نجحت مسلسلات رمضان فى لفت انتباه مجلة «لوبوان» الفرنسية، فكان تقريرها التى ذهبت فيه إلى أن السلطات المصرية تحاول إعادة إشعال جذوة الوطنية بين المصريين من خلال عرض مسلسلات حول الصراع العربى الإسرائيلى، ولكن دون أن تنجح فى إقناع العديد من المشاهدين الذين لا يرون فى هذه المسلسلات سوى وسيلة لتحويل انتباهم عن مصاعب الحياة اليومية. تقول المجلة إن ما لا يقل عن خمسة مسلسلات تلفزيونية تُبث خلال شهر رمضان الذى بدأ فى أواخر غشت، تجرى أحداثها على خلفية هذا النزاع، اثنتان منها تتعرض على نحو أكثر تحديداً لليهود الممزقين بين بلدهم الذى يعيشون فيه، ونداءات الحركة الصهيونية للهجرة إلى فلسطين. تنقل المجلة رأى المنتج هشام شعبان لوكالة فرانس برس: «هناك رغبة لتعزيز الروح الوطنية، لا سيما بسبب وجود بعض حالات التجسس التى شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة». وتنتج شركته «كنج توت» اثنين من هذه المسلسلات التلفزيونية، الأول هو «متخافوش» والثانى «حرب الجواسيس»، الذى يحكى قصة محاولة تجنيد سامية فهمى للتجسس لصالح إسرائيل. ويستكمل شعبان قائلا: «لقد حصلنا على الدعم الكامل من جانب أجهزة المخابرات المصرية التى قدمت لنا المعلومات اللازمة لإنتاج هذه الحلقات». ويلاحظ زكى محمود، وهو مدرس متخصص فى الإعلام، ويشارك أيضا فى مسلسل «متخافوش»: «لقد ضعف الاهتمام بالقضية الفلسطينية فى الشارع العربى خلال الآونة الأخيرة. ومن ثم جاءت الرغبة فى إحياء الاهتمام بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى الفلسطينى وإحياء الحس الوطنى". ت أما المسلسل الثالث الذى يتطرق لهذا الصراع فهو "لو كنت ناسى" الذى يبحث فى التغيرات التى طرأت فى المجتمع المصرى، بعد حربى 1967 و1973. والرابع هو "البوابة الثانية" يحكى قصة أم مصرية تم خطف ابنها ونقله إلى إسرائيل. والمسلسل الخامس "أنا قلبى دليلى" الذى يروى سيرة المطربة اليهودية المصرية الراحلة ليلى مراد، ويناقش التوترات داخل هذه الطائفة ما بين 1920 و1940 حيال نداءات الهجرة إلى فلسطين فى تلك الحقبة. وتشير المجلة إلى أنه على الرغم من أن مصر هى أول بلد عربى يوقع على معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 وهى رائدة البلدان العربية المعتدلة، إلا أن ذلك لا يمنع من أن النظام المصرى يعارض بانتظام إسرائيل، فى الوقت الذى يحتفظ فيه الرأى العام بشدة بتعاطفه مع القضية الفلسطينية. وتعلق المجلة قائلة إن الرجل فى الشارع المصرى على ما يبدو فى كثير من الأحيان لا يبالى بهذه الوطنية المرئية على شاشات التلفزيون. وهو ما تؤكده آراء بعض المواطنين، مثل الطالبة سعاد محمد التى ترى أن الغرض من هذه النوعية من المسلسلات هو «شغل المواطنين حتى لا يفكرون فى المشاكل الحقيقية من بطالة وفقر وغيرها، كما أن إسرائيل تعد دائما موضوعا سهلا، وذلك لأن معظم المصريين يتعاطفون مع الفلسطينيين». ويقول أحد سكان القاهرة، واسمه أحمد محمود، إن الفكرة هى: «ألا يمكننا العثورعلى عدو؟ دعونا نتحدث إذا عن إسرائيل والجواسيس! يتحتم بالأولى علينا الاهتمام بالمشاكل الداخلية الحقيقية». وفى المقابل، كما تقول المجلة، يعرب بعض المشاهدين عن تأثرهم برغبة هذه المسلسلات فى إظهار جوانب مختلفة من هذا الصراع ذى الجذور والتداخلات المعقدة. وهو ما يعتقده محمد منيب، محامى مصرى «إن هذه المسلسلات تسمح لنا برؤية المسألة من وجهة نظرهم (الإسرائيليين)، واستخلاص استنتاجات مختلفة». وتخلص المجلة فى النهاية إلى صعوبة تجاهل الرسالة الوطنية التى تحملها تلك المسلسلات «ما نريد قوله هو إذا كان أجدادك قد عاشوا فى هذا البلد، ويعيش أبناؤك فى هذا البلد، يجب إذا أن تبقى مخلصا لهذا البلد»، كما يقول هشام شعبان.