وختاما سيادة الرئيس، أريد أن أقدّر وأشكر كل أولئك الذين يخدمون بلدنا في العراق، من عسكريين ومدنيين. فشجاعتهم والتزامهم قد استحقا، بتضحياتهم الكبيرة، إعجاب الشعب الأميركي بأسره، وإعجابي أيضا، ولي الشرف أن أكون بينهم.". علما أن البيت الأبيض أصدر في 19 مارس الماضي بيان حقائق بمناسبة مرور خمس سنوات على بدء الحرب العراقية. وقد استعرض البيان الأسباب التي دعت إلى خوض الحرب وقدم عرضاً مفصلاً للنجاح الذي تم تحقيقه بعد اعتماد استراتيجية الطفرة، وحذر من التسرع في سحب القوات من العراق. وفي ما يلي نص البيان المعنون ب" بعد خمس سنوات: استراتيجية جديدة تحسن الأمن في العراق":"ألقى الرئيس بوش اليوم كلمة في البنتاغون (وزارة الدفاع) بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لعملية الحرية العراقية. وقد شكلت الأعوام الخمسة الماضية فترة حاسمة في التاريخ. ويحق للقوات المسلحة الأميركية أن تفخر بشراكتها مع العراقيين وبالتقدم الذي تم إحرازه في العراق. - المعركة في العراق معركة نبيلة وضرورية وعادلة- إن إلحاق الهزيمة بالعدو في العراق سيجعل مواجهتنا لهذا العدو هنا داخل الوطن أقل احتمالا. إن الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء في شوارع بغداد يريدون أيضاً قتل الأبرياء في شوارع المدن الأميركية. - أصبح العالم أفضل وأميركا أكثر أمناً لأننا تصرفنا ضد صدام حسين. نظراً لكوننا تصرفنا، لم يعد صدام حسين يملأ حقولاً بجثث الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، أو يغزو جيرانه، أو يدفع المال لعائلات المفجرين الانتحاريين، أو يتحدى إرادة الأممالمتحدة. وقد تم إغلاق زنزانات التعذيب وغرف الاغتصاب وسجون الأطفال إلى الأبد. أثمرت استراتيجية "الطفرة" نتائج مبهرة في العراق تطبق الولاياتالمتحدة استراتيجية جديدة في العراق قائمة على أساس توفير الأمن للسكان. وقد أعادت الولاياتالمتحدة النظر في أواخر عام 2006، باستراتيجيتها وكلفت قواتنا بمهمة جديدة بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس تركز على: - العمل مع قوات الأمن العراقية لحماية الشعب العراقي.- ملاحقة العدو إلى معاقله الحصينة. - حرمان الإرهابيين من الملاذ الآمن. إن الطفرة تحقق النجاح. تحقق منذ بدء جميع قوات الطفرة العمل في العراق في أواسط عام 2007 ما يلي: - تقلص العنف الإجمالي في العراق بشكل كبير. - تقلصت الوفيات بين المدنيين. - تقلص القتل الطائفي. - تقلصت عمليات مهاجمة القوات الأميركية. - أسرت قوات التحالف أو قتلت الآلاف من المتطرفين في العراق، بمن فيهم مئات قادة وعناصر التنفيذ الميداني الرئيسيين في القاعدة. - بدأنا إعادة بعض قواتنا إلى الوطن "كمردود نجاح." يساعد الآن أكثر من 90 ألف مواطن عراقي معني بالأمر في حماية مجتمعاتهم المحلية من الإرهابيين والمتمردين والمتطرفين. وقد بدأت حركة "الصحوة" في الأنبار في عام 2006، عندما تبرّم شيوخ العشائر السنية من وحشية القاعدة وبدأوا ثورة شعبية. ولدى تحقيق هذا الجهد النجاح، ألهم عراقيين آخرين خوض القتال. • للاستفادة من هذه الفرصة، قمنا بإرسال 40 ألف عنصر إضافي من مشاة البحرية لمساعدة أولئك العراقيين الشجعان على طرد القاعدة من المحافظة. • تقدمت الحكومة العراقية بطفرة من جانبها من خلال إضافة أكثر من 100 ألف جندي وشرطي عراقي جديد خلال العام الماضي. وقد حاربت القوات العراقية بشجاعة، وضحى الآلاف منهم بحياتهم في هذا الصراع. أثناء محاربتنا القاعدة، نقلت قوات التحالف والقوات العراقية القتال أيضاً إلى المجموعات الشيعية المتطرفة، التي تدعم إيران الكثير منها وتموله وتسلحه. وقد كان نجم هذه المجموعات في صعود قبل عام. أما اليوم، فقد أصبحت معزولة بصورة متزايدة، وأصبح العراقيون من جميع الأديان والمعتقدات يخاطرون بحياتهم لمنع هؤلاء المتطرفين من اختطاف الديمقراطية العراقية. ضاعفت الولاياتالمتحدة عدد فرق إعادة إعمار المحافظات في العراق. تخدم فرق من الخبراء المدنيين في جميع المحافظات العراقية ال18، وتساعد في تعزيز قوة الزعماء الذين يتحلون بالمسؤولية، وفي تعزيز الاقتصادات المحلية وتوحيد صفوف العراقيين كي تتحقق المصالحة من القاعدة إلى القمة. النتائج التي سيتمخض عنها الوضع في العراق عظيمة الأهميةفتحت الطفرة الباب أمام انتصار استراتيجي رئيسي في الحرب الأوسع على الإرهاب. إننا نشاهد الآن في العراق أول ثورة عربية واسعة النطاق ضد أسامة بن لادن، وإيديولوجيته المقيتة، وشبكته الإرهابية. - تتغذى الحركة الإرهابية بما يبدو من حتميتها الظاهرية وتدعي أنها جزء من تيار التاريخ، ولكن إنجازات الطفرة أخذت تكشف كذب هذه الأقوال الملفقة. - ستثبت هزيمة القاعدة في العراق أن بإمكان الرجال والنساء الذين يحبون الحرية إلحاق الهزيمة بالإرهابيين. سيكون مصير الإرهابيين في الموصل نفس مصير القاعدة في الأماكن الأخرى في العراق. لقد دحرت القوات الأميركية والعراقية الإرهابيين وأخرجتهم من الكثير من الملاذ الآمنة التي كانوا يملكونها في وقت ما وسوف تلاحق بدون هوادة أولئك الذين تجمعوا الآن في الموصل وحولها. إن التحدي الذي نواجهه في الفترة القادمة هو تعزيز المكاسب التي حققناها وتحقيق هزيمة المتطرفين بشكل نهائي. لقد عرفنا في الأعوام الخمسة الماضية ما يحدث عندما نسحب قواتنا قبل الأوان: يتقدم الإرهابيون والمتطرفون، ويقيمون ملاذا آمنة يمكنهم نشر الفوضى والمجازر فيها. حذر الجنرال بترايوس من أن سحب القوات بأسرع مما ينبغي يمكن أن يسفر عن تفكك مماثل مرة أخرى. سيكون أي سحب إضافي للقوات من العراق على أساس الأوضاع على الأرض وتوصيات قادتنا ويجب ألا يعرض للخطر المكاسب التي حققتها قواتنا ومدنيّونا في العام الماضي بعد جهد كبير. في حين أنه لا يمكن لأي كان أن يجادل بأن هذه الحرب لم تفرض ثمناً مرتفعاً في الأرواح والأموال، إلا أن دفع ذلك الثمن ضروري عند النظر إلى ثمن نصر استراتيجي يحققه أعداؤنا في العراق. - إن السماح لأعدائنا بالانتصار في العراق يمكن أن يؤدي إلى فوضى. - ستكسب القاعدة مجدداً، في حال انتصارها، الملاذ الآمنة التي فقدتها وتقيم ملاذاً جديدة- وستثير العنف والإرهاب الذي قد ينتشر إلى خارج حدود العراق. - سيكون من الممكن لتنظيم قاعدة تشجع وأصبح قادراً على الوصول إلى موارد العراق النفطية أن يتابع العمل على تحقيق طموحه في حيازة أسلحة دمار شامل لمهاجمة أميركا وغيرها من الدول الحرة. هناك تقدم سياسي يتم إحرازه في العراق لقد خاطر الملايين من العراقيين بحياتهم لضمان مستقبل ديمقراطي لبلدهم، ولن تتخلى أميركا عنهم في ساعة الضيق. إن الغالبية العظمى من المواطنين العراقيين تريد العيش بسلام، وهي تثبت شجاعتها في كل يوم. - في أكتوبر 2005، أقر الناخبون العراقيون دستوراً دائماً جديدا. - في ديسمبر 2005، تحدى حوالى 12 مليون عراقي خطر منفذي عمليات الاغتيال وتفجير السيارات لاختيار حكومة دائمة من خلال انتخابات حرة يحكمها الدستور الجديد. في 3 فبراير، 2008، أصدر المجلس الرئاسي العراقي قانون المساءلة والعدالة، الذي سيتيح لآلاف من البعثيين السابقين العودة إلى وظائفهم الحكومية. في 13 فبراير، 2008، أصدر مجلس النواب العراقي تشريعين أساسيين. • قانون العفو العام: يمثل قانون العفو العام العراقي الحكومي معلماً في طريق تيسير المصالحة السياسية وسيادة القانون في العراق. ويعالج قانون العفو العام نطاق أهلية العراقيين الموجودين في مرافق الاحتجاز العراقية للحصول على العفو العام، سواء كانوا قد قدموا للمحاكمات أم لا. ويستثني القانون من هذا العفو أولئك الذين ارتكبوا جرائم خطيرة محددة، كالقتل المتعمد أو الخطف، وأولئك المعرضين لأن تصدر بحقهم عقوبة الإعدام. • الميزانية المالية: تمثل الميزانية العراقية البالغة 48 مليار دولار زيادة قدرها 17 بالمائة في الإنفاق مقارنة بميزانية العام الماضي، وقد تضمنت زيادة قدرها 23 بالمائة في الإنفاق على الأمن. وسترتفع الاعتمادات المخصصة ل15 محافظة بنسبة تبلغ أكثر من 50 بالمائة، من 2,1 مليار دولار إلى 3,3 مليار دولار، مما يعكس تحسن أداء تنفيذ الميزانية في المحافظات في عام 2007. أصدرت الحكومة العراقية قانون تقاعد في أواخر عام 2007. تواصل الحكومة العراقية المركزية توزيع عائدات البترول على المحافظات، رغم أنه ما زال يتم التداول بشأن قانون النفط المقترح. حققت الحكومة العراقية المركزية الهدف الذي وضعته لنفسها في عام 2007 بجني عائدات تبلغ 30,2 مليار دولار، وقد حققت هدفها قبل شهر من حلول نهاية العام. استكملت الحكومة العراقية أخيراً تسديد المستحقات المترتبة عليها إلى صندوق النقد الدولي قبل الموعد المحدد لذلك وتوصلت إلى ترتيبات جديدة تكون جاهزة للاستعمال عند الحاجة مع الصندوق.".