تدارس مشاركون على مدى يومي 20 و 21 أكتوبر 2009، في ندوة علمية بالرباط ، سمات المشهد اللغوي ببلادنا، وتعلم اللغات من خلال مسارات الإصلاحات التعليمية، ووقفوا عند المحطات الأساسية، التحولات والإشكالات الكبرى المطروحة على هذا الصعيد، بالاضافة إلى الاهتمام بالتعدد اللغوي في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين واستشراف آفاق تدريس اللغات وتعلمها. وتوخت هذه الندوة العلمية التي نظمها المجلس الأعلى للتعليم، تحت شعار " تدريس اللغات وتعلمها في منظومات التربية والتكوين.. مقاربات تشخيصية واستشرافية"، الإجابة عن سؤال مركزي بأبعاد متعددة، يتمثل أساسا في أي تعليم للغات كفيل بجعل الأجيال المتعاقبة لأفواج المتعلمين والمتعلمات متمكنة من الكفايات اللغوية تواصلا وقراءة وتعبيرا شفهيا وكتابيا، كما شكلت هذه الندوة فضاء خصبا للتفكير والمناقشة والاقتراح، وتبادل الرأي بين الخبرات الوطنية والدولية من أساتذة وباحثين وهيئات مهتمة حول المقاربات التشخيصية والاستشرافية لهذه الإشكالية، وتعميق البحث والدراسة في مختلف أبعادها وتجلياتها واستكشاف سبل معالجته. وبخصوص الأبعاد المرتبطة بهذا السؤال المركزي، يرى المنظمون أنها تتحدد في ثلاثة أبعاد، يتجلى البعد الأول في كونه يتعلق بإحدى القضايا الأفقية الحاسمة للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين ذات الانعكاس المباشر على مردوديتها الداخلية والخارجية، واحد العوامل الأساسية المؤثرة في شتى ميادين الحياة الوطنية اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيا، ثقافيا وعلميا، كما أنه سؤال بيداغوجي يقع في صميم انشغالات الفاعلين التربويين وشركاء المدرسة بل وفي قلب اهتمامات المجتمع وأسئلة النقاش العلمي والعمومي، أما البعد الثاني فيحيل إلى ما تنطوي عليه هذه المسألة من انعكاسات ليس فقط على حاضر المدرسة المغربية ومستقبلها، بل لكونها تمتد إلى المجتمع، ذلك أن التمكن من اللغات يعد سبيلا للتشبع بالمكونات المتعددة للهوية الوطنية الموحدة بثوابتها، كما أنه يشكل أساس تنمية الكفايات اللازمة لمختلف التعلمات والمعارف، وأحد محددات النجاح الدراسي، وبناء الشخصية، والاندماج في الحياة العامة، ويكمن البعد الثالث في ضرورة تحديد الاتجاه بالاعتماد على مقاربة تعتمد على مبادئ موجهة وضوابط منهجية يعتمد عليها المجلس. واعتبرت المشاركون أن الندوة تعد حلقة خصبة، لتفعيل وإغناء العديد من الأسئلة المهمة المرتبطة بالسبل الكفيلة بإتقان مختلف أشكال استعمال اللغات والتمكن من كفاياتها، واختيار التدبير الملائم لمختلف الجوانب البيداغوجية المتعلقة بتدريس اللغات وتعلمها بمكوناتها العربية والأمازيغية الأجنبية في إطار مشهد ثقافي وطني متسم بالتنوع اللغوي، فضلا عن ضبط الوضع الملائم لكل مكون من هذه المكونات اللغوية ضمن منظومة تربوية وطنية ترسخ مقومات الهوية الوطنية المنفتحة على العالم، وتؤمن جودة التعلمات ونجاعة المردودية، وتستجيب باستمرار لحاجات محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ولمتطلبات العصر ومستجداته. وتأتي هذه الندوة في سياق سلسلة من الأعمال المرتبطة بالموضوع، يباشرها المجلس الأعلى للتعليم وهيئاته منذ حوالي سنة، والتي تتشكل أساسا من الدراسات التشخيصية والموضوعاتية ، واستطلاع الرأي، وتنظيم الورشات المتخصصة حسب اللغات العربية والأمازيغية والأجنبية المعتمدة في المنظومة التربوية ، إلى جانب ورشة التكوين المهني والورشة الأفقية للغات والدراسة المقارنة لنماذج من التجارب الدولية. وعرفت أشغال هذه الندوة التي حضرها عبد العزيز مزيان بلفقيه رئيس المجلس الأعلى للتعليم ومستشار جلالة الملك بالاضافة إلى عدد من الوزراء، ثلاثة محاور ،اهتم الأول ب " تدريس اللغات وتعلمها في منظومة التربية والتكوين بالمغرب"، والثاني ب"تعليم اللغات في منظومات التربية والتكوين"، فيما يتعلق المحور الثالث ب"اللغات في منظومات التربية والتكوين: التنوع اللغوي والتمكن من الكفايات اللغوية".