السياسيون العراقيون يرحبون بالتدخل الأجنبي بحسب انتماءاتهم جاءت التصريحات التي أطلقها إيرانيون وأتراك، لتحرك الشارع العراقي وتضعه أمام حالة من الاستغراب، لا سيما أن التصريحات حملت معها الكثير من الإساءات وكشفت عن مصالح مفضوحة للمتدخلين في الشؤون الداخلية للعراق وعن ادوار تم لعبها، طالما تأثر بها المواطن في أمنه وعيشه، خاصة أن الدولتين المتدخلتين هما جارتان للعراق، فبين ما قاله الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس، وما قاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان، وجد العراقيون أنفسهم ينقسمون إلى فريقين يحلم كل منهما أن يفتح فمه ليجد العراق لقمة سائغة، ومن هنا ارتأت إيلاف طرح سؤال افتراضي تشاكس به العراقيين حول ما يفضلون: التدخل التركي ام الإيراني، أم سواهما، فكانت هذه الإجابات. فقد أشار الصحافي علي العقابي إلى أن الاستقلال الحقيقي هو الذي لا يسمح لأحد بالتدخل في شؤون الدولة، وقال: «أنا كعراقي ارفض أي تدخل أجنبي مهما كان شكله سواء من دول الجوار أو من قبل الدول الكبرى التي كانت تحتل العراق والتي أساءت كثيرا لهذا البلد ولشعبه، كما أنني أؤمن باستقلالية هذا البلد وبوجود حكومة نزيهة ومستقلة وغير تابعة إلى أية جهة من الجهات الأجنبية وغير مسيّسة لأجندات خارجية أبدا، فالاستقلال هو واحد من المهمات النبيلة والوطنية التي يسعى إليها كل عراقي شريف». أما كريم نافع، لاعب كرة القدم السابق، فأكد أن التصريحات التي تتدخل في الشأن العراقي تشير إلى ضعف الحكومة، وقال: «ارفض التدخلين الإيراني والتركي مبدئيا، لأن الدولتين تبحثان عن مصالحهما الشخصية في العراق، لا مصلحة الشعب العر اقي مهما اختلفت التصريحات، وهذا أمر غير قابل للجدل والنقاش، لذلك إذا ما أعطينا المجال لهذه الدول أو تلك للتدخل فأنا اعتقد أن ذلك ليس في صالح البلد ولا المواطن، الذي سيلحق به الضرر ولن يستفيد من أي تدخل، ثم أريد أن أقول شيئا: «لماذا هؤلاء يريدون التدخل مثلا، أو يتدخلون؟ إذن...هناك خلل في السياسة والحكومة، وهذا أمر مفروغ منه، ويجب علينا أن لا نصدق أن هناك دولة مجاورة تتدخل في شؤون العراق دون أن تبحث عن مصلحتها الخاصة أولا ثم يحاول أن يبحث عن مصلحة العراق، لذلك أقول أن أي تدخل في شؤوننا ليس في صالحنا». وأضاف: «أما ما سمعنا من تصريحات مؤخرا من إيران وتركيا فهذا يدل على ضعف الحكومة العراقية ويدل على ضعف السياسيين، ومع احترامي للجيد والشريف العراق ليس بأياد أمينة». أما رزاق إبراهيم حسن، الصحافي في جريدة الزمان، فتمنى من دول الجوار أن تساعد العراق لا أن تثير المشاكل فيه، وقال: «أنا اعتبر العراق أقوى كونه دولة قديمة وذات تاريخ، واعتبر العراق بلدا فيه ما يكفي لتأكيد استقلاله وتعزيزه، وارفض أي تدخل في شؤون العراق، لا من تركيا ولا من إيران ولا غيرهما، أريد للعراق أن يقف على قدميه وان يكون عملاقا وان يستحق ذلك تاريخا وإنسانا وإمكانات، فالتدخلات مرفوضة، ثم أن الدول المحيطة بنا ينبغي أن تساعدنا على تحمل ما عانيناه من نكبات ومآس سواء من الحروب أو الحضارات وأن لا تكون عاملا لخلق الأزمات والمشاكل، التي تؤدي إليها التدخلات في شؤونه». وأضاف: «أنا سمعت تصريحات من مسؤولين إيرانيين وأتراك، واعتقد أن بالإضافة إلى كونها غير لائقة، فهي تخلق حساسية بين البلدان المتجاورة، ولأن الوضع العراقي غير مستقر فربما تترك تأثيرا مؤسفا داخل العراق هو بغنى عنها، ربما من خلال تحريك بعض الجهات، فالساحة العراقية مع الأسف مفتوحة دون ترتيب مناسب. وأشارت الكاتبة والصحافية عالية طالب، رئيسة تحرير مجلة نرجس، إلى أن تصريحات التدخل جعلت الشعب يتماسك أكثر، وقالت: «هل تعتقد أن أي عراقي يحب وطنه يؤيد التدخل من أية دولة من دول الجوار والتي دائما تدخلاتها تحقق مصالحهم وليس مصلحة العراق»؟ فقد شهدنا عبر فترات طويلة أن هذه التدخلات كانت لتحقيق مصالح تضرّ بالعراق اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ومن كل الجوانب، اليوم... نشهد حملة من التدخلات، حملة من التصريحات تصيب مواطننا بالاستغراب لأننا كما يقال نتمتع بالسيادة ولدينا مسؤولون عليهم أن يصدوا هؤلاء عن إشعارنا بأن لهم اليد الطولى في العراق، سواء تركيا أو إيران أو حتى السعودية والأردن وسورية، لنبقى محافظين فعلا على كينونتنا المحلية وعلى كرامتنا بأننا لا نقبل أي تدخل في شؤوننا، فعلى الصعيد الشخصي من يتقبل أن يأتي جاره ليتدخل في أموره، هكذا هو الحال». وأضافت: «ربما التصريحات التي جاءت من إيران وتركيا زادتنا تمسكا مع بعضنا، ربما ألغت بعض المشاريع التي عملوا عليها للفرقة والطائفية والقسمة، ربما أشعرونا أننا فعلا لا بد أن نكون متحدين ومتكاتفين حتى نستطيع أن نرد أي تدخلات من دول المنطقة». فيما قال الكاتب والإعلامي اسعد الهلالي، في قناة الرشيد الفضائية: «أي تدخل مرفوض... سواء كان إيرانيا أو تركيا، أو من أية دولة كانت، فالمتضرر الوحيد من التدخل الأجنبي هو الإنسان العراقي، وتاريخنا الحديث يدلنا على بعض الإشارات، مثلا عندما كانت الحروب بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية في القرون المنصرمة، كانت تدور على أرض عراقية وتلال الجماجم كانت دائما من العراقيين، فأي تدخل أجنبي يدفع ثمنه الدم العراقي والفكر العراقي والوجود العراقي». أما الدكتور عبد الهادي مشتاق، مدير المركز الوطني لحقوق الإنسان، فقال: «أي تدخل في شؤون العراق هو لمصلحة الغير، وأنا لا أحبذه، والتصريحات التي نسمعها في بعض الأحيان من هنا وهناك اعتبرها تعديا على حقوق الشعب العراقي، سواء كانت التصريحات تركية أو إيرانية، وهي تصب في خانة المصالح الإقليمية والدولية ولفئات من الداخل متحالفة مع الخارج، واعتقد أن الأفضل لهذه الدول أن لا تتدخل، أن كانت تعتقد أن تدخلها يفيد العراق، لأن العراق لن يحل مشاكله إلا أهله، والمطلوب أيضا من العراقيين سياسيين ومواطنين، أن يتحصنوا ضد التأثير الخارجي وأن لا يسمحوا لأحد أن يدس انفه في شؤونهم، وحتى الذين يعتقدون أن تمويلهم الخارجي فيه فائدة لهم، أقول لهم أن الفائدة الوحيدة هي المواطن العراقي وعليهم أن يكونوا مع الشعب العراقي، وليس ضده لأن السماح للخارج بالتدخل في شؤوننا الداخلية يعني أنهم ضد المواطن». وطلب فاضل ثامر، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، من دول الجوار أن تحافظ على حقوق الجيرة وتحترمها، وقال: «أنا اعتقد أن كل عراقي وكل مثقف سيقول لك بكل صراحة انا ضد أي تدخل إيراني أو تركي أو أميركي أو أي لون آخر من التدخلات، نحن مجتمع يؤمن بالحرية ويؤمن بالسيادة الوطنية والاستقلال، وهو يناضل من اجل التخلص من الإرث الثقيل للنظام الشمولي الدكتاتوري الذي سقط عام 2003 وأيضا للتخلص من الإرث الثقيل الذي تركه نظام الاحتلال الأميركي الذي خرج آخر جنوده في نهاية عام 2011، ونحن نتطلع إلى أن نكون اسياد أنفسنا واسياد أرضنا ومياهنا وترابنا، فلهذا نقول لجميع الأصدقاء ولجميع الجيران: أهلا بكم في مجال الصداقة وفي مجال التعاون المشترك على أسس متكافئة ودونما تدخل، ونقول لهم نحن نرفض أي تدخل في شؤوننا، نرفض أي محاولة لتقديم وصايات أو املاءات على مجتمعنا، وعلى سياستنا، نقول لهم: لكي تحافظوا على حقوق الجيرة، على حقوق السيادة الوطنية ندعوكم إلى أن تتوقفوا عن إصدار التصريحات التي تسيء إلى استقلاليتنا والى كرامتنا لأننا لا نريد أن نصل إلى القطيعة معكم».