كان من المفروض أن يحظى جناح الأمراض الصدرية بالمستشفى الجهوي ببني ملال بالعناية والاهتمام أو على الأقل أن تشمله الإصلاحات التي شملت المستشفى بكامله إلا أنه ظل مقصيا ومغيبا من هذه البرامج لينضم إلى مرفق آخر من المستشفى وهو مستودع الأموات والذي ظل بدوره على حاله بنفس الطاقة الاستيعابية وبنفس أجهزة التبريد وبنفس الإمكانيات والأدوات اللازمة للتشريح الطبي، وبذلك تصبح معاناة الأموات بهذا المستودع ومعاناة الأموات الأحياء بجناح الصدر متشابهة إلى حد ما!!! مع فارق بسيط يتمثل في عامل المسافة التي تفصل بين الجناحين والتي لا تتعدى أمتارا قليلة، والسؤال الذي يحير كل من ولج هذا الجناح (الخراب) والقريب إلى كونه (خربة) هو لماذا أقصي الجناح بمفرده وبالكامل من الإصلاحات؟ وليت الأمر ظل عند الإقصاء فقط بل تجاوزه إلى أكثر من ذلك حيث تستقبلك عند مدخل الجناح كل أنواع المتلاشيات من الأجهزة القديمة والأبواب والكراسي المكسرة والتي اعتلتها كل أنواع العناكب والأتربة، حيطان متسخة وتؤثثها تصدعات مختلفة لتشكل لوحة الترحيب المقرون بالبهدلة وكل أشكال المهانة، ولا تجد من تقدم لك تحية القدوم سوى صوت مياه المبذرة من صنابير معطلة وأنين مرضى تقاطعه كحات سعال، وعلى كل زائر أن يزكم أنفه من الروائح المنبعثة من ما سمي قسرا المرافق الصحية واللصيقة بغرف تفتقر إلى أبسط التجهيزات وأن يغمض عينيه لكي لا يرى الأوساخ ومخلفات سعال المرضى ...والنوافذ المكسرة والأسرة المهترئة والصراصير المتجولة. ولعل هذا الوضع المقزز والمثير للغثيان ليعتبر بحق وصمة عار على جبين كل القيمين والساهرين على صحة المواطنين. وبالرغم من المعاناة التي يكابدها الممرضون والأطباء بمستويات مختلفة والذين غالبا ما تجدونهم يشاطرونك الرأي في التعبير عن مأساة هذا الجناح، بل منهم من يعتبر نفسه هو الآخر ضحية إسوة بالمريض، ففي المقابل نجد تصرفات البعض عبارة عن سلوكات شاذة، كابتزاز المريض والتعامل المشين والحاط بالكرامة ليزيد من قتامة الوضع بل فظاعة المحن. والأجوبة التي يبرر بها المسؤولون هذا الوضع تثير علامات الاستفهام الكثيرة فالعذر أكبر من الزلة: - الجناح سيتم هدمه!! نعم، ولماذا هذا الإهمال الفظيع؟ - الجناح لا يدر أي دخل مادي لصندوق المستشفى، كل العلاجات والتدخلات بالمجان!! نعم! بإمكان المحسنين التدخل!! - الجناح جل مرضاه من الفقراء!! ألقوا بهم للبحر إذا بدل هذا الوضع اللاإنساني!!