كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية يوم الجمعة 6 يونيو 2008 النقاب عن أن الولاياتالمتحدة تتحفظ على نحو خمسين مليار دولار من أموال العراق في بنك الاحتياطي الفدرالي بنيويورك، بهدف الضغط على الحكومة العراقية للتوقيع على اتفاق يمنح أمريكا أكثر من 50 قاعدة عسكرية دائمة بالعراق، وهو ما نفاه السفير الأمريكي في بغداد رايان كروكر. وأشارت الصحيفة إلى أن المفاوضين الأمريكيين يستغلون وجود أحكام قضائية في الولاياتالمتحدة بتغريم العراق نحو عشرين مليار دولار للضغط على نظرائهم العراقيين لقبول شروط الاتفاق العسكري، وإلا يتم رفع الحصانة التي تتمتع بها الأموال العراقية حاليا، وبالتالي مصادرتها. ومن المعلوم أن احتياطات العراق الخارجية محمية حاليا بواسطة مرسوم رئاسي يمنحها حصانة من الحجز القضائي، لكن الجانب الأمريكي هدد بأنه إذا سقط تفويض الأممالمتحدة الذي بموجبه يتم التحفظ على المال ولم يستبدل باتفاق جديد، تفقد أموال العراق هذه الحصانة. وإذا حدث هذا فسيخسر العراقيون على الفور عشرين مليار دولار. ورأت الصحيفة أن التهديد الأمريكي يؤكد على الالتزام الشخصي للرئيس بوش لفرض الاتفاقية الجديدة مع حلول 31 يوليو المقبل. ويؤكد منتقدو الاتفاق العراقيون بأن الاتفاق يعني أن بلدهم سيكون دولة عميلة ستحتفظ فيها واشنطن بأكثر من خمسين قاعدة عسكرية. وستكون القوات الأمريكية قادرة على تنفيذ اعتقالات للمواطنين وشن حملات عسكرية دون مشاورة الحكومة العراقية، كما يمنح الاتفاق الجنود والمقاولين الأميركيين حصانة من الملاحقة القضائية. ترغب واشنطن أيضا –بحسب بنود الاتفاقية- في السيطرة على المجال الجوي العراقي حتى ارتفاع 29 ألف قدم وحق مواصلة الحرب على الإرهاب , ومنحها سلطة اعتقال أي شخص تريده وشن حملات عسكرية دون استشارة. وقال مصدر عراقي إن الولاياتالمتحدة لديها اتفاقات أمنية مع دول كثيرة، لكن ليس هناك واحدة منها محتلة بـ151 ألف جندي أمريكي كما هو الحال بالعراق. وواشنطن غير مستعدة حتى لتخبر حكومة بغداد بماهية قواتها القادمة أو المغادرة لهذا البلد، لأنه كما يبدو أنها تخشى أن تبلغ الحكومة الإيرانيين. وأشارت إندبندنت إلى ما قاله مسئولون عراقيون العام الماضي إنهم أرادوا تنويع ما بحوزتهم بعيدا عن الدولار بسبب تدني قيمته إلى أصول أخرى، مثل اليورو. لكن الخزانة الأميركية عارضت ذلك لأن المسئولين الأميركيين خشوا حدوث أزمة ثقة بالدولار. وأضاف المسئولون العراقيون أن عاقبة الإجراء الأميركي أدت لخسارة ما يعادل خمسة مليارات دولار. وباعتبار ضغط واشنطن المكثف على حكومة بغداد الضعيفة المعتمدة على دعم الولاياتالمتحدة، ما زال من المحتمل تمرير الاتفاق بعد إجراء تغييرات شكلية فقط. ويمكن للمرجع الشيعي على السيستاني أن يوقف الاتفاق بإصدار فتوى ضده لكنه فشل في ذلك حتى الآن. وفي المقابل نفى السفير الأمريكي بالعراق رايان كروكر وجود صفقات سرية في اتفاق طويل الأجل يجري التفاوض عليه مع العراق، زاعما أن واشنطن لا تريد قواعد دائمة في العراق. وقال كروكر الموجود في واشنطن للتشاور مع حكومة بوش إن أي اتفاق إطاري استراتيجي طويل الأجل مع العراق سيحترم سيادة البلاد، وأضاف لن تكون هناك أية بنود أو ملاحق أو بروتوكولات سرية مهما كانت. ستكون هذه عملية تتمتع بالشفافية. ورفض كروكر تلميحات بأن واشنطن تريد وجودا عسكريا دائما في العراق وأنها تتفاوض حول عشرات القواعد طويلة الأجل في أنحاء البلاد، وقال نحن لا نسعى للحصول على قواعد عسكرية دائمة في العراق. هذا غير صحيح بالمرة. كما أننا لا نسعى للسيطرة على المجال الجوي العراقي. هذه أسطورة أخرى.