النهب، و تبذير الثروات التي تعرضت لها خيرات صوديا و صوجيطا، هو الذي جعل حكومة الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي تقدم على إعداد وإخراج البرنامج الوطني لإعادة هيكلة أراضي صوديا و صوجيطا، وذلك بهدف إيجاد حل واقعي وعقلاني، يوقف هذا النهب وهذا التبذير، ويحفظ للعمال حقوقهم، ويصون مكتسباتهم، ويحسن من أوضاعهم الاجتماعية. وبغض النظر عن بعض الالتواءات التي شابت طريقة استفادة بعضهم، فإن عددا كبيرا ممن استفاد من المستثمرين قد ضرب عرض الحائط كل الالتزامات التي بمقتضاها سلمت له الضيعة أو الضيعات !! و كأن التوقيع على دفتر التحملات، ومحاضر اتفاق التسليم، لم يكن - في نظر هؤلاء المستفيدين- سوى مسرحية، لا علاقة لها بالواقع، واقع فسح المجال لنزواتهم في طرد العمال وتشريدهم، والاجهاز على حقوقهم ومكتسباتهم، بل والاجهاز حتى على حق الدولة التي من المفروض فيها، أن تكون حامية للقانون وحقوق المواطنين، فأحرى حماية حقوقها هي !! وكمظهر من مظاهر هذا التجاوز، فإنه لم يعد غريبا منظر العمال الفلاحيين وهم معتصمون بهذه الضيعة أو تلك، لا يطالبون سوى بفرض احترام القانون والوفاء بالالتزامات !! و قد يدوم الاعتصام الشهر أو الشهرين ولا أحد يتدخل !! و كأن الجميع متفق على الخرق الذي يتعرض له القانون !! ولا ينتظرون إلا الملل واليأس يتسرب إلى العمال، ليغادروا بحثا عن لقمة عيش مرة .. وليخلو الجو وقتئذ لسيادة اللاقانون و منطق الغاب !! واليوم وبمنطقة آيت يعزم بإقليم الحاجب يتفنن المستفيدون في تسييد منطق اللاقانون مع بعض الاستثناءات طبعا - و على سبيل المثال لا الحصر - نورد نموذج ضيعة 1103 التابعة لصوديا، التي تم تسليمها لشركة OLIVCO قبل حوالي شهر ونصف بموجب المشروع رقم 2/131623 وهو الاتفاق الموقع من طرف شركة التنمية الفلاحية (SODEA) و شركة OLIVCO ومندوبية الشغل بمكناس، ولجنة التنسيق الوطنية للنقابة الديموقراطية للفلاحة العضو في الفيدرالية الديموقراطية للشغل، و الاتحاد الجهوي للكونفدرالية الديموقراطية للشغل بمكناس. وقد تضمن الاتفاق ثمانية وعشرين (28) بندا ينص من بين ما ينص عليه على منح العمال بطاقات الشغل وورقة الأداء - ترسيم 10% من العمال المؤقتين سنويا- التصريح بجميع العمال لدى ص.و.ض.ج. ابتداء من تاريخ تسليم الضيعة - الحفاظ على حقوق و مكتسبات العمال - احترام الساعات القانونية للعمل - احترام الحريات النقابية... لكن العمال الفيدراليين و الكونفدراليين وجدوا أنفسهم مضطرين لخوض اعتصام منذ يوم الجمعة 16 أكتوبر 2009 بعدما أقدم المشغل الجديد على طرد كل العمال المؤقتين عوض ترسيم 10% سنويا كما وقع على ذلك في محضر التسليم، وكذا عدم أداء أجرة العمال!! علما بأن الشركة المستفيدة وجدت أمامها هدية ثمينة، فبمجرد تسلمها الضيعة، باعت محصول الشركة من العنب والزيتون ب 180 مليون سنتيم، وهو المحصول الذي كان من المفروض أن تستفيد منه الشركة التي أنتجته !! وليت المستفيد أنفق جزءا من هذا المبلغ / الهدية على ما تم الالتزام به تجاه العمال !! لكن حتى الماء والكهرباء قد تم قطعهما عن الضيعة بسبب عدم إبرام العقدة مع المكتب الوطني للماء والكهرباء، وهذا ما زاد في تأزيم أوضاع العمال، الذين بالإضافة إلى الجوع والطرد أضيفت إلى أزمتهم، أزمة العطش والإنارة، وأصبح الأطفال يقطعون مسافات طويلة ليس بحثا عن مقعد في المدرسة وإنما طلبا لجرعة ماء عز العثور عليها وسط هذا القحط الإنساني !! «و قد قمنا باكتتاب -نحن العمال- يقول أحد المعتصمين- وطلبنا من رئيس منطقة صوديا القيام بإجراءات إعادة الماء والكهرباء للضيعة، لكنه تهرب معلنا أن لا علاقة باتت تربطه بالضيعة »!! و الحال أن سيادته مسؤول عن تتبع كل مراحل تنفيذ دفتر التحملات، -يضيف نفس المصدر- و أنه كان لزاما عليه ألا يسارع إلى توقيع محضر التسليم، قبل تحويل عقدة الماء والكهرباء في إسم الشركة الجديدة !!؟ ولدى خروجنا من الضيعة، حيث العمال مستمرون في اعتصامهم، اعترض سبيلنا السيد امحمد محمود الأحمد، رجل أعمال سوري مقيم بالمغرب صاحب شركة "فوراج" لحفر الآبار، طالبا منا نقل معاناته هو الآخر مع شركة OLIVCO إلى قراء الجريدة، حيث تم الاتفاق مع الشركة على حفر عشرة آبار، وبعد أن شارفت عملية حفر البئر الأولى على النهاية، فاجأته السلطات المحلية بآيت يعزم بالحجز على "الصاندا" ومنعه من إتمام عمليات الحفر نظرا لعدم حصول الشركة على التراخيص المطلوبة في هذا الشأن. ولدى اتصاله بالشركة لحل المشكل القانوني، لم يجد أي محاور، مما اضطره هو الأخر إلى أن يرابط قرب آلياته، مقتسما كسرة خبز و كأس شاي مع العمال المعتصمين منذ حوالي أسبوع !! ٭ عود على بدء: إذا كان مشروع البرنامج الوطني لإعادة هيكلة أراضي صوديا و صوجيطا قد أملته ضرورات المواطنة الصادقة، فهل يسمح المسؤولون بأن يتحول هذا البرنامج إلى بقرة حلوب يستنزفها مستغلو فرص الاغتناء السريع واللامشروع؟ !! أم أن المسؤولين سيتحركون لإرجاع الثقة للمواطن بأن المغرب هو للمغاربة جميعا؟