لم يكن علي اليوم سوى أن أضحك ساخرا من موقف السيدة المحترمة الصحافية الاسرائيلية سميدار بيري، أشهر صحافية بتل أبيب و المعروفة بحواراتها الاعلامية مع الرئيس المصري حسني مبارك، والمراسلة لصحيفة يديعوت أحرونوت للشئون العربية، عندما أنتقدت المسلسلات المصرية الرمضانية التي تعرض حاليا على مشاهد القنوات الفضائية العربية . "" هذا النقد الذي كان ساذجا و في منتهى البلادة لتحليلاتها السياسية، و إلا فما معنى قولها أن إسم مسلسل «ماتخافوش» مثلا، الذي يلعب فيه الفنان المصري نور الشريف دور البطولة، يقصد به الإسرائيليون، و أحداثة بمجملها إلى حدود حلقة اليوم تبين بالواضح أنه كذلك . لا أعتقد أنها قد أتت بالجديد، و لا أعتقد أيضا أن المشاهد الإسرائيلي و معه من يتابع كتابات الصحافية ساذج إلى هذا الحد، كان سينتظر كلامها هذا حتى يتضح له عنوان المسلسل و أحداثه. بل الأكثر من ذلك، ففي « نقدها» لمسلسل« ماتخافوش» تقول سميدار بيري أن المشاهد العربي و هو يتابعه يمتلئ بأكوام من الكراهية لإسرائيل . و من اخبرها عكس ذلك، و أن الشعب العربي الإسلامي “و ليس فقط المشاهد العربي ” لا يكره إسرائيل الصهيونية، و أن كراهيته لها فقط ستبدأ عندما تبث مسلسلات مثل « ماتخافوش» !. المشاهد لن ينتظر ذلك ليكره إسرائيل، لأن هذه المسلسلات حتى و إن اجتهدت في عملها فلن تصور المشاهد الحقيقة من تقتيل و تعذيب يقوم به الجيش الإسرائيلي على حساب الضعفاء و الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني . كان الأجدر بك سيدتي أن تنتقدي سياسة بلدك تجاه السلام و الأبرياء الذين يسقطون يوميا أمام عينيك ، و لا ذنب لهم سوى دفاعهم عن شرفهم و حقوقهم و كرامتهم و حريتهم التي يغتصبها جيشكم المتوحش . فلا يحتاج المشاهد العربي و المسلم إلى مسلسل ليعمق كراهيته لجزاريكم و قتلتكم . يكفي ان يستشهد طفل في غزة العزة برصاص قناصتكم حتى تزداد كراهيته لصهيونيتكم و سياستكم، و يزداد تكذيبه لمسلسل أسطورة السلام التي تسمسرون بها مصالحكم . و الغريب أن سميدار بيري، كما نقلت صحيفة الدستور المصرية، ترى أن المشاهد سيشعر علي الفور بأنه يرجع بسرعة في نفق الزمن لفترة الحرب بين تل أبيب والدول العربية، مؤكدة أنه في مثل هذه المسلسلات ( مثل حرب الجواسيس و البوابة الثانية بالإضافة إلى ماتخافوش كما جاء في تقريرها) لن يكون هناك حديث عن السلام أو نهاية الحروب، وهي المسلسلات التي تم اعتمادها والمصادقة عليها من قبل السلطات ليتم بثها 3 مرات يوميا ولن يفر أحد من المشاهدين من عملية غسل الدماغ . وهذا أيضا تحليل ساذج و بليد من صحافية إسرائيلية، فعن أي غسيل أو غسل تتحدث ! و أصغر طفل في أمتنا العربية و الإسلامية يعرف بجرائمكم و تاريخكم الأسود على حساب الضعفاء و أبرياء فلسطين . يكفي فقط أن أذكرك أنه هنا في المغرب مثلا، أيام حرب جيش دولتكم على غزة العزة كان أطفالنا يخرجون إلى شوراع المملكة يرددون شعارات اقل ما يمكن ان يقال عنها أنها تتمنى لكم الموت و الزوال، مثل هذا الشعار :” الموت .. الموت .. الموت لإسرائيل” هذا جيلنا الصاعد يا سيدتي المحترمة . فعن أي غسل دماغ تتحدثين، هل تعتقدين أن مسلسلا لمجرد أنه يثير الصراع العربي الإسرائيلي يمكن ان يغسل دماغ ملايين المسلمين و المتعاطفين مع قضيتنا الفلسطينية، لا .. فهذا تفكير ساذج جدا من صحافية مثلك يا سيدتي ! و إلا فأين سنخفي صور الشهداء و أطرافهم المترامية هنا و هناك، أين سنخفي صورة محمد الدرة، أين ؟ و للعلم فقط، أضافت بيري أنه في المقابل توجد مسلسلات عربية بعيدة عن عالم الجواسيس والموساد مستشهدة بمسلسل «خاص جدا» الذي تلعب بطولته يسرا، مؤكدة أن الحديث هنا يدور عن قصة عالمة نفسية متزوجة وأم لطفلين، تنتقل للعمل في إحدي امارات الخليج وتكتشف خيانة زوجها، و تصرح بيري قائلة : في مسلسل يسرا لا يوجد إسرائيليون أو أي دور للموساد، لذلك فنحن نتمني لكِ النجاح يا يسرا ونتمني أن يبثوا مسلسلك ب«الطول وبالعرض» حتي رمضان المقبل . صراحة لا أعرف كيف سيكون رد يسرا على هذه الشهادة، و لكن بالنسبة لي فإنها حقا سخرية صارخة . فقط كان على الصحافية الإسرائيلية أن تنوه كذلك بالمسلسلات المدبلجة إلى الدارجة المغربية التي تفرضها علينا القناة الثانية دوزيم، دون أن تنسى كذلك السيتكومات الحامضة التي تعرض حاليا دون رضا المغاربة، و باقي مسلسلات السقوط و الفشل التي لا تخدم لا من بعيد ولا من قريب وعينا الإنساني بقضايانا المصيرية.