مرت عشرون سنة على سقوط جدار برلين، وسقوط جزء من العالم الذي أعقب الحرب العالمية الثانية. نبدو في بلادنا غير معنيين بسقوط (الحيط).. ونحن قد ورثنا منها، على مستوى الوطن، لأنه الأهم والثابت الأول، قضية مازالت تعرقل التهدئة في المغرب العربي، قضية ورثناها من البرودة الطالعة من الحرب الدائرة بين المعسكرين.. كانت الجدران كثيرة في العالم، جدران الصمت، وجدران الأسرار، جدران الخطأ والمعسكرات وجدران التحالفات الإسمنية مثل الخديعة جدران من اللاتفاهم في العالم، وأيضا جدران بين الشعوب، تجلس الأنظمة فوقها من أجل الحروب، واقتطاع الأراضي من الجيران لم نفكر، نحن الضحايا، بدون علمنا تقريبا، كيف وقعنا في فخاخ ما حدث للعالم، وكيف نخرج اليوم من ذلك، ولماذا يسقط الجدار وتبقى جديرات السياسة المغاربية كما كانت؟ بولونيا، التي خرج فيها رجل شنبي إلى الساحة مدعوما من طرف الكنيسة، هزت العالم وهزت القناعات الراسخة لدى جيل من اليساريين طبعا، كان يومن بأن الشمس تطلع من موسكو.. وأن المطر أيضا حين يسقط فيها تخضر حقول العالم الآخر.. جيل ظهره على الحائط، الحائط الساق بعضه أنهى علاقاته مع الرفاقية ونظر إلى العالم بحب أكبر من ذي قبل وبغضب أقل، وجيل آخر لم يكن مطالبا بأن يقوم بأي نقد ذاتي، لأنه كان يعرف أن سموم الإدارة دخلت إلى الفكرة الاشتراكية النبيلة.. من المفارق أن العالم الغربي، الذي كان في الجهة الأخرى من الجدار، هو الذي فكر بعمق ما حصل، وحتى الذين كانوا مسؤولين عن «خبزة» العالم المقسومة إلى نصفين لا يترددون في الحديث عما وقع، بعد مرور 20 سنة على الجدار الساقط. أحدهم هو الرئيس ياروزالسكي، الذي تحدث في ليبراسيون الفرنسية عن القوة والعقل في السياسة. لقد اعترف الرجل بأن القوة سبقت العقل في التعامل مع الأحداث التي عاشتها بلاده، واعترف أيضا أن القوة كانت غبية. وكرر طلبه بالعفو والإعتذار، لكن الأهم هو أنه قال إن بولونيا خرجت منتصرة من كل هذا.. ونوه بالدور التاريخي لليش فاليسا غريمه الكبير، وهو بذلك كان يعلن تجاوز السلطات لما سمي بعقيدة المدافع ومدافع العقيدة، لنا أن نسأل هل تجاوزت منطقة المغرب العربي الجدران التي ورثناها عن تلك الفترة، ولنا أن نجيب في الجيران مازال الجدار طويلا، يرى ولا يرى، وفي التفكير العام وفي السياسة..؟