اعتبر القراءة المغربية، مدرسة خاصة، لها تأثير خاص بالمستمع، خاصة إذا كانت مرتلة أحسن ترتيل، مع ضبط القواعد وحسن الأداء مع جمالية الصوت، كصوت المرحوم عبد الحميد احساين وأحمد بابا العلوي والمرحوم الحاج عبد الرحمان بن موسى وابنه المقرىء محمد بن موسى وآخرون... تعلم وحفظ جزءاً من القرآن الكريم بأحد الكتاتيب القرآنية بدرب الفقراء التابع لعمالة درب السلطان الفداء، وكانت البداية في السنة الخامسة من عمره، بعد حرص والديه على هذه المنهجية قبل الاستفادة من الدراسة النظامية، وكانت هذه هي العادة لدى أبناء المغاربة، قبل ولوجهم المدارس الابتدائية. تعلم على يد شيخه محمد بن عمر الذي يعتبر الخال للمقرىء عبد العزيز، وكان يتميز عن باقي الأطفال بالحفظ. دخل المدرسة سنة 1972، وتابع دراسته الابتدائية لغاية الإعدادي، كان شغوفاً بقراءة القرآن، وكان ينشط بالمدرسة بمعية رفقائه، كما كان يحيي المناسبات الدينية والوطنية بالمدرسة والإعدادية، تعلم قواعد التجويد على يد الشيخ بالمحجوب بالمسجد اليوسفي رفقة العديد من القراء، من أبناء درب السلطان والمدينة القديمة وكذا من عين الشق وابن امسيك. وقد تزود من أخلاق معلمه الشيخ بلمحجوب وسلوكاته وعلو مكانته في التواضع، إلى جانب الشيخ عبد الله بمسجد آل سعود بلاكورنيش والشيخ الخلطي. سطع نجم عبد العزيز الكرعاني، وأصبح يملك طاقة صوتية هائلة، ويطرب أبناء حيه من خلال قراءته للقرآن، مع تقليده لعدد من القراء الكبار كالشيخ المرحوم محمد عبد الباسط عبد الصمد، محمد صديق المنشاوي، مصطفى إسماعيل، محمد رفعت وكامل يوسف البهتيمي... ومع مرور الأيام والسنين، أصبحت لعبد العزيز الكرعاني وجهة ثانية، هي مجال الغناء، بفضل ما يتميز به من صوت جميل، وكان ذلك في فترة المراهقة التي يمر منها كل شاب. لم يكن راضٍ عن نفسه حول تغيير الوجهة من قارىء لمطرب مغني، وكما أكد الكرعاني للجريدة، فإن هناك عوامل كثيرة ساهمت في هذا التغيير. وما أن ولج الجامعة، بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، سنة 1991، حتى أصبح ينظر إلى الحياة بعين أخرى، ولعلها العودة إلى الطريق الصحيح وإلى الأصل والرجوع إلى كتاب الله، حيث وجد ذاته. بدأ من جديد يستمع لأشرطة القراء الذين تأثر بصوتهم خلال السنوات الأولى، وكان شغوفاً بحبه لسماع الشيخ كامل يوسف البهتيمي، خصوصا لأشرطة سور: يوسف، إبراهيم و الرعد. كما نصح الكرعاني كل من ينشغل بالاستماع للقراء والنغم بأن يستمع للشيخ كامل يوسف البهتيمي، وهو يقرأ سورة الرعد، و أشار إلى أن كل من أراد التعلم، عليه أن يتعلم من الكبار. وألمح المقرىء عبد العزيز الكرعاني بخصوص تتبعه للقراء المغاربة، إلى أن القارىء الأستاذ الحاج محمد الترابي يعتبر من أبرز المقرئين المغاربة، وهو من الأصدقاء له، بحكم علاقته به، ويقربه من الحي الذي يسكنه، أيضاً هناك أصدقاء الدرب، والذين تعلموا معه القواعد والأحكام والمقامات، كالمقرىء سعيد مسلم الذي سطع نجمه خلال نهاية السبعينيات وسجل حضوراً في العديد من المحافل العربية والدولية، أيضاً هناك أخوه مسلم عادل الذي اجتهد في الميدان، وأصبح ضمن قراء الدارالبيضاء المتميزين، إلى جانب القارىء مصطفى الضادي، وعبد الإله قصو وعبد الإله مفتاح الذي يؤدي قراءة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بأدائه الرائع، والقائمة طويلة.. فالدارالبيضاء، يقول الكرعاني، تزخر بقراء كبار مهرة. وبخصوص أئمة المساجد الذين يصلون التراويح وسجلوا حضوراً متميزاً، هناك القارىء القزابري ومحمد إيراوي وحديدي، والعيون الكوشي ومنير رحال والشيخ مصطفى غربي إماماً جيداً وقارئاً، أيضا هناك القارىء الشاب الإمام نايت القايد وآخرون. كما اعتبر القراءة المغربية، مدرسة خاصة، لها تأثير خاص بالمستمع، خاصة إذا كانت مرتلة أحسن ترتيل، مع ضبط القواعد وحسن الأداء مع جمالية الصوت، كصوت المرحوم عبد الحميد احساين وأحمد بابا العلوي والمرحوم الحاج عبد الرحمان بن موسى وابنه المقرىء محمد بن موسى وآخرون... وعلى مستوى مشاركات المقرىء عبد العزيز الكرعاني في المباريات الخاصة بالتجويد، فقد فاز بالعديد من المراتب الأولى في كل المسابقات التي حضرها، بعد ذلك، تمت المناداة عليه من مسؤولي ومنظمي المسابقات الوطنية كعضو باللجنة، نظراً لامتيازه بالقواعد والأحكام، إلى جانب التجربة والخبرة التي اكتسبها في مجال القراءة، وكان له الحضور في مسابقة محمد السادس لحفظ القرآن بالرباط.. أما محطاته كإمام لصلاة التراويح، فأولها كانت بالمسجد الذي تعلم وحفظ فيه القرآن بدرب الفقراء، بدعوة من أصحاب الحي بدرب السلطان، بعد ذلك، انتقل لمسجد المحسنين بنفس المنطقة ثم مسجد التيسير، أما رابع محطة، فقد كانت بمسجد بولو الذي كان يعرف حضوراً قوياً لأبناء درب السلطان وعين الشق والحي المحمدي وسيدي عثمان والمدينة العتيقة. قضى بهذا المسجد أربع سنوات منذ 2003 لغاية 2006، ليحط الرحال في الأخير سنة 2006 بمسجد القاضي عياض بسيدي معروف، والذي يعرف حضوراً جماهيرياً للمصلين الذين يفضلون أداء صلاة التراويح وراء الشيخ عبد العزيز الكرعاني، والذين يحجون من كل ناحية من مدينة الدارالبيضاء، فالمسجد يمتلىء عن آخره، إلى جانب الفضاءات الشاسعة المتواجدة بجانب المسجد، والتي تؤثث بالمصلين ذكوراً وإناثاً. الكل يأتي للاستمتاع بصوت الكرعاني الشجي، والطروب، إلى جانب الأداء الجيد والقراءة المتميزة. وقد اختتم القارىء عبد العزيز كلمته للجريدة على أن بلدنا لازال فيه الخير الكثير، نظراً لحب الناس للقرآن والاستمتاع إليه بكثرة خلال شهر رمضان الكريم. وتقدم في الأخير بالشكر الجزيل للجريدة حول الالتفاتة والاهتمام بالقراء ومعرفتهم من خلال القرب منهم، والمساهمة في هذا الإشعاع الإعلامي المحترم، كي يتمكن القارىء والمتتبع من معرفة مشوار كل القراء المغاربة.