يقدم مهرجان البندقية السينمائي في دورته السادسة والستين التي تفتتح الاربعاء خمسة افلام روائية عربية طويلة تشارك في مختلف مسابقاته، في خطوة لا سابق لها في تاريخ هذا المهرجان. ويتمثل هذا الحضور القوي بثلاثة افلام مصرية يشارك احدها في المسابقة الرسمية، بالاضافة الى فيلم تونسي وآخر جزائري. كما يفتتح المهرجان بفيلم "باريا" للمخرج الايطالي جوزببي تورناتوري الحائز جائزة الاوسكار، وهو من انتاج التونسي طارق بن عمار. ويؤكد مدير المهرجان ماركو موللر رغبته في ان تكون السينما العربية حاضرة هذا العام اكثر من اي وقت مضى في مهرجانه الذي هوجمت دورته الماضية بشدة. وكان النقاد اشتكوا من تدني مستوى الافلام وعدم قدرة المدير على اجتذاب الدم الجديد في السينما العالمية وسط هيمنة مستمرة للاعمال الاميركية والاسيوية وحضور دائم للسينما الفرنسية. واختار المهرجان هذا العام ثلاثة افلام مصرية اولها فيلم احمد ماهر "المسافر" الذي يقدم ضمن المسابقة الرسمية. وهذا الفيلم الذي يلعب دور البطولة فيه النجم عمر الشريف الى جانب خالد النبوي وعمر واكد وسيرين عبد النور، انتجته وزارة الثقافة المصرية مسجلة بذلك عودتها الى الانتاج السينمائي بعد غياب سنوات. ويشارك "المسافر" الذي واجه صعوبات جمة قبل ان يرى النور، في المسابقة الرسمية بين 24 شريطا من الولاياتالمتحدة وفرنسا وايطاليا واليابان وبريطانيا والمانيا والنمسا وسريلانكا واسرائيل وتايوان. وتتنافس هذه الافلام على انتزاع جائزة الاسد الذهبي وجوائز اخرى في ختام المهرجان مساء 12 ايلول/سبتمبر. وتتمثل مصر البلد العربي الرائد في صناعة السينما بفيلمين آخرين هما "احكي يا شهرزاد"، سيناريو وحيد حامد واخراج يسري نصرالله، خارج المسابقة الرسمية. وهذا الفيلم من بطولة منى زكي وسوسن بدر ومحمود حميدة. وقد اثار قبيل عرضه في الصالات المصرية مطلع الصيف ضجة اثر اتهام منى زكي بالتخلي عن "السينما النظيفة"التي كانت من حملة لوائها في مصر. ويعرض الفيلم نظرة المجتمع المصري الى المرأة من خلال حكايات نساء يصور مجريات حياتهن وعلاقتهن بالجنس الآخر ويتطرق للوضع القاسي للمرأة في المجتمع المصري خاصة حين تكون امية او لا تملك المال اللازم الذي يكفل لها حياة كريمة. ومن ملامح الحضور العربي في البندقية هذا العام ايضا، مشاركة المنتج التونسي العالمي طارق بن عمار في انتاج اضخم فيلم ايطالي بلغت كلفته 20 مليون يورو وصور في تونس، للمخرج الصقلي العالمي جوزيبي تورناتوري حائز الاوسكار. ومنذ عشرين عاما لم يفتتح المهرجان بالسينما الايطالية التي تشارك في هذه الدورة باربعة افلام، ما يبشر بعودة السينما الايطالية التي تشهد منذ ثلاثة اعوام قصورا. واختارت مسابقة "آفاق" (اوريزينتي) التي تقدم التيارات الجديدة في السينما العالمية مخرجتين تمثلان الاجيال النسائية الشابة في السينما العربية هما كاملة بو ذكري (واحد صفر) من مصر ورجاء عماري (اسرار مدفونة) من تونس. وكان فيلم "واحد صفر" المشارك في تظاهرة آفاق عرض في الصالات المصرية في آذار/مارس الماضي ولقي اقبالا جيدا من الجمهور واستحسان النقاد. وهو ثالث عمل روائي للمخرجة والمصري الثالث في المهرجان. واختير ايضا "اسرار مدفونة " للتونسية رجاء عماري. وتقوم ببطولة الفيلم النجمة الفرنسية التونسية الصاعدة حفصية حرزي الى جانب سندس بلحسن ووسيلة داري وريم البنا وظافر العابدين. ويعالج "اسرار مدفونة" قصة فتاة تعيش مع والدتها بمعزل عن العالم الى ان يدخل زوجان حياتهما ليغيرا مسارها. من ناحيته، يسجل المخرج الجزائري مرزاق علواش من خلال شريطه "حراقة" عودته الى الساحة السينمائية الدولية. ويتناول علواش في شريطه موضوع المهاجرين غير الشرعيين الحالمين بمواسم هجرة مستمرة نحو فردوس الشمال وهو موضوع طالما تطرقت اليه الاعمال المغربية الوثائقية والسينمائية وفرض نفسه على المبدعين السينمائيين في السنوات الاخيرة. ويقدم شريط "حراقة" ضمن تظاهرة "ايام المؤلفين، ايام البندقية" التي تجمع اسماء مهمة في فضاء السينما وتطرح مواضيع كثيرة تلامس قضايا الحاضر كما الكثير من افلام البندقية هذا العام التي لا يغيب عنها السياسي. وتمثلت السينما الجزائرية العام الماضي في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية بفيلم "قبلة" للمخرج الشاب طارق تقية، الذي سجل الحياة في عمق الجزائر. كما قدم مهرجان البندقية في سنواته الماضية عددا من الافلام العربية مثل "هي فوضى" ليوسف شاهين في 2007 الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية بحضور خالد يوسف الذي شارك شاهين الانتاج وغياب شاهين بسبب وضعه الصحي. وقدم المهرجان افلاما اخرى للمخرج الراحل كما قدم افلاما عدة من المغرب العربي وفيلمين للبنانية رندا شهال التي منحها جائزة الاسد الفضي عن فيلمها "طيارة من ورق" عام 2003. ويرأس لجنة تحكيم المهرجان هذا العام التايواني آنغ لي مخرج فيلم "سر جبل بروكباك" بمشاركة المخرجة الايطالية ليليانا كافاني والممثلة الفرنسية ساندرين بونير بين آخرين.