ثامر الحجامي يمر العراق؛ بمنعطف مهم, وهو يقترب من دحر الإرهاب, وقوى الظلام من أرضه, بعد أن مرت عليه سنين عجاف, أهدرت فيها الأموال, وأستبيحت فيها الأرض, واهلك الحرث والنسل . عانى العراق في الفترة الماضية, صراعا سياسيا هائلا, بسبب انتقال السلطة, من الدكتاتورية الجاثمة على العراقيين لعقود, الى نظام ديمقراطي بني على الشراكة السياسية, والذي لم يحسن التعامل مع الملفات, التي كانت تواجه الدولة العراقية, بسبب الصراع على السلطة, فتحول الصراع السياسي, الى صراع مجتمعي وطائفي وقومي, جعل العراق ساحة للفساد, الذي نهب ثروته, وللإرهاب الذي استباح الأرض, وأزهق الأرواح, ودمر مدن عامرة . ولان من رحم المعاناة, لابد أن تأتي الحلول الناجعة, لمشاكل البلد وحجم التحديات, التي تحيط به, طرح التحالف الوطني, مشروع التسوية الوطنية, التي تهدف لحل المشاكل العالقة, وتخليص البلد, مما اعتراه طيلة الفترة الماضية, وعودة اللحمة الى أبناء شعبه, والحفاظ على وحدته, التي أصبحت مهددة, بسبب التفكير الطائفي والحزبي, والتدخلات الإقليمية والدولية, التي هدفها تمزيق وحدة العراق, وجعله مقاطعات لفئات متناحرة, في ما بينها . هذه المبادرة تفرض على الجميع, الجلوس قبالة بعضهم, والشعور بحجم التحديات, التي تحيط ببلدهم, والتخلص من التفكير الحزبي والطائفي, الذي أوصل العراق لما هو فيه, وفق مبدأ لا غالب ولا مغلوب, فالكل عراقيون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات, يحكمهم القانون والدستور, وأن يستشعر الجميع حجمهم الحقيقي, في هذا البلد, ويتعاملون مع التسوية, بروحية الرغبة في الحل, والبناء الوطني, والحفاظ على وحدة العراق . ولأن الحل لابد أن يكون عراقيا, نابعا من معاناة شعبه, وحجم الخطر الذي يحيط به, وبعيدا عن تدخل الدول, التي كانت شريكة في حجم الأذى والخراب, الذي طال هذا البلد, فلا تسوية تكتب إلا بأيدي العراقيين أنفسهم, ولا تسوية بوصاية خارجية, أو بتجاوز الدستور, أو العودة الى المربعات الأولى, ويقينا أن الراغبين, بالحفاظ على وحدة بلدهم, ورفع المعاناة عنه, سيجدون الحلول الناجعة, لكل المشاكل العالقة, إذا ما جلسوا الى طاولة الحوار, ونظروا الى الملفات المطروحة بحيادية, وبعيدا عن الضغوط الطائفية والخارجية . ففي النهاية, الجميع في هذا الوطن, يعيشون على أرضه, ويتشاركون خيراته, ولن يستطيع أي طرف, أن يقصي طرفا آخر, ولا بد من وضع حد لهذا النزيف, وفق تسوية وطنية حقيقية, تحفظ العراق وشعبه .