في فبراير 1852، سيصف كارل ماركس ببلاغة ملؤها المرارة عوز عائلته منذ لجوئها إلى لندن، كاتبا: «وصل الأمر في الأسبوع الماضي إلى حد مثير للسخرية، بحيث لم أعد أستطيع الخروج من البيت لعدم قدرتي على استرداد معطفي الذي وضعته قيد الرهن، ولم نعد نأكل اللحم لعجزي عن الاقتراض». وقد سلك نفس المنحى في رسالة بعثها إلى إنجلز في العام ذاته: «في الأيام الثمانية الماضية، لم أعد أطعم عائلتي شيئا آخر غير الخبز والبطاطس. وأشك في أن أستطيع اليوم إطعامهم حتى الخبز أوالبطاطس .... كيف أستطيع العثور على مخرج من هذه الورطة الجهنمية ؟». وفي رسالة أخرى، مؤرخة في 2 يناير 1959، سيقول ماركس ساخرا من قدره: «لا أظن أن أحدا كتب مقدار ما كتبته عن المال، وهو يفتقده إلى هذا الحد». لكن، وطوال هذه الظروف الصعبة، لن يتخلى إنجلز عن صديقه، بل سيبادر دائما إلى مساعدته ماليا. وبشكل مفارق، وكلما كانت العائلة تحصل على بعض الأموال إلا وراكمت ابنة البارون المصاريف بدون رقيب ولا حسيب: ألبسة وحلي فاخرة. أجل، السيدة الأرستقراطية الأصل تعشق الأشياء الجميلة، بل إنها ستنظم في 1864 حفلا راقصا باذخا ستتألق خلاله بناتها جيني، لورا وإليانور! إنها، هي المناضلة المنخرطة في الأفق الثوري، فخورة بجذورها وتوزع بطائق زيارة كُتب عليها: «السيدة كارل ماركس، المزدادة تحت اسم البارونة جيني فون ويستفالين». ومع ذلك، ستقضي هذه المرأة الولوعة بالأناقة كل حياتها مقدمة التضحيات على مذبح الحب. إنها الكاتبة والناقلة المتحمسة لنصوص زوجها اللامع، وهي ممرضته التي تغير ضمادات الدمامل التي توجعه. أما الأسوأ، فهو اضطرارها اقتسام الرجل الذي تعبده مع الآخرين، وعلى رأسهم إنجلز. رغم إخلاصهما اللامشروط معا لنفس الشخص، فالعلاقة بين الزوجة ورفيق درب النضال ستظل جليدية بينهما. هكذا، سترفض جيني استقبال خليلة إنجلز الأولى في بيتها، العاملة السابقة ماري بيرنز، بمبرر أنهما غير متزوجين... لكن أقسى صفعة في هذا المجال ستأتيها من زوجها المعشوق. فعلا، مستغلا ذهابها إلى تريير ساعية إلى الحصول على بعض المال من أحد أعمامها الأثرياء، سيخونها كارل مع... خادمتهم هيلين ديموث التي أرسلتها السيدة فون ويستفالين الأم لمساعدة ابنتها في الأشغال المنزلية.