تلقي المخرجة الفلسطينية الشابة سوسن قاعود الضوء على بعض عادات وتقاليد الطائفة السامرية في فيلمها الوثائقي «السامري الطيب» الذي عرض في الأمسية الثالثة لمهرجان «القصبة السينمائي الدولي» في رام الله. وتعرض سوسن قاعود على مدى47 دقيقة نتاج تصوير امتد لعامين ونصف العام لحياة هذه الطائفة التي تقطن جبل جرزيم جنوبي نابلس ولا يتعدى عدد أفرادها 750 فردا وتصور فيه لقطات من حياة عدد من العائلات تعرض من خلالها مجموعة من المعتقدات والعادات الخاصة بالسامريين. وقالت المخرجة الشابة بعد عرض الفيلم على مسرح وسينماتك القصبة «العلاقة الشخصية التي تربطني ببعض أفراد هذه الطائفة - حيث كنت أسكن في حي مجاور لهم - أتاحت لي فرصة الدخول الى حياة هؤلاء الناس وتصوير ما شاهدتموه في الفيلم.» وأضافت «الفيلم يركز على وضع المرأة السامرية، ولكنه أيضا يقدم صورة أشمل عن بعض المعتقدات الدينية للطائفة وعاداتها.» ويظهر الفيلم لقطات حية لاحتفالات دينية لهذه الطائفة التي يعرف أفرادها أنفسهم بأنهم مؤمنون بالله والنبي موسى ووصاياه العشر وأنهم أتوا الى هذا الجبل واستقروا فيه قبل آلاف السنين ولا يعرفون مكانا غيره على عكس اليهود الآخرين الذين يؤمنون بأن مقرهم يجب أن يكون في مدينة القدس. ويوضح الفيلم بعض عادات الطائفة السامرية والمتمثلة في «زواج البدل»، حيث يحاول الأهل ضمان عروس لابنهم من خلال اشتراط أن تكون لمن يتزوج ابنتهم أخت أو قريبة لتزويجها الى ابنهم وإن اضطرهم هذا لإعلان خطبة فتيات صغيرات ينتظرن سنوات حتى يكبرن لتزويجهن ممن تمت خطبتهن إليه. ويعطي الفيلم مساحة واسعة لشرح هذه الظاهرة وكيف يشكل إيجاد عروس مشكلة تؤرق العائلة منذ ولادة طفلها، لأن الزواج مقتصر على أبناء الطائفة فيما بينهم، وإن بدأ هذا الامر يتغير في السنوات الاخيرة حيث حدثت أربع حالات زواج من خارج الطائفة مع الاشارة الى أنذلك مشروط بقول العروس أنها ستصبح فردا من الطائفة ومؤمنة بمعتقداتها. ويمثل الزواج بالنسبة لأفراد الطائفة كما يظهر في الفيلم قضية وجود وبالتالي يبدو أن الحب قبل الزواج شبه منعدم لأن الهدف الأول من زي زواج وخصوصا للعائلات التي لديها ذكر وأنثى أن تكون هناك مبادلة لأي زيجة وأن كان هذا لا يخلو من زيجات أخرى لا تحدث فيها مبادلة إذ لا يكون للبنت أخ أو العكس. ويبدي أفراد الطائفة خلال الفيلم التزاما صارما بالمعتقدات الدينية ومنها أن المرأة التي تلد طفلا تعيش بمعزل تام40 يوما لا يلمسها خلالها أحد ويوضع الطعام لها بطريقة غير مألوفة حتى أنه في بعض الأحيان يتم رميه إليها حتى لا تحدث ملامسة. وتطول هذه المدة لمن تضع طفلة إذ تمتد80 يوما. وحاولت سوسن قاعود خلال النقاش الذي أعقب الفيلم الإجابة عن أسئلة الجمهور الذي أبدى إعجابه بما عرضه الفيلم من معلومات لا يعرفها كثيرون عن عادات وتقاليد الطائفة السامرية رغم أنها جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. ويتضمن الفيلم لقطات لاحتفالات السامريين بعيد العرش في زيهم التقليدي وكذلك عيد الفصح الذي يرتدون فيه الزي الأبيض ويذبحون فيه الخراف إضافة الى مقاطع من حفل زواج لأحد أفراد الطائفة. وتأمل المخرجة في عرض فيلمها في مهرجانات عربية وأجنبية، إذ أنه مترجم إلى اللغة الانجليزية وسبق أن عرض في مهرجان زوريخ للأفلام الوثائقية الفلسطينية الشهر الماضي.