بينت الإحصائيات الأخيرة أن هناك ارتفاعاً في هذا الزواج في المغرب وصل الى 31000 تصريح زواج، وذلك بعد صدور المدونة! المدونة حددت سن الزواج في 18 سنة لكن منحت مع ذلك الحق للقاضي للنظر في الملفات الاستثنائية والترخيص لها، وهي ثغرة قانونية، حسب بعض المهتمين بشأن الأسرة ، لايتردد البعض في استغلالها لتزويج طفلات دون سن 18. يُعَرّفُ الزواج في المجتمع بأنه رباط مقدس بين طرفين متراضيين في صيغة إيجاب وقبول، لكن نلاحظ أن هناك نوعاً آخر من الزواج تنامى بشكل متزايد في السنوات الأخيرة ، وهو زواج القاصرات. بينت الإحصائيات الأخيرة أن هناك ارتفاعاً في هذا الزواج في المغرب وصل الى 31000 تصريح زواج، وذلك بعد صدور المدونة! المدونة حددت سن الزواج في 18 سنة لكن منحت مع ذلك الحق للقاضي للنظر في الملفات الاستثنائية والترخيص لها، وهي ثغرة قانونية، حسب بعض المهتمين بشأن الأسرة ، لايتردد البعض في استغلالها لتزويج طفلات دون سن 18. بعض الأسر تضطر إلى الموافقة على تزويج بناتها القاصرات أو الطفلات ، إن صح التعبير، مقابل إغراءات مادية لم تكن الأسرة لتحلم بها أو ، بكل بساطة، أعباء المصاريف الأساسية أثقلت كاهلها ، وجعلتها تقبل تزويج بناتها في سن مبكر!! و الملاحظ ، حسب نتائج الإحصائيات، أن هذه الظاهرة تنتشر بكثرة داخل الأوساط القروية بالأساس قياسا للحواضر. ومعلوم أن زواج القاصرات تنتج عنه سلبيات صحية ونفسية على الطفلة المتزوجة، خاصة وأنها تُربى منذ الصغر على أن جسدها بعبع مخيف محرم الاقتراب منه لتجد نفسها فجأة داخل غرفة مع شخص غريب يريد الاقتراب من هذا الشيء المحرم، فيحصل ما يسمى ب «الاغتصاب» ليلة الدخلة. لكن الاغتصاب الحقيقي، وفق منظور العديد من الأطباء النفسانيين، هو الاغتصاب النفسي للطفولة والبراءة. فبدل اللعب والاستمتاع بأحلى فترات العمر الإنساني تلقى على كتفها مسؤوليات البيت والأسرة والتربية. تبدأ هذه المعاناة بالحرمان من حنان الأبوين والمفروض أنهما المسؤولان عن حمايتها وتربيتها، لتصل حد الهزة النفسية. هذه الهزة النفسية تنضاف لها المشاكل الصحية وهي عدم استعداد جسمها للعلاقة الجنسية، مما يفضي في بعض الحالات الى اضطراب في الدورة الشهرية. تأخر الحمل والولادة المبكرة، هشاشة العظام، ثم فشل العلاقة الحميمة بين الزوجين، خاصة إذا كان الزوج يفوقها سنا... هذا الوضع بتداعياته المختلفة، حرك بعض الجمعيات الحقوقية للتوعية والتحسيس بخطر هذا النوع من الزواج على المجتمع، باعتبار الزوجات القاصرات هن أمهات الغد، وبالتالي مطلوب منهن تربية جيل جديد من المواطنين يساهم في تنمية البلاد. فكيف يطلب منهن ذلك وهن جاهلات جهلا تاما بأساليب التربية، فعوض دمية تجد أمامها طفلا هو مشروع رجل أو امرأة من مواطني المستقبل ونواة الأسرة المغربية القادمة لن تقدم له سوى آثار التجربة النفسية المحبطة التي مرت بها؟! توجد حلول بديلة للحد من هذا الزواج وهي حلول شبه مكررة في أغلب المشاكل المجتمعية التي تعيق سير التنمية في هذا البلد، أهمها محاربة الفقر بتوفير فرص الشغل وفك العزلة عن القرى بتجهيزها بالبنيات التحتية الأساسية، محو الأمية. لكن قبل هذا وذاك، إيجاد وسيلة قانونية ناجعة لسد أية ثغرة قانونية قد تُستغل في غير ما هو مأمول من بنود مدونة الأسرة الجديدة .